الرئيسية - دنيا الإعلام - اليمن والمسأله الجنوبية -دعوة لنقاش الجاد!
اليمن والمسأله الجنوبية -دعوة لنقاش الجاد!
الساعة 12:00 صباحاً البديل خاصبقلم الاستاذ عبدالله مسعد الشعيبي
أعرف أن طروحاتي هذه قد تثير وتستفز بعضاً من الناس فيحزمون أنفسهم ويفتحون أجرابهم لأطلاق العنان لافكارهم ضد شخصنا وليس أفكارنا ومع ذلك أتمنى لو تكون المواجهه واقعيه للافكار أو الطروحات المذكوره كي نصل الى نتيجه محددة ومفيدة للامه منطلقين من طموحات وتطلعات البسطاء من أبناء الامه ... وحينما نحاول الاكثار من الشطحات الفكريه والعنتريه فكثيراً ماتختلط الاوراق فتختلط علينا الرؤى فتكون الضبابيه هي السائده في التعامل مع أي قضية كما يستحيل بناء أي رؤيه أستراتيجية في ظل الاختلاطات والشطحات الفكريه والسياسيه بل ويستحيل التنبؤ بمستقبل الوطن والامه .
اليمن قبل 22 مايو 1990م كان مشطراً الى شطرين ينتهجان نهجان يسيران في خطان متوازيان لايلتقيان ، وبقدرة ساحرة أتفق حكام الشطرين على أقامة وحدة أندماجيه أثمرت عنها الجمهوريه اليمنيه ، هذه الوحده كانت أملاً لكل الثوار والشهداء والامه اليمنيه بكل فئاتها ومكوناتها الاجتماعيه ، بعد الوحده ظهرت بعض الافكار التي تقول أن هناك مفاهيم متباينه لم يتم الاخذ بها في الحسبان حول مفهوم الوحدة الاجتماعيه والاقتصاديه والثقافيه والسياسيه وكان من الطبيعي أن توجد مثل هذه المفاهيم المتباينه ويتم تغذيتها بصوره طبيعيه أنطلاقاً من فعالية 22مايو1990م التي كانت بقرار حزبين شطريين حاكمين تم فيها أستبعاد مشاركة القوى الوطنيه الاخرى المقموعه والمقصيه نتيجة للوضع الذي كان قائماً قبل الوحده وبقوة القانون والاحتكار أي تحريم الحزبيه والديمقراطيه.
بعد ألوحده بشهور من العسل بين الشريكين صناع الوحده دبت الخلافات بينهما رغم أحتكارهما للسلطه في الجمهوريه الجديده حتى بلغت ذروتها حداً فاصلاً فكانت الحرب هي النهاية الطبيعيه لشهر العسل الطويل ومدته أربع سنوات وأثمرت الحرب عن خروج الحزب الاشتراكي اليمني من مربع السلطه والحاكم السابق للشطر الجنوبي من اليمن وبسبب ذلك توالت التبعات الاقصائيه كموروث طبيعي لكل حروب الاخوه الاعداء في دول العالم الثالث أو المتخلف ...وكانت الاقصاءات من نصيب الجهاز الاداري والعسكري للحزب الاشتراكي الممثل لدولة الجنوب وتلك نابعه من أستحقاقات ماديه وسياسيه وأداريه للمشاركين في الحرب والمنتصرين فيها .
المهم أزدادت الاعباء الاقتصاديه والحقوقيه على كاهل غالبية الكادر الوظيفي بشقيه المدني والعسكري الذي تم أقصائه بعد حرب 1994م فبدأت بعض الجماعت من ذلك الجهاز المقصي بأعادة تنظيم نفسها تحت مسمى جمعيات خيريه ووفقاً للدستور اليمني النافذ وذلك بعد 13 سنه من توقف الحرب وأستمرار الوحده وشكلت تلك الجمعيات بما يسمى الحراك السلمي تخللته بعض الاشكاليات الرسميه وخصوصاً عندما ظهرت بعض الافكار الداعيه للانفصال عن الجمهوريه اليمنيه وهذه الافكار هي محور نقاشنا اليوم ولابد هنا من الاشارة الى أن النقاش ينبغي أن يكون جاداً وصادقاً وواضحاً ... نريده نقاش مفروغ من الحساسيات والشتائم والاحتكار للحقيقه ولغات الاقصاء والتخوين وكأن الامر يخص جماعه من الناس فقط ... أن المسأله الجنوبيه لازالت حتى الان تراوح مكانها أو لنقل أنها تسير في نفق مظلم ومتعدد الاتجاهات والكل يحاول يشدها نحوه وفي أتجاه مزاجه وكأنها قضيه تخصه هو ولاتعني الامه كلها .

دعونا هنا نفصل محتوى تلك الافكار الداعيه للانفصال ويمكن تحديدها على النحو التالي :
1- الدعوة الى الجنوب العربي : وهناك تيارات تطالب بالعودة الى الجنوب العربي على أعتبار أن الجنوب لم يكن جزءاً من اليمن .وهناك تيارات أخرى ترفض هذه الدعوات وتراها عودة للمرحلة الاستعماريه حيث الجنوب كان مقسم الى دويلات ومشيخات وأمارات ((())((())22())()) في ظل الاحتلال البريطاني وممثلي هذه الدعوه هم بعض من بقايا اتحاد الجنوب العربي ونفر قليل من قواعد وقيادات الاشتراكي اليمني وهما لايلتقيان الا على الهدف وهو الانفصال وأذا تحقق فكلاهما لن يقبلا بعضهما بعض ((()) على فكره بريطانيا أخطأت حينما مددت تواجدها خارج مدينة عدن وهي بذلك خرجت على توصيات قائد الحمله البريطانيه الاحتلاليه الكابتن هنس بالسيطرة على عدن واحتلالها ... ولكن عندما تمددت شتت جهودها مما أضعف أمكانية بقائها والحفاظ على تواجدها في عدن وبقية مدن الجنوب ()) .
2- الدعوه الى اليمن الجنوبي والتي قامت على أنقاض خروج بريطانيا في 30 نوفمبر 1967م وأصحاب هذه الدعوه هم ممن تضرروا بعد عهد الرئيس خالد الذكر قحطان الشعبي وكانوا محسوبين عليه وهولاء يرفضون التعامل مع رموز اليمن الديمقراطيه والجنوب العربي .
3- الدعوه الى اليمن الديمقراطي وهي الدوله التي كانت قائمه قبل الوحده ووقعت قيادتها أتفاقية الوحده يوم 22مايو 1990م وممثلي هذا التيار خليط من جماعات الطغمه والزمره التي عرفت بعد 13 يناير 1986م بين طرفي الصراع في الحزب الاشتراكي اليمني مع مجموعات متنوعه فقدت مصالحها من الوحده وبعد الحرب .
4- الدعوه ألى أصلاح مسار الوحده اليمنيه وهي دعوة محسوبه للقيادي الاشتراكي اليمني محمد مسدوس وهويطالب بأصلاح الوحده على أساس أتفاقيات الوحده اليمنيه أي اتفاقيات 30 نوفمبر 1989م وتلقى قبولاً جيداً من قبل قيادات وفعاليات يمنيه جنوبيه وشماليه رغم أنها تعرضت في السابق الى تعنيف وماشابه ذلك .
5- وهناك مجموعه تطالب الى مناقشة القضيه الجنوبيه في أطار الوحده اليمنيه وتعتبرها قضايا حقوقيه وسياسيه .
والذي يثير الدهشه حيناً والقلق حيناً أخر هو عودة رموز سياسيه جنوبيه تدعي أحقيتها في التعبير عن ابناء الجنوب والدفاع عن قضيتهم بينما غالبيتهم ممن شاركوا في تحقيق الوحده اليمنيه وفشلوا في تلبية تطلعات شعبهم وكانوا حينها في الواجهه اي في مربع السلطه وممثلين عن الجنوب ففشلوا في التعبير عن أبناء الجنوب بل وشاركوا في حرب 1994م وغيرها من الحروب التي اقصت وغيبت وشردت 80% من الكادر الجنوبي ومثل هولاء لازالت الاحلام السلطويه معشعشه في رؤوسهم وترفض مغادرتهم أو الاعتراف بالواقع وبأنهم قد اصبحوا اوراق محروقه وغير مقبوله من الشارع الجنوبي بصفه خاصه ومن الشارع اليمني بصوره عامه ومن الخطأ القبول بمثل هذه الرموز التي قادت الامه الى الفشل وتريد العودة من جديد لقيادة الامه الى فشل جديد وازمات جديده وهولاء لم يعرفوا معنى البناء والتنميه والتصالح والتسامح الذي يعتبر ضرورة من ضرورات تقدم أي مجتمع معني بالتطور والتقدم ولعل تجربة جنوب أفريقيا والقائد الدولي الابرز الذي قاد عملية التصالح والتسامح في جنوب أفريقيا بعد 30 سنه من السجن أكبر دليل على أهمية التصالح والتسامح التي شكلت محاكم لمجرمي الحرب والعفو والاعتذار...ولكن لن ننسى أن تلطخت اياديه بالدماء فقد ألتزموا بيوتهم وأغلقوا أفوههم وجلسوا يراقبون مسيرة العمل في بلادهم جنوب أفريقيا ونحن في اليمن يظل مجرمي الحرب والفاسدين متشبثين بالسلطه حتى أخر رمق ولايتخيلون أنفسهم خارج دائرة ومربع السلطه ... لذا يجب أن نعيد قراءة تاريخنا وكيفية صياغة حياتنا من غير الفاشلين والمجرمين والفاسدين فالجنوب ليس ملك فرد أو مجموعه من الناس تضررت مصالحها وتريد أعادة مصالحها على حساب مصالح ألاخرين ومصالح الوطن الكبرى كونها قد أعتادت الحفاظ على مصالحها .
واليمن من خلال مسيرته الثوريه يعاني من أختلالات ومشاكل مركبه ومتعددة ومعقده في مختلف جوانب الحياة تغذيها أطراف اقليميه ودوليه لاتريد لليمن أي أستقرار وتوافق ونمو .. وكي لانحاول تجاهل الواقع وأنكاره فأن هذا الواقع يدعونا الى مناقشة كل القضايا بما فيها القضيه الجنوبيه ومن كل الزوايا والاتجاهات مهما كانت قساوتها وتعقيداتها قبل أن تطول وتتعقد وتخرج عن الاطار اليمني .
وعلينا وبكل أمانه ألاقرار بان وحدة اليمن كانت حلماً واصبحت واقعاً لامفر منه بل وضروره حتمية لوحدة الامه العربيه التي نحتاج لها اليوم قبل الغد .. وفي كل مسيرة أو مرحله تاريخيه معينه من الضروري أن تبرز التباينات والاختلافات الطبيعيه ويمكن السيطره عليها عندما يتم الاعتراف بها واللجوء الى لغة الحوار في حل اي اشكاليات قد تواجه الامه ... وليس هناك من خطورة في مناقشة القضيه ولكن من غير الادعاء بأمتلاك الحق او الوصايه على قضايا الامه فلا وصي على أحد وليس هناك كبار او صغار في قضايا الامه لقد كبر الاطفال واصبحوا يفكروا ويبدعوا أكثر من الكبار الذين يمتهنون الفشل ولاغير الفشل وهم في الحقيقه أصحاب الحق في هذا الوطن الذي عانى ويعاني من شطحات ساسته الكبار الفاشلون . لذا ندعوا العقلاء من محبي الوطن ألى مناقشة القضيه الجنوبيه وغيرها من القضايا على طاولة الحفاظ على وحدة الامه . وللعلم ان فخامة الرئيس علي عبداللة صالح قد سبق له وأعترف بالقضيه وذلك يوم أعترافه بأن هناك اجراءات أداريه وسياسيه خاطئه أعقبت حرب 1994م وهو اليوم معني أكثر من غيره بهذه القضيه أنطلاقاً من مسؤوليته الوطنيه والقوميه .
كاتب وباحث