الرئيسية - دنيا الإعلام - قصتي ليلة الشهادة
قصتي ليلة الشهادة
الساعة 12:00 صباحاً البديل خاصبقلم شمس بغداد
 

كان يوما عادياً لم يميزه شيء الا كونه ليلة عيد الاضحى المبارك , ولاننا فقدنا نكهة العيد الحقيقة منذ اليوم المشؤوم الذي لامست اقدام المحتل النجسة ارضناالطاهرة , ذلك اليوم الذي ترك عندي فجوة عميقة لن يطمرها الا التحرير , فقدت شعور السعادة والنشوة والمتعة بالعيد او بغيره , لدرجة اني اشعر بالذنب وانا اشتري او اسافر او افرط بالضحك وانا اعيش فجائع شعب منكوب بويلات الاحتلال ويتلوى الماً تحت مخالب اذلائه ( اي العملاء).. من ذلك اليوم وانا مصابة بأعمق جرح في عمري , وارفض بأحيان كثيرة الخروج من البيت لان منظر بغداد يوجع قلبي وهو متعب بالأصل واعصابي تالفة لا تتحمل اي انفعال , كانت تلك الليلة  باردة و ثقيلة الوطأة حد الملل ساعاتها , اشعر ان قلبي مقبوض ولا اعلم لماذا ..؟ كانت عيناي تتطلع بالصدفةالى شاشة التلفاز لتقرأ خبرا عاجلا  مفاده
 )
صدام حسين قد يساق الى الاعدام هذا اليوم ) .. لطمتني المفاجأة قبل ان استوعب واعيد قراءة الخبر مرة ثم مرة ثم مرة ... بالنسبة لي لم يكن صدام شخصا عادياً على الاطلاق .. ولم اكن اعجب به يوما لطمع بمكرمة او تملق زائف ووووو ولم انتم  او احد من اهلي الى الحزب ابدا .. كان اعجابي به نابعا من فهمي التام لشخصه لدرجة اني اراقب وبأنتباه نظرات   عينيه وكلامه واعرف بالضبط بما يفكر وماذا سيقول .. حتى اني بمرات كثيرة اراهن اهلي عن موقف او كلمة سينطق بها وكثيرا مااكون على حق بالرغم من اني لم التقيه الا عبر التلفاز ... كان اعجابي به نابعا  من عروبيته ووطنيته واعتزازه بذاته وكرامته وصبره الغريب على مواجهة كل المصاعب والتحديات التي تواجهه وتواجه شعبه الابي منذ يوم أ سره ومارافقها من حكاية مضحكة هوليودية كان القصد منها اذلاله امام انظار العالم طبل لها عبيد البيت الاسود وقم وتل ابيب والمسرحية الباطلة المسماة محكمة وانا اغلي واموت كنت اعلم ماهية نهاية هذه المسرحية الهزلية السخيفة لكن مع ذلك شعور غريب جرفني معه ..شعور لم اختبره غريب عليٌ .. شعرت ان اوصال قلبي مقطعة لكن بفخر وعزة ..!
في تلك الليلة بالتحديد شعرت ان العالم يسير بشكل خاطئ وان الدنيا باتت كريمة مع الظالم والعميل و عديم الشرف والضمير ..!
لكني كنت اصبر نفسي واعللها بأن الحبيب صدام سيدخل التاريخ من اوسع ابوابه وسيكتب اسمه بحروف من ذهب وكذا الامر مع المجاهدين الابطال من اي مكان كانوا فالشهيد والكل يعلم  مأواه الجنة مع الصديقين والانبياء .. اما الخونة والعملاء فمكانهم مزبلة التاريخ ...
اشعر اني اعجز عن الصراخ واعجز عن الصمت اعجز عن البكاء وعن الابتسامة واعجز عن الفرح او الحزن فقد تساوى وتناغم كل شيء عندي ... اعلم ان كارثة وفاجعة الاحتلال قضت مضجعي وتركت عندي من شعور الفاجعة مايعجز اللسان عن وصفه لكنه صدام ايضاً اي انه رمز عربي اصيل .. عن نفسي لم ارث حبه من اهلي او من المدرسة او من اناشيد التلفاز بل من نفسي وبقناعاتي الخاصة .. نصحتني امي بالنوم لكني اجبتها بأني لن استطيع قالت لي يابنتي انتِ مؤمنة وهذا قدر الله وحكمه افرحي له كما لوكنت  تفرحين لسماع اخبار المجاهدين وانتصاراتهم واستشهادهم وصدام ليس افضل من الشعب ومن هذه الناس التي تقتل يوميا وبلا ذنب .. قلت لها اعرف ذلك لكن لااعرف كيف اعبر عن احساسي ...!
مازلت اتابع نشرات الاخبار المتناقضة فالبعض منها يؤكد الخبر والبعض ينفيه ..فكرت بتناول حبة مهدئة الجأ لها عندما اعرف   اني مهددة  بانفعال ما نصحني بها طبيبي بعد ان شخص حالتي بأنها حالة نفسية  يصاب بهاالمفرطو الحساسية من الناس وهي لاتضر الا اذا تناولتها بكميات كبيرة جدا .. بالعادة من علامات الكآبة عندي هو النوم الكثير .. لكن الليلة بالذات النوم يفلت مني .. مازال البرد والقلق ينهشان عظامي و روحي .. فكرت وفكرت واسترجعت كل مواقفه  هو يحذر العرب من ايران التوسعية وهو محق وفكرت بموقفه هو يضرب اسرائيل وهو يأمم النفط وهو يساعد اخوتنا في فلسطين وووو انا هنا لن اجعله في مصاف الملائكة بل اعترف بأخطائه وهو بالنهاية بشر به جانب صالح وجانب طالح ..
لكنه على الا قل اشرف من باقي زعماء العرب من بعد الزعيم جمال عبد الناصر رحمه الله
استسلمت عيناي  للنوم مع اذان الفجر وانا اقرأ مع نفسي ايات من الذكر الحكيم ... كانت الكهرباء مقطوعة كالعادة والظلام يلف الغرفة , في الساعة السادسة وخمس دقائق بالضبط صحيت من النوم وانا مفزوعة واختنق واشعر بحالة من ضيق النفس لم امر بها من قبل تعوذت من الشيطان ورددت الشهادة وقلت في نفسي اذا اعدمت ايها البطل فأمانة عليك اذا قبل الله شهادتك ورزقك بالجنة فسلم لي على الرسول الكريم والصحابة وآل البيت .. ثم شعرت بالخدر يسري في عروقي وشعرت بحالة راحة وهدوء وسكينة وهاهي الكهرباء ماتزال مقطوعة و الصباح بدأ ينبلج بشكل ثقيل ازعجني .. كل مااردته بشدة هو سماع الاخبار لأرى ماذا حصل من تطورات ولو في ساعات الفجر ... ..؟
بعد قليل استسلمت للنوم من جديد ولم اصح  الا على صوت والدي وهو يقول لقد اعدموا صدام .. اعدم ا البطل هؤلاء الصفو يون الانذال اعدموه في الساعة السادسة وخمس  دقائق صباحا ....!!!!!!!
كل ماعبرت عنه في ذلك الوقت هو ابتسامة رضا وعز وشموخ ارتسمت على ملامح وجهي مع دموع تنهمر من عيني بغزارة ودعوت بالنصر للعراق وفلسطين واخوتي المجاهدين في كل بقاع الامة .....


 ماسردته هنا هو حقيقة كاملة لم ازد او انقص منها شيئا  والله يشهد