الرئيسية - تقارير وحوارات - الحرب وسوء التغذية تتكالب على اليمنيين
الحرب وسوء التغذية تتكالب على اليمنيين
صورة ارشيفية
الساعة 04:26 مساءً الثورة نت../ خاص

لم يكن يحيى أبن الـ 25 يوماُ يعلم وهو في حضن والدته (45 عاما) انه يغادر المستشفى عائداً إلى قريته في ضواحي العاصمة صنعاء ليواجه مصير شبه محتوم بالموت.

والده أحمد يحيى عايش (55 عاما) يعاني من حالة نفسية ويصر على العودة بالصغير ووالدته الى القرية بسبب عجزه عن دفع تكاليف الحضانة التي تتراوح ما بين 70- 100 دولار في الليلة الواحدة في المستشفيات الخاصة بعد ان رفضت المستشفيات الحكومية استقبال الصغير الذي يعاني سوء تغذية حاد وخيم بحجة عدم وجود حضانة فارغة.

تشرح والدة يحيى لـــ" الثورة نت" حكاية ولدها رقم 8 بالقول جئنا الى صنعاء قبل يومين لإسعاف يحيى، لكنهم رفضوا إدخاله الحضانة، وبالتأكيد لا نستطيع دفع تكاليف المستشفيات الخاصة. وتضيف والدموع تنهمر من عينيها: "أنا مجبرة على العودة بطفلي إلى المنزل، وانا أعلم انه بين الحياة والموت".

والد يحيى بعد ان أصر على العودة الى القرية رفض ايضا الحديث أو حتى التقاط صورة للصغير قائلا: "لا توجد منكم فائدة .. لماذا تريد ان تأخذ صورة ..؟؟ لكي تذهبوا تتسولوا باسمنا من المنظمات وتقولوا إنكم تعالجونا..؟؟".

يحيى الذي لا توجد على ملامحه أي علامات للحياة عدا نفس خفيف يأخذه بصعوبة، وقد يكون هو الطفل الذي سيموت من بين كل 38 طفلاً يمنياً تفتك بهم سوء التغذية وفقا لإحصائيات منظمة اليونيسف التي تضيف أن كل 10 دقائق يموت (يحيى) او أحد اقرانه في اليمن الذي مزقته الحرب منذ اكثر من أربعة أعوام.

وبينما يعود يحيى الى قريته يبقى سامي (عام واحد) في حضن والدته مريم يفترشون أحد أروقة مستشفى السبعين بالعاصمة في انتظار خروج واحداً من 22 طفل يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم يشغلون جميع غرف قسم سوء التغذية في المستشفى.

ترفض مريم (33 عاماً) من العاصمة مغادرة المستشفى.. "ابني يعاني سوء التغذية لكنهم يرفضون إدخاله قسم الرقود بحجة عدم وجود سرير لكني لن أغادر".

حرب.. فقر .. و مرض

تبقى الحرب هي الكلمة الأكثر والأقوى حضورا بين مفردات أسباب تفشي حالات سوء التغذية في اليمن خلال الاربعة الاعوام الماضية سواء بشكل مباشر او غير مباشر.

ووفقا للعديد من الدراسات والابحاث والتقارير الدولية والمحلية فقد تسببت الحرب في تضاعف ارقام الاطفال المصابين بحالات سوء التغذية في اليمن لا سيما في المناطق التي تعتبر ساحات مواجهات عسكرية.

هذا ما يؤكده الدكتور شافع الصوفي – اخصائي اطفال- في مستشفى السبعين بصنعاء موضحا ان نسبة كبيرة من الاطفال مرضى سوء التغذية المتوافدون إلى المستشفى يأتون من مناطق الاشتباكات العسكرية مثل الحديدة وتعز والجوف ومعظمهم تكون حالات متأخرة وحرجة.

ويضيف الصوفي لـــ" الثورة نت": "نواجه إقبالا متزايدا بمرور الوقت وبشكل يفوق بكثير قدرة المستشفى وسعته الاستيعابية، حيث نستقبل في اليوم الواحد عشرات الحالات اغلبها تستدعي الرقود وليس لدينا سوى 22 سريرا فقط, مما يضطرنا لتحويل المرضى الى مراكز اخرى واحيانا نرقد بعض الحالات في أقسام أخرى داخل المستشفى".

أربعة أعوام من الحرب التي تشهدها اليمن كانت كفيلة بأن تصنع فيها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، واشد أزمة في المائة العام الأخيرة في تاريخ البشرية.

أزمة تجلت آثارها بوضوح في جميع النواحي المعيشية للمواطن اليمني، وكان القطاع الصحي هو الأكثر تأثراً (51% فقط من المنشئات الصحية ما تزال تعمل) حسب منظمة اليونيسف، ويأتي الطفل اليمني في طليعة ضحايا هذه الأزمة الإنسانية التي خلفتها الحرب.

حيث ما يقارب ثلاثة ملايين طفل يمني منهم 400 ألف دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم حتى نهاية العام 2018. وفقا لوزارة الصحة بصنعاء.

وخلال الأربعة الأشهر الأولى من العام الحالي 2019 رصدت سجلات وزارة الصحة حوالي 290 ألف حالة جديدة في مختلف المحافظات تصدرتها الحديدة بـحوالي 66 ألف حالة.

وحسب تقرير لمنظمة اليونيسف حول وضع الأمومة والأبوة في ظل الصراع للفترة (2015/ 2018) تموت حالة من كل 260 امرأة أثناء الحمل أو الولادة، ويموت مولود في شهره الأول من بين 37 مولودًا جديدًا، فيما تحدث ثلاث ولادات في المرافق الصحية من كل عشر ولادات، وتنجب فتاة واحدة من كل 15 فتاة بين 15-19 سنة، ونحو (1.1) مليون امرأة حامل ومرضعة بحاجة إلى علاج سوء التغذية الحاد الوخيم.

تقرير الاحتياجات الإنسانية في اليمن، الصادر عن اليونيسف مطلع 2019 أشار إلى إن 24.1 مليون شخص لا يستطيعون البقاء دون مساعدة إنسانية، وإن 2 مليون طفل دون سن الخامسة يحتاجون إلى علاج سوء التغذية الحاد، وإن 19.7 مليون شخص يحتاجون إلى الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية. 17.8 مليون شخص يحتاجون إلى مياه الشرب المأمونة، والصرف الصحي والنظافة الكافية.

وقدرت اليونيسيف أن (10) مليون يمني يعانون من الجوع الشديد، و(238) ألف شخص يعيشون في جيوب من المجاعة الكارثية.. ونحو (2,3) مليون نازح من منازلهم.