الرئيسية - تقارير وحوارات - صنعاء المستباحة.. دراسة للباحث "الشاجع" تكشف عن ثورة شعبية متصاعدة في صنعاء رفضا للمشروع الحوثي (تقرير+انفوجرافيك)
صنعاء المستباحة.. دراسة للباحث "الشاجع" تكشف عن ثورة شعبية متصاعدة في صنعاء رفضا للمشروع الحوثي (تقرير+انفوجرافيك)
الساعة 11:14 مساءً الثورة نت/ خاص

كشفت دراسة حديثة أعدّها الزميل الصحافي عبدالباسط الشاجع، عن حالة رفض مجتمعي متواصل ومتزايد للمشروع الطائفي الذي تنفّذه مليشيا الحوثي في اليمن بدعم مباشر من إيران.
صدرت الدراسة عن المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية في 288 صفحة، بعنوان "صنعاء المستباحة.. واقع التغيير الديمغرافي وتطييف المجتمع".
وتناولت الوضع السياسي والاجتماعي والفكري والاقتصادي والانساني في صنعاء منذ اجتياحها من قبل مليشيا الحوثي بدعم إيراني في 21 سبتمبر 2014م، وضمت استنتاجات وتوصيات وملاحق.
وجاء في الدراسة إنه رغم الأساليب والممارسات القمعية الحوثية لإحكام قبضتها على السلطة والمجتمع إلا أنها "لا تزال تواجه مقاومة، ورفضاً مجتمعيين، وتجد صعوبة في تطويع المجتمع وإخضاعه". معتبرة لجوء الحوثيين "الدائم" إلى الاعتداء على تجمعات سكانية كاملة؛ لتنفيذ مخططاتها بالقوة، مؤشر على فشل قبضتها الأمنية.
وأكدت أن الحوثية "تواجه إرادة مجتمعية رافضة لمخططاتها، ومحاولات السيطرة المطلقة على حياة السكان والاستيلاء على ممتلكاتهم".
وأوردت الدراسة أمثلة على هذه الإرادة والرفض المجتمعي ومنها على سبيل المثال موقف أهالي قرية العرة بمديرية همدان، شمال صنعاء؛ الذين واجهوا حملة حوثية مسلحة في أكتوبر 2022، ومنعوها من السطو على أرض مملوكة لهم وتحويلها إلى مقبرة.
مضيفة أن الأهالي قرروا المواجهة رغم حملة الحصار والترهيب، وقاموا بهدم السور الذي بنته الميليشيا بالقوة حول الأرض، وواجهوا باعتصام سلمي أحياناً وبالحجارة والعصي أحياناً أخرى، وأجبروها على التراجع.
وأيضاً، موقف أهالي منطقة صرف بمديرية بني حشيش شمال شرق صنعاء؛ الذين تصدّوا لحملة حوثية مماثلة وقتلوا 3 من عناصرها وسيطروا على عدد من الأسلحة والعربات العسكرية بينها عربة مدرعة، بعد أن هاجمت منطقتهم بمختلف أنواع الأسلحة، وقصفت المنازل والمزارع بالمدرعات والرشاشات، مخلفة قتلى وجرحى وأضرار مادية بمنازل ومزارع المواطنين.
ووفق الدراسة فإن هذه المواقف هي نماذج فقط "للمقاومة والرفض الشعبي للحوثيين، والدفاع عن أراضيهم وممتلكاتهم من السلب والمصادرة؛ رغم القمع والتنكيل واستخدام أدوات القهر والترهيب.
كما أوردت 6 مظاهر أخرى للمقاومة المجتمعية للمشروع الحوثي الإيراني، كما يأتي توضيحه.

مقاطعة خطب الجمعة والأعياد
تأتي حالة المقاطعة المجتمعية الواسعة لخطب الجمعة والأعياد الحوثية في مقدمة أساليب الرفض الشعبي لاستيلاء الحوثية على المساجد وتحويلها إلى منابر للتحريض والتحشيد للجبهات وبث سموم الطائفية والعنصرية بين المجتمع". 
مؤكدة أن المواطنين باتوا "يكتفون فقط بالصلاة في منازلهم، أو حضور المسجد قبيل انتهاء الخطبة لأداء الصلاة فقط" بعد أن كان يتوافدون إلى المساجد قبل الأذان بساعات ويؤدون الصلاة حتى في الشوارع القريبة من المسجد؛ لامتلائها، فيما باتت الآن تكاد تكون فارغة.

مقاطعة المناسبات الطائفية
وتناولت الدراسة حالة الرفض الشعبي والمقاطعة للمناسبات الطائفية الحوثية والتي تتخذها المليشيا "وسيلة لاختبار شعبيتها وولاء المواطنين لها".
وبسبب الاستجابة الشعبية المحدودة، عمدت المليشيا إلى "إجبار المواطنين بالقوة على حضور تلك المناسبات عبر عقال الحارات في المدن الرئيسية، وتوزيع باصات لنقل المواطنين من حاراتهم، وثم تبث تلك الفعاليات عبر وسائل الإعلام لتزعم أنها تحظى بالشعبية، وفق الدراسة.

مقاطعة المدارس الحكومية
كشفت الدراسة عن حالة مقاطعة مجتمعية للمدارس الحكومية بعد أن حولتها الحوثية إلى مراكز لنشر ثقافة القتل والتطرف وتشجيع الأطفال على القتال في صفوفها. فضلاً عن اختطاف الأطفال من تلك المدارس والدفع بهم إلى جبهات القتال دون معرفة ذويهم.
ونتيجة لهذا، ذكرت الدراسة أن المواطنين المقتدرين ماديًا في مناطق سيطرة المليشيا لجأوا إلى مقاطعة المدارس الحكومية وتدريس أبنائهم في مدارس أهلية غير مملوكة لقيادات حوثية، فيما اضطر البعض لحرمان أبناءهم من الدراسة تمامًا باعتبار ذلك أفضل من تفخيخ عقولهم بثقافة الإرهاب والدفع بهم إلى محارق الموت.

الأناشيد الوطنية بدلاً عن الزوامل
كشفت الدراسة عن اهتمام شعبي متزايد بالأغاني والأناشيد الوطنية في حفلات تخرج الطلاب من الجامعات وفي صالات الأفراح رداً على زوامل الحرب التي حاولت المليشيا الحوثية فرضها على المواطنين في كل أوقاتهم ومناسباتهم.
وأوضحت أن "الأناشيد الوطنية صارت وسيلة احتجاج غير مباشرة؛ تعبيرا عن الرفض للحوثية وتمجيد السلالية والطائفية والضيق منها". 
وبعد أن لاحظت الحوثية أن النمط السائد لحفلات التخرج وحتى الأعراس يستعيد زمن الجمهورية فنيا وفرائحيا بشكل احتجاجي ضدها، تعمدت التضييق على تلك الحفلات بتهم مختلفة كتهمة "الاختلاط" في حفلات التخرج، أو "الغناء" في الأعراس، محاولة فرض نمطها على الجميع.
ورغم هذا، تقول الدراسة، إن هذه الإجراءات "تواجه بالرفض والتمنع ولم تستطع تحديد مواصفات معينة للحفلات والأعراس وإجبار الناس عليها".

كتابات جدارية رافضة
في منتصف عام 2022 تفاجأت مليشيا الحوثي بشعارات مكتوبة على جدران الأحياء في صنعاء تطالب برحليها بعد أن صارت الجدران حكرا لشعاراتها وصور قياداتها وقتلاها. 
ووفقاً للدراسة فإن هذه الشعارات أثارت جنون المليشيا ودفعتها لتنفيذ حملة اعتقالات عشوائية بحق المواطنين، والتحقيق معهم بشأن تلك الشعارات، ونشر مسلحيها وآلياتها العسكرية وجواسيسها في الشوارع خوفا من أن تكون تلك الشعارات مقدمة لثورة شعبية ضدها. 
وأشارت إلى شجاعة المواطنين الذين غامروا لكتابة تلك الشعارات رغم الخطورة، وهو ما يشير إلى حجم الرفض والغضب ضد الجماعة التي جعلتهم لا يبالون بعواقب ذلك. والأهم وفق الدراسة، "أنهم أوصلوا رسالتهم بأن السخط الشعبي ضدها في تزايد".

رفض التجنيد والدورات الطائفية
كشفت الدراسة عن صعوبات كبيرة باتت تواجه مليشيا الحوثي في حشد مقاتلين جدد إلى صفوفها، خصوصًا بعد تزايد خسائرها البشرية في مختلف الجبهات".
وقالت إن هذا دفعها "لإجبار المشايخ والوجاهات القبلية على حشد مزيد من المقاتلين، وأصبحت تدفع  مبالغ مالية كبيرة مقابل كل مجند. 
وأوضحت الدراسة أن هذا "يعكس الرفض المجتمعي للحوثيين، ولم يعد ينضم للقتال في صفوفهم إلا الفئات الفقيرة والضعيفة والجاهلة، والتي يتم مساومتها بالسلال الغذائية والتهديد بالانتقام".
وبحسب الدراسة فإن تعدد مظاهر وأساليب رفض المواطنين لمليشيا الحوثي داخل مناطق سيطرتها هو ما دفعها للمبالغة في القمع وتشديد القبضة الأمنية وتكثيف تجنيد المخبرين والجواسيس في الأحياء السكنية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي استباقًا لأي ثورة شعبية ضدها.