الأحد 13 يوليو 2025 م
الرئيسية - تقارير وحوارات - حذّر من كارثة بيئية تتجاوز حدود اليمن.. الوزير الشرجبي لـ"الثورة نت": الهجمات الحوثية طالت سفنًا لأكثر من 40 دولة وتأتي ضمن مخطط إيراني لتهديد الملاحة البحرية
حذّر من كارثة بيئية تتجاوز حدود اليمن.. الوزير الشرجبي لـ"الثورة نت": الهجمات الحوثية طالت سفنًا لأكثر من 40 دولة وتأتي ضمن مخطط إيراني لتهديد الملاحة البحرية
الساعة 10:08 مساءً الثورة نت/ حوار: علي العقبي

أكد وزير المياه والبيئة المهندس توفيق الشرجبي، أن تصعيد ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني في البحر الأحمر يأتي في إطار مخطط إيراني لزعزعة الأمن البحري والملاحة الدولية.

وانتقد الوزير الشرجبي، في حوار خاص مع "الثورة نت"، موقف المجتمع الدولي إزاء التصعيد الحوثي المتواصل، معتبرًا الصمت الدولي تجاه هذا التصعيد بمثابة دعم غير مباشر للفوضى وتهديد للملاحة العالمية.

وكشف الشرجبي، عن إحصائية بعدد السفن التجارية التي استهدفتها المليشيا الحوثية منذ نوفمبر 2023، متطرقًا إلى تداعيات هذا التصعيد على الاقتصاد الوطني، متحدثًا عن المخاطر البيئية الجسيمة الناجمة عن استهداف السفن، خصوصًا التي تحمل مواد خطرة مثل نترات الأمونيا.

وحذّر وزير المياه والبيئة من مخاطر استهداف السفن المحملة بنترات الأمونيا، والتي قال إنها تطال نصف مليون صياد يمني، موضحًا أن الحكومة فعلت غرف عمليات للطوارئ والتنسيق مع جهات دولية لمواجهة الأضرار البيئية.

كما حذّر من أن التصعيد الحوثي لا يستهدف مصالح دولة أو جهة بعينها، بل يهدد حرية الملاحة والتجارة العالمية، ويخلق بيئة خصبة للكوارث الإنسانية والبيئية التي قد تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من حدود اليمن. 

ودعا الوزير الشرجبي، المجتمع الدولي إلى دعم الجهود الوطنية والدولية الرامية إلى إعادة الأمن والاستقرار، وتعزيز القدرات المحلية لمواجهة التهديدات.

 

نص الحوار:

 

بداية معالي الوزير، هل لديكم إحصائية بعدد السفن التجارية التي استهدفتها ميليشيا الحوثي منذ بداية تصعيدها البحري؟

منذ تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر نوفمبر 2023، استُهدفت أكثر من 100 سفينة تجارية عبر صواريخ وطائرات مسيرة. بعض السفن تضررت مباشرة، وأُجبرت أخرى على تغيير مساراتها لتفادي المخاطر، ما يمثل تهديدًا خطيرًا للأمن البحري في ممر عالمي حيوي.

حتى يوليو 2025، أسفرت الهجمات عن غرق سفينتين ومقتل أربعة بحارة. الاعتداءات طالت سفنًا من أكثر من 40 دولة تقريباً.

 

ما تأثير هذه الهجمات على الاقتصاد اليمني وعلى الملاحة الدولية؟ وما هي أكثر دولة قد تتضرر من هذا التصعيد؟

الهجمات الحوثية على السفن تركت آثاراً سلبية واضحة على الاقتصاد اليمني، خاصة في المناطق المحررة، حيث شهدت الموانئ الحيوية مثل ميناء عدن والمكلا تراجعًا ملحوظًا في حركة السفن، حيث بدأت شركات الشحن والتجارة بإعادة تقييم وتعليق تعاملها مع الموانئ اليمنية بسبب المخاطر الأمنية.

كما أدت الهجمات إلى توقف صادرات النفط من بعض الموانئ المحررة بعد تعرضها لهجمات أو تهديدات، ما أثر بشكل مباشر على إيرادات الحكومة وأضعف قدرة الدولة على توفير المواد الأساسية كالوقود والدواء والغذاء.

على الصعيد الدولي، أدت هذه الهجمات إلى ارتفاع كبير في تكاليف الشحن والتأمين، مع تحول مئات السفن إلى مسارات أطول حول رأس الرجاء الصالح، ما تسبب في تأخيرات وزيادة تكاليف نقل البضائع. النتيجة كانت تعطيل سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع أسعار السلع.

الدول الأكثر تضررًا من هذا التصعيد تشمل اليمن بسبب توقف موانئها الحيوية وتأثير ذلك على الإمدادات الغذائية والإنسانية، ومصر التي شهدت تراجعًا في إيرادات قناة السويس نتيجة لانخفاض حركة الملاحة، بالإضافة إلى دول آسيوية وأوروبية تأثرت بسبب زيادة تكاليف النقل وتأخير الشحنات

 

هناك تقارير عن احتراق سفينة تحمل نترات الأمونيا.. ما خطورة هذه المواد؟ وهل هناك تنسيق دولي لمواجهة تداعياتها؟

تكمن الخطورة الكبرى للهجمات الحوثية على السفن في نوعية المواد التي تنقلها هذه السفن، خاصة تلك التي تحتوي على شحنات خطرة مثل نترات الأمونيا، الزيوت، أو الوقود. إذ إن أي انفجار أو احتراق لسفينة محمّلة بهذه المواد قد يُخلّف كارثة بيئية وبحرية يصعب احتواؤها.

على سبيل المثال، أدى استهداف السفينة "روبيمار" التي كانت تحمل عشرات الآلاف من الأطنان من سماد نترات الأمونيا إلى غرقها قبالة السواحل اليمنية. وعلى الرغم من أن الشحنة كانت محفوظة داخل حاويات محكمة الإغلاق، إلا أن بقائها في قاع البحر لفترة طويلة يهدد بتسربها تدريجيًا إلى البيئة البحرية.

هذا التسرب، في حال حدوثه، يحمل خطراً مزدوجاً: الأول من الأسمدة المنقولة، والثاني من كميات الوقود الموجودة على متن السفينة والتي تُقدّر بمئات الأطنان. فذوبان نترات الأمونيا في مياه البحر يؤدي إلى تلوث بيئي حاد، يؤثر مباشرة على الحياة البحرية، وعلى الشعاب المرجانية، ويهدد بشكل خاص سبل عيش الصيادين والمجتمعات الساحلية.

نتحدث هنا عن خطر مباشر يهدد حياة ومعيشة ما يقارب نصف مليون شخص يعتمدون على الصيد في المناطق الساحلية اليمنية. كما أن هذا التهديد لا يقتصر على اليمن فحسب، بل يمتد إلى النظام البيئي البحري في المنطقة بأكملها.

في مواجهة هذه التهديدات، تقوم الحكومة اليمنية بالتنسيق مع عدة جهات دولية لتقييم الأضرار ووضع خطط استجابة فعالة، من أبرز هذه الجهات برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) الذي يُقدم الدعم الفني لتقييم التأثيرات البيئية ويشارك في وضع خطط الطوارئ، والمنظمة البحرية الدولية (IMO) التي تتولى التنسيق مع الأطراف البحرية الدولية لمتابعة وضع السفينة وتأمين عمليات التدخل، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) حيث يعمل على دعم القدرات الوطنية والمحلية في إدارة الكوارث البيئية وبناء الجاهزية، بالإضافة إلى منظمات بيئية دولية أخرى: تشارك في تقديم الخبرات التقنية والمساعدات اللوجستية.

التنسيق يشمل تبادل المعلومات الفنية، وضع خطط للطوارئ، تجهيز فرق استجابة محلية، وتوفير المعدات الفنية اللازمة، كما تشمل الإجراءات تفعيل غرف عمليات للطوارئ تعمل على مدار الساعة، وتنظيم حملات توعية محلية لتحذير السكان، نظراً لمحدودية الإمكانيات الفنية واللوجستية.

 

كيف ستتعامل الحكومة مع الأضرار البيئية المحتملة في ظل الظروف الحالية وضعف الإمكانيات؟

تواجه الحكومة اليمنية تحديات كبيرة في التعامل مع الأضرار البيئية المحتملة الناجمة عن الهجمات على السفن، خاصة مع محدودية الإمكانيات الفنية واللوجستية.. رغم ذلك، تم تشكيل غرفة عمليات خاصة وإطلاق لجنة طوارئ لمتابعة الوضع وتنسيق الاستجابة.

الحكومة تعتمد على استراتيجيات متعددة تشمل تشكيل لجان طوارئ محلية في المناطق الساحلية الأكثر تعرضًا، وتعزيز التعاون مع الجهات الدولية للحصول على الدعم الفني والمالي.

هناك تنسيق مستمر مع منظمات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، حيث توفر هذه البرامج الدعم الفني والتدريب والمساعدات الفنية لتطوير قدرات الاستجابة الوطنية والمحلية.

كما تم الشروع في برامج مشتركة تهدف إلى بناء القدرات المحلية وإدارة الكوارث البيئية بشكل أفضل، مع التأكيد على الحاجة الملحة إلى دعم إضافي في الموارد المالية والتقنية.

رغم التحديات، تبذل الحكومة قصارى جهدها للحد من تأثير الأضرار البيئية وحماية المجتمعات الساحلية، مع تأكيدها على أهمية تضامن المجتمع الدولي في توفير الدعم اللازم لمواجهة هذه الأزمة.

 

في أي سياق يأتي التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، وما علاقته بالمشروع الإيراني التوسّعي في المنطقة؟

تشير العديد من التحليلات والتقارير إلى أن تصعيد الميليشيا الحوثية يأتي في إطار استراتيجية إيرانية إقليمية أوسع تهدف إلى الضغط على المجتمع الدولي واستخدام اليمن كأداة لزعزعة الأمن البحري والملاحة الدولية.

فبعد توقف الحرب الإسرائيلية الإيرانية مؤخرًا، عاد الحوثيون للتصعيد بذريعة دعم القضية الفلسطينية، لكن في الواقع، تُستخدم هذه الذرائع لتبرير تصعيدات عسكرية تهدف إلى السيطرة على الممرات البحرية الحيوية وابتزاز الأطراف الدولية والإقليمية.

هذه العمليات ليست مجرد رد فعل محلي، بل جزء من لعبة جيوسياسية أكبر تعكس أبعادًا إقليمية ودولية، مما يعقد جهود تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

 

كيف يمكن للدول المطلة على البحر الأحمر تعزيز التعاون الأمني لمواجهة تهديدات الحوثيين؟

تعزيز التعاون الأمني بين الدول المطلة على البحر الأحمر هو السبيل الأنجع لمواجهة تهديدات الميليشيا الحوثية وتأمين الممرات البحرية الحيوية.

يمكن تحقيق ذلك من خلال عدة خطوات استراتيجية، كإنشاء أطر إقليمية فعّالة وتأسيس مجلس إقليمي للدول المطلة على البحر الأحمر لتعزيز التنسيق والتعاون المشترك في مجال الأمن البحري، وتفعيل الاتفاقيات الإقليمية مثل "مدونة سلوك جيبوتي" التي تجمع 20 دولة للعمل على مكافحة القرصنة والتهديدات البحرية، وتوسيع نطاقها لتشمل تهديدات الحوثيين، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق الاستخباراتي وإنشاء مراكز معلومات إقليمية لمراقبة التحركات المشبوهة وتبادل المعلومات الأمنية حول التهديدات البحرية، 

وكذلك دعم العمليات البحرية المشتركة عن طريق تنفيذ تدريبات وبرامج تبادل خبرات بين قوات خفر السواحل والبحرية في الدول المختلفة، بالإضافة إلى التعاون مع القطاع الخاص وإشراك شركات الشحن والتأمين في تطوير ممارسات أمنية أفضل وحماية السفن التجارية، وتعزيز الجهود الدبلوماسية وتنسيق المواقف في المحافل الدولية لفرض عقوبات على الجهات الداعمة للحوثيين وقطع مصادر تمويلهم.

مثل هذه الإجراءات المشتركة ستساهم في بناء منظومة أمنية متكاملة تحمي الملاحة الدولية وتقلل من تأثير تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر.

 

ما أهمية التعاون مع المنظومات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في تعزيز الاستقرار؟

يلعب التعاون مع القوى الدولية، مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، دورًا محوريًا في تعزيز الاستقرار الأمني والاقتصادي في منطقة البحر الأحمر. فمن جهة، توفر هذه القوى الدعم الفني والتقني للدول المطلة على البحر الأحمر عبر برامج تدريبية وأنظمة مراقبة متقدمة، مما يعزز قدراتها لمواجهة التهديدات البحرية والقرصنة.

كما تقدم مساعدات مالية وإنسانية تخفف من آثار الأزمات الناتجة عن التصعيد الأمني، خصوصًا في المناطق المتضررة من النزاعات، مما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز الاستقرار الاجتماعي.

علاوة على ذلك، يمنح التعاون مع الأمم المتحدة شرعية دولية للجهود الإقليمية في مكافحة الإرهاب البحري وفرض العقوبات على الجهات الداعمة للتهديدات، مما يقوي الموقف السياسي للدول المتأثرة على الساحة الدولية.

وتسهم هذه الشراكات في تبادل المعلومات والخبرات من خلال إنشاء مراكز معلومات إقليمية، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر، وبرامج التدريب المشترك التي ترتقي بقدرات القوات البحرية وخفر السواحل.

كما يضمن دعم القوى الدولية حماية الممرات البحرية الحيوية واستمرار حركة التجارة العالمية، وهو ما ينعكس إيجابًا على الاقتصادين الإقليمي والعالمي.

في مواجهة التهديدات، توفر الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الدعم في التعامل مع الكوارث البيئية والإنسانية من خلال فرق تقييم ومساعدات فنية وتقنية، وتنسيق الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ.

 

ما الرسالة التي توجهونها للمجتمع الدولي حيال هذا التصعيد؟

نوجه رسالة واضحة وصريحة للمجتمع الدولي بشأن التصعيد الحوثي المتواصل وتأثيره الخطير على الأمن البحري والإقليمي. إن الصمت على هذه الاعتداءات يعد دعمًا غير مباشر لاستمرار الفوضى وتهديد الملاحة الدولية، وهو ما يفاقم من معاناة الشعب اليمني ويعرّض الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي لخطر جسيم.

نطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف أكثر حزماً يضمن حماية الممرات البحرية الحيوية، مع تقديم الدعم الفني والمالي للحكومة اليمنية لتتمكن من مواجهة التحديات الأمنية والبيئية.

كما نؤكد أن التصعيد الحوثي لا يستهدف مصالح دولة أو جهة بعينها، بل يهدد حرية الملاحة والتجارة العالمية، ويخلق بيئة خصبة للكوارث الإنسانية والبيئية التي قد تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من حدود اليمن.

ندعو المجتمع الدولي إلى دعم الجهود الوطنية والدولية الرامية إلى إعادة الأمن والاستقرار، وتعزيز القدرات المحلية لمواجهة التهديدات