الرئيسية - الأخبار - عمران يعود من الركام، طفل هزّ صورة العالم يقف أخيرًا ليحكي وجعه
عمران يعود من الركام، طفل هزّ صورة العالم يقف أخيرًا ليحكي وجعه
الساعة 08:02 مساءً دمشق – الثورة

في مشهد إنساني اهتزّت له القلوب قبل الأعين، ظهر الطفل السوري عمران دقنيش، رمز الألم الذي غطّى وجه العالم قبل تسعة أعوام، على المسرح في قصر المؤتمرات بدمشق، ليقدّم شهادته الأولى عن الحادثة التي غيّرت حياته، حين أخرجته فرق الإنقاذ من تحت أنقاض منزله في حلب عام 2016 بعد غارة شنّتها طائرات نظام بشار الأسد، وأودت بحياة شقيقه بينما كان هو في الرابعة من عمره.

وقف عمران أمام الحضور، صوته يتهدّج وملامحه تحمل أثر الأسئلة التي كبر معها، وقال:
“أنا عمران، يقولون إني عشت القصف والحصار، لكني لا أتذكر شيئًا”، ثم تابع:
“كبرتُ وبقلبي فراغ، لا أعرف هل هو خوف أم بكاء، ما عرفت قصتي إلا من الفيديوهات، ظهرتُ حينها مغطى بالغبار، ولما جاء النصر رجع ضوء كبير لحياتي”.

ولم تمض ثوانٍ حتى صعد الرئيس السوري أحمد الشرع إلى المسرح، واحتضن الطفل وقبّل رأسه، في لقطة أثارت موجة واسعة من التفاعل على منصات التواصل، واعتبرها كثيرون مشهدًا يلخّص انتقال البلاد من زمن الدم إلى زمن آخر تحاول فيه لملمة جراحها.

وتعود قصة عمران إلى آب 2016 حين التقط المصوّر السوري محمود رسلان واحدة من أكثر الصور تداولًا في العالم: طفل صغير يجلس صامتًا داخل سيارة إسعاف، جسده مغطّى بالغبار، والدماء تنساب على وجهه، يحدّق في الفراغ بلا صراخ ولا دموع، وقد تحوّلت تلك الصورة إلى أيقونة لوجع السوريين وشهادة حيّة على سنوات النار التي التهمت مدن البلاد.

وجاء ظهور عمران في فعالية رسمية أقيمت أمس بمناسبة ذكرى تحرير سوريا، حيث أعلن الرئيس الشرع عن بداية حقبة جديدة تقوم، وفق تعبيره، على العدل والمواطنة والعيش المشترك، مؤكدًا أن عهد المحاسبة بدأ، وأن البلاد مقبلة على قطيعة تاريخية مع الاستبداد وبناء فجر جديد.

وشهدت المدن السورية منذ صباح أمس خروج عشرات الآلاف إلى الساحات العامة في دمشق وحلب وحمص وحماة وإدلب، حاملين الأعلام، مردّدين الهتافات المؤيدة للحكومة الجديدة، وسط إجراءات أمنية مشددة، فيما نظّمت وزارة الدفاع عروضًا عسكرية جابت شوارع رئيسية في العاصمة ومدن أخرى.

ومع أن البلاد تدخل مرحلة سياسية مختلفة، بقي مشهد الطفل عمران لحظة فارقة في الذاكرة السورية، طفل خرج من تحت الركام قبل سنوات، ليعود اليوم واقفًا أمام العالم، يحكي ما لم يستطع أن يقوله يوم كان الغبار يخنق صوته.