اليمن يشارك في الاجتماع العادي للاتحاد الدولي للرياضات الإلكترونية
وزير الصحة يبحث مع السفير الصيني لدى تعزيز التعاون في المجال الصحي
توزيع مستلزمات تعليمية وتقنية لجمعيات ذوي الإعاقة ومراكز محو الأمية في لحج بدعم سعودي
توقعات حالة الطقس في الجمهورية اليمنية ليوم غد الأحد
النعمان يصدر التوثيق الأول للحظات صالح الأخيرة
صحفيون محررون يطالبون الأمم المتحدة باستبعاد ومعاقبة الارهابي المرتضى ونائبه
عبدالله العليمي يصل الدوحة
محافظ حضرموت والوفد السعودي يعقدان اجتماعاً موسعاً بالوجهاء والأعيان والقيادات السياسية والاجتماعية
الحكومة تسلم جثامين 26 حوثيا ضمن مبادرة من طرف واحد
رئيس مجلس النواب يفتتح مشروعين للمياه بمديرية المعافر في تعز
شهدت الساحة اليمنية خلال الأسابيع الماضية عودة الاهتمام الشعبي والسياسي بقوات درع الوطن، خصوصاً عقب التطورات الأخيرة في حضرموت وما رافقها من إعادة ترتيب للوجود العسكري بعد دخول القوات التابعة للمجلس الانتقالي وخروج المنطقة العسكرية الأولى.
هذه الأحداث أعادت إلى الواجهة سؤالاً مشروعاً: لماذا تأسست قوات درع الوطن؟ وتتبع من؟ وهل ما زالت الحاجة إليها قائمة؟
أولاً: النشأة… استجابة لفراغ واسع وتعقيد أكبر
منذ سقوط مؤسسات الدولة بيد المليشيات الحوثية دخل اليمن في مرحلة احتراب مفتوحة، لم يعد الصراع فيها محصوراً بين أطراف محلية، بل امتد إلى صراعات إقليمية ودولية معقدة انعكست على الداخل اليمني بصورة مباشرة.
وقد أدت هذه التداخلات إلى إطالة أمد الحرب، وتغذية الانقسامات، وتقييد قدرة التحالف ومعها الشرعية والنخب السياسية على استعادة الدولة وسط احتقان شعبي آخذ بالتصاعد.
وفي هذا الواقع المضطرب ، ظهرت ضرورة إنشاء قوة وطنية محايدة تضبط ميزان الاستقرار في المناطق المحررة وتمنع اندلاع مواجهات جديدة بين القوى العسكرية والسياسية.
وهكذا برزت قوات درع الوطن كقوة انضباطية هدفها حماية الاستقرار لا صناعة الصراع ، قوة في خدمة الاستقرار… لا الاستقطاب بطلب وقرار رئاسي
ثانياً: معايير التأسيس… ولماذا النهج السلفي؟
لا تقوم قوات درع الوطن على انتماء سياسي أو مناطقي، بل تأسست وفق نهج سلفي يقوم على مبادئ ثابتة: طاعة ولي الأمر – ترك التحزّب – تحريم القتال السياسي- تجنب الفتنة- تدرك حرمة الدم.
اختيار أفراد هذه المنهجية لم يكن اعتباطياً؛ إذ أن قوة تنأى بنفسها عن الاستقطاب السياسي هي الأكثر قدرة على تجنّب الانجرار نحو صراعات نفوذ أو أجندات مرحلية.
وهذا ما جعل درع الوطن مناسب لمرحلة تتطلب ضبطاً لا مجاملة ، وولاءً للمصلحة العامة لا لطرف من الأطراف ، بمنهج محايد… للحظة تحتاج الحياد.
ثالثاً: القيادة… اختيار محسوب لمهمة حساسة
أوكلت قيادة المملكة العربية السعودية مهمة تأسيس وقيادة درع الوطن إلى شخصية مطلعة بعمق على الشأن اليمني، تمتلك علاقات واسعة ومتوازنة مع مختلف القوى، وتتمتع بالذكاء والحنكة والانضباط، وبعيدة عن أي عاطفة قد تُؤثر على اتخاذ القرار اللواء فلاح الشهراني.
هذا الاختيار لم يكن مجرد تعيين إداري، بل كان جزءاً من رؤية سعودية تهدف إلى بناء قوة منضبطة يُمكن الوثوق بأدائها في أصعب البيئات السياسية والعسكرية.
وقد جاءت هذه الخطوة استناداً إلى خبرة طويلة للشخصية المكلّفة في إدارة الملفات اليمنية، وقدرتها على التعامل مع التناقضات بحكمة وهدوء بمعنى قيادة محسوبة… لمهمة دقيقة.
رابعاً: صورة القيادات الميدانية… حضور دون ضجيج
اختيار قيادة القوة جاء بعد سنوات من العمل المتزن والابتعاد عن المشاريع الشخصية أو مراكز النفوذ. وعُرفت بحزمها وعزمها وابتعاد كامل عن الطموحات السياسية وانشغالها بطلب العلم والعمل المدني بعد تحرير عدن من الميليشيا الانقلابية ما جعلها نموذجاً لقيادة تستطيع إدارة قوة محايدة دون أن تشكل عبئاً على توازن القوى في الميدان.
ومنذ تأسيس القوات لم تُسجَّل عليها أي تجاوزات أو ردود فعل انتقامية أو انخراط في نزاعات سياسية، وهو ما يؤكد سلامة اختيار المنهج والقيادة معاً وإذا حصل أي اختلال هنا أو هناك تعامل معها بالدعم المستمر من القيادة المشرفة عليه بحكمة وحوار يفضي إلى حلول بدون أي صراع ومثل هكذا قيادة تعمل… ولا تُزايد.
خامساً: التطورات الأخيرة… وحاجة المرحلة إلى قوة محايدة
أحداث حضرموت وما تلاها من إعادة انتشار للقوات على الأرض أثبتت أن اليمن ما زال بحاجة إلى قوة توازن لا تتبع أي طرف في الساحة السياسية.
فالفراغ الناتج عن انتقال السلطة الميدانية بين المكونات يستدعي وجود قوة تستطيع منع أي انزلاق نحو صدام جديد، وتحفظ حقوق السكان، وتوفر البيئة المناسبة لأي اتفاق سياسي يتم وهنا برزت مجدداً أهمية درع الوطن كقوة:
• غير معنية بالتحزّب
• غير منخرطة في المشاريع المرحلية
• غير مرتبطة بحسابات النفوذ
بل مكلفة حصراً بمهام الأمن والاستقرار ومحايدة اليوم… ضامنة للغد.
سادساً: دور المملكة… ورجال الحكمة في إدارة الملف الأخير لأحداث حضرموت.
من المهم الإشارة- في سياق الحديث عن التوازن في حضرموت والمهرة- إلى الدور الذي تقوم به اللجنة السعودية المكلفة بإدارة الملف العسكري والسياسي في المنطقة الشرقية من اليمن.
وقد برز اسم اللواء الدكتور محمد عبيد القحطاني في واجهة هذه الجهود، وهو شخصية تحظى باحترام عميق لدى جميع القوى اليمنية المتصارعة، لما يتميز به من قدرة على إدارة التوازنات، وحضور هادئ، ومعرفة دقيقة بكل تعقيدات الملف اليمني حيث أن مكانته بين الخصوم قبل الحلفاء لم تأتِ من موقعه الرسمي فقط، بل من خبرته المتراكمة وقدرته على بناء الثقة، الأمر الذي جعل تدخّله في الأيام الماضية عاملاً رئيسياً في تهدئة المشهد وضبط المسار واختياره لحل هذا الملف المهم للغاية ليست سوى انعكاس مباشر لحكمة وحرص القيادة السعودية على أن يكون اليمن مستقراً، آمناً، وقادراً على الوصول إلى سلام عادل وشامل بحكمة سعودية… ورجال يعرفون اليمن جيداً.
الخلاصة:
إن إعادة النظر في المشهد اليمني تُظهر بوضوح أن درع الوطن لم يأتِ من فراغ، بل تشكّل كاستجابة مدروسة لتحولات داخلية وإقليمية ودولية تحتاج إلى قوة منضبطة ومحايدة تحافظ على الاستقرار وتحمي فرص السلام وتم بقرار رئاسي يشرعن تواجده .
ومع التطورات الأخيرة في حضرموت، يتأكد مرة أخرى أن وجود قوة محايدة هو عنصر توازن لا يمكن إغفاله، وأن الدور السعودي - عبر لجانها وخبرائها- ما زال ركيزة أساسية في ضمان عدم انزلاق اليمن نحو صراع جديد.
اليمن اليوم ليس اليمن قبل عشر سنوات؛ البيئة الدولية تغيّرت، والإقليم تغيّر، وطرق إدارة الصراع تغيّرت.
لكن الثابت الوحيد هو أن الشعب اليمني يستحق دولة، وأن دولته لن تُبنى إلا بحوار يحميه ضامن عادل، وقوة محايدة، وإرادة وطنية تُغلّب اليمن على كل الحسابات.
وما تقوم به المملكة- بحكمتها وحرصها- هو محاولة مستمرة لجمع اليمنيين على كلمة سواء، ولن يكون درع الوطن إلا أحد أدوات تثبيت هذا الجمع لا استبداله
رسالتي لأبناء اليمن
يا أبناء وطني في الشمال والجنوب…
قوات درع الوطن ليست مشروعاً ينازعكم مستقبل اليمن، بل قوة تحمي الفرصة الوحيدة المتبقية لسلام عادل، ولسيادة دولة تجمع ولا تفرق.
أقدّر مشاعر المتشائمين، وألتمس العذر لمن يرى أن زمن الكلام قد انتهى، لكنني على قناعة أن السلام لن يولد إلا من قوة منضبطة ومحايدة تستطيع أن تحمي الاتفاق حين يُولَد.
ومثلما أثبتت الأحداث أن غياب “الضمانة” يعيدنا كل مرة إلى نقطة الصفر، فإن وجود قوة محايدة على الأرض يمثل اليوم مصلحة عليا لليمن قبل أي طرف آخر لأن السلام يحتاج قوة… والقوة تحتاج نزاهة وحياد ضامن لاستقرار أي اتفاق.
ماذا تمثل قوات درع الوطن اليوم؟
هي ليست جيشاً بديلاً، وليست قوة تنافس بقية القوى، وليست أداة صراع سياسي.
هي ضمانة استقرار في المناطق التي قد تتقاطع فيها مصالح أطراف عديدة، وهي قوة “نظيفة” لم يُسجَّل عليها منذ تأسيسها أي انتهاك أو تجاوز، لأن معيار تشكيلها كان واضحاً كقوة ضامنه بثبات وطني وديني.
رؤية واعتبار سياسي
إن استجابة القوى المتصارعة في حضرموت لدعوة اللجنة السعودية، وقبولها بأن تحلّ قوات درع الوطن مكان وحدات المنطقة العسكرية الأولى، تمثل في جوهرها لحظة وعي جماعي نادرة؛ لحظة أدراك الأطراف كافة أن البحث عن الاستقرار أهم من البحث عن الغلبة، وأن تسليم الملف الأمني لقوة محايدة هو الطريق الأقصر لتجنيب المحافظة صراعاً جديداً.
لقد جاء هذا الانتقال الهادئ- برعاية اللجنة السعودية وعلمها بحكمة القوى المؤثرة- لتضع حضرموت بين يدي أبنائها أولاً، وإلى جانبهم قوة منضبطة ومحايدة هي درع الوطن، وهذا ما سيزيل المخاوف التاريخية التي كانت تؤجج التوتر، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة تتشارك فيها الأطراف المسؤولية بدل التنافس على النفوذ.
إن هذه الخطوة تمثل- بكل المقاييس- قمة الحكمة السياسية، لأنها وضعت الأمن فوق الخلافات، وقدّمت مصلحة الناس على حسابات القوى، ورسّخت فكرة الاستقرار لا يُصنع إلا عبر قوة ضامنة يقبل بها الجميع. وقد كان هذا الحل هو الضامن لوحدة المكونات الجنوبية
ولذلك، فلا يوجد أي مبرر لرفض هذا القرار أو التشكيك فيه؛ بل إن دعم هذا التوجه أصبح ضرورة وطنية حتى تتفرغ الدولة الشرعية لمهمتها الكبرى:
استعادة الدولة ومواجهة الانقلاب الحوثي، إمّا عبر سلام عادل يضمن حقوق الشعب، أو عبر حسم عسكري يُعيد لليمن استقراره ومساره وبناءه.
فالمرحلة القادمة لا تحتمل تشتت الجهود، ولا مزيداً من الحروب الجانبية.
واليمن- بكل مكوناته- يقف اليوم أمام فرصة حقيقية ليعيد ترتيب صفوفه، ويستعيد سلطته، ويبدأ طريق التعافي… طريقٌ يبدأ بإطفاء الفتنة في حضرموت، ويمتد نحو استعادة الوطن كله.






