الرئيسية - اقتصاد - تخريب النفط … صورة بشعة للابتزاز
تخريب النفط … صورة بشعة للابتزاز
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تحقيق/محمد راجح –

لا يستطيع المهندس سمير المقرعي يعمل في إحدى الشركات الناقلة للمشتقات النفطية العاملة في خط صافر رأس عيسى استيعاب ما يحصل في هذا الخط ويشبهه بمن يحاول مراراٍ وتكراراٍ انتزاع لقمة العيش من فمك. ويصف وضعية أنبوب النفط من كثرة الاعتداءات عليه بطريقة غريبة لكنها تعكس هوس البعض بالابتزاز والتخريب والعبث بالقول أن الأنبوب أصبح مثل الثوب الذي تم تقطيعه ومن ثم ترقيعه. تصوروا هذا الأنبوب تعرض لنحو 115 اعتداء خلال الثلاث سنوات الماضية من قبل أشخاص لا يكلون ولا يملون في إلحاق الأذى ببلدهم والعبث بثروات ومقدرات وطنهم وشعبهم.

تكشف هيئة استكشاف وإنتاج النفط في معلومات حصرية لـ الثورة « عن تكلفة باهظة تكبدتها اليمن جراء هذه الاعتداءات المتواصلة على انابيب النفط والغاز وصلت في العام الماضي 2012م إلى 3 مليارات و166 مليون دولار . ويعتبر خط أنبوب التصدير صافر- رأس عيسى الخط الرئيسي لتصدير النفط الخام من محافظتي شبوة ومأرب ويمثل شريان الحياة بالنسبة للاقتصاد المعتمد بشكل أساسي على النفط كمورد وحيد. وتعمل في هذا الخط ثلاث شركات تعد الأكثر استثماراٍ في قطاع النفط باليمن وهي شركات صافر واوكسي وجنت هنت. ويؤكد عبدالسلام الكامل مدير عام الإنتاج بهيئة استكشاف النفط أن الأعمال التخريبية المتكررة على أنابيب النفط تكبد الدولة خسائر باهظة. ويكشف عن تكبد اليمن خلال العام الماضي فقط نحو 3 مليارات و666 مليون دولار خسائر الاعتداءات المتكررة بخلاف تكاليف أعمال الصيانة. ويقول أن مثل هذه الأعمال تؤدي إلى توقف الإنتاج وتلحق أضرارا بالغة في عمليات التشغيل والصيانة وتوقف عملية النقل. ويضيف أن تخريب الأنابيب يؤدي إلى توقف عملية النقل لنحو 100 ألف برميل يومياٍ وتصديرها إلى الخارج . ويشير إلى أن الإنتاج النفطي يمثل أهمية كبيرة في اقتصاد البلد وبالتالي فأن استهدافه يضر بشكل كبير الاقتصاد الوطني ومقدرات الشعب. ويقول: نواجه بسبب هذه الاعتداءات ضغوطات كبيرة في تصدير هذا المنج الرئيسي للاقتصاد الوطني وخسائر مضاعفة حتى يتم إعادة عملية الإنتاج والنقل إلى طبيعتها. وضع حد يدعو خبراء اقتصاد إلى وضع حد للأعمال التخريبية التي تستهدف أنابيب النفط والغاز المتكررة والمتواصلة منذ العامين الماضيين. ويقدر مسئولون حكوميون وخبراء اقتصاد تراجع إنتاج اليمن من النفط بمعدل 40% منذ منتصف العام الماضي. مؤكدين أن العمليات التخريبية التي تحصل لأنابيب النفط والغاز تستهدف بصورة مباشرة الاستقرار التنموي والمعيشي للمواطنين. مشددين على أن مثل هذه العمليات التخريبية تكلف اليمن مبالغ باهظة وتلحق إضرارا بالغة بالتنمية والاقتصاد وتؤثر على سير تنفيذ برامج التنمية والتخفيف من الفقر . وتخلق مثل هذه الأحداث خللا كبيرا في سلاسل التوريد والإنتاج مما تتسبب في انكماش النشاط الاقتصادي بنحو 11% وارتفاع البطالة. كما ان العجز في توفر المشتقات النفطية وخصوصاٍ من مادة الديزل ادى الى تفاقم العجز في الطاقة الكهربائية والمياه بشكل كبير . وطبقاٍ لمختصين فإن تكرار أعمال التخريب والاعتداءات على خطوط انابيب النفط والغاز في مناطق الإمدادات والتقطعات على الطرق قد أدى إلى انخفاض حاد في إنتاج النفط الخام بنحو 25% في العام 2011م. وبسبب ذلك واجه القطاع الزراعي والخدمي والصناعي ارتفاعاٍ كبيراٍ في تكاليف المدخلات مثل الري والنقل والتسويق ما أدى في نهاية المطاف إلى انخفاض الإنتاج والصادرات بالإضافة إلى تعطل عمليات الإنتاج الأمر الذي أدى إلى إغلاق الشركات وتسريح العمال وارتفع العجز المالي الى نحو 1.4 مليار دولار في حين تراجعت كافة عائدات النقد الأجنبي من السياحة والمساعدات التنموية والاستثمار الأجنبي المباشر. ابتزاز ويرى الدكتور عبدالرحمن سالم السعيدي أستاذ الإدارة بصنعاء أن ما يجري من تخريب لأنابيب النفط والغاز بعد صورة بشعة للابتزاز لأنه يستهدف عصب الاقتصاد الذي ترتكز عليه بشكل رئيسي الحياة المعيشية في البلاد. ويشير إلى تعدد الخسائر لأن الأنابيب المستخدمة في نقل النفط مكلفة للغاية والبلاد تخسر شهرياٍ تكاليف إنفاق وإصلاح وتبديل لهذه الوسائل الخاصة بنقل النفط بالإضافة إلى توقف مستمر للعشرات من الأيادي العاملة وكذا حدوث إشكاليات كبيرة مع الجهات التصديرية وفي تكاليف الإنتاج والتصدير وهذا الأمر يجعل الدولة تخسر اكثر من 20 مليون دولار المبلغ المقدر لخسائر الاعتداءات على النفط. ويضيف قائلاٍ: أن إيرادات النفط معروف أنها تستخدم بصورة أساسية لتمويل بند رواتب الموظفين ومايجري من استهداف تخريبي المقصود منه وضع الدولة في موقف محرج أمام الشعب ولهذا يتطلب الأمر توسيع هيبة الدولة والاسراع في هيكلة الجيش والامن لتوحيد كافة اجهزة الدولة لمواجهة مثل هذه المخاطر التي تعمل على استنزاف المرحلة الانتقالية في البلاد والعبث بثروة الوطن لاغراض ابتزازية بشعة. ويرى ان اليمن في مرحلة تحول وتغيير وهناك معارك سياسية لا تعرف حدوداٍ واصبحت تشمل معيشة الناس وقوتهم اليومي وهذا بحد ذاته امر خطير يلحق أضراراٍِ بالغة في النسيج الاجتماعي وكذا في الحد من قدرة الحكومة على تحسين الوضع الاقتصادي وزيادة النمو وتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية والسبب كما هو معروف اعتماد الاقتصاد الوطني على النفط كمورد وحيد في ظل شحة الموارد وعدم القدرة على تنمية القطاعات الواعدة. مصدر رئيسي ويمثل قطاع النفط في اليمن المصدر الرئيسي لاحتياطيات النقد الأجنبي والأساس في تحقيق التوازن المالي على الرغم من الانخفاض في حجم الإنتاج. بلغ الإنتاج النفطي في اليمن ذروته في عام 2001م وبدأ منذ ذلك الحين في التناقص بمعدل يتراوح بين 3 إلى 4 % تقريبا كل عام. وفي المتوسط فإن تصدير النفط يمثل 85 % من حجم الصادرات إضافة إلى 65 % من الإيرادات النقدية يتم تحصيلها من تصدير النفط وبيعه في الأسواق المحلية وتشكل صادرات النفط والغاز حوالي 85 % من الصادرات وتولد حوالي 60 إلى 70 % من العائدات الحكومية بما في ذلك التجارة الداخلية في المنتجات النفطية. ويشكل حجم الإنتاج من النفط 10 % من إجمالي الناتج المحلي في البلاد. بينما يبلغ حجم العائدات من الأنشطة غير النفطية حوالي 8 إلى 9 % من إجمالي الناتج المحلي وهو المعدل الذي يعتبر منخفضاٍ بشكل غير اعتيادي بالنسبة لبلد مثل اليمن. وتواجه اليمن تحديات اقتصادية كبيرة على الرغم من أن الأزمة الحالية هي في المقام الأول مشكلة مالية ناجمة عن الانخفاض المفاجئ في العائدات النفطية والانخفاض في إنتاج النفط وصعوبة تكيف مستوى الإنفاق في أوقات الأزمات إلا أن التصدي لهذا التحدي المالي يتطلب وجود برنامج إصلاح شامل لتوليد النمو الاقتصادي وفرص العمل والموارد المالية في قطاعات اقتصادية غير قطاع النفط والغاز. ويقول خبراء ان خسارة اليمن لمبالغ باهظة جراء عمليات التخريب تحد من تدفق المخصصات المالية الموجهة لبرامج الانعاش الاقتصادي والمشاريع المستهدفة في البرنامج الحكومي للتخفيف من الفقر والبطالة. ويشير اقتصاديون إلى فداحة مثل هذه الاعمال وتأثيرها السلبي بشكل كبير على الحياة المعيشية للمواطنين وتهديد السلم والاستقرار الاجتماعي المستمد من عملية الاستقرار التنموي والاقتصادي . وتتطلب مثل هذه الاعمال مواجهة بحزم وإيقاف مرتكبيها عند حدهم لأن مثل هذه الاعمال تقوض جهود الدولة في خلق بئية اقتصادية مستقرة وبيئة آمنة لتدفق الاعمال والانشطة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية التي من اهم متطلباتها توفير المشتقات النفطية اللازمة لتسيير اعمالها ونجاح استثماراتها. لافتاٍ الى أن مثل هذه الاعمال اضرت بطرق متعددة بمختلف القطاعات الخدمية والانتاجية حيث تسببت في خفض امدادات الطاقة الى النصف وتفاقم الضعف المالي الذي يعاني منه في الاصل قطاع الطاقة . وبحسب خبراء فإن ذلك يتسبب في الحد من تقديم الخدمات بما فيها الخدمات الصحية والتعليم واداء شبكات الامان الاجتماعي وبالتالي يؤدي ذلك الى اهمال جزء كبير من السكان الفقراء والمساهمة في فقدان مصادر العيش.