الرئيسية - عربي ودولي - مستقبل العراق في ظل الأزمة السياسية القائمة
مستقبل العراق في ظل الأزمة السياسية القائمة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

اسكندر المريسي –

ما هو قائم بالظرف الراهن من ضبابية واضحة تكتنف المشهد السياسي العراقي خاصة وما يمر به حالياٍ من تداعيات مؤسفة وأحداث عنف دامية تصاعدت وتيرتها في الآونة الأخيرة والتي أدت نتائجها إلى ظهور أزمة سياسية لاحت في الأفق بين فرقاء العملية السياسية في ذلك البلد. لاسيما وقد ظهرت تجليات تلك الأزمة السياسية بعد سلسلة من التفجيرات شهدتها عدة مدن عراقية راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى وزادت من حدتها السلبية ونتائجها المدمرة وأصبحت تهدد أمن العراق واستقراره وقد تدفع به نحو الانزلاق السياسي وأتون الحرب الأهلية. وبالنظر لتداعيات الحالة السياسية القائمة بالظرف الراهن وما نتج عنها من أزمة سياسية فإنها تؤكد بما لا يدع مجالاٍ للشك بأن العراق حاضراٍ يعاني مما جرى وصفه بأزمة سياسية إن صح التعبير وأصبحت معطياتها واضحة للعيان والتي ألقت بظلالها على كثير من مجريات الأحداث وتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في الساحة العراقية جراء تفاقم تلك الأزمة وما يؤكد حقيقة ذلك الاتهام الذي وجهه رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي مؤخراٍ لنوري المالكي واصفاٍ إياه بالتمرد على السلطة التشريعية. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده النجيفي مؤخراٍ في مجلس النواب العراقي والذي أكد فيه بأن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أثبت تمرده على الدستور وتحريض نواب الشعب على عدم ممارسة البرلمان دوره النقابي والتشريعي من موقع المسؤولية وكان ذلك الاتهام رداٍ على ما سبق وأن قاله المالكي خلال مؤتمره الصحفي الذي عقده الأسبوع الماضي حيث طلب من الكتل السياسية عدم حضور جلسة البرلمان الطارئة يوم الثلاثاء الفائت وذلك لمناقشة الأوضاع الأمنية واعتبر المالكي بأن تلك الجلسة طائفية وتصعيدية. وبحسب مراقبين للمشهد العراقي فإن هناك قوى خارجية بمختلف تشكيلاتها المتعددة وأجندتها المختلفة تعمل جاهدة على تأزيم الأوضاع داخل ذلك البلد وتسعى إلى تغذيتها تحت وقع الطائفية المذهبية والحزبية وما هو معلوم أيضاٍ أن ما يدور ويجري بالظرف الراهن داخل العراق الشقيق من تفجيرات وأحداث دامية هي بالتأكيد نتيجة طبيعية تراكمت سلبياتها عبر سنوات ماضية وتحديداٍ إبان مرحلة الاحتلال الأمريكي الغاشم الذي عمق تلك الخلافات والصراعات بين طوائف العراق المختلفة طوال ثمان سنوات حيث انتهج صيغة المحاصصة الطائفية والمتمثلة في تهميش السنة وتحميلهم أخطاء النظام السابق وكذلك في توزيع المناصب الحكومية وإعطائه مساحات واسعة للأكراد والشيعة في تولي المناصب المهمة في الدولة وذلك لحسابات سياسية كان يهدف إليها ذلك الاحتلال لا سيما بعد انسحابه من العراق وما يحدث خلال هذه الأيام خير شاهد على ذلك المخطط حيث أن السياسة الدولية نظراٍ لمكانة العراق التاريخية والمتميزة وما يمتلكه من ثروة تسعى بالتأكيد إلى إضعاف وتفكيك وحدته الوطنية وتدمير مقومات النهوض الكامنة لديه وإرباكه بدرجة أساسية داخلياٍ وذلك لكي لا يكون له أي دور فاعل في الترتيبات الإقليمية باعتباره قوة مؤثرة في الشرق الأوسط خاصةٍ في واقع ما يجري من متغيرات بالسياستين الإقليمية والدولية. وإذا كانت الأزمة السياسية والأمنية التي يمر بها العراق بالظرف الراهن هي نتيجة لتلك الآثار السلبية التي تركها ذلك المحتل بالإضافة إلى مشاكل داخلية عالقة كما أشرنا فإن بالإمكان حلها وتجاوزها إذا صدقت النوايا وتضافرت الجهود المخلصة للعراق ولكي لا يصبح ممزقاٍ فإنه تقع على القائمين في المشهد السياسي العراقي مسؤولية كبيرة في كيفية إخراجه من أزمته الراهنة لأن تمترس فرقاء العملية السياسية تحت كنف المذهبية الحزبية والطائفية لا يعني إلا تمزيقاٍ للعراق وتكريساٍ للأزمة خاصة والعراق منذ أغسطس 91م وما فْرض عليه من حصار ظالم أعقبه احتلال غاشم صحيح بأن ذلك لم يلغ تاريخه ولا وضع عروبته موضع جدل ونقاش ولكن الصحيح أيضاٍ أن ذلك الحصار الظالم والاحتلال الغاشم قد غيب أي دور فاعل للعراق الكبير بشعبه والعريق بتاريخه وحضارته لا سيما في مجاله الإقليمي فإن من مصلحة العراق قيادة وشعباٍ وأحزابا وتنظيمات سياسية وحركات وائتلافات متعددة أن يعملوا بكل مكوناتهم جميعاٍ على تجنيب وطنهم العراق الأخطار المحدقة التي باتت بلا شك تهدد حاضره ومستقبله. وبالتالي فلا مخرج للعراق من الأزمة القائمة إلا الوفاق الوطني الشامل والمتكامل بعيداٍ عن المحاصصة الطائفية والاستقواء بالمحاور الإقليمية والدولية وما نتج عنها من آثار مدمرة والتي أخرت العراق فترة زمنية باعدت بينه وبين بناء دولته الوطنية المستقلة بعيداٍ كما قلنا عن المحاصصة الطائفية والتدخلات الخارجية التي أثرت سلباٍ على بناء المشروع الوطني العراقي لكل العراقيين لما من شأنه بناء مقدمات دولته المدنية الذي يتوقف بدرجة أساسية على ذلك الوفاق الوطني تأكيداٍ لحقيقة ثابتة بأن العراق وجد لكي يبقى في خريطة المنطقة وجزء لا يتجزأ من الانتماء العربي الذي لا يمكن للعراق أن يستبدل هويته العربية بدليل أنه قادر من خلال شعبه والتحام جبهته الداخلية أن يتجاوز كافة الصعاب والأخطار والتغلب على كافة التحديات التي تعترض طريق تقدمه.