الرئيسية - عربي ودولي - مؤتمر جنيف 2 ومستقبل سوريا
مؤتمر جنيف 2 ومستقبل سوريا
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

اسكندر المريسي – فيما تتواصل بالظرف الراهن الجهود المبذولة والتحضيرات الجارية لمؤتمر جنيف 2 المزمع عقده في شهر يونيو الجاري بهدف التوصل إلى إيجاد تسوية سياسية لإنهاء الصراع الدائر في سوريا نلاحظ بالاتجاه الآخر رؤية مغايرة تماما◌ٍ تتمثل في القرار الأخير للاتحاد الأوروبي برفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية وهذا التحول في الموقف الأوروبي يجعل مختلف الجهود التي تبذل تسير في طريق مسدود وتضع عقبات جدية أمام عقد المؤتمر. فالتسوية السياسية تعني السعي لإيجاد حل أو اتفاق لإنهاء الخلاف القائم بين طرفين مختلفين في السياسة أو متصارعين في الميدان¡ وما هو متعارف عليه قبل الخوض في أي تسوية سياسية والجلوس على طاولة واحدة للتفاوض لابد وأن يسبق تلك التسوية لكي يكتب لها النجاح التهيئة بوقف حقيقي لإطلاق النار على الارض ومن ثم الاعلان عن ممثلي أطراف الصراع في ذلك التفاوض¡ لكن ما هو حاصل حتى اللحظة هو اعلان الائتلاف السوري المعارض عن عدم حضوره مؤتمر جنيف 2 بانقساماته الواضحة في الأفق¡ فلو كانت القوى الدولية راغبة بإنهاء الصراع داخل سوريا فإنها ستقوم بتوجيه الدعوة إلى الأطراف السورية المتنازعة بوقف الحرب وتهيئة الأجواء لحضور مؤتمر جنيف 2 بدلا◌ٍ من تزويدها للمعارضة بالسلاح لأن مثل هذا الإجراء ينسف كل الجهود التي تبذل لانعقاد مؤتمر جنيف¡ لاسيما وهناك دول اقليمية تحيط بسوريا تطالب اسرائيل بأن تضغط على الادارة الأمريكية بأن تعمل على إفشال التسوية السياسية وذلك لحسابات سياسية مسبقة لديها وفي حال فشل التسوية فإن تلك الدول ستسارع في تحميل بشار الاسد فشل مؤتمر جنيف 2 ومن ثم خلق مبرر لها في اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية وضرب سوريا خاصة والائتلاف السوري المعارض كما اشارنا سابقا امتنع عن المشاركة في مؤتمر جنيف 2 لانه بحسب مراقبين يفضل الحل العسكري. وإذا كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد لمح بأن الخيار العسكري لايزال موضوعا◌ٍ على الطاولة حيث سبق له في لقائه مع زعماء دول من المنطقة العربية في واشنطن وحثهم على عدم استعجال التدخل العسكري حتى بعد استنفاد ما اسماه الحل الدبلوماسي بعد ان تعهد لروسيا على إنجاز تسوية سياسية في سوريا. وهو ما حدا بالكثير من المراقبين إلى القول بأن مؤتمر جنيف 2 عبارة عن تكتيك سياسي ليس إلا¡ تمارسه الولايات المتحدة لتقديرات وحسابات سياسية لديها واعتبروا ذلك مراوغة وخديعة من واشنطن تجاه روسيا¡ لذلك اتضحت الرؤية الأمريكية لموسكو وسارعت بقولها سنمضي قدما◌ٍ في تسليم سوريا صواريخ متطورة من طراز اس300 المضادة للطائرات¡ مؤكدة بأن هذا النوع من الاسلحة سيساعد في ردع أي تدخل أجنبي¡ في اشارة واضحة لأمريكا والدول الأوروبية¡ واعتبرت موسكو عملية التسليم هذه بانها تشكل عامل استقرار¡ مضيفة ان إجراءات كهذه تردع إلى حد كبير بعض العقول المحتدة من التفكير في سيناريوهات يتخذ فيها النزاع منحى دوليا◌ٍ بمشاركة قوات أجنبية¡ وإذا كانت صفقة الاسلحة الروسية لسوريا بحسب مراقبين بمثابة ورقة ضغط تمارسها موسكو ضد الدول الغربية التي تسعى إلى تزويد مقاتلي المعارضة بالسلاح فإن لروسيا وجهة نظر مغايرة في حال فشل مؤتمر جنيف 2 قد تدخل روسيا في حرب كونية وبالتالي لن تتخلى عن نظام بشار. وعلى ضوء المتغيرات والأحداث الجارية في سوريا وما تشهده المنطقة بشكل عام لا سيما وقد انتقلت عدوى الحرب السورية إلى دول مجاورة ما جعل كثير من المراقبين يعتقدون أن المتغيرات قد تكون بداية لشرق أوسط جديد¡ وهو ما اشار إليه شمعون بيريز في كتابه «الشرق الأوسط الجديد» وضع من خلاله تصورا لمنطقة جديدة تكون فيها الغلبة لإسرائيل سياسيا وتجاريا وتدعم ذلك تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كوندليزا رايس أثناء تداعيات الحرب الاسرائيلية على لبنان عام 2006م قالت فيها بالحرف: إن شرق أوسط جديد بدأ يتخلق من رحم الأزمة اللبنانية. وقد أثار ذلك التصريح استغراب الكثير من المتابعين لشئون الشرق الأوسط علما بأن الكيان الاسرائيلي بالنظر للصراع الدائر داخل سوريا بالظرف الراهن يعتبر المستفيد الأول مما كان ذلك الكيان قد دعا إليه في كتاب شمعون بيريز¡ ومن يرجع إلى كتابه يجد أنه قد تطرق إلى أهمية اشراك الإسلاميين في بناء الشرق الأوسط الجديد ولكنه تكلم بشكل من الغموض والعموم دونما تحديد لأي من الجماعات الإسلامية التي يعول المساهمة عليها في ذلك البناء. وقد كان احتلال العراق وقبل ذلك غزو افغانستان المقدمة الأولى للبحث عن تحديد ملامح ذلك الشرق في مخيلة القوى الاستعمارية¡ بيد أن الملاحظ جراء الاحداث المتلاحقة¡ لم تؤسس إلا مزيدا من التفكك.