الرئيسية - اقتصاد - الضريبة البيئية ودورها في الحد من الملوثات التي تواجهها البيئة
الضريبة البيئية ودورها في الحد من الملوثات التي تواجهها البيئة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

د. جهاد محمد السنباني –

> تحتفل بلادنا مع سائر بلدان العالم باليوم العالمي للبيئة الذي يصادف الخامس من يونيو من كل عام حيث نصت المادة «35» من دستور الجمهورية اليمنية «على أن حماية البيئة مسؤولية الدولة والمجتمع وهي واجب ديني ووطني على كل مواطن» فالبيئة هي مجموع العناصر الطبيعية أو الصناعية التي تحيط بالحياة الانسانية من محيط مائي وأرضي وجوي ومع بداية مطلع القرن العشرين نادي الاقتصادي الانكليزي الشهير آرثر سي بيجو «» لصالح فرض ضرائب على من يقوم بتلويث البيئة حيث أشار إلى أنه ينبغي على الحكومة التدخل بفرض ضريبة فتجعل من التلوث أكثر تكلفة للملوث فإذا صار انتاج التلوث أكثر تكلفة فإن الملوث سينتج تلوثا أقل وصارت هذه الضريبة تعرف برسوم بيجو أو ضريبة بيجو وبدأت النظرة إلى العلاقة ما بين الاقتصاد والبيئة في التغير خلال العقود الأخيرة والتحديد في أواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن العشرين وذلك مع ازدياد حدة المشكلات البيئة وتأثيراتها السلبية وتعاظم الاضرار الناتجحة عنها فمصطلح البيئة يستعمل في شتيى حقول المعرفة إذ لا يقتصر استعماله على علم معين بل يشمل سائر العلوم ومن مفاهميه البيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. والعمرانية.. إلخ ووفقا لتوصيات مؤتمر ستوكهولم الذي انعقد سنة 1972م وضع تقسيما للبيئة وحددها بثلاثة أقسام هي البيئة الطبيعية والبيئة البيولوجية والبيئة الاجتماعية أما عن أهم مظاهر «أشكال» التلوث البيئي فتتمثل في استنزاف الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة وتلوث البيئة وتشويه معالم البيئة مثل الزحف العمراني على الأراضي الزراعية وارتفاع نسبة ثاني اكسيد الكربون وغيرها ولمواجهة التلوث البيئي انعقدت العديد من المؤتمرات والندوات الدولية التي أوصت بضرورة اتخاذ اجراءات فعالة لحماية البيئة من التلوث ومن أهعم هذه الاجراءات الاخذ بنظام الضريبة البيئية كوسيلة من وسائل مواجهة التلوث البيئي والحد منه بأسلوب اقتصادي وقد تم دعم هذا الاتجاه من جانب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية «» والمجموعة الاقتصادية الاوروبية «» فالضريبة البيئة تعتبر أحد السياسات لمكافحة التلوث البيئي حيث تعد غرامة «عقوبة مالية» ضد التلوث وأن الضرائب المتأتية منها لابد من استغلالها في محو آثار التلوث البيئي وتطوير أساليب جديدة صديقة للبيئة في شتي المجالات واستخدام الإعفاء من الضريبة البيئية والحوافز الضريبية تجاه الأشخاص المعنويين والطبيعيين الذين يستخدمون في نشاطهم الاقتصادي تقنيات صديقة للبيئة فالحد من هذه الملوثات مسؤولية مشتركة بين الأفراد والمؤسسات الحكومية فالهدف الأول من الضريبة البيئية هي المحافظة على الإنسان وحماية الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة بشكل عام وهنا لا بد لنا من التطرق إلى التجارب الدولية في معالجتها للتلوث البيئي من خلال فرض الضريبة البيئية بالإستناد إلى المسح الذي قامت به منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والذي اظهر الدور الحقيقي للضرائب البيئية في تحسين جودة ونوعية البيئة حيث استطاعت دول مثل سويسرا واليابان بالتحكم بالتلوث الضوضائي من خلال الضريبة البيئية وكذلك تمكنت المانيا وايطاليا بالتحكم بتلوث المياه بالإضافة إلى فرنسا وفنلندا كما تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من الدول المهتمة بالمشاكل البيئية المحلية بالرغم من عدم توقيعها على معاهد كيوتو العالمية للحد من الانبعاثات العالمية مع العلم أنها أيضا من أكثر الدول المساهمة في تلويث هواء العالم وفي هذا السياق توجد في الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من الضرائب والحوافز للحد من التلوث على مستوى الولايات المتحدة أو على المستوى الفيدرالي مثل «ضريبة الانتاج- ضريبة الانبعاثات» أم بالنسبة للدانمارك فقد فرضت ضريبة بيئية على استعمال المياه أدت إلى تخفيض استخدام المياه إلى 13% خلال الفترة من عام 1993- 1998م وبالتالي تخفيض معدل الفاقد من المياه إلى 23% وفاعلية الضريبة البيئية في تخفيض درجة التلوث يمكن مشاهدتها في بعض الدول كألمانيا حيث أظهرت إحدى الدراسات إلى أن فرض الضريبة البيئة كانت حافزا لحوالي ثلث المصانع الموجودة للاستثمار في معدات التنقية فالدول تختلف في تحديد وعاء الضريبة البيئي فهناك دول تحدده على أساس اصدارات التلوث بينما دولا أخرى تحدده على أساس التغير في نسب تركيز عناصر ملوثة معينة في الوسط البيئي المضرور واليمن وهي جزء من هذا العالم يدعو الكاتب هنا للاستفادة من التجارب الدولية للدول المتقدمة في توزيع مهام المراقبة والحد من التلوث فحماية البيئة في اليمن تحتاج إلى آليات منها إنشاء الجهاز القومي لرقابة شئون البيئة من خلال التنسيق بين وزارتي المياه والبيئة ووزارة المالية وأن يكون الجهاز المذكور هو المعني بتحديد الفئات الملوثة المطلوبة إخضاعها للضريبة البيئية في ضوء تنظيم قانوني ولائحي محدد حيث يكون تصنيف الملوثين إلى ثلاث فئات “ملوث ضعيف المخاطر- ملوث متوسط المخاطر – ملوث عالي المخاطر” وإصدار تشريع قانوني يتناسب مع المخالفات التي ترتكب ضد البيئة وتكون نسبة الضريبة البيئية محددة سلفاٍ لكل فئة وترفع التقارير الدورية من الجهاز القومي للبيئة لوزارة المالية على أن يتم تحديد سعر الضريبة ليتعادل مع تكلفة الضرر الناتج عن التلوث كان تكون “5% من صافي الربح للملوث الضعيف المخاطر – 10% للملوث المتوسط المخاطر – 25% للملوث عالي المخاطر وعلى أن يسند لوزارة المالية جباية الضريبة بمعرفة إدارة متخصصة بمصلحة الضرائب اليمنية وأن يتضمن التشريع القانوني وضع عقوبات بشكل متدرج ما بين ضريبة أصلية وتعويض مثل الضريبة والمسئولية في إزالة الضرر كاملة على حساب الملوث على أن تكون العقوبات مشددة قد تصل للسجن للمخالفات البيئية الصارمة التي تسبب اضراراٍ جسيمة بالبيئة كما ينبغي أن يتضمن التشريع بعض الحوافز والإعفاءات الضريبية خاصة تلك التي تشجع الانتقال للمرحلة الدنيا من التلوث فالهدف من الضريبة البيئية هو مكافحة التلوث لا الجباية وبرغم من صدور القانون رقم 26 لسنة 1995م بشأن حماية البيئة الذي تكون بموجبه مجلس يسمى “مجلس حماية البيئة” وهو جهاز الدولة الرسمي الذي يضطلع بوضع السياسة العامة الوطنية لحماية البيئة والرقابة عليها والقيام بالتنسيق مع الجهات المختصة لتنفيذ تلك السياسة بعد إقرارها من مجلس الوزراء وعلى كل جهة مختصة التقيد والالتزام بالتنفيذ للقرارات والتوصيات الصادرة من المجلس إلا أننا لا نجد له أثراٍ ملموساٍ ومطبقاٍ على أرض الواقع بالرغم من النصوص الجيدة في بعض مواده حيث نصت المادة “4” بان كل من أحدث ضرراٍ بالبيئة يتحمل مسئولية جميع التكاليف الناجمة عن إزالة الضرر فضلاٍ عن التعويض عنه وأيضا نصت المادة 36: أن جميع المشروعات والمنشآت التي تكون بطبيعتها مصدر تلوث بيئي أو يتحمل حصول اضرار بيئية من نشاطها لا يجوز الترخيص لها إلا بموجب بيان تقييم الأثر البيئي المشار إليه في هذا القانون وأيضا نصت المادة 76: أن على المفتشين التابعين لمختلف الجهات المختصة بالبيئة والذين يتمتعون بصفة الضبط القضائي وفقاٍ لحكم المادة السابقة القيام بضبط المخالفات والجرائم الماسة بالبيئة وتحرير محضر ضبط يدون فيه نوع المخالفة أو الجريمة ومرتكبها وتاريخ ضبطها ومكان وقوعها كما أن لهم الحق في التفتيش عن المنشآت إذا وجدت الدلائل بتوفر إحدى الحالات الآتية: – تداول غير قانوني للنفايات الخطرة – نشاط مضر بيئياٍ. – منشأة أو مشروع يتم تشغيلها دون الحصول على الترخيص البيئي. – تصريف مخالف للقانون. – اعتداء على الحياة البرية والبحرية والنباتات البرية أو المحميات الطبيعية. – عدم الحصول على الترخيص والوثائق أو السجلات التي تتعلق بتنفيذ أحكام هذا القانون وأيضا نصت المادة 79: كل من تسبب بفعله أو إهماله في إحداث ضرر للبيئة أو للغير نتيجة مخالفة الأحكام الواردة بهذا القانون أو اللوائح أو القرارات الصادرة تطبيقاٍ له أو للقوانين النافذة يعد مسؤولاٍ بمفرده أو بالتضامن مع غيره عن جميع التكاليف الناجمة عن معالجة أو إزالة هذه الأضرار وكذلك بالتعويضات التي قد تترتب على هذه الأضرار وتشمل عناصر التعويض عن الضرر البيئي ما يلي: ب – التعويض عن الأضرار التي تصيب الأموال والأشخاص ج- التعويض عن الأضرار التي تصيب البيئة ذاتها وتمنع من الاستخدام المشروع لها سواء كان ذلك بصفة مؤقتة أو دائمة أو تضر بقيتمها الجمالية وأيضا نصت المادة 58 مع عدم الاخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة واللوائح التنفيذية لأحكام هذا القانون والقوانين الأخرى فإن كل شخص طبيعي أو اعتباري قام أو تسبب بتصريف أي مادة ملوثة عمدا في المياه أو التربة أو الهواء في الجمهورية اليمنية فأحدث ضررا بالبيئة يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات مع الحكم بالتعويضات المادية المناسبة. وعليه فكما ذكرنا سابقا فإن وجود ضريبة بيئية سيكون حاسما وله دور مؤثر في الحد من الملوثات التي تواجهها البيئة. د. جهاد محمد السنباني أكاديمي ومحامي ضريبي وتجاري