"حقوق الإنسان" ترحب بقرار واشنطن فرص عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان من الحوثيين الإعلان رسميًا عن استضافة المغرب والبرتغال وإسبانيا لكأس العالم 2030 البنك المركزي يعلن بدء العمل الفعلي بنظام الحساب البنكي الدولي IBAN عدن.. إنعقاد ورشة العمل التأسيسية لمشروع تحسين فرص الحصول على الأدوية الفريق الداعري يلتقي السفيرة البريطانية لدى اليمن الرئيس العليمي يهنئ القيادة السعودية بفوز المملكة باستضافة مونديال 2034 الحكومة: السلام في اليمن لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلى عن خيار الحرب وزير الدفاع يبحث مع القائم بأعمال السفارة الصينية مستجدات الوضع في اليمن فرنسا تدعو الاحتلال الإسرائيلي إلى الانسحاب من الجولان واحترام سيادة سوريا المخلافي يشيد بالبرامج والتدخلات الإنسانية لمفوضية اللاجئين بتعز
ظلت عربية اللغة اليمنية القديمة موضع شك منذ أن قال أبو عمر بن العلاء البصري (70-154للهجرة) قولته الشهيرة “ما لغة حمير وأقاصي اليمن بلغتنا ولا عربيتهم كعربيتنا”. وعلى الرغم من أن الإمام عبد الله بن عباس اعتمد في تفسيره الشهير على كثير من المفردات اليمنية مشيرا إلى يمنيتها إلا أن قول ابن العلاء ظل هو السائد لمكانة الرجل من الدراسات اللغوية في عصره وباعتباره أحد القراء السبعة. وقد وافق ابن العلاء فيما ذهب إليه جمع كبير من علماء اللغة كان آخرهم الدكتور طه حسين في كتابه المثير للجدل “في الشعر الجاهلي”. وهذه المقولة مثلت مفارقة عجيبة إذ كيف يمكن القبول بعدم عربية هذه اللغة في الوقت الذي تجمع المراجع التاريخية على أن اليمن موطن العرب الأول وأن هجرة واسعة حدثت بعد تهدم سد مأرب من اليمن إلى أطراف الجزيرة العربية وشمال أفريقيا وغيرها. أسباب وحيثيات هذا التساؤل كان الباعث الأول للباحث توفيق السامعي لتأليف كتابه “اللغة اليمنية في القرآن الكريم” حيث أراد محاكمة قول ابن العلاء وآراء طه حسين إلى لغة القرآن الكريم بما يمثل من ثقة لغوية مطلقة من خلال إثبات أنه اشتمل على كم كبير من مفردات اللغة اليمنية التي رصدها السامعي في نقوش يمنية موثقة في كتب وأخرى استقاها من زيارات ميدانية ومن كتاب المعجم السبئي (صدر عام 1982 من تأليف محمود الغول وآخرون) إضافة إلى عدد كبير من كتب التفسير. في مبحث الكتاب الأول “اللغة اليمنية السامية وعلاقتها بالفصحى” أورد المؤلف الأسباب التي دفعت ابن العلاء إلى إطلاق مقولته ومنها: التعصب والصراع بين اليمنية والمضرية وفرضية أن اليمن فسدت لغتها بمخالطة الأحباش ومجاورة الهند وبأن أهلِها أهل مدر لا أهل وبر واللغة إنما تؤخذ عن أهل الوبر. ويفند المؤلف السببين الأخيرين بالقول إن هذه المقاييس ضيقت على أهل العلم سعة التعلم والبحث عن مبتغاهم اللغوي في المحيط وخالفوا بذلك سلفهم من بعض علماء التفسير من الصحابة والتابعين الذين كانوا يأخذون من اللغة اليمنية ما يفسر بعض ألفاظ القرآن الكريم كابن عباس وقتادة والضحاك وطاووس وغيرهم ممن لم يلتزموا بمقاييس الجيل اللاحق. مقارنات وفي المبحث الثاني “اللغة اليمنية واحتكاكها بالمحيط اللغوي” عقد المؤلف مقارنات لغوية بين اللغات السامية القديمة كالكنعانية والآرامية والنبطية والحبشية ثم أورد عددا من الألفاظ المشتركة بين اللغات السامية القديمة مدللا على أن معظم تلك الألفاظ أقرب إلى اللغة اليمنية منها إلى بقية اللغات. أما المبحث الثالث فقد خصصه للحديث عن الخصائص المشتركة بين العربية واللغة اليمنية حيث أورد إحدى وثلاثين خاصية متشابهة ومشتركة” كحالات الإعراب والتصريف والتثنية والجمع والتعريف والترخيم والتوكيد والشعر وموسيقاه والتعريف والتنكير… إلخ. ويعد المبحث الرابع “العلاقة بين لغة النقوش اليمنية والقرآن الكريم” أهم مباحث الكتاب لأنه يحمل الرد العملي لإسقاط المقولة السابقة. وقد وضع المؤلف فيه جدولا للألفاظ المتشابهة بين اللغة اليمنية والقرآن الكريم. وأورد في هذا المبحث قرابة تسعمائة جذر لغوي تكرر في القرآن الكريم ما يقارب 23 ألف مرة باشتقاقات مختلفة -أي ثلث ألفاظ القرآن الكريم تقريبا- ومن هذه الألفاظ: كْبارا وقرا نقبوا أنفال حبط يرتع زهد نسقيكم واجفة رادفة راجفة ركزا ضبحا إصري صر أذقان معاذير تل بسل صلى بعل صواع لهوا سامدون أرائك أسباط كرة صريم سرح رتق فتق تني طحاها دحاها زجين وغيرها. قضيتان لغويتان وفي المبحث الأخير “السبعة الأحرف والقرآن” يناقش المؤلف قضيتين لغويتين متعلقتين بالقرآن الكريم الأولى: قضية السبعة الأحرف التي نزل بها القرآن والتي وردت في بعض أحاديث الرسول. والثانية: مقولة أن القرآن الكريم نزل بلغة قريش حيث يرفض المؤلف ما هو سائد في القضية الأولى من أن المقصود بـ”السبعة الأحرف” هي لغات قبائل تميم وهذيل والحجاز وطيء وقيس ومضر وهوازن ويزيدون أحياناٍ فيقولون: قريش. ويؤكد أن المقصود بالسبعة الأحرف هي اللغات السامية القديمة وهي: العربية السامية الأم واليمنية الأم والآرامية والكنعانية والأكدية والسومرية والفينيقية وذلك تحقيقا لقوله تعالى “إنú هوِ إلا ذكرَ للعِالِمينِ”. وقول المؤلف هذا ليس جديدا فقد ذكر الإمام القرطبي في تفسيره الشهير أن العلماء اختلفوا في المراد بالسبعة أحرف على 35 قولا ثم أورد منها خمسة أقوال ذكر في بعضها لغة اليمن. ويرفض المؤلف مقولة إن القرآن نزل بلغة قريش رفضا قاطعا لأنها -بحسبه- تقزيم لعالمية الدين وعالمية القرآن. وفي نهاية الكتاب دعا المؤلف إلى إعادة النظر في التفسير اللفظي للقرآن الكريم على ضوء هذه النتائج وإلى اعتماد اللغة اليمنية في المعاجم العربية المختلفة وتوسيع نطاق البحث اللغوي في الجزيرة العربية كلها.