الرئيسية - محليات - العبث والخراب طال مدينة أم ليلى أقدم المدن الأثرية في صعدة
العبث والخراب طال مدينة أم ليلى أقدم المدن الأثرية في صعدة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

البحث عن الكنز المفقود في جبل أم ليلى حول الأماكن الأثرية إلى أطلال

تعد مدينة أم ليلى الأثرية الواقعة في منطقة يسنم مديرية باقم محافظة صعدة واحدة من أحصن وأقدم وأروع المدن الأثرية القديمة في محافظة صعدة تعكس بحق عظمة اليمنيين الأوائل وعظمة الحضارة اليمنية القديمة وتكشف معالمها ومبانيها وآثارها القديمة جوانب متعددة من حياة اليمن القديم حيث شيدت هذه المدينة الحصينة على قمة جبل شاهق منيف محدود المسالك والمداخل والمخارج لها باب واحد يتم الصعود منه إلى الداخل في قمة الجبل الرحب والواسع الذي تتناثر فيه مبانيه ومنشآته القديمة وحصنه الشامخ على حافة الجبل من مختلف الاتجاهات ويزيد من حصانة هذه المدينة الأثرية وجود سور حجري منيع يحيط بالمدينة دائريا وفي كل جهة من جهاتها نوبة أو أكثر للحراسة وتوجد سبعة سدود متجاورة متفاوتة الشكل والحجم في الجهتين الشمالية والجنوبية تتدرج نحو الوسط في مكان مرتفع ينساب جنوبا وشمالا وفي موقع مرتفع في الشرق توجد قرية قديمة تضم قرابة ثلاثين منزلا أضحت أطلالا خربة تقادم عليها العهد وفي وسطها آثار مسجدُ كبير مكتوب على بابه (لا اله إلا الله- محمد رسول الله) بخط قديم يدلل على أن القرية سكنت في عهود إسلامية مختلفة وبداخل المسجد فن معماري بديع يذهل البصر ويشد الأذهان ويوجد بقرب المسجد سد من السدود وحمامات سباحة رائعة أما في أقصى الشرق من الجبل فامتداد السدود الثلاثة الشمالية التي يخرج الواحد منها للآخر وتصل أعماقها إلى 15 مترا واتساع 50 مترا وقد أمكن الأوائل الذين سكنوا في هذه المدينة القديمة من الاستفادة من خصائص ومقومات القمة الجبلية الشاهقة فتم تخصيص المناطق المنخفضة فيها لبناء السدود حيث توجد هذه السدود في الجهات المنخفضة المائلة الانحدار التي تكفل انسياب مياه الأمطار إليها كليا وفي أحد السدود الجنوبية صخور متلاصقة تغطي جزءاٍ منه ويوجد بها آثار بئر منحوت في الصخر يتصل مجراه بالسد والذي يدلل على انه كان يستخدم كخزان للمياه عند الضرورة وعند اشتداد الجفاف على قمة الجبل أما في المناطق المتوسطة الارتفاع فيوجد بها آثار عدد من المباني الحجرية المشيدة بحجر الجرش الأبيض وهي المادة الرئيسية للبناء في هذه القمة الحصينة حيث يوجد مبنى واسعاٍ ضخماٍ تهاوت طوابقه ولم يتبق شامخا سوى الطابق الأسفل منه ويعتقد انه كان مقراٍ للوالي أو الحاكم في المنطقة كلها حيث كان الحميريون يحرصون كل الحرص على بناء مقرات الولاة والحكام في المواقع العالية المنيفة التي تشرف على ما حولها من المناطق كما توجد آثار معبد قديم وقد تعرض للاندثار وعلى مقربة منه آثار مازالت باقية لمسجد قديم جداٍ يدلل على ذلك فنون العمارة التي شيد بها والتي تعود إلى القرنين الثاني والثالث الهجري ومما لاشك فيه أن هذه المدينة الحصينة قد سكنت في العهدين الحميري والإسلامي بدليل وجود أماكن العبادات من معابد ومساجد تحكي الانتقال الديني لليمنيين في القرون الخالية. نقش بالمسند أما في الجهة الغربية للمدينة الأثرية فهناك آثار مهيبة لحصن قديم بني بحجر الجرش الأبيض على حافة الجبل من الغرب يمتد من الشمال إلى الجنوب وواجهته إلى الغرب ويتكون من ثلاثة طوابق تهدمت العالية منها إلى الداخل فيما ظلت أركانها قائمة وهو حصن مهاب يطلق اسمه على المدينة وشيدت المدينة تحصيناٍ له ولتوفير متطلبات الحياة فيه وله باب في الجهة الشرقية من الوسط يرتبط بطريق مرصوفة بالأحجار إلى وسط الموقع ويستند مبنى الحصن في الجانب الشمالي على نتوء جبلي بارز تشكله صخرة ضخمة شديدة الصلادة يجدها المرء ملفتة عند خروجه من الحصن وفي واجهتها الأمامية يوجد نقش قديم يعد من أروع النصوص والنقوش الحميرية المكتوبة بخط المسند حيث يحتل النقش الحميري مساحة كبيرة بطول يصل إلى أكثر من 3.5 متر وعرض يصل 2 متر في الواجهة الحجرية الملساء من الحجر الصلد ويحكي النص الحميري بخط المسند في قمة أم ليلى دعوة الوالي الحميري الصانع بن حبيش للقبائل المجاورة لحصن أم ليلى لبناء سدين للمياه”كريفين” هما يلم وهران وقد وجه الوالي دعوته لقبائل الأحنوب ويشيمتان ومن جاورهما والنص يعد في غاية الروعة والدقة ويعكس المرحلة الأخيرة لتطور خط المسند إلى أرقى صوره وقد ترجم هذا النص عدد من المؤرخين منهم المؤرخ اليمني الكبير زيد بن علي عنان رحمه الله والمؤرخ الكبير القاضي العلامة حسين عيظة الشعبي رحمه الله وآخرون وينتهي طريق الحصن في وسط الموقع الأثري الضخم حيث تتناثر على مقربة منه قرابة 27 مدفناٍ حجرياٍ نحتت في باطن الجبل بصورة متفرقة موحدة في حجم الفوهات وتنساب في عمق الصخر على شكل الكمثرى بارتفاع يزيد عن 4 أمتار لكل مدفن وله أغطية محكمة الإغلاق منمقة ويعتقد أن هذه المدافن كانت تستخدم لحفظ المحاصيل الزراعية من قمح وذرة وشعير وغير ذلك وترتبط المدينة بنفق من أعلى الجبل إلى أسفل عند قاعدة الجبل العالي المنيف. تدمير وعبث بالموقع وعلى امتداد الموقع في قمة الجبل ثمة أسهم متقطعة منحوتة في الصخر بدقة وإحكام واضحة الملامح وملفتة تشير بوضوح إلى سر غامض لهذه المدينة الحصينة في قمة الجبل حيث تجد هذه الأسهم في عدة مواضع وهي في مجملها تشير لسر واحد لا ثاني له وقد حاول الكثير من الناس محاولة الاهتداء للموضع الذي تهدف له هذه الأسهم دون جدوى وثمة أجانب زاروا المكان وحاولوا حل اللغز وخلال سنوات مضت بدأت مرحلة البحث في المدينة عن الكنز المدفون ولا يعرف أحد بنتائج البحث المضنية عن الكنز في جبل أم ليلى حتى الآن لكن عملية البحوث هذه طالت المواقع الأثرية المختلفة بما فيها حصن أم ليلى ذاته الذي كان حتى 1993م شامخا سليما فطاله العبث والخراب وهدمت السقوف ونقلت الأخشاب لسقوفه من قبل السكان المجاورين في المنطقة إلى قراهم ليحول هذه الأماكن الأثرية والمباني الشامخة إلى أطلال وجاءت الأحداث والحرب في صعدة لتكمل ما بدأه الأولين من خراب وهدم لمنشآت ومباني هذه المدينة الأثرية الحصينة التي تؤكد المصادر التاريخية المختلفة أن هذا الجبل اعتصمت فيه قبائل خولان عامر في شمال اليمن عند غزو وأبرهة “الأشرم” مكة في محاولته الشهيرة لهدم الكعبة قبل الإسلام وقد سكنت مدينة أم ليلى في عصور الإسلام المختلفة وهو أحصن حصون صعدة وأكثرها ذيوعا وصيتا وفيه تحصن عدد من الأئمة خلال مراحل الصراع في عهد الدويلات المستقلة منذ مطلع القرن الثالث الهجري فأعطى للمدينة بعض الصبغة الإسلامية من خلال العمران والمباني التي شيدت في تلك الفترة.