وفد اليمن في مؤتمر المناخ يبحث مع نائب وزير الصحة الاذربيجاني تعزيز أوجه التعاون المستشار العسكري للمبعوث الأممي يطلع على نشاط مشروع مسام بمأرب اللواء ثوابة: المليشيات الحوثية تهدم أي مبادرات لإنهاء الحرب وإحلال السلام قوات الجيش تفشل هجوم لميليشيا الحوثي على قطاع الكدحة غرب تعز الأغذية العالمي: نحتاج الى 16.9 مليار دولار لمعالجة أزمة الجوع العالمية "موديز" ترفع تصنيف السعودية الائتماني عند "aa3" مع نظرة مستقبلية مستقرة رئيس الامارات يبحث مع الرئيس الاندونيسي العلاقات بين البلدين وشراكتهما الاقتصادية فريق طبي يؤكد استقرار حالة جدري الماء في ميناء نشطون بالمهرة مأرب تحتفي باليوم العالمي للطفولة ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 44,176 شهيدا و104,473 مصابا
من النصوص الإبداعية ما يجعلك تقف متأملا لبنائها فنيا ومنها ما يدهشك جوهرها ومضمونها, ولذلك تجد تلك النصوص الفارقة تدفعك لتقديم التحية لمولدها . وبين يدينا اليوم مجموعة من النصوص السردية القصيرة جدا , للقاصة المتجددة حفصة مجلي التي عرفناها سابقا في عدة نصوص قصصية قصيرة. أدهشني النص الأول من مجموعتها(رائعة الصباح), ليصطحبني ذلك النص إلى بقية النصوص, وكان دليلي بحق وأنا أكتشف التشابه والتضاد بين بقية نصوص المجموعة التي تنتمي إلى (ق ق ج) استعرضت تلك النصوص باحثا عن جوانب التميز وما يمكن أن أسميه بالتقليد وتكرار أساليب من سبقونا من الكتاب .. لأكتشف بأني أمام نصوص كْتبت بوعي تجاه هذا الفن الذي لا يزال بين يدي المنظرين يبحثون له عن آفاق وتصنيفات تؤدي به إلى تجنيسه بعد فك الارتباط بينه وبين القصة القصيرة, كما كانت في الرواية والقصة القصيرة في تشابك حتى صادق الجميع على تجنيس كل منهما وأضحت كل لها شخصيتها وخصائصها. وفي تصوري أن هذا الفن الوليد هو نتاج طبيعي للقصة القصيرة, لكنه فن قائم بحد ذاته وان ظل يستمد عناصره من عدة أجناس أدبية وأبرزها القص أو السرد إضافة إلى تلك التماسات الرشيقة بلغة الشعر وصوره وذلك التكثيف الشديد هو أبرز ما يميزها أيضا, وأضيف أن هذا الفن يقترب في مفارقاته بفن النكتة, وكذلك يأخذ من الحكمة عمقها وفلسفتها, فتراك تقف أمام بعض تلك النصوص متأملا في مدلول معانيها وأغوار غاياتها.. وكذلك تأخذ من فن السينما لقطتها فترى الفنان يقدم لك لقطة سردية غاية في الإتقان والنص الجيد هو ما يقترب من تلك الفنون ليتماس بها ولا يتوغل أو يغرق في إحداها… وما ما لفت انتباهي في تلك النصوص إلى أن معظم عناوينها قد مثلت مفاتيح هامة لتلك النصوص.. وبدونها يصعب على القارئ فهمها ,ولو افترضنا إزالة أو تغيير تلك العناوين لأضحت نصوصا مبتورة وقد تكون دون معنى. إذا نحن أمام نصوص محكمة البناء , وأمام تجربة جديدة , فبدلا من أن يعبر العنوان عن النص ويأتي من روحه, تجاوزت الكاتبة ذلك في بعض نصوصها إلى أن يصبح العنوان هو أساس النص والجزء المكمل له, ولم يعد ذلك النص العتبة الذي يقودنا إلى النص ,كما كان أمرا عرفناه وألفناه, لتقدمه الكاتبة كأهم عناصر النص وجزء أساسي يقودنا إلى معرفة ما ترمي إليه الكاتبة من معنى أو رسالة النص, أو أن العنوان هو العمود الفقري للنص وبتغييره يختل قوام ومعنى وبنية النص. وهذا ما دفعني للكتابة عن هذه المجموعة , إضافة إلى أمر آخر في نصوص هذه المجموعة , أن الكاتبة قد قدمت جل تلك النصوص في سرد لا يسير بشكل أفقي بل أننا نكتشف أننا حين ننتهي من النص نجد أننا قد التحمنا ببدايتها, لتعود وقد تحول النص إلى شكل مغلق بالمعنى الشكلي الفني, نصوص على شكل دوائر سردية , وهذا الأمر بديهي في النصوص الطويلة , وقد لاحظت ذلك لدى قلة من كتاب ال ق ق ج في المغرب وقلة من الشوام يرسمون دوائر حكائية رغم قصر تلك النصوص. الكاتبة تكتب عن وعي ومعرفة على العكس من الكثيرين الذين لا يفرقون بين النص الوجداني وال ق ق ج.. ويعتقدون بمجرد تقديمهم نص بمفارقته قد وصلوا لغايتهم, وأنا هنا أقتصر في كلماتي حول خاصيتي العنوان والسرد الدائري “البناء الفني لتلك النصوص” في هذه المجموعة كتحية لكاتبة مقلة في نتاجها الإبداعي ,مجيدة في تجددها الإبداعي . وأبدأ بالخاصية الأولى ,العناوين التي تزيد عن الخمسة عشر عنوانا والتي مثلت المفتاح وجزء حاسم من تلك النصوص,العنوان الأول (مدرب) يقدم لنا هذا النص ذلك الشاب الذي يسحر الفتيات بأسلوب حديثه وهو المدرب المتدرب على عرض أفكاره, لتقع أحداهن في سحر خطابه وتكون العلاقة, وهكذا في كل دورة يكون لها ضحية لمدرب مقتدر. وهنا يبرز لنا عنوان النص كمفتاح أساسي للنص بدونه يفقد النص الكثير من معناه ,إذا العنوان هنا جزء هام من النص وليس مجرد عتبة , بدونه لا يصل القارئ إلى جوهر النص. عنوان آخر (التزام) ونصه ” أصبح إناء النبتة القابع مكتب الموظف مليء بأعقاب السجائر.. وظلت اللوحة الشاخصة على الجدار..ممنوع التدخين” العنوان التزام يقدم النص كجزء أساسي مختزلا الأزمة بكلمة (التزام) الذي بدونه سيقف القارئ بعيدا عن مغزى النص الذي يدين ذلك الموظف الذي يعيش في تناقض بين اللوحة وحوض النبتة ,وقد ينسحب الأمر على الجانب الإداري ليصل بتناقضه إلى تشخيص ذلك الوضع في وطننا ومجتمعنا من خلال ما يفضحه هذا النص, بل وينسحب على تعاملاتنا الدينية وعلاقاتنا الاجتماعية . عنوان ثالث (مناصب), يحاول أحدهم أن يلبس طاقم ملابسه القديمة بعد أن تم ترقيته إلى منصب جديد,ليكتشف بأن البدلة لم تعد على مقاسه بعد أن كان يلبسها منذ تعيينه في منصبه القديم. العنوان (مناصب) تكثيف لنص فني غير متوقع.. وذلك العنوان الفارق وأسلوب الكاتبة في أن يكون العنوان المحور والأساس. فن العنوان الذي قدمته لنا الكاتبة في هذه المجموعة يحسب لها بل ويجعل من ذلك بصمة خاصة قد يقلدها البعض في أن يحاول أن يجعله الأساس لنصوصه والذي بدونه لا يمكن أن يكون النص إلا نصا مغلقا لا يفهم مغزاه إلا بتلك الكلمة العنوان. العناوين عديدة في هذه المجموعة التي قدمتها لنا الكاتبة كجزء أساسي لإضاءة النص , وأذكر من تلك العناوين : ا.د, قضية دولة, فندق, سكرتيرة, زوجة جديدة, زريبة,ملكية عامة, ذات العاشرة. في زوجة جديدة يقرر الزوج اصطحاب زوجته لجولة في السوق وحينها ينهرها بألا تسير بقربة وعليها أن تسير بعيدا خلفه, وبالطبع خوفا من أن يتعرف أحد بأن له زوجة جديدة.. وكما نرى بأننا لا نعرف بأنها الزوجة الجديدة إلا إذا عدنا إلى العنوان.. وبدونه يتوه القارئ. لن أطيل حتى لا يفقد القارئ متعة الاكتشاف خاصة القارئ المتذوق ففي أسلوب الكاتبة الكثير من الفنون والخبايا الموضوعية. الأمر الأخر ذلك الأسلوب الذي انتهجته الكاتبة في إنهاء النص كما ذكرنا سابقا في تلك النصوص السردية الدائرية, حيث يجد القارئ نفسه عند نهاية كل نص أنه يعود من حيث بدأ النص. نرصد ذلك في عدد كبير من نصوص المجموعة: فمثلا نص بعنوان (كلفوت) حيث تبدأ الكاتبة النص بحالة أفراد الأسرة لحظات انقطاع التيار الكهربائي في المنزل .. وبالطبع الأمر غامض أمام القارئ الذي لا يعرف سبب تجمد الوالدة في المطبخ وغضب ابنتها الشابة أمام شاشة الكمبيوتر ,وتذمر الصغير أمام جهاز التلفزيون إلى إذا وصلنا إلى نهاية النص حين يْسمع صراخ الصغيرة خوفا من الظلام. هنا يعود ذهن القارئ إلى تلك الأحداث: تجمد .. غضب.. تذمر حتى صراخ الصغيرة ولحظتها تكتمل الدائرة ليلتحم نهاية النص ببدايته. نص ثان بعنوان (صيد) تعالج الكاتبة تلك الكائنات البشرية التي تلهث دوما خلف الربح السريع ولو على حساب كرامتها, أن يبحث الفرد ولو على حساب جسده وأخلاقه عمن يتحول إلى طريدة, لكن يفاجأ بأن الساحة مليئة بأمثاله, ودوما يجد له منافسين من بني البشر وقد صادوا ما هم باصطياده. تسير الكاتبة في حكيها للنص حتى نهايته دافعة بالقارئ إلى العودة إلى العنوان بداية النص الذي يسلط الضوء على فحوى الغاية وهدف الكاتبة, راسمة بذلك دائرة بدأتها بحكي الحالة لتسير بكلماتها بشكل منحنى يقود القارئ العودة على بداية النص. نص ثالث (أبا أمجد) تقدم لنا الكاتبة تلك الثقافة التي تعشعش في عقولنا أيا كانت ثقافاتنا وما ندعيه في النظرة الدونية للأنثى حين ظل ينتظر البشارة لحظات ولادة زوجته: بجودي.. ثم ماجدة ف مجيدة .. وهكذا تتولى الولادات وهو ينتظر من يبارك له بأنه رزق بمولود . شخصية النص يحمل شهادات علمية عليا, ومع ذلك لا فرق في تفكيره عن العوام الذي يرى أن الولد هو الذكر وليس البنت , في نهاية النص تعود بنا الكاتبة إلى البداية. وهكذا نجد الكاتبة وقد رسمت جل نصوص مجموعتها بشكل سردي دائري, ومن تلك النصوص: زهرة, خبر عاجل, أصصصص, فنانة, فوارق, رومانسية شرقية, غربة,ملكية أفكار,بلقيس, برد, أصدقاء, أنفة, مدارات,مغامرة, كيمياء, عادلة, غرام, فاجعة,إمعة,قصر نظر, رغبة. كيمياء, ذلك النص الذي يريد متخصص بالكيمياء أن يطبقه بعض المعادلات على زوجة المستقبل ولأنه في مجتمع عربي ولا يستطيع الحديث إلى الفتيات مباشرة قدم لأمه شرح لمعادلته كي تختار له فتاة. الكاتبة لم متميز في الخاصتين التي ذكرناهما سابقا العنوان والسير في السرد دائريا.,فحسب بل أنها قدمت عدة جوانب فنية وموضوعية بتلك النصوص, كعادتها غاصت فيما حولها من أفراد وشرائح المجتمع.. فهاهي الأسرة حاضرة في نصوصها وأولئك المتعلمين الذين يحملون الشهادات العليا ولا تزال عقولهم تعمل وفق عادات وتقاليد مجتمعية يعيشها بعض العوام. مركزة على القضايا الاجتماعية خاصة فيما يتعلق بالخيانات الزوجية وكذلك الجمع بأكثر من زوجة, وكذلك ظاهرة الفساد التي تنخر مجتمعنا ونظامنا الإداري. هي تحية لكاتبة تسير بالتزامها الموضوعي في نصوصها وتجددها الفني من مجموعة إلى أخرى مقدمة النموذج الأمثل للمبدعة اليمنية النشطة.