الرئيسية - عربي ودولي - ثـورات الربيع.. البحث عن الشرعية الدستوريـة
ثـورات الربيع.. البحث عن الشرعية الدستوريـة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

منذ أيام استكمل الليبيون الخطوات الإجرائية لانتخاب مجلس يعنى بصياغة الدستور وذلك بعد مرور أكثر من خمسة عقود على حكم الفرد فضلا عن غياب منظومة العمل الديمقراطي التعددي. وفي إطار ثورات الربيع العربي فإن مصر قد أنجزت – هي الأخرى – الاستفتاء على الدستور الجديد وذلك بعد مرور قرابة عام على الإطاحة بحكم ((الإخوان)) الذي جاء إثر ثورة التغيير التي شهدتها مصر قبل ثلاثة سنوات وأطاحت بنظام مبارك الذي جثم على أرض الكنانة نحو ثلاثة عقود. كذلك الحال في تونس التي حققت ايضا هذا الاستحقاق الدستوري خاصة بعد توافق أطراف العملية السياسية على ملامح هذا الدستور الذي وضع خارطة طريق تقود الأطراف المعنية إلى إستكمال ثورة التغيير التي أطاحت هي الأخرى بنظام الانغلاق الذي أدار به الرئيس المعزول “بن علي” تونس لحقبة طويلة من الزمن. وبنفس الوتيرة تجري الترتيبات في الوطن اليمني لإعلان الخطوات الإجرائية المرتبطة بصياغة الدستور الجـديد وفقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومن ثم إنزاله للاستفتاء عليه خلال العام الجاري . إن القاسم المشترك بين دول ثورات الربيع العربي التي تعمل جاهدة لوضع منظومة تشريعية جديدة وذلك في إطار رياح التغيير التي هبت على ليبيا وتونس ومصر واليمن .. يكاد القاسم المشترك الذي يطبع سمات الفترة الانتقالية للدول الأربع يتمحور في سعي كل واحدة منها لترجمة متطلبات حركة التغيير.. الداعية – في أساسها – إعادة تشكيل منظومة الحكم التي تستجيب لأرقى معايير الأنظمة الديمقراطية والتعددية في العالم. ربما كانت الخطوة الأولى في هذه السياقات اتفاق النخب السياسية والمكونات الحزبية والمجتمعية في هذه الثورات على أنه لا سبيل إلى تحقيق تلك التطلعات ما لم يتم وضع منظومة تشريعية بديلة للراهن بحيث تستجيب لتطلعات التغيير. وبالطبع فإن هذه الدساتير التي تسعى تلك الدول إلى وضعها هي أساس ومنطلقات تسوية أرضية إعادة بناء الدولة والمجتمع وتكون في قوى التغيير شريكا أساسا في اتخاذ القرار وفي الاستفادة – كذلك – من الثروات التي ظلت مهدورة لردح من الزمن. ومن المؤسف القول بأن التجربة السياسية العربية أخفقت خلال العقـود الستة الماضية في بلورة رؤية استراتيجية تستلهم متطلبات الواقع العربي وتلبي احتياجاته المتزايدة والمتماشية مع مستجدات العصر. ولا شك بأن ما يشهده الراهن العربي هو بمثابة تعبير أمين عن إخفاق النظام العربي طيلة تلك العقـود في الاستجابة لمعطيات التحولات السياسية والاجتماعية خاصة وهو يشيح بوجهه عـن تأثيرات ثورة العلم والتكنولوجيا ورياح التغيير الديمقراطي التي هبت –حتى- على أكثر الدول تخلفا في العالم. إن التفاعلات الحادة في مجرى ثورات الربيع العربي .. هي نتاج الفراغ الديمقراطي وغياب المشروع الحضاري الذي يسير وتيرة الحياة في هذه الأقطار بل ان هذا الصراع القائم بين فصائل الثورة نفسها أو فيما بينها وبين قوى الاستبداد والتسلط .. هو الآخر أحد أوجه الكلفة التي تدفعها قوى المجتمع ضمانا للتغلب على تبعات الماضي فضلا عن غياب العمل المؤسسي .. والمطلوب في كل الأحوال ألا تطول هذه الاحتقانات والصدامات وبأن تعمل النخب السياسية والمكونات المجتمعية على سرعة التوافق لإدارة وتحديد الفترات الانتقالية ترسيخا لشرعية النظام الجديد والاقتناع بإفرازات مخرجات ثورات الربيع وعلى النحو الذي يؤكد أن مسار التغيير لم يكن حاله ترفيها وإنما هو استجابة موضوعية للحاجة في التغيير إلى الأفضل. انتهى..