الرئيسية - عربي ودولي - لبنان.. حكومة سلام تحظى بتوافق داخلي وخارجي نادر
لبنان.. حكومة سلام تحظى بتوافق داخلي وخارجي نادر
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

اتفق الفرقاء السياسيون اللبنانيون بعد مرور أكثر من عشرة أشهر من تكليف تمام سلام على تركيبة حكومة “المصلحة الوطنية” التي ستقوم على إدارة شؤون البلاد إلى حين انتخاب الرئيس المقبل في غضون ثلاثة أشهر. ورغم أن هذه الحكومة قد جنبت لبنان مرحليا متاهات خطيرة كان يمكن الوقوع فيها لو جرى تأليف حكومة أمر واقع فإنها ـ من الآن وإلى أن ينتخب رئيس جديد للبنان ـ لن تستطيع اتخاذ قرارات مصيرية لمواجهة حجم التحديات التي تنتظرها بسبب تركيبتها التي جاءت لكي تمنع اتخاذ مثل هذه القرارات بعد أن وقع الاختيار على التشكيل الحكومي وفقا لمعادلة “الثلاث ثمانيات” (8-8-8) التي لا تعطي أي فريق إمكانية الفيتو أو “الثلث المعطل”. ورغم أن الحكومة اللبنانية الجديدة ينتظر منها ـ برأي عدد من الساسة اللبنانيين – أن تعيد التوازن إلى الحياة السياسية في البلاد إضافة إلى كونها ستسهم في تخفيف الاحتقان السني – الشيعي الذي تفاقم على وقع الصراع في سوريا فإن رأيا مقابلا يؤكد أن الحكومة التي يصفها بأنها “تعكس الواقع اللبناني في حالة الانسداد” ليس في قدرتها في أفضل الحالات إلا أن تقوم بترحيل التناقضات السياسية الحادة في لبنان إلى مرحلة مقبلة لن تطول كثيرا قبل أن يتفجر النزاع من جديد خاصة عندما يكون من العوامل التي سهلت الاتفاق على تشكيلها ماهو خارج عن المصلحة اللبنانية إلى مصالح بعض القوى الدولية وخاصة الإقليمية مثل إيران والسعودية ومابينهما الولايات المتحدة الأميركية. ويشير تقرير صدر حديثا عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” ومقره في العاصمة القطرية الدوحة إلى حالة نادرة من التوافق اللبناني الداخلي والإقليمي على هذه الحكومة رغم احتدام الصراع الطائفي والذي ظل يعتبر أحد أهم المعرقلات لتشكيل أية حكومة لبنانية. ويعتبر التقرير أن استفحال الخطر الإرهابي شكل العامل الرئيسي لـ”تقريب” الموقف السعودي من نظيره الإيراني في القبول على وجه السرعة بالتشكيلة الحكومية التي أعلنها تمام سلام في منتصف فبراير 2014م. وارتبط تشكيل الحكومة اللبنانية بالوضعين الإقليمي والدولي بقدر ارتباطه بوضع الفرقاء اللبنانيين وحساباتهم المحلية. وبالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا المهتمتان بتحقيق استقرار داخلي في لبنان فإن تشكيل الحكومة الجديدة يعتبر ركنا اساسيا في هذا الاستقرار على أساس أن وجود الحكومة سوف يسهم في تحسين المناخات التوافقية الضرورية لانتخاب رئيس جديد للبلاد قبل نهاية ولاية الرئيس ميشيل سليمان في 25 مايو 2014م يضاف إلى ذلك أن “المساعدات الأمنية التي وعد لبنان بتلقيها من الخارج فضلا عن المساعدات الإنسانية للاجئين يتطلب الوفاء بها وجود حكومة فاعلة”. كما أن الاتفاق الدولي على حصر الأزمة في سوريا ومنع امتدادها إلى الدول المجاورة يتطلب ضبط الوضع في لبنان ومنعه من الانزلاق إلى حرب داخلية. وخلال الأسابيع الماضية حرصت واشنطن (ودول غربية أخرى) على إشراك حزب الله في الحكومة وعلى دعمها الرئيسين سليمان وسلام في مساعيهما للـ”نأي بالنفس” عن الأزمة السورية و”تحييد لبنان عن تداعيات الصراع في المنطقة”. وانتظر الفرقاء اللبنانيون بمن فيهم حزب الله مآلات تطورات الوضع السوري ونتائج مؤتمر “جنيف2” بين النظام والمعارضة السوريين سواء لجهة حصول تطور ميداني كبير أو اتفاق سياسي تظهر آثاره بالضرورة على لبنان. ولما لم يحدث جديد على هذين المستويين حزموا أمورهم على ضرورة تشكيل حكومة تملأ الفراغ وتحد من تعرض لبنان لرياح التأثير السورية. كما يبدو أن ضغطا إيرانيا على حزب الله للقبول بتشكيل حكومة ترافق مع تزايد الضغط الشعبي بسبب تضرر مصالح المواطنين في الضاحية الجنوبية لبيروت (التفجيرات وحالة الخوف) والإجراءات العقابية التي اتخذتها دول الخليج العربية بحق حزب الله والمتعاطفين معه بسبب مشاركته في القتال في سوريا. من جهة ثانية يريد حزب الله أن يكون جزءا من القرار المتعلق بالاستحقاق الرئاسي المقبل وفي التفاوض مع الغرب أيضا. وهذا لن يتحقق إلا من خلال حكومة شرعية مهما كان شكلها ومضمونها. بيد أن المكسب الأهم الذي حققه الحزب وجاراه فيه تيار المستقبل (لحسابات متعلقة بالموقفين السعودي والأميركي) هو أن الحكومة الجديدة ستؤمن الغطاء السياسي للأجهزة الأمنية لتقوم بدورها في “مكافحة الإرهاب”.