تعاني مدينة ملكال النفطية عاصمة ولاية أعالي النيل في دولة جنوب السودان مأساة إنسانية صعبة إثر الحرب الدائرة بين طرفي النزاع المتصارعة على كعكة السلطة وهما القوات الحكومية والمليشيات المسلحة التابعة لرياك مشار والتي خلفت آلاف القتلى, وأكثر من ثمانمائة ألف مهجر. يبدو أن هذه المدينة على عهد دائم مع الدم والدموع يشهد بذلك واقع الحال في المدينة المدمرة بالكامل على أيدي رفاق الأمس فرقاء اليوم.. فالنازحون أو الهاربون من الموت حسب تلك المشاهد الدراماتيكية لم يجدو ملاذا آمنا يحميهم من ويلات الحرب غير جدار مستشفى ملكال التعليمي المتهالك ولا يختلف الحال بالداخل عما عليه بالخارج حيث يجد الزائر أوان منزلية ومفروشات مبعثرة محاطة بجيوش من الذباب وأسرا أرهقها ثالوث الجوع والخوف والمرض.. والفزع والرعب البادي على وجه أطفال أشكت براءتهم ونساء يتحركن من دون هدف بين جنبات السور بينما رهط ثالث منهن يطهون الطعام على مواقد ‘بلدية “و روائح الجثث الملقاة تفوح في أرجاء المدينة بعد أن تحللت جراء مذابح أسر بأكملها ودون استثناء داخل احياء المدينة التي تحولات إلى مدينة اشباح . إنه وضع غاية في البؤس وتكالبت عليهم كل أنواع المحنفليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها ملكال للقصف والنزوح لكن كل ما حدث سابقا شيء وما حدث هذه المرة شيء آخر. أما الوضع داخل مستشفى ملكال فينذر بكارثة صحية وإنسانية قريبة لا سيما وأن عدد النازحين في تزايد في ظل غياب أي دور للحكومة بحسب ربيكا.. ووسط الإحباط العام الذي يخيم على مستشفى ملكال ‘تلوح في الأفق بوادر أمل في غد مختلف’ بحسب المنسقة العامة لمبادرة ‘شباب من أجل بلاد”ي الدكتورة استيللا قايتانو” التي أوضحت بأن الأيام الماضية شهدت تدشين المبادرة بمشاركة عدد من الفنانين المشهورين في جنوب السودان.. ودولة جنوب السودان الوليدة كانت قد شهدت مواجهات دموية في عدد من مدنها منتصف شهر ديسمبر الماضي بين القوات الرسمية للدولة وأخرى مناوئة لها تابعة لـرياك مشار النائب السابق لرئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت الذي اتهم مشار بتدبير محاولة انقلاب عسكري ضده وتقول قايتانو إن فكرة المبادرة ‘نبعت من استشعارنا لحقيقة أن البلاد ليست بخير ولعل دوي القنابل والرصاص خير مترجم لذلك فكان لا بد من أن يكون لنا دور إزاء ما تتعرض له دولتنا الوليدة.. وكانت تقارير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ذكرت أن عدد النازحين في دولة جنوب السودان منذ اندلاع العنف في البلاد بلغ حوالي مائتي ألف شخص فر نحو 57 ألفا منهم للاحتماء بقواعد تابعة للأمم المتحدة في المناطق التي تضررت من أحداث العنف. وذكرت قايتانو أن المبادرة تجمع حاليا مواد غذائية وثيابا لكافة الأعمار بعد أن سبق أن جمعت إعانات عينية سلمتها للصليب الأحمر بجنوب السودان لتوصيلها للمنكوبين في المناطق المأزومة لكنها تشكو ضعف الإمكانيات وترى أن ذلك يعيق إيصال الإعانات مشيرة أيضا إلى صعوبة الحركة في المناطق المنكوبة.. ونظرا للماساه التي تعانيها مدينة ملكال فقد أكدت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان أنها جمعت شهادات عن عمليات قتل مدنيين بينهم أطفال بأيدي مسلحين تابعين لـرياك مشار النائب السابق لرئيس البلاد في ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل النفطية شمال شرقي البلاد.. وأوضحت الأمم المتحدة -في بيان لها إن ‘أفرادا في قوات المعارضة استهدفوا وقتلوا عشرة مدنيين عزل في مستشفى ملكال و أن ‘عمليات القتل’التي ارتكبها شبان مسلحون متحالفون مع قوات المعارضة وقعت على أساس الانتماء العرقي.. وسلمت البعثة تقريرا تمهيديا إلى مجلس الأمن الدولي عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها طرفا النزاع في جنوب السودان بين 15 ديسمبر/ ونهاية يناير/ الماضيين. ويتوقع أن ينشر التقرير النهائي في أبريل المقبل والذي.يتحدث عن عمليات قتل وخطف واغتصاب جماعي وتعذيب ترتكبها قوات الجانبين.