الرئيسية - عربي ودولي - الصراع الدولي في أوكرانيا
الصراع الدولي في أوكرانيا
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

ترجع بالتأكيد جذور الأزمة الأوكرانية التي اندلعت أواخر شهر نوفمبر الماضي من العام المنصرم عندما انسحب الرئيس يونوكوفيتش من توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي وتفاقمت تلك الأزمة فيما بعد بإيقاع متسارع وما نتج عنها من أحداث دامية أدت في نهاية المطاف إلى إسقاط الرئيس الأوكراني لتدخل البلاد أسوأ أزمة سياسية شهدها القرن الحادي والعشرون التي تسارعت وتيرتها بشكل ملحوظ وباتت أوكرانيا بالظرف الراهن حقلا للمساومة بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا من جهة وروسيا الاتحادية من جهة أخرى. وبرزت رؤى مغايرة إزاء المشهد السياسي الأوكراني بين قوتين رئيسيتين إحداهما تتعامل مع ما يجري هناك بسياسة لغة الأمر الواقع والأخرى بلغة الدبلوماسية وسط احتدام الخلاف الجاري حول مستقبل ذلك البلد بين واشنطن وموسكو حيث اعتبرت روسيا ما حدث في أوكرانيا لا يعدو عن كونه انقلابا على الشرعية والاستيلاء على السلطة عن طريق السلاح في حين سارعت إدارة البيت الأبيض إلى التحذير من أي تدخل عسكري روسي داخل الأراضي الأوكرانية.. يأتي ذلك في ظل تزايد المخاوف على وحدة أوكرانيا التي باتت مقسمة إلى شرقية وغربية جراء أطماع القوى الدولية بالنظر لما تشكله من أهمية استراتيجية بحكم موقعها الجغرافي التي تعتبره روسيا امتدادا طبيعيا لمصالحها الحيوية والمنفذ الوحيد لموسكو نحو البحر الأبيض المتوسط. لذلك تأتي التهديدات الروسية للغرب وسط متغيرات شديدة يشهدها العالم بالظرف الراهن لا سيما ما وراء تلك التهديدات من عواقب وخيمة في حال اندلاع أي مواجهة عسكرية خاصة وهناك تطلع روسي واضح باستئناف دور مؤثر للسياسة الخارجية لموسكو لا سيما في الآونة الأخيرة التي عمدت على إعادة ترتيب أوضاعها العسكرية خاصة في ظل ظروف لم يستكمل معها النظام العالمي الجديد أي وضع لما من شأنه تحقيق الاستقرار غير الممكن في السياسة الدولية لجهة ذلك النظام الذي يعمل كما يراه مراقبون على تأجيج الصراعات في مختلف أرجاء المعمورة غير مكترث بالنتائج المترتبة على تأجيج مثل تلك الصراعات الإقليمية والدولية وبالتالي فإن قوى الهيمنة الغربية تواجه صعوبة بالغة في التعامل مع الأزمة الأوكرانية بالنظر لما تشكله أوكرانيا من أهمية بالغة بالنسبة لروسيا مع الأخذ بعين الاعتبار الأسطول الروسي المتواجد في البحر الأسود الذي يندرج ذلك الأسطول ضمن الاتفاقية العسكرية الموقعة بين موسكو وكييف وهو ما يعني بأن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي حيال أي تدخل غربي في الشأن الأوكراني.. لذلك فإن أمام أوكرانيا خيارين بالنظر للتداعيات الجارية إما أن تكون مرتهنة وتابعة للقوى الغربية وإما أن تكون ضمن شراكة اقتصادية مع موسكو كونها جزءا لا يتجزأ من الجغرافيا السياسية لروسيا الاتحادية وبالتالي فإن نظام السياسة الدولية القائم حاليا برؤيته الأحادية والشمولية بحسب مراقبين يجد صعوبة وممانعة لا تجعله يستكمل سيطرته على أهم مناطق النفوذ في العالم.