الرئيسية - عربي ودولي - الحرب على الإرهاب الغاية تبرر الوسيلة
الحرب على الإرهاب الغاية تبرر الوسيلة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م احتدم الصراع بين القوى المنتصرة بهدف السيطرة على أهم مناطق النفوذ وشهد مسار العلاقات الدولية تحولات عديدة تغيرت بموجبها الخارطة الجيوسياسية للعالم وبرزت على الساحة الإقليمية والدولية قوتان رئيسيتان الأميركية والمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي ودخل العالم مرحلة الحرب الباردة لأكثر من نصف قرن. وخلال تلك الفترة وتحديدا مطلع عقد الخمسينيات ظهرت الأحلاف والتكتلات العسكرية وشهد العالم تشكيل أكبر تحالف عسكري عرف حينها بحلف شمال الأطلسي الذي تأسس في عام 1952 لمواجهة خطر المد الشيوعي الذي بدوره سارع الاتحاد السوفياتي لإعلان حلف وارسو كحلف مضاد عام 1955م ودخلت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في حروب بعدد من البلدان في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية واستمر ذلك الصراع حتى بداية عقد التسعينيات تاريخ انهيار الكتلة الاشتراكية عام 1991م وقد شكل سقوط الاتحاد السوفياتي أكبر كارثة جيوسياسية شهدها القرن العشرون ليدخل العالم مرحلة نظام القطب الشمولي الواحد ممثلا بالولايات المتحدة الأميركية التي برزت كأكبر قوة في الساحة الدولية وسارعت في رسم مسار السياسة العالمية وتزعمت حلف شمال الأطلسي (الناتو) وخاضت من خلاله حروبا عدة في أكثر من دولة وامتد نشاط الحلف إلى خارج حدود دول الأعضاء وتم غزو أفغانستان والعراق تحت مبررات واهية مكافحة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل. وبمجرد ما استكمل حلف شمال الأطلسي حربه على المعسكر الاشتراكي اعتلى مفهوم الإرهاب في السياسة الدولية وصار أحد أدواتها في تحقيق أهداف الرأسمالية وهي في مرحلة العولمة بوصفها اسما حركيا لأمركة كل شيء له علاقة بالسياسة والاقتصاد والثقافة حيث أخضعت تلك العولمة في جانبها السلبي وهي القرين الموازي لمفهوم الإرهاب الدولي لا سيما وقد تحول مفهوم الإرهاب سيفا مسلطا على البلدان النامية لتحقيق الأهداف والأطماع الغربية والذي من خلاله يتم رسم الاستراتيجيات الجديدة للنظام الدولي الجديد. وإذا كان الفجور العالي المتواطئ ضد القضية الفلسطينية فإن ذلك الفجور يعتبر أعلى كائن إرهابي بشع لم تعرفه البشرية منذ العصور الوسطى وما يرتكبه الكيان الصهيوني الغاشم من أعمال إجرامية ضد الفلسطينيين كون ذلك الكيان نبتة شيطانية في الكرة الأرضية تتماثل بالإغلاق بين الغزو من جانب ولعنة التاريخ والجغرافيا من جانب آخر. لذلك تم مع سابق الإصرار والترصد تسويق مفهوم الإرهاب إلى الوطن العربي وأنشأوا له كيانا لقيطا في فلسطين المحتلة ليصبح الإرهاب أرقى المشاريع الناجحة في السياسة الدولية لأنه إرهاب منظم بقوى السيطرة التي تجتاح البحار والمحيطات ويتم تحريكه وفقا لمصالح تلك القوى لتحقيق أهدافها واستكمال سيطرتها على مناطق النفوذ وثروات العالم باسم مكافحة الإرهاب وكل من يعارض قوى الهيمنة ولا ينضوي في فلك التبعية الشاملة يعتبر في عرف النظام الدولي الجديد مؤطرا ضمن بؤر الإرهاب. وهو ما يجعلنا نتساءل حول مشروعية الحرب التي خاضها حلف الناتو في كل من أفغانستان والعراق وليبيا وما يدور ويجري بالظرف الراهن من احتلال ناعم وتدخل سافر في بعض البلدان العربية والذي لا يعدو عن كونه مقدمة لتحقيق مشروع كامن في السياسة الدولية أو ما تسميه الشرق الأوسط الجديد خدما لأمن واستقرار إسرائيل بدرجة أساسية.