الرئيسية - الدين والحياة - الشـــائعات جريمة بحق الدين والوطن
الشـــائعات جريمة بحق الدين والوطن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

إن الشائعات مرض خطير يهدد كيان أي أمة في أمنها واقتصادها وتقدمها وفي هذا هلاك للفرد والمجتمع فكم أهلكت من قرى وأبادت من شعوب وجيوش وأوغرت من صدور وزرعت من غل وحقد وحسد وكم خربت من بيوت وفي عالمنا المعاصر وفي ظل التقدم والتطور في وسائل الاتصال أصبحت الشائعات أكثر رواجا وانتشارا وأشد خطرا على الأمن والمجتمع. ومما لا شك فيه أن الصراع البشري موجود منذ قديم الزمان وسيظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ومن ثم فأهل الباطل الذين يسعون إلى الإفساد في الأرض وتخريبها وضياع الأمن بين ساكنيها لا يفترون في استخدام كل وسيلة تعوق التقدم وتوقف الجهد المبذول ولذا فهم يركنون إلى مثل هذه الشائعات لتحقيق غرضهم في الإخلال بمصالح الأمة وضياع أمنها. والشائعات جمع إشاعة وتعني في اللغة الشيوع والانتشار ثم استعملت في الأخبار التي تنتشر في غير تثبت. وفي الاصطلاح هي الأفكار التي يتناقلها الناس دون أن تكون مستندة إلى مصدر موثوق به يشهد بصحتها أو هي ترويج خبر مختلف يحتوي جزءا من الحقيقة. وعلى هذا يظهر أثر الشائعات على الأمن والمجتمع ككل فمن أخطر آثارها ضياع الأمن والأمان في المجتمع ولا شك أن هذا الأمن نعمة من أجل النعم قال في شأنها صلى الله عليه وسلم: “من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذا فيرها”. رواه الإمام أحمد وابن ماجة بإسناد حسن وحسنه الألباني في صحيح الجامع. فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الدنيا تجمع للعبد في ثلاثة أشياء ومنها نعمة الأمن ولا شك أن هذه النعمة تضيع بسبب شائعة كاذبة قالها إنسان باع ضميره بعرض زائل من أجل تحقيق أهداف دنيئة ترتب عليها أثرها السيئ الذي أدى إلى ضياع نعمة الأمن والأمان. في الوقت نفسه تؤدي الشائعات إلى تفريق المجتمع وضرب وحدته وهذا مع ما فيه من مخالفة لقول الله تعالى: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..” سورة آل عمران فإن فيه ضياع لنعمة الأمن وذلك بسبب شائعة كاذبة أدت إلى تفريق الصف وضرب وحدته فنتج عن ذلك ضعف المجتمع وضياع أمنه. ولذا لا بد من إظهار حقيقة الشائعات وخطرها على أمن المجتمع حتى يمكن التصدي لها حماية للأمة من التفرق والتشرذم وحماية لأمنها واستقرارها. ولا شك أن الشائعات جريمة ضد الدين وضد الوطن وأفراده وأمنه وأمانه وصاحبها قد أجرم في حق دينه ووطنه ومجتمعه وذلك لأن ما يفعله أدى إلى اضطراب المجتمع وانتشار الفوضى بين أفراده. ومن العجب أن علماء العصر الحديث جعلوا الشائعات صورة من صور الإرهاب وذلك لأنها تؤدي إلى خوف الناس وفزعهم وزعزعت استقرارهم وضياع أمنهم وأمانهم. فبسبب شائعة مغرضة يعيش الإنسان مهددا في نفسه وماله وفي أهله. ولقد أظهر لنا القرآن الكريم أن الشائعات تعمي صاحبها عن الحق وعن الصراط المستقيم قال تعالى: “فإن لم يستجبو لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين”. إذا صاحب الشائعات يتبع هوى نفسه فهو إنسان مغرض لا يرى الحق ولا يعرف الطريق المستقيم ولذا فهو يهدف إلى إسقاط إنسان أمانه أو أمة أو مجتمعا أو دولة..الخ. والسيرة مليئة بالأحداث التي تظهر خطر الشائعات على الأمن ففي غزوة الأحزاب ظهرت طائفة من المنافقين الذين ينقلون الشائعات الكاذبة بفرض ضياع الأمن والأمان بين جيش المسلمين وشق وحدته والعمل على تفريق الصف وقد تعلل هؤلاء المنافقون بأن بيوتهم عورة فصور لنا القرآن الكريم هذا الموقف فقال “إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا قرارا” سورة الأحزاب. من خلال هذا النص القرآني نرى أن الله تعالى بين لنا حجة هؤلاء المنافقين ثم بين لنا في نص آخر أنهم لو خرجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم لكانوا أشد فتنة لأنهم ينقلون الأخبار الكاذبة والشائعات المفرضة التي تؤدي إلى ضياع الأمن والأمان وتفريق وحدة الجيش المسلمين في هذا الموقف فقال الله تعالى “لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين”. فهؤلاء المنافقون أصحاب الشائعات لو خرجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم لكان هناك من يسمع لقولهم ويستجيب لشائعتهم الكاذبة التي تؤدي إلى زرع الخوف في قلوبهم وتفريق الشمل بين المسلمين في هذا الموقف العصيب.

عضو بعثة الأزهر الشريف في اليمن