الارياني: ميليشيا الحوثي تعيش أضعف مراحلها وتلجأ لتحشيدات مصطنعة للتغطية على انهيارها
اليمن يؤكد أهمية استمرار تعزيز قدراتها لتحقيق الأمن والاستقرار الاقليمي وحماية الملاحة في البحر الاحمر
وزير التخطيط يترأس الاجتماع الـ 5 للجنة التسيير لمشروع تعزيز الصمود الاقتصادي في اليمن
عضو مجلس القيادة، الدكتور عبدالله العليمي يزور منتدى باصره الثقافي
وكيل تعز يبحث مع ممثل الشؤون الإنسانية تعزيز الشراكة والتدخلات بالمحافظة
السفير ناشر يبحث مع مسؤول كوبي تطورات الأوضاع في اليمن
التحالف الإسلامي يختتم برنامج "الأمن الوطني" بمشاركة متدربين من (10) دول
ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 69546 شهيدا
بحيبح يبحث مع السفير الالماني آليات التنسيق والتدخلات في القطاع الصحي
باذيب يبحث مع السفير الألماني دعم جهود التعافي الاقتصادي في اليمن
منذ اشتداد الأزمة اليمنية وتفاقم آثار الحرب على الإنسان والدولة، برزت المملكة العربية السعودية، بوصفها الركيزة الأساسية التي اتكأ عليها اليمن في أحلك لحظاته، لم تتعامل المملكة مع اليمن كملف عابر في السياسة الإقليمية، بل تعاملت معه كعمق جغرافي وإنساني وأمني، يرتبط بها بروابط التاريخ والأخوة والجوار والمصير الواحد.
وقدّمت السعودية، على امتداد سنوات الأزمة، دعمًا إنسانيًا واقتصاديًا وأمنيًا وسياسيًا غير مسبوق، مكّنت به اليمن من تجاوز محطات، كانت كفيلة بإسقاط الدولة والمجتمع معًا.
وفي الوقت الذي تراجع فيه كثير من الفاعلين الدوليين، بقيت المملكة الثابت الأرسخ في حماية اليمن، ومساندة حكومته، وإنقاذ اقتصاده، وإغاثة شعبه، وتمهيد الطريق نحو السلام.
هذا الدور لم يكن فقط استجابة لمعاناة اليمنيين، بل كان أيضًا موقفًا أخلاقيًا واستراتيجيًا مسؤولًا، نابعًا من إدراك المملكة بأن استقرار اليمن، جزء لا يتجزأ من استقرار الإقليم برمّته، ومن أمن العالم العربي والخليج خصوصًا، ومن هنا جاءت مبادراتها السياسية، ومساعداتها الإنسانية، ودعمها المالي الهائل، ومشاريعها التنموية، وجهودها في نزع الألغام، كمنظومة متكاملة تهدف إلى إعادة اليمن إلى موقعه الطبيعي دولة مستقرة وفاعلة ضمن محيطها الخليجي والعربي.
اليمن بين مشروعين.
حين تتصارع النفوس وتتقاتل المصائر.
اليمن له أهمية استراتيجية كبرى، كممرّ باب المندب، وسواحله الممتدة من بحر العرب وخليج عدن نحو البحر الأحمر عبر باب المندب، وموقعه الجغرافي بين القارات، ومساحته البحرية التي تساوي مساحته البرية، وإيران ترى في الحوثيين أداة استراتيجية لمشاريعها في المنطقة وتفاوضها مع الغرب، من خلال الهيمنة على هذه الجغرافيا، بينما المملكة العربية السعودية ترى في اليمن أمنًا لجارتها التاريخية، واستقرار المنطقة، ومشاركة السعودية لليمن باتت تعبيرًا عن مصلحة استقرار اليمن والإقليم والممرات المائية.
واليمن بلادٌ تُعاني منذ الإنقلاب الإمامي الإيراني، أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، وفي هذه الأرض اُختزلت المعادلات الكبرى للصراع الإقليمي والدولي، وفيها تبرز أمامنا ملامحُ مواجهتين عميقتين، من جهة، مشروع الموت الذي تقوده إيران عبر ذراعها مليشيا الإرهاب الحوثي، ومن جهة أخرى، مشروع الحياة الذي تقوده المملكة العربية السعودية عبر برامج التنمية، والإعمار، والمبادرات الإنسانية، وبين هذين المشروعين، تتصارع النفوس وتتقاتل المصائر، وتنهار أو تُبنى حياة ملايين من اليمنيين، ويُرسم مصير بلدٍ طالما عاش على هامش النسيان.
لماذا نقول مشروع الموت؟ ومشروع الحياة؟
مشروع الموت: لأنه يعمل على "الهدم لا البناء" و "الموت لا الحياة" زرع ألغام، تهريب أسلحة، حروب، حصار، استقطاب، لا يحسب ثمن الدم، ولا يلتفت إلى معاناة الشعب؛ بل يستخدم الشعب اليمني ذخيرة موت في مشروعه.
مشروع الحياة: لأنه يركّز على "البناء لا الهدم" و "الحياة لا الموت" إزالة الألغام، إعادة البنية التحتية، دعم الاقتصاد والتعليم، إعطاء فرص للحياة، والحياة هنا ليست فقط النجاة من الحرب، بل استرداد الكرامة والتمكين.
لذلك في بلادي اليمن هناك مواجهة، بين مشروع الموت، الذي تقدمه إيران للشعب اليمني، عن طريق أداتها مليشيات الحوثي الإرهابية، ومشروع الحياة الذي تقدمه المملكة العربية السعودية من خلال برامج الإنماء والإعمار، والبرامج الإنسانية، وبرنامج مسام لزرع الألغام.
مشروع الموت الإيراني يُطعم الأرض موتًا، والأفواه هتافا، ومشروع الحياة السعودي، يزرع الحياة في الأرض اليمنية، ويطعم الأفواه الجائعة، ويعالج المرضى ويدعم الأقتصاد.
مشروع الموت الإيراني الحوثي يزرع في الأرض ما ينفجر ويمنع الحياة، ومشروع الحياة السعودي يرسل رجاله، ليحفروا تحت الشمس، بأيديهم، لينتزعوا من باطن الأرض ما زرعته أيدي الكراهية والعدوان، الأول يزرع اليأس والموت، والثاني يزرع الأمل والحياة.
في اليمن اليوم، لا يدور الصراع فقط حول سلطةٍ سياسية، أو حدودٍ جغرافية فقط، بل يدور حول "نوع الحياة" التي سيعيشها الشعب اليمني، هل هي حياةٌ تتنفس المستقبل، وتعيشه وتبنيه، أم حياة تعيش إمامة ولاية الفقيه، ومقابرها المفتوحة، فعلى أرض اليمن، يتجاور مشروعان لا يلتقيان هما:
1- مشروع الموت الإيراني:
الذي ترعاه إيران عبر ذراعها المسلّحة ميليشيا الحوثية الإرهابية، وهو مشروع يقوم على السلاح والألغام وتطييف المجتمع، وتحويل اليمن إلى ورقة ضغط في صراع إقليمي لا مصلحة لليمني البسيط فيه.
إيران، وعلى مدى سنوات، استخدمت اليمن مسرحًا لاستراتيجيتها الإقليمية، ووفق تحليل سجّلته دراسات عدة، فإن طهران زوّدت الحوثيين بأسلحة متقدّمة، درونز، صواريخ بالستية وفرط صوتية، وتدريباً ودعماً لوجستيًا، بهدف توظيفهم كمحور ضغط على الإقليم، وعلى الممرّات البحرية الحيوية، ومحادثاتها النووية.
هذا الدعم لا يظهر كعمل إغاثي أو تنموي، بل كأداة للحرب والموت، مليشيا الإرهاب الحوثي بمساندة إيران، مارست القصف على المدن اليمنية، وقنص العزل من المواطنين والمزارعين والأطفال، زرعوا الألغام، جندوا الأطفال، واستهدفوا البنية التحتية، والشحن البحري، والممرات الاقتصادية. هذا المسار حوّل اليمن إلى ساحَة موت، موتًا إنسانيًا نتيجة القتال، وموتًا اقتصاديًا نتيجة الحصار، وموتًا اجتماعيًا نتيجة تفكّك الدولة والمجتمع.
إيران كما تُظهِر تقارير بحثية ومراكز تحليل، لم تنظر إلى اليمني كإنسانٍ يستحق الحياة، بل أداة قتل، واليمن كساحة نفوذ، وأداة حرب، تُضَخّ إليها الأسلحة والخبراء والصواريخ والطائرات المسيّرة، لتصبح اليمن وحدود اليمن منصة تهديد لجيرانه وبحاره، لا جسر تعاون ولا استقرار.
ومقاتلي مليشيا الإرهاب الحوثي، الذين يتلقون هذا الدعم، حوّلوا الجغرافيا اليمنية إلى حقول موت واسعة، ألغام في الطرقات، في المزارع، حول القرى، على مداخل البيوت، وحتى في المراعي التي ترعى فيها الأنعام، لدرجة أن رعاة الإبل والأغنام والمزارعين، في مختلف المحافظات اليمنية، يسيرون وخطوتهم التالية قد تكون آخر خطوة في حياتهم.
لقد دفع اليمنيين ثمن باهظا لهذا المشروع، لأنه لا يحسب للإنسان ثمناً، ولا يلتفت إلى معاناة الشعب؛ بل يستخدم اليمن وشعبه رهينة في صراعه مع الإقليم والعالم، وبرنامجه النووي، وهناك ملايين اليمنيين مهددون بالمجاعة، وحوالي 6 مليون نازح داخلي، و7 مليون مهاجر للخارج، وتدهور حاد في الخدمات، وانهيار البنى التحتية.
2- مشروع الحياة السعودي للإعمار والتنمية من أجل استقرار اليمن.
في المقابل، تتبنّى السعودية رؤيةً مغايرة، وتقدم مشروع الحياة لليمن، عبر رؤيةٌ تسعى لبناء اليمن، بإعمار مدنه، ورفع معاناته، وتمكين شعبه من الحياة الكريمة، عبر منظومة واسعة من مشاريع الإغاثة والتنمية وإعادة الإعمار، وبرامج إنمائية مثل مشروع “مسام” لنزع الألغام، والمساعدات الإنسانية المتدفقة، لإعادة الإعمار للمدن المحرّرة، إلى جانب المنح المالية، والبرامج الاقتصادية والصحية والتعليمية، وتسعى المملكة إلى تقديم خيارٍ السلام والبناء، لا الموت والدمار، مشروع الحياة، الذي تقوده المملكة العربية السعودية شعاره “ينبغي أن تُبنى اليمن، لا أن تُهدم"، فإعطاء فرص الحياة هنا ليست فقط النجاة من الحرب، بل استرداد الكرامة والتمكين، لأن المملكة ترى في اليمن أمنًا لجارتها التاريخية، ومشروع الحياة السعودي، تعبيرًا عن استقرار الدولة اليمنية بوحدتها وبحارها وسواحلها والمنطقة.
إحصاءات المساعدات السعودية – أرقام تتكلم
مشروع الحياة الذي قدمته المملكة واقع ملموس في كل الجغرافيا اليمنية، تتحدث عنه الأرقام، ووفقا لمنصة المساعدات السعودية حصلت اليمن على مساعدات مختلفة لمشاريع ومساهمات إنسانية وتنموية وخيرية وخدمات مقدمة للزائرين، في السنوات الأخيرة بمبلغ 28,137,211,918 $ ثمانية وعشرون مليار وماءة وسبعة وثلاثون مليون، ومائتين وأحد عشر ألف وتسعمائة وثمانية عشر دولار أمريكي.
وحجم الدعم المالي الكلي لإجمالي المساعدات لليمن منذ السبعينات لليوم مبلغ 16.50 مليار دولار أمريكي، ومبلغ 61.89 مليار ريال سعودي، شمل 1533 مشروع في 41 قطاع شملت كل المجالات والخدمات، مثل دعم للبنك المركزي اليمني، ودعم لميزانية الدولة، والصحة، والتعليم، والطاقة، والمياه، والزراعة، والنقل، والمباني الحكومية، والبرامج الاقتصادية.
وقد صرح المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن سعادة السفير محمد بن سعيد آل جابر، أثناء توقيع الاتفاقيات الأخيرة مع معالي دولة رئيس الوزراء اليمني الأستاذ سالم صابح بن بريك والوزراء المعنيين، بتصريحات تؤكد قيمة ودلالة مشروع الحياة الذي تقدمه المملكة لليمن بقوله:
- إن هذا الدعم جاء بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، اللذين يوليان اليمن كل الدعم والمساندة.
- التنمية وبناء الإنسان هما الطريق نحو مستقبل مزدهر لليمن.
- هذا الدعم قدم كمحطة من محطات الدعم الأخوي الصادق للحكومة اليمنية.
- موضحاً أن الهدف من هذه الاتفاقيات هو دعم الحكومة اليمنية ومساعدتها في واجباتها التي تقوم بها بقوة واقتدار في الصعوبات التي تواجهها سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية.
وبلغ حجم الدعم الأخير مبلغ 1,380,000 مليار وثلاثمائة مليون ريال سعودي، عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.
ونرصد هنا بعض نماذج مشروع الحياة الذي قدمته المملكة العربية السعودية لليمن:
المساعدات المالية السعودية لليمن منذ 2011 م كانت دعما مستمرا يحمي الدولة وينقذ الاقتصاد.
تُعتبر المملكة العربية السعودية أكبر داعم مالي لليمن منذ عام 2011 وحتى اليوم، إذ تجاوز حجم ما قدمته من دعم 20 مليار دولار، تنوع بين الودائع، المنح، الإغاثة، الطاقة، والتنمية. ويمكن تلخيص هذا الدعم في ثلاث مسارات رئيسية:
- الودائع والمنح والمساعدات النقدية للحكومة والبنك المركزي اليمني.
تم تقديم منح وودائع لدعم للحكومة والبنك المركزي، لدعم عجز موازنة الحكومة اليمنية، بهدف مواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية العاجلة، وللمساهمة في إرساء دعائم الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي.
كان أبرزها:
- وديعة 2 مليار دولار (2018) لإنقاذ الريال من الانهيار الحاد.
- وديعة 1 مليار دولار (2023) لدعم استقرار الاقتصاد.
- دعم متكرر لفتح الاعتمادات وتغطية واردات المواد الأساسية.
هذه الودائع ساهمت في استقرار نسبي للريال اليمني وتخفيف أسعار الغذاء والوقود، في بلد يستورد أكثر من 80% من احتياجاته.
2. دعم الوقود والميزانية والقطاعات الحيوية.
حيث قدمت المملكة:
- منحًا ضخمة لتمويل مشتريات الوقود لمحطات الكهرباء.
- دعمًا لموازنة الحكومة ورواتب القطاعات الحيوية.
- دعمًا مباشرًا لقطاعات الصحة، التعليم، الكهرباء، المياه، النقل.
- برامج إغاثية واسعة عبر مركز الملك سلمان بقيمة مليارات الدولارات.
- تحسين الطرق الحيوية مثل طريق العبر في مأرب/حضرموت وطريق هيجَة العبد في تعز، بإجمالي يتجاوز 150 كم من الطرق الحيوية التي تعيد ربط المحافظات اليمنية ببعضها.
- مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يعدّ من أكبر المانحين لليمن، بعض التقديرات تشير إلى أن إجمالي المساعدات الإنسانية والإنمائية والصحية المقدمة لليمن عبر المركز منذ 2015 يتجاوز بضع مليارات من الدولارات، وشملت مئات المشاريع في الغذاء، الصحة، الإيواء، التعليم، حماية الأطفال والنساء، ومواجهة الأوبئة.
هذا الدعم منع انهيار الخدمات العامة، وساعد المدن المحررة على الاستمرار في تلبية احتياجات الناس.
3. برنامج تنمية وإعمار اليمن.
أطلقت المملكة برنامجًا تنمويًا استراتيجيًا يشمل:
- إعادة بناء المدارس والمستشفيات.
- تطوير المطارات والموانئ (عدن، المهرة، سقطرى).
- مشاريع مياه وكهرباء وطرق وجسور.
- دعم قطاعات الزراعة والثروة السمكية.
هذا البرنامج يمثل انتقالًا من مرحلة الإغاثة إلى البناء، ويُعد من أهم ركائز إعادة الإعمار ما بعد الحرب.
هذه الأرقام لا تلتقط التفاصيل كلها، لكنها ترسم الصورة الكبرى لمشروع الحياة، فالسعودية تضخ مليارات في اتجاه الغذاء، والدواء، والبنية التحتية، والتعليم، والطاقة، بينما تضخ إيران الموت عير السلاح، والخبراء العسكريين، والصواريخ، والألغام.
الألغام مشروع الموت المدفون تحت الأرض، و” مسام” مشروع الحياة على الأرض
1. حجم كارثة الألغام في اليمن.
تقديرات وتقارير عدّة تشير إلى أن اليمن قد يكون من أكثر بلدان العالم تلوثًا بالألغام والذخائر غير المنفجرة، فبعض التقديرات تضع العدد عند حدود مليوني لغم زرعتها مليشيا الإرهاب الحوثي المدعومة من إيران، مع إشارة خاصة إلى اتساع استخدام الحوثيين للألغام المضادة للأفراد والمضادة للآليات والعبوات الناسفة.
ففي تقرير لمنظمة “المركز الأمريكي للعدالة” أشار إلى أن الألغام والعبوات التي زرعتها مليشيا الإرهاب الحوثي قتلت أو أصابت حوالي 5,800 مدني (2,526 قتيلًا و3,286 جريحًا، ثلثهم تقريبًا من الأطفال والنساء) بين 2014 و2022 في 17 محافظة يمنية، ففي محافظة الحديدة وحدها، سُجّل في 2024 مقتل 41 مدنيًا وإصابة 52 آخرين بسبب الألغام ومخلّفات الحرب.
هذه الألغام لا تقتل مقاتلين فقط، بل تقتل طفلًا عاد ليلعب قرب بيته، ومزارعًا خرج لحقلٍ عاش منه سنين، وراعي يمشي في أرضٍ كانت يومًا آمنة، وعائلةً عادت بعد التهجير لتجد تحت بيتها لغَمًا ينتظر العودة.
إنه موت مؤجّل، يظل في الأرض سنوات، يحرس الخراب، ويمنع الناس من الرجوع إلى بيوتهم ومزارعهم وحياتهم ومعاشهم.
2. مشروع مسام الهندسة العكسية للموت المدفون.
من أبرز الأدوار الإنسانية التي قامت بها المملكة العربية السعودية في اليمن، هو مشروع “مسام” لنزع الألغام بشعاره "حياة بدون ألغام" والذي يُعد من أكبر المشاريع الإقليمية المتخصصة في هذا المجال، فقد خلّفت الحرب أكثر من مليون لغم وعبوة ناسفة، زرعتها الميليشيات الحوثية الإرهابية في الأحياء السكنية، الطرقات، المزارع، الأودية، وحتى محيط المدارس ومناطق الرعي، هذه الألغام تسببت بآلاف الضحايا بين المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال.
وقد استجابت السعودية لهذا التحدي الإنساني عبر إطلاق مشروع “مسام” بقيادة خبراء دوليين ويمنيين، وساهم هذا المشروع في إنقاذ آلاف الأرواح، ومنع إصابات كانت ستخلّف عاهات دائمة، كما أعاد الحياة إلى أراضٍ واسعة حُرمت من الزراعة أو السكن أو التنقل.
لقد كان “مسام” واحدًا من أعظم المشاريع الإنسانية في تاريخ اليمن الحديث، ونموذجًا للعمل السعودي الذي يجمع بين القيمة الأخلاقية والأثر المباشر على حياة الناس.
وفي مواجهة هذا “الموت المزروع”، جاء مشروع "مسام" السعودي لنزع الألغام في اليمن، وهو مشروع إنساني أطلقته المملكة في يونيو 2018، حيث نجح في:
- نزع مئات الآلاف من الألغام والعبوات المتفجرة.
- تأمين الطرق الرئيسة والفرعية في المحافظات المحررة.
- تدريب فرق يمنية متخصصة في المسح والإزالة.
- إطلاق حملات توعية مجتمعية لحماية السكان.
- فتح ممرات آمنة لعودة النازحين إلى بيوتهم.
ووفق أحدث البيانات المنشورة من المشروع نفسه (نوفمبر 2025):
" تمّ نزع وتدمير 524,624 عبوة متفجرة في مناطق مختلفة من اليمن منذ انطلاق المشروع منتصف 2018م، وجميعها أجهزة متفجرة تشمل ألغام مضادة للأفراد، ألغام مضادة للدبابات، عبوات ناسفة، ذخائر غير منفجرة.
وتشمل هذه الحصيلة تقريبًا:
- نحو 7,000 لغم مضاد للأفراد.
- قرابة 148,000 لغم مضاد للآليات.
- أكثر من 361،314 قطعة من الذخائر غير المنفجرة.
- وأكثر من 8,300 عبوة ناسفة.
ومساحة الأراضي التي طهّرها “مسام” تجاوزت 73 مليون متر مربع، أي عشرات الآلاف من الهكتارات التي عادت صالحة للسكن والزراعة والرعي ومرور القوافل والمساعدات.
وفي تقرير دولي رصد أن السعودية كانت أكبر ممول منفرد للعمل الإنساني في مجال الألغام في اليمن عام 2023، بحوالي 6.6 مليون دولار (42% من إجمالي الدعم الدولي لنزع الألغام هناك).
هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، فهي:
- طفل لم يفقد ساقيه.
- أم لم تفقد ابنها.
- مزارع عاد إلى أرضه.
- طريقٌ عادت مفتوحة بعد أن كانت “منطقة موت ممنوع الاقتراب منها”.
مشروع الموت يزرع في الأرض ما ينفجر في أجساد اليمنيين، ومشروع الحياة يرسل رجاله ليخاطروا بأجسادهم من أجل أن يعيش اليمنيون.
تفنيد خطاب دعاة مشروع الموت ومهاجمي مشروع الحياة.
هناك خطابان متوازيان في هذا الإتجاه:
1. خطابٌ يبرر مشروع الموت وأبرز أدواته:
- يقلل من حجم جرائم مليشيا الإرهاب الحوثي وجريمة زراعة الألغام.
- ينكر دعم إيران العسكري للحوثيين.
- يصوّر الصواريخ والطائرات المسيّرة كمقاومة لا كتهديد لملايين المدنيين.
- يتحدث عن “سيادة” بينما يقبل بتحويل اليمن إلى قاعدة صواريخ وممر تهريب ونفوذ لإيران.
2. خطابٌ يهاجم مشروع الحياة وأبرز أدواته:
- يتهم السعودية بأن كل ما تفعله “تجميل لصورتها”.
- يهاجم “مسام” ويتجاهل أنه ينقذ أرواحًا يمنية.
- يهاجم السعودية التي تقدم مشاريع الإعمار ويغضّ الطرف عن قصف الموانئ والطرق والمناطق السكانية من قبل الحوثيين، وانقلابهم على الشرعية اليمنية، وممارساتهم الإجرامية، ورفضهم السلام.
الرد على دعاة مشروع الموت.
أولًا: حقيقة جريمة زرع الألغام لا يمكن تبييضها.
الألغام محرّمة دوليًا في جانب كبير منها (خاصة المضادة للأفراد)، واستخدامها العشوائي ضد المدنيين جريمة حرب، بغض النظر عن هوية من يزرعها.
والتقارير الحقوقية والأممية والمنظمات المستقلة وثّقت:
-
- مئات الحقول المزروعة في الحديدة وتعز ومأرب وصعدة وشبوة وغيرها.
- مقتل مئات المدنيين من الأطفال والنساء والعمال والرعاة.
- تشويه آلاف آخرين وبتر أطرافهم.
فمن يدافع عن زراعة الألغام يدافع عن قتل عشوائي بطيء، لا علاقة له بالمقاومة ولا بالسيادة ولا بأي مبدأ.
ثانيا: جرائم الإرهاب الحوثي لا يمكن إنكارها.
فيما يلي نبذة مركّزة لجرائم الإرهاب الحوثي كما وثّقتها منظمات دولية ومحلية خلال سنوات الحرب في اليمن.
1. القمع الداخلي وبناء منظومة حكم قسرية.
- القمع السياسي: اعتمدت مليشيا الإرهاب الحوثي على اعتقالات تعسفية واختطاف ناشطين وصحفيين وسياسيين معارضين، إضافة إلى إخفاء قسري طال آلاف المدنيين.
- فرض السيطرة بالقوة: استخدمت مليشيا الإرهاب الحوثي القوة المسلّحة للسيطرة على مؤسسات الدولة في صنعاء ومحافظات أخرى، واستبدلت القيادات الإدارية والعسكرية بأخرى موالية لها.
- انتهاكات القضاء: أقامت مليشيا الإرهاب الحوثي محاكم استثنائية تُستخدم لمعاقبة المعارضين، وإصدار أحكام بالإعدام والسجن، ومصادرة الممتلكات والأموال، في محاكمات لا تتوافر فيها معايير العدالة.
2. الانتهاكات ضد المدنيين أثناء النزاع.
- القصف العشوائي والقنص واستهداف الأحياء السكنية: وثّقت منظمات دولية استخدام مليشيا الإرهاب الحوثي لقذائف الهاون والصواريخ بشكل عشوائي والقنص على مدن مثل تعز ومأرب، ما أدى لقتل وإصابة آلاف المدنيين.
- استخدام الألغام الأرضية: زرعت مليشيا الإرهاب الحوثي كميات كبيرة من الألغام المضادة للأفراد في مناطق واسعة، مما تسبب بضحايا مدنيين لسنوات حتى بعد انسحابها من تلك المناطق.
- التجنيد القسري للأطفال: تُعد من أبرز الانتهاكات، إذ جندت الآلاف من الأطفال والزجّ بهم في جبهات القتال، مستغلة الفقر، والضغط الاجتماعي، والتعليم التعبوي.
3. استغلال المساعدات الإنسانية.
- نهب واختلاس الغذاء والوقود والإغاثة: تقارير أممية أشارت إلى استيلاء مليشيا الإرهاب الحوثي على مساعدات إنسانية وتحويلها لمقاتليهم أو بيعها في السوق السوداء.
- عرقلة وصول المساعدات: فرضت مليشيا الإرهاب الحوثي قيوداً على منظمات الإغاثة، ومنعت دخول فرق المراقبة، بل وهددت بعض العاملين وعرقلت فتح ممرات إنسانية.
- اعتقال العشرات من موظفي المنظمات الدولية والإغاثة: بهدف الضغط والابتزاز.
4. السيطرة الاقتصادية وانتهاكات بحق المجتمع.
- الجبايات والإتاوات: فرضت مليشيا الإرهاب الحوثي ضرائب وجبايات واسعة، على التجار والمواطنين، إضافة إلى استحداث رسوم غير قانونية، على حركة البضائع والخدمات.
- السيطرة على البنوك: حيث صادرات ما بها من أموال وعلى رأسها أموال البنك المركزي بصنعاء.
- مصادرة الممتلكات: استولت على شركات ومنازل وأموال خصوم سياسيين، وعينت لجاناً لإدارة تلك الممتلكات لصالحها.
- استغلال القطاع التعليمي: عدّلت المناهج التعليمية وأدخلت محتوى أيديولوجياً يخدم رؤيتها الإمامية والمذهبية، إلى جانب تحويل المدارس إلى مراكز تجنيد وتعبئة.
5. انتهاكات الحريات الدينية والاجتماعية.
- استهداف الأقليات الدينية: تعرضت الطائفة البهائية والمسيحيون واليهود في اليمن لمضايقات وتهجير قسري، وقادت حملاتها العسكرية نحو محافظات اليمن تحت عنوان "حملة أشداء على الكفار"
- فرض قيود اجتماعية: فرضت مليشيا الإرهاب الحوثي آليات رقابية على النساء، وشكلت وحدات قمع خاصة للنساء بمسمى "الزينبيات" وأوقفت العديد من المؤسسات النسوية، وقيّدت السفر والتعليم والعمل في بعض المناطق.
6. التأثير الإقليمي والدولي.
- الهجمات على الملاحة الدولية: قامت مليشيا الإرهاب الحوثي بعمليات استهداف سفن في البحر الأحمر واستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ باليستية في إطار صراع أوسع يتجاوز حدود اليمن.
- استخدام أسلحة محرّمة أو ذات أثر عشوائي: وثّقت تقارير استخدام صواريخ وطائرات مسيّرة إيرانية الصنع في عمليات تهدد الاستقرار الإقليمي من خلال مهاجمة السعودية ودولة الإمارات، والسفن في البحر الأحمر.
7. اختطاف موظفي الأمم المتحدة.
عمليات اختطاف واحتجاز المدنيين وموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، تُعد من أبرز الانتهاكات الموثّقة لمليشيا الحوثي الإرهابية، وقد أثارت قلقًا دوليًا واسعًا لأنها تستهدف عمل الإغاثة والوساطة الإنسانية نفسها، وفيما يلي عرض مركز ومفصّل لأهم ما ورد في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية:
- احتجاز موظفين أمميين في صنعاء ومحافظات أخرى.
نفذت مليشيا الحوثي الإرهابية أكثر من عملية اختطاف لموظفي الأمم المتحدة، خصوصًا العاملين في برنامج الغذاء العالمي WFP ومكتب الأمم المتحدة للأمن والسلامة UNDSS ومكتب حقوق الإنسان.
بعض الموظفين تم احتجازهم لمدد طويلة - تجاوزت عاماً كاملاً في بعض الحالات - دون السماح لفِرق أممية أو قانونية بمقابلتهم.
الأمم المتحدة صرّحت مرارًا بأن الموظفين المختطفين يُمنعون من العلاج والتواصل مع عائلاتهم، وهو ما يعد احتجازا تعسفياً وانتهاكاً لاتفاقية الحصانات الدبلوماسية.
- استهداف واحتجاز موظفي المنظمات الإنسانية.
منظمات دولية مثل:
- المجلس النرويجي للاجئين NRC
- أطباء بلا حدود MSF
- الصليب الأحمر ICRC
- منظمات دولية وسيطة أخرى
- مليشيا الإرهاب الحوثي استخدمت أبشع وسائل القمع ضد موظفي المنظمات الإنسانية مثل:
- الاعتقال التعسفي عند نقاط التفتيش.
- تفتيش ومصادرة معدات العاملين.
- اتهامات أمنية ملفقة للضغط على المنظمات أو للحصول على تنازلات مالية وإدارية.
- إجبار بعض المنظمات على إيقاف مشاريعها في حال رفضها القبول بسلطات الأمر الواقع.
- اختطاف العاملين اليمنيين في المنظمات الدولية.
غالبية الضحايا هم:
- موظفون يمنيون يعملون لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
- مواطنين يتعاونون مع الحملات الطبية.
- مدرّبين ومتطوعين في برامج التنمية.
- أشخاص يقدمون معلومات لفرق الرصد الأممية.
- مترجمون وسائقون ومساعدو ميدانيون.
- ناشطون في الإغاثة المحلية.
والبعض تعرض لـ:
التعذيب والضرب، والحرمان من النوم، والعزل الكامل، وفق شهادات موثقة لمنظمات حقوقية.
- أسباب الإختطاف.
خوف مليشيا الإرهاب الحوثي من أي نشاط لا يخضع لرقابتها، أو تأكيد السيطرة الكاملة على حركة المنظمات.
- أهداف الإختطاف.
اختطاف مليشيا الإرهاب الحوثي للمدنيين وموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية هو سلوك ممنهج يهدف إلى:
- الضغط للحصول على معلومات استخباراتية، أو فرض رقابة على عمليات الإغاثة، أو ترهيب المجتمع المحلي لمنع أي تواصل مستقل مع المنظمات الدولية يهدف:
- إحكام السيطرة
- ابتزاز المجتمع الدولي.
- تعطيل عمل الإغاثة.
- إسكات أي نشاط مستقل.
- استخدام المختطفين كورقة ابتزاز.
وفقا لتقارير أممية تشير إلى أن مليشيا الإرهاب الحوثي يعملون على:
- استخدام موظفي المنظمات الدولية كأوراق ضغط سياسية في مفاوضاتهم مع الأمم المتحدة أو أطراف الصراع.
- يربطون إطلاق سراح المختطفين بشروط تتعلق:
- بزيادة التمويل.
- الاعتراف السياسي.
- تعديل أنظمة توزيع المساعدات لصالحهم.
- ردود الفعل الدولية.
مجلس الأمن أدان مرارًا احتجاز الحوثيين لموظفي الأمم المتحدة وطالب بإطلاق سراحهم فورًا.
الأمم المتحدة اعتبرت الأمر “غير مسبوق” لأنه يستهدف موظفين يتمتعون بحصانة دولية.
المنظمات الإنسانية حذّرت من أن هذه الممارسات تهدد استمرارية العمليات في أشد مناطق اليمن احتياجاً.
8. توصيف قانوني وإنساني للإرهاب الحوثي ضد اليمنيين وموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية.
وفق تقارير الأمم المتحدة، وهيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية، تعد هذه الأعمال انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ويصل إلى حد جريمة أخذ رهائن وفق اتفاقيات جنيف، ويُمثل قانونياً جريمة حرب وجريمة أخذ رهائن واحتجازاً تعسفياً وفق القانون الدولي، وتُعد هذه الممارسات انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني، وترقى في بعض الحالات إلى جرائم حرب، خصوصاً ما يتعلق بالقصف العشوائي، الألغام، التجنيد القسري، والتعذيب.
ثالثا: الرد على مهاجمي مشروع الحياة.
- استخدام اليمن كورقة إيرانية.
التحليلات الإقليمية تؤكد أن إيران استخدمت الحوثيين كأداة لتهديد أمن البحر الأحمر والخليج، ولابتزاز المجتمع الدولي، وليس لبناء دولة يمنية مستقلة.
من يجعل اليمن منصة لمفاوضاته النووية وصراعاته الإقليمية، لا يستطيع الحديث عن “استقلال اليمن”.
- من يهاجم الدور السعودي يتجاهل:
- أن الأرقام تفضح الخطاب.
- ضخ مليارات الدولارات في الإغاثة والتنمية.
- القيام بمئات المشاريع في الكهرباء والمياه والطرق والصحة والتعليم.
- نزع مئات الآلاف من الألغام التي نُزعت بأموال سعودية وبأيدي فرق “مسام”
ويمكن الاختلاف على السياسات، لكن لا يمكن إنكار أثر مشروع الحياة في مدرسة تُبنى، وطريق يُعاد فتحه، ومحطة كهرباء تُرمم، ومستشفى يُجهز، وحقل يُطهَّر من الألغام.
- من المستفيد من شيطنة كل جهد إنساني؟
الذي يشيطن كل مبادرة إعمار، ويهاجم كل دعم اقتصادي، ويطعن في كل برنامج إغاثة، بينما يلوذ بالصمت عن الألغام والقصف والتجنيد الإجباري للأطفال، إنما يخدم -شاء أم أبى- أجندة مشروع الموت، لأنه يحرم الناس حتى من الأمل.
- التفريق بين السياسة والحياة.
يمكن أن يختلف الناس حول ملفات سياسية، لكن لا ينبغي أن يختلفوا حول:
- إنقاذ طفل من لغم.
- إعادة إعمار بيت.
- فتح مدرسة.
- تشغيل محطة مياه أو كهرباء.
من يقف ضد هذا، باسم أي شعار كان، فهو عمليًا يقف في صفّ الخراب والموت، حتى لو لبس لبوس الشعارات الكبيرة.
الخاتمة:
1- مَن يقف إلى جانب اليمن والإنسان اليمني؟
في هذا التناقض، ليسأل كل يمني نفسه، من يساندني؟ من يقدم لي الحياة؟ من ينقذني من ألغام الأرض، ومن ألغام السياسة؟ ومن ألغام الحرب؟ ومن الموت؟ هنا تظهر فعليًا أهمية مشروع الحياة ودوره في دعم اليمن وإنقاذه.
إن برنامج مثل “مسام” الذي تقوده المملكة العربية السعودية لنزع الألغام؛ ليس مجرد إزالة ألغام أرضية، بل استرجاع الأرض والكرامة والحرية والحياة بعد سنوات من الإرهاب الحوثي، كما أن مشاريع الإعمار والدعم تُعيد الأمل إلى البلد الذي بالكاد يرى أشعة الشمس بعد الحصار والدمار بسبب إيران وأداتها الإرهابية.
إن الدور السعودي في اليمن ليس مجرد مواقف سياسية أو مساعدات ظرفية، بل هو شراكة مصير وامتداد تاريخي، لا يمكن تجاوزه عند قراءة المشهد اليمني، فقد أثبتت المملكة، قولًا وفعلًا، أنها الداعم الأكثر ثباتًا وفاعلية لليمن، سواء عبر الإغاثة، أو التنمية، أو المساعدات المالية، أو دعم الشرعية، أو جهود حماية المدنيين من الألغام، أو السعي المتواصل نحو السلام.
لقد وقفت المملكة إلى جانب اليمن حين تخلّى الآخرون عنه، وكانت صمّام أمان لاقتصاده، وعمودًا فقريًا لدولته، وحصنًا يحمي شعبه من الانهيار. وما تزال هذه الجهود تتواصل اليوم، تأكيدًا على أن استقرار اليمن جزء من أمن واستقرار المملكة، وأن العلاقة بين الشعبين علاقة أخوّة وجوار ومصير مشترك لن تنقطع.
اليمن يستحق مشروع حياة، لا أن يكون مسرحًا لاستثمار الموت، فاليمن لا يحتاج إلى مزيد من البنادق، ولا إلى صواريخ جديدة، ولا إلى ألغام تُدفن في باطن الأرض انتظارًا لأقدام الأطفال.
اليمن يحتاج إلى:
1- استعادة مؤسسات الدولة.
2-طريقٍ آمن يصل القرى بالمدن.
3-مدرسة تفتح أبوابها كل صباح.
4-مستشفى لا ينقطع عنه الدواء.
5-حقلٍ يعود إليه المزارع دون أن يخاف أن تنفجر تحت معوله الأرض.
6-دولةٍ تحيا به لا تتاجر بآلامه.
إيران عبر مشروعها المسلّح بميليشياتها الإرهابية قدّمت نموذجًا مبنيًا على توسيع مساحات الموت، ألغام، صواريخ، حرب طويلة، استنزاف مجتمع، تطييف مجتمع، وإبقاء اليمن جرحًا مفتوحًا في خاصرة الجزيرة العربية.
في المقابل، السعودية بكل ما يمكن أن يُقال في نقد سياستها أو تقييمها، تضع على الطاولة مشروع حياة يقدم:
1.مليارات في الإغاثة وبرامج التنمية.
2.مئات المشاريع في الإعمار والتنمية.
3.برنامج “مسام” الذي يحارب الموت المدفون.
4.برامج مستمرة لدعم الاقتصاد اليمني وخدماته الأساسية والتنمية.
2- دعوةٌ للعمل والاختيار.
إلى أبناء اليمن، وإلى الشعوب التي تراقب ما يحدث في اليمن ليس الصمت خيارًا، وليست الحياة بعد الحرب راحة، إنما خيارٌ يتطلب شراكة حقيقية مع من يريد البناء والإعمار، لا من يريد الخراب، فمن يقدّم الأسلحة للموت، لا يمكن أن يكون شريك حياة، ومن يستثمر في إزالة الألغام، وبناء المدارس، وإطلاق الاقتصاد، فهو يقدم شراكة حقيقيةً للحياة.
وإلى المجتمع الدولي، وإلى من يحمل ضميرًا إنسانيًا، اليمن ليس خطًّا جغرافيًا، أو ورقة في لعبة إقليمية، بل هو شعب يحلم، أطفالٌ يبحثون عن كتاب ومدرسة، وأسرٌ تنتظر ماءً وكهرباءً. وعند كل لغم يُزال، وعند كل بناء يُقام، وعند كل ابتسامة تُشرق، يكون الخيار واضحًا بين مشروع الموت ومشروع الحياة.
3- لليمنيين، رسالة صغيرة.
اختاروا مشروع الحياة، اختاروا البناء والتنمية، اختاروا إستعادة الكرامة، واستعادة مؤسسات الدولة، ولا تستسلموا لمشروع الموت الإيراني وأداته الإرهابية في صنعاء، وحدوا بندقيتكم وكلمتكم خلف شرعيتكم ومشروعها وتحالفها بقياد المملكة.
والشعب اليمني، في النهاية، هو من سيدفع ثمن اختيار أيٍّ من المشروعين:
مشروع يرى في جسده ساحة حرب مفتوحة، أو مشروع يرى في روحه حقًّا في حياة كريمة على أرضه.
اليمن يستحق أن يكون وطنًا للحياة لا مسرحًا لتجار الموت، وكل كلمة إنصاف، وكل رقم موثّق، وكل مشروع إعمار أو نزع لغم، هو لبنة في بناء هذا المستقبل الذي لا مكان فيه لمشروع الموت.






