السعودية.. خيار اليمن المنطقي في عالم ينتظم ضمن تحالفات
الساعة 03:55 مساءً

نرى العالم اليوم، كما هو عبر التاريخ، يعيد تشكيل نفسه على أساس تحالفات كبرى. فكل دولة، صغيرة كانت أو كبيرة، تبحث عن مشروع ينسجم مع مصالحها وقيمها وهويتها.

ورغم أن التحالفات تُبنى أساسًا على الجغرافيا، إلا أنها تُبنى أيضًا على الرؤية المشتركة وعلى الشعور بأن هناك مستقبلًا يمكن أن يُصنع مع الآخرين.

في منطقتنا، ظهرت خلال العقود الأخيرة مشاريع واضحة لبعض مراكز القوى مثل المشروع الفارسي والمشروع التركي، وأخيرًا المشروع العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية برؤية واضحة لإيجاد منطقة مستقرة، آمنة، وقوية اقتصاديًا.

وقد قطع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وعده بأن يكون الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة، وبدأت الخطوات الفعلية لهذا التحول: نهضة اقتصادية، مشاريع عملاقة، وبنية تحتية تجعل هذا المشروع مؤهّلًا للنجاح.

وإذا سألنا أنفسنا كيمنيين عن مصلحتنا وخياراتنا الواقعية، فإننا عندما نتحدث عن السعودية لا نتحدث عن دولة بعيدة؛ بل نتحدث عن الخيار الطبيعي لليمن، ليس فقط لأنها الشقيقة الكبرى والجار الأقرب، بل أيضًا لأن مشروعها لا يتصادم مع عقيدتنا ولا مع هويتنا ولا مع ثوابتنا، ولأن نجاح مشروع السعودية يتطلب يمنًا آمنًا ومزدهرًا. فمستقبل اليمن لن يكون إلا أفضل في ظل استقرار المنطقة ونجاح المشروع التنموي السعودي.

أما المشروع الفارسي، فلا يحمل لليمن إلا الصراع والتمزيق وإحياء خرافات الاصطفاء السلالي وقصص الأشتر وذو الخويصرة وباقي الحكايات المقزّزة.

والمشروع التركي، مع كامل الاحترام لتركيا، هو مشروع لبناء تركيا أولًا وأخيرًا، وليس لليمن فيه أولوية أو مصلحة مباشرة، وهذا ما يقوله منظّروهم علنًا، كما أننا لا نرتبط معهم بحدود ولا بهوية واحدة.

أما المملكة العربية السعودية، فنحن أكبر جيرانها، ومن البديهي أن تكون اليمن المستفيد الأكبر إذا استقرت المنطقة ودارت عجلة التنمية، لأن الأمن والنهضة في السعودية ينعكسان على اليمن مباشرة بشكل ضروري ولازم.

كما أن علاقتنا من الطبيعي أن تبقى ودية مع الجميع ممن لا يعادينا، ولا يعني وجودنا في تكتل أننا ضد الآخرين، خاصة وأن المشروع الذي تطمح إليه وتسعى له السعودية يقوم على الاستقرار والسلام مع الجميع.

أما خرافة أن السعودية تريد يمنًا غير مستقر فهي من السخافات التي تتكرر، ويؤسف أن بعض المثقفين يرددونها. وهذه خرافة يكذبها التاريخ ويكذبها الواقع.

فالسعودية دعمت الجمهورية منذ يومها الأول، وتحملت ميزانيات الحكومات المتعاقبة، وقدّمت مساعدات بلا توقف، واستوعبت ملايين اليمنيين ومنحتهم امتيازات خاصة.

ولم تسحب يدها عن دعم اليمن إلا بعد أن سحب اليمن، للأسف، نفسه يده بسبب قرارات غير مدروسة.

ومع ذلك، لم تُغلق السعودية أبوابها، بل عادت لتمد يدها لليمن في كل فرصة.

وعليه، فإن تحالف اليمن مع السعودية ليس مجرد عاطفة أو شعارات، بل هو الخيار المنطقي والعقلاني والبراغماتي.
لأنه يتوافق مع هويتنا وقيمنا. ولأنه الأفضل لمستقبل اليمن. ولأن مشروع السعودية هو المشروع العربي الوحيد القادر على حماية اليمن ودعم استقراره وتنميته.

ولهذا نقول بثقة: اصطفافنا مع مشروع المملكة العربية السعودية ليس مجرد موقف سياسي، بل هو قرار وطني يخدم مصلحة اليمن العليا قبل كل شيء.