بين فكي المقص
الساعة 10:34 مساءً

في خضم الزمن المتقلب، عشنا بين فصول من الثورة والنكبة، بدأ المشهد بالحكم الإمامي الذي ظل جاثم على أرض هذا الوطن المثخن بالجراح، وما إن حاول التعافي حتى حل علينا كابوس آخر، جماعة لا تقل همجية عن ذلك الحكم البائد الذي أعاد إلى أذهاننا ذكريات الماضي الأسود، وأصبحنا بين  تاريخيين أحدهما نكبة والآخر لعنة وما بين تاريخين كان هناك مجد وثورة وما بين المجد والزيف فرق كبير. 

فرق بين ثورة أعلن فيها قيام الجمهورية العربية اليمنية وسقوط الملكية ،ثورة كان الهدف منها وجود فرص أفضل وحياة متساوية، لا امتيازات طبقية فيها، ولا حكم بإرث ديني أو عرقي أو طائفي، ثورة لم تكن ضد نظام حكم مستبد فاسد أو مستعمر دخيل بل ثورة ضد ركود الحياة على الأرض أعادت للوطن جوهره ونقاؤه وسلامته من داء العبودية والظلم والجهل والظلام.

وما إن بدأ الجسد التعافي حتى حلت علينا نكبة الجماعات الإجرامية من يدعون الصلاح ،تلك الجماعة التي مارست الخبث باسم الدين، ونشرت التضليل والخرافات المتنافية مع أحكامه، وأعادت الملكية والعبودية وتقديس الأشخاص، تلك الجماعة التي لا تمت للدين بأي صلة ولا تفقه منه شيء، من سعت إلى ظلم الشعب وتجويعه ومصادرة كل أملاكة، واستدعت كل قواته لتكميم الأفواه وبث السموم وتخويف الناس وتروعيهم، تلك الجماعة الإجرامية التي زجت بالناس خلف قضبان السجون وصادرت حقوقهم وقيدت حرياتهم، هذه الجماعة التي أعادتنا إلى حكم الملكية والإمامة والجهل، وبتنا نصارع الخوف والجوع والفقر في آن واحد . 

وفي هذا الشهر الذي دوى فيه صوت قيام الجمهورية العربية اليمنية وسقوط الملكية، لا زال الشعب يعاني من هذه السلالة التي انتشرت في جسد الوطن ولم يتعافى منه، وبما أن الثورة تبقى في استمراريتها فإن ظروفنا الواقعية واحتياجاتنا الوطنية وما يمليه منطق الثورة أن نستعيد ذلك المجد من كل دخيل، واستعادة المكانة الحضارية والتاريخية والدفاع عنها والنيل من كل من يسعى للعودة بنا لتلك العهود المظلمة، ومقارعة الظلم ومحاربة الشائعات وإخماد الفتن بكل الوسائل، والوقوف صف واحد إلى جانب الثورة والثوار في مجابهة الحوثي وردعه والانتصار لمظالم الشعب وحماية حقوق الأفراد وفك القيد واعتناق الحرية وإنصاف المظلومين من لا حول لهم ولا قوة، بالحرف والسلاح والكلمة.