اليمن يترأس الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين الارياني: مليشيات الحوثي تواصل احتجاز المئات على خلفية نيتهم الاحتفال بذكرى ثورة سبتمبر الوزير الزنداني يصل العاصمة الإيطالية للمشاركة في منتدى حوارات روما المتوسطية "صحة مأرب" يوزع 53 ألف ناموسية مشبعة بالمبيد في مديريات الوادي وحريب ورغوان توقيع اتفاقية تنفيذ المرحلة الـ3 من مشروع العودة الى المدراس باليمن وكيل مأرب يشيد بالانجازات التي حققتها جامعة اقليم سبأ خلال سنوات محدودة الزُبيدي يناقش مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي وسفيري وهولندا وألمانيا عدد من القضايا المهمة تدريب 30 ناشطاً في سيئون حول رصد وتوثيق إنتهاكات حقوق الإنسان وزير الصحة يؤكد أهمية تطوير برنامج مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات محافظ الحديدة يدشن حملة طارئة للتغذية والتحصين تستهدف 45 ألف طفل
مطلع مايو 2017م، تلقّت أسرة القيادي التربوي مجلي فرحان، مكالمة مجهولة تخبرهم أن الأستاذ مجلي، توفّي في السجن بسبب "جلطة".
الأستاذ مجلي فرحان، هو من أبناء مديرية سحار بمحافظة صعدة، ويعمل مديراً لمكتب التربية والتعليم بالمحافظة.
منتصف عام 2016م، داهمت عناصر حوثية مسلّحة منزل الأستاذ مجلي بصعدة، واقتادته من بين أفراد أسرته إلى جهة مجهولة.
تعرّض مجلي للإخفاء القسري في سجون مليشيا الحوثي السرّية لنحو سنة ونصف، "دون السماح له بالتواصل مع أسرته، أو الحصول على أي حق من حقوقه القانونية"، وفق ما أكّدته منظمة سام للحقوق والحريات.
بعد هذه الفترة من الإخفاء القسري، علمت الأسرة من المكالمة المجهولة بنبأ وفاته، حيث أبلغهم المتصل أن "جثته بثلاجة المستشفى العسكري بصنعاء".
من هنأ بدأت مرحلة جديدة من الإجرام الحوثي، وفصل جديد من المعاناة بالنسبة لأسرة التربوي مجلي.
فعندما ذهب أفراد الأسرة إلى المستشفى المذكور لم يجدوا الجثة، لتبدأ "رحلة ممزوجة بالوجع بحثاً عنه ميتاً حتى وجدوه جثتة قد مزقها التعذيب في مستشفى الشرطة بصنعاء"، وفق "سام".
إبادة جماعية
تعد مأساة مجلي، نموذجاً مصغّراً لوحشيّة المليشيا الحوثية التي فاقت في وحشيّتها ودمويّتها أخطر العصابات الإرهابية عبر التاريخ. وقد وثّقت تقارير حقوقية محلية ودولية سلسلة من هذا النوع من الجرائم.
إلا أن هناك جرائم إخفاء قسري أخرى تنتهي بإبادة جماعية، وآخرها المقبرة الجماعية التي عثر عليها أهالي مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران والتي تضم رفات 16 مخفيًا قسراً لدى مليشيا الحوثي.
كانت المليشيا الحوثية قد اختطفتهم في العام 2010م بتهمة التعاون مع القوات الحكومية التي كانت تواجه حينها تمرّداً حوثيًا في صعدة.
على مدى 13 عاماً ظل أهالي حرف سفيان يبحثون عن ذويهم دون أن تفصح المليشيا الحوثية عن أي معلومة بشأن مكانهم ومصيرهم قبل أن يعثر على رفاتهم بكهف جبلي.
أظهرت الهيئة التي وُجد عليها الضحايا أن مليشيا الحوثي كانت قد قيّدت أيديهم إلى الخلف واقتادتهم إلى الكف، قبل أن تقوم بتصفيتهم وإغلاق بوابة الكهف عليهم في جريمة وحشيّة لم تشهدها البلاد من قبل.
سبق وأن عثر على مقابر جماعية لمدنيين وعسكريين أعدمتهم المليشيا الحوثية ميدانياً في شمال البلاد وجنوبها إلا أن هذه الجريمة كانت الأشد جرماً وبشاعة. فقد أقرّت المليشيا بعد اكتشاف المقبرة أنها قامت بتلك الجريمة ووعدت بتعويضات مالية للأهالي الذين تسيطر على مناطقهم.
جريمة مستمرة
يوم أمس، كشفت الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، في إحاطة مقتضبة بالتزامن مع اليوم الدولي للإختفاء القسري، عن ضلوع مليشيا الحوثي في إخفاء 1585 مدنياً. مضيفة أن 87 مدنياً ما يزالون مخفيون ليها حتى الآن.
فيما أكّدت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، أن مليشيا الحوثي أخفت قسراً 2406 مواطناً، بينهم 133 امرأة و117 طفلاً في 17 محافظة منذ يناير2017م وحتى منتصف العام الجاري 2023م، رافضة الكشف عن مصيرهم.
وبيّنت أن حالات الإخفاء شملت العمال والسياسيين والعسكريين والتربويين والأطباء والمحامين والنشطاء والطلاب والتجار والرموز المجتمعية والإعلامية والدنية والأكاديمية وحتى اللاجئين الأفارقة.
وكشفت الشبكة عن استحداث الحوثيين 128 سجناً سريًا بعد انقلابهم على الشرعية الدستورية أواخر العام 2014، ويستخدمونها لإخفاء المدنيين رجالاً ونساء.
من خلال التقارير، يظهر أن المرأة والطفل يأتيان على رأس ضحايا المليشيا الحوثية، وأن عشرات النساء ما يزلن مخفيّات قسراً بسجونها السرّية في أقصى درجات الإنتقام والإرهاب.
تعذيب مزدوج
تكشف شهادات الناجين من الإخفاء القسري لدى الحوثيين أنهم كانوا يعيشون معاناة مزدوجة، الأولى جراء التعذيب البشع الذي يتعرّضون له داخل السجن، والثاني جراء شعورهم بما تعانيه أسرهم في ظل اختفائهم الطويل والمخيف.
تصف منظمة سام، الإخفاء القسري بأنه "واحدة من أسوأ صور القمع والظلم التي يمكن للإنسان أن يواجهها؛ إذ يفقد الأفراد حريتهم وحقهم الإنساني الأساسي في العيش بكرامة".
وتوضح في تدوينات بالتزامن مع اليوم الدولي للمختفين قسرياً أن المخفيين "يتعرضون لتعذيب قاس، ويحرمون من الزيارة أو التعرض للشمس، إضافة إلى التعذيب النفسي بالإيهام بالقتل وغيرها". موضحة أن "كثيراً من المخفيين قسراً الذين أفرج عنهم يعانون من أمراض مزمنة أو إعاقة جزئية أو كلية".
ولا تتوقف الآثار السلبية للإختفاء القسري على الضحية فحسب، بل تؤثر أيضًا على عائلته وأفراد المجتمع المحيط بالضحية، وفق منظمة سام التي طالبت بإنهاء "الإخفاء القسري، وإعادة كرامة المحتجزين وحريتهم".
دمار شامل
تشير التقارير الحقوقية إلى أن الأثر النفسي والاجتماعي لجرائم الإخفاء القسري تتعدّى شخص الضحيّة إلى الإضرار بأسرته وبالمجتمع ككل، وخصوصاً جرائم إخفاء النساء والأطفال.
وتوضّح منظمة سام، أن "أهالي وأقارب الأشخاص المختفين قسرياً يعانون من عدم وجود أي معلومات عن أقاربهم المفقودين، مما يزيد من معاناتهم ويتركهم في حالة من القلق والانتظار الطويل فضلاً عن فقدان عائلهم الوحيد أحياناً".
وفي "أغلب الأحيان يتحمّلن النساء وطأة الصعوبات الاقتصادية الخطيرة التي عادة ما تصاحب حالات الاختفاء القسري". كما أن "فقدان أحد الوالدين عن طريق الاختفاء يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان المكفولة للطفل"، وفقاً لسام.
ويشمل الأثر النفسي والاجتماعي للاختفاء القسري على أُسر الضحايا والمجتمع: الحالة النفسية والعاطفية حيث يواجه أفراد أُسر المخفيين تأثيراً قوياً على صحتهم النفسية والعاطفية ويعاني الكثير منهم من القلق المستمر، الاكتئاب، وقد يشعرون بالذنب والضيق لعدم قدرتهم على حماية أحبائهم.
إضافة إلى "العبء المالي والاقتصادي، حيث يفقد الكثير من أُسر ضحايا الاختفاء القسري العائل الوحيد للأسرة، ما يؤدي إلى الحاجة إلى تغيير نمط الحياة والبحث عن سُبل لتوفير احتياجاتهم اليومية".
وكذا "تسرب الأبناء من المدارس والجامعات ويواجهون صعوبة في تحصيلهم الدراسي إما نتيجة عدم القدرة على توفير متطلبات إكمال دراستهم أو نتيجة انصرافهم لتوفير احتياجات أسرهم.
وقد ينتج عنه "ضغوط نفسية كبيرة وتوتر مستمر لأفراد أُسر المخفيين، ما يؤثر على صحتهم البدنية ويجعل بعضهم يعاني من مشاكل النوم، والأمراض الجسدية، والتعب المستمر، والضغط، والسكر". إضافة إلى "التوتر العائلي والعلاقات المتعثرة، إذ يمكن أن يتسبب الاختفاء القسري في التوتر العائلي وتدهور العلاقات الداخلية وقد تنشأ خلافات ونزاعات بين أفراد الأسرة".
إرهاب المجتمع
تؤكد منظمة سام، أن "المجتمعات تتأثر تأثيراً مباشراً من جراء اختفاء المعيل الوحيد للأسرة، إضافة إلى تأثرها من تدهور الوضع المالي للأسر وتهميشهم اجتماعياً".
وتوضّح أنه "غالباً ما استُخدم الاختفاء القسري كاستراتيجية لبث الرعب داخل المجتمع فالشعور بانعدام الأمن الذي يتولد عن هذه الممارسة لا يقتصر على أقارب المختفي، بل يصيب أيضًا المجتمع المحلي".
انتهاكات جسيمة للقانون الدولي
فريق خبراء مجلس الأمن المعني باليمن، قال في تقريره الصادر في يناير 2019م، إنه وثَّق ثماني حالات اختفاء قسري أبقي الحوثيون فيها المحتجَزون في أماكن مجهولة لذويهم لفترات تتراوح بين ثلاثة أشهر وأربع سنوات. وفي خمس من تلك الحالات، لا يزال مصير المحتجَزين مجهولا لذويهم.
وفي تقريره الصادر بداية يناير 2023، قال الفريق الأممي، إن الحوثيين في صنعاء والحديدة والبيضاء وأماكن أخرى واصلوا الاحتجاز التعسفي لآلاف المدنيين، معظمهم في أماكن سرية.
وأكد أن الحوثيين يعرضون "المحتجزين لسوء المعاملة والعنف (بما في ذلك العنف الجنسي) والتعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة المهينة واللاإنسانية، في انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية".
وخلص الفريق، استناداً إلى شهادات الضحايا والمعلومات التي قدمها أفراد الأسر ومصادر من المنظمات غير الحكومية، إلى أن "الحوثيين يواصلون إخضاع المدنيين، بمن فيهم النساء، للإختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب، مما يشكّل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي".