الرئيسية - الأخبار - "الفكر الزيدي المبكر".. كتاب يكشف الوجه الخفي للمشروع الطائفي القائم على نفي الأمة وتكفير الصحابة
"الفكر الزيدي المبكر".. كتاب يكشف الوجه الخفي للمشروع الطائفي القائم على نفي الأمة وتكفير الصحابة
الساعة 11:12 مساءً الثورة نت/ الأخبار

كشفت دراسة فكرية وتاريخية موسّعة عن الوجه المؤسس للفكر الزيدي، من خلال تحليل عميق للتراث الأصلي لأئمة الزيدية الأوائل، سواء في اليمن أو في مناطق الديلم بإيران، منذ نشأتها وحتى نهاية القرن السادس الهجري، مؤكدة أن الزيدية في صورتها المبكرة لم تكن كما تروج لها الأدبيات السياسية، بل نشأت كمذهب مذهبي صرف، يقوم على مشروع إمامي يُقصي الأمة، ويُكفّر صحابة النبي، ويؤسس لمنظومة دينية سياسية تعتبر الخروج على الحاكم الأصلي من لوازم الإيمان.

الكتاب الصادر بعنوان الفكر الزيدي المبكر- حكمة يمانية للباحث الدكتور عبدالمجيد محمد الغيلي، يعد أول دراسة توثيقية تحليلية تعتمد فقط على كتب الزيدية أنفسهم، دون الرجوع إلى مصادر الخصوم أو كتب الفرق، ما يمنحها مرجعية داخلية قوية في تقييم التراث الزيدي من منبعه الأول.

حلل المؤلف أكثر من 90 كتابًا ورسالة أصلية من تراث الزيدية، وركز على مواقفهم من الإمامة، والصحابة، وأهل البيت، والأمة، والعصاة، والمخالفين، بمنهج تتبعي رصين يكشف تطور المفاهيم الزيدية من زيد بن علي إلى عبد الله بن حمزة، ومن الجارودية إلى زيدية اليمن والديلم.

تفيد الدراسة أن الزيدية لا تعترف بخلافة أبي بكر أو عمر أو عثمان، وتراهم مغتصبين للسلطة الدينية، وتصفهم بالكفر والفسق والظلم. كما تذهب نصوصهم إلى تكفير أو تفسيق الصحابة الذين لم يناصروا عليًا، أو تأخروا عن بيعته، ويُوصَف طلحة والزبير ومعاوية وعائشة بأنهم من أعداء الله ورسوله. ويورد الكتاب عشرات النصوص الزيدية التي تتهم الصحابة بالكذب، وتدينهم بالتآمر على أهل البيت.

وعن الأمة، تؤكد الدراسة أن الفكر الزيدي المبكر يرى أن عامة المسلمين الذين لا يوالون أئمة الزيدية هم أعداء الدين، وأن ديارهم تعتبر دار حرب، تباح فيها أموالهم، وتسقط عدالتهم، بل ويكفّرون بعض فرق المعتزلة، وأهل السنة، والمطرفية، فضلاً عن الإمامية الذين رفضوا إمامة زيد بن علي.

يميز الباحث بوضوح بين تيارين رئيسيين للزيدية: تيار يمني وتيار ديلمي، موضحًا أن اللقاء بينهما تبلور عند عبد الله بن حمزة في القرن السادس الهجري، حيث التقت فيه عقائد الجارودية، ومفاهيم المعتزلة، والتطبيقات السياسية للزيدية في رؤية واحدة.

كما يوضح المؤلف أن الزيدية لا تجوّز إمامة المفضول مع وجود الفاضل إلا ضمن ذرية الحسن والحسين، وترى أن الإمامة أصل من أصول الدين، ومن لم يعتقد بها، أو شك فيها، أو تهاون في بيعة الإمام، فهو عندهم كافر تجب إقامة الحد عليه.

وفي جانب العلاقة مع المعتزلة، يكشف الكتاب أن الزيدية تبنّت بعد القرن الرابع الهجري أغلب آرائهم الكلامية، خصوصًا في العدل والتوحيد، مع احتفاظها بنسختها الخاصة من الفكر الإمامي والعصمة، وتكفير المخالفين، واحتكار التأويل الديني.

الكتاب الذي تجاوز 680 صفحة يُعد أوسع وأدق دراسة معاصرة توثق جذور الفكر الزيدي من مصادره الأصلية، ويطرح تحديًا صريحًا أمام مؤسسات الدولة الدينية والإعلامية والثقافية لمراجعة الافتراض السائد بأن الزيدية أقرب المذاهب إلى أهل السنة، وهو زعم لا تصمد أمامه مئات النصوص الواردة في كتب المؤسسين، التي تصف الأمة بالضلال، والصحابة بالغدر، والدولة الإسلامية الأولى بالانحراف.