الزُبيدي يناقش مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي وسفيري وهولندا وألمانيا عدد من القضايا المهمة تدريب 30 ناشطاً في سيئون حول رصد وتوثيق إنتهاكات حقوق الإنسان وزير الصحة يؤكد أهمية تطوير برنامج مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات محافظ الحديدة يدشن حملة طارئة للتغذية والتحصين تستهدف 45 ألف طفل تعيين محمد اليامي مديراً عاماً لاتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي الأردن: مقتل شخص والقبض على 6 آخرين أثناء إحباط محاولتي تسلل البرلمان العربي يرحب بإصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو 44211 شهيدا و104567 مصابا حصيلة ضحايا العدوان على غزة باصهيب يبحث آلية متابعة وتقييم المشاريع التي ستنفذ العام القادم فقيرة يلتقي رئيس الدائرة العربية والشرق أوسطية في الخارجية الأردنية
أسئلة مباشرة وانتقادات جريئة وضعها أبو الأحرار محمد محمود الزبيري، في كتابه "المنطلقات النظرية في فكر الثورة اليمنية"، والذي أعده في السنوات الأخيرة قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م، وصدرت الطبعة الأولى منه عام 1982م.
درس الزبيري، في هذا الكتاب الحركات الثورية اليمنية، وأبطالها، والمجال الشعبي الذي انطلقت فيه. مستعرضاً مبررات الثورة، ومثلها العليا، والمثبّطات لاتساع الحركة الثورية، والعوامل المقاومة للثورة في الداخل والخارج. منتقداً أخطاء الرعيل الأول من ثوار اليمن ضد الإمامة.
واستعرض الكتاب أسباب فشل الثورتين في اليمن (ثورة الدستور 1948م وحركة 1955م)، وسر تمكّن الأئمة من إخماد الحركات الثورية قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م.
أسباب الفشل
وذكر الزبيري، عدّة أسباب لفشل الحركات الثورية ضد الأئمة، منها "مقدرة الإمام على الخداع والتسويف في الداخل والخارج. إضافة إلى "اختلاف قادة اليمن الكبار وانقسامهم وانسياقهم تحت توجيه الإمام".
وقال إن من أسرار قوة الاماميين "قدرتهما الهائلة على التمثيل والخداع وعلى التفريق والتمزيق". واصفاً هذا بأنه "سلاح مدمر". مؤكداً أن الإمام يحيى استخدمه منذ بدء حكمه وكان "لا يستعين بجمع من الرجال إلا وفرق بينهم وأثار التنافس وأجج نار الحقد في قلوب بعضهم ضد البعض الآخر".
وأضاف: "إذا استعرضنا تاريخ الإمام يحيى والإمام أحمد وجدنا أن من أسرار قوتهما ونفوذهما وبقائهما في الحكم مقدرتهما الهائلة على التمثيل والخداع واللعب بعواطف اليمنيين والسخرية بعقولهم، لا السجون ولا السيوف ولا الخناجر".
وعن موقف المجتمع اليمني، يقول الزبيري، إنه كان مهيأ للثورة. معتبراً "الجماهير الكادحة المظلومة المتذمرة التي هي الصانعة الحقيقية للأحداث، وهي الينبوع الأول لنضال الأحرار، والملهم الأول لمبادئهم وأهدافهم ومثلهم العليا. وما حركة الأحرار إلا "استجابة طبيعية" لروح هذه الجماهير.
الرعيل الأول
تتبع الزبيري، الحدود الزمنية والاجتماعية لنشوء فكرة الأحرار. ووجد تطوراً خطيراً حدث في اليمن أثناء "الحرب الامامية- السعودية". وقال إن هذه الحرب أحدثت هزّة شديدة في حياة اليمن، وكشفت عن مساوئ الحكم المتوكلي، وأزاحت الستار عن حقيقة موقف الشعب من هذا الحكم".
فحينها، يقول الزبيري، إن الفئة المتنورة أدركت أن "الشعب يعيش في كارثة، وانطلقت تتحدث إلى الناس في صراحة وتنتقد الأوضاع وتبشّر بالإصلاح وتنمّي جذور الحركة الحرة النامية التي اضطلعت فيما بعد بالأحداث الجسام...".
وتطرق إلى تطور الحركة الثورية بداية من "تصدى جماعة من الشباب منفردين ومجتمعين لنصح الإمام يحيى ومطالبته بالإصلاح غير أن الجهود كلها في عدة سنوات ذهبت عبثاً". وحينها "تأكد للأحرار أن كل محاولة لإقناع الإمام والتأثير عليه إنما هي ضرب من خداع النفس وخداع الشعب معاً".
فقد كان الحكم الإمامي، وفق الزبيري، "مطلقاً من كل القيود حتى من قيود الاعتبارات الديكتاتورية نفسها". مضيفا أن "شعور هذا الفرد بأن سلطته مستمدة من السماء جعلته يسقط كل قيمة للشعب وكل حق من حقوق الملايين".
مقاومة الاستبداد
وصف الزبيري، اليمن في عهد حكم الأئمة بأنها "مقبرة مغلقة" أقفلت على "عقلية الشعب وحركته وتطوره. واصفاً الأوضاع فيها بأنها "أسوأ مما كانت تعيش في العصور الوثنية".
وهذا الوضع "أملى على الطبقة الواعية الحرة أن تجعل من أهدافها الأولى (مقاومة الاستبداد). موضحاً أنه "بدون ذلك لا يمكن أن يتطور الشعب تطوراً طبيعياً ولو بعد نصف قرن".
وإجمالاً، قال الزبيري، إن الأحرار نظروا إلى "حالة الشعب بصورة عامة فوجدوا الخراب والدمار يشمل كل جزئية من جزئيات الحياة اليمنية، ووجدوا الشقاء يجثم على كل صدر". مستعرضًا لمحة خاطفة من صور هذا الدمار. وقال إن "اللغة لتعجز عن تسجيل هذا الواقع الرهيب".
المثل العليا
استعرض الزبيري، المثل العليا التي وضعها الأحرار لحركتهم الثورية، والتي اتسمت بلغة العموم وتمثّلت في: سعادة الشعب، وحكم الشعب، ووحدة الشعب، واستقلال الشعب، والاتحاد العربي.
وعن سبب هذا التعميم والشمول، أوضح الزبيري أن "الأحرار لا يستطيعون أن يضعوا حدوداً لمجال نهضتهم المرتقبة لعلمهم أن اليمن بحاجة لكل شيء؛ لأنها مفلسة من كل شيء".
وأضاف أن الأحرار "جعلوا مقاومة (الحكم الاستبدادي القائم) الخطوة الأولى في برنامجهم لاعتقادهم الراسخ أن اليمن لا يمكن أن تخطو خطوة إلى التطور ما دام الشعب اليمني في قبضة حكم فردي خانق".
أخطاء المرحلة
حدد الزبيري، أربعة أخطاء لحركة الأحرار في المرحلة الأولى من الثورة، التي وصفها بأنها مرحلة "بدائية كانت الحكومة الإمامية فيها ساذجة لم تمسسها تجربة وكذلك كان الأحرار".
وتمثّل الخطأ الأول، في أن الأحرار واجهوا الشعب بالأفكار الحديثة التي أخذوها من "الكتب والصحف أخذاً مقلداً"... فظهروا أول ما ظهروا على الناس بأفكار جديدة كل الجدّة".
وكان لهذا الخطأ، وفق الزبيري، ثلاث نتائج: أولها أنه "نبه الإمام يحيى مبكرًا لمقاومة حركة الأحرار بشدّة. وثانياً، أفقد الأحرار فرصة اللقاء مع الشعب، وخلق بينهما حاجزاً ولو إلى حين. وثالثها "أطال عمر الطغيان فترة من الزمن".
والخطأ الثاني "تعثّر حركة الأحرار لوقوع الشبان الواعين في أحابيل السيف أحمد، إذ أن سر نفوذ الإمام يحيى ونجله أحمد يكمن في قدرتهما على الخداع، وإثارة التنافس بين اليمنيين". فيما تمثّلت "نقطة التحوّل في عقلية الشعب هي اكتشافهم سر الإمام وخداعه".
وتضمّن الخطأ الثالث أمرين: خلق هوّة بين الأحرار وبين القاعدة الشعبية في عدن. وعدم اعتمادهم "الكفاح الشاق" فقد ظلوا "ينتظرون عون الأحرار التجار قبل أن يؤمن هؤلاء التجار إيماناً قوياً بالقضية اليمنية".
فيما تمثّل الخطأ الرابع، بخسارة الأحرار "مركز الثقل" في الداخل، فقد التقت القبائل بالأحرار في عدن "وقدموا العهود والمواثيق بأن يقوموا بالثورة تحت قيادة الأحرار مشترطين أن تتقدم قيادة الأحرار إلى حدود المحميات ومعهم بعض المال والذخيرة لتموين أسلحة الثوار". وهو ما عجز عنه الأحرار لعدم امتلاكهم المال والذخيرة. وكذا عدم امتلاكهم مركزاً في المحميات كقاعدة للوثبة.
مسؤولية الشعب
دافع الزبيري، عن موقف الأحرار، وقال إنهم "أخطأوا في الثورتين لأنهم عملوا وحدهم ولأن الغالبية العظمى خذلت كفاحهم ووضعت على عواتقهم الأعباء الجسام ونظرت إلى تضحياتهم في حياد أثيم".
وأضاف: "الأحرار اليمنيون جزء من الشعب اليمني والقضية اليمنية ليست قضيتهم وحدهم وليست إرثاً عائلياً ورثوه إنما هم أحسوا بآلام الشعب فتقدموا نيابة عنه كله". مضيفاً أن "تقدمهم للقضية لا يسقطها عن الشعب ولا يعفي طبقاته المختلفة عن التبعات والمسؤوليات أمام التاريخ".
ووفقاً للزبيري، فإن اليمن كانت "تعيش في مأساة واحدة، وإحساس واحد، وتتطلع كلها إلى الخلاص". معتبراً أن الخطر والخسران واقع من "الهوّة العميقة" التي تفصل بين القبائل والمدنيين، وبين القبائل نفسها، وبين الشمال والجنوب، وبين الجبال وتهامة.
وقال إن "الوحشة بين الفريقين أسرع إلى جر البلاء، وأفسد لحركة الشعب من أي شيء آخر".
روح اتكالية
هاجم الزبيري، ما أسماها "الروح الاتكالية" لدى الشعب اليمني. وقال إنها "تشل قوّة الشعب وتؤجل تحريره إلى أجل غير مسمّى".
وأضاف مخاطباً الشعب: "أيها اليمانيون.. استيقظوا وتنبّهوا واعرفوا عيوبكم وأخطاءكم، والعنوا هذه الروح الاتكالية، وحاربوها في أنفسكم وفي من تتصلون بهم؛ فإنها من أهم أسباب الكارثة التي تحل بأمّتكم".
وأكد الزبيري، أن "اليمن لن تسترد كرامتها وعزتها إلا يوم يوجد في بَنِيْها عشرات من المناضلين- على الأقل- يرضون بالجوع حتى الموت، وبالسجن حتى نهاية العمر، وبخراب البيوت حتى آخر حجر فيها، ويتقدمون إلى العمل الوطني على أساس النصر أو الموت".
وحذّر من "النكوص عن التضحية". موضحاً أن هذا يعني "في نواميس الاجتماع الترحيب بالعبودية، وبكل ما تجرّه العبودية على صاحبها من ويلات". فيما "الإقدام على احتمال الأضرار في المعركة النبيلة يعتبر وقاية لصاحبه من أضرار أفدح تنزل به ذليلاً مضطهداً".
الميثاق الوطني
وأورد الكتاب "مشروع الميثاق الوطني" الذي كان قد أعده الأستاذ الزبيري بين عامي 1963- 1964م ليكون أداة فكرية تجمع اليمنيين على مختلف مشاربهم، ولكن ظروفاً حالت دون ظهوره".
وتضمّن مقدمة تحليلية للواقع اليمني. واستعرض نظرات في طبيعة الشخصية اليمنية ومحتواها. وتناول واقع الشعب الأليم "شديد التخلف" بسبب الحكم الإمامي الذي انحدر به إلى وضع منهار لا مثيل له في واقعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأخلاقي.
فعن الوضع السياسي العام، قال إنه كان "وحشيًا وقاسيًا ورهيبًا، وعلى درجة من الوحشية والقسوة والرهبة، جعلت ذلك الوضع يبدو شاذًا وغريبًا، ويصعب الحكم عليه بمقاييس العصر الحديث".
وعن نوعية سلطات الإمام، قال إنها كانت "واسعة إلى أبعد مدى، شاملة إلى أقصى حد، ففي موقف واحد قد يصدر الإمام أمرًا (بقطع رأس)".
حقد على البلاد
تحدث عن كره الأئمة لليمن، وقال إنهم "لا يحبون هذه البلاد، ولا يزدهيهم تاريخها وأمجادها، بل إن كلمة (الوطن) و(اليمن) و(معين) و(سبأ) و(حمير) و(قحطان ) و(مارب) و(صرواح) و(ظفار) وغير ذلك من الكلمات إذا هي جاءت في معرض التمجيد والاعتزاز أثارت فيهم أمارات الغضب الشديد والامتعاض المرير".
وعن مصلحة البلاد بالنسبة للأئمة، قال الزبيري: "لا ينتظر منهم أن يرعوا لهذه البلاد مصلحة ولا أن يصدر منهم عمل لخيرها وسعادتها ورقيها، فإذا هم صنعوا شيئا فيه نفع عام فلأنه يحقق مصلحتهم الخاصة أولًا، أو للضرورة حتى يمتصوا النقمة الشعبية العارمة حينما تصل إلى حد يخشونه على مصالحهم أو وجودهم، فيضعون (رتوشاً) زائفة لعمل ما حتى يخدعوا به الناس".
ولفت إلى حرمان الأئمة للمواطنين من ممارسة أبسط الحقوق السياسية، قائلاً: يكفي أن تذكر أنه لم يكن هنالك دستور ولا قانون، ولا انتخابات من أي نوع، ولا تمثيل شعبي عام أو بلدي، ولا مجلس تشريعي، ولا مجلس تنفيذي، ولا منظمات شعبية سياسية". وبالطبع كانت المرأة كمًا مهملًا لا قيمة له.
وعن الوضع الاجتماعي في ظل الحكم الإمامي، قال الزبيري، إنه كان "وضعًا متفسخًا شديد الانحلال والتهرؤ، وكانت كل الآفات والأمراض الاجتماعية تنخر في جسم الشعب، وتسحق وجوده المادي والمعنوي، وتهدد كيانه الاجتماعي تهديدًا خطيراً. وكان على رأس هذه الآفات والأمراض، تلك الأقانيم الثلاثة: الفقر والجهل والمرض".
وعن الوضع الاقتصادي، قال إن "أقل ما يقال فيه أنه كان وضعًا متخلفًا تخلفًا شديدًا. فقد كان اقتصادًا فقيرًا إلى أبعد مدى، وكان بسيطاً معتمدًا اعتمادًا تامًا على مصدر واحد هو الزراعة".