الرئيسية - الدين والحياة - مدرسة◌ْ‮ ‬ومسجد النظاري‮ ‬ببعدان‮.. ‬شاهد◌َ‮ ‬من زمنö‮ ‬العöلúمö‮ ‬الزاخر‮‬
مدرسة◌ْ‮ ‬ومسجد النظاري‮ ‬ببعدان‮.. ‬شاهد◌َ‮ ‬من زمنö‮ ‬العöلúمö‮ ‬الزاخر‮‬
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

استطلاع وتصوير‮/‬فايز محيي‮ ‬الدين البخاري –

‮> ‬تقع في‮ ‬منطقة النظاري‮ ‬منطقة بعدان محافظة إب‮ ‬‭ ‬والتي‮ ‬تبعد عن العاصمة صنعاء‮ (‬193كم‮ ) ‬جنوباٍ‮. ‬وتعد منطقة بعدان من أجمل مناطق اليمن وأكثرها خيراٍ‮ ‬وأوفرها أمطاراٍ‮ ‬وتكثر فيها المدرجات الزراعية‮ ‬التي‮ ‬أقامها السكان على المنحدرات وسفوح الجبال‮ ‬‭ ‬وتضم المنطقة العديد من المواقع الأثرية والتاريخية والسياحية منها‮ : ‬مدرسة النظاري‮ ‬التي‮ ‬تتألف من فناء مكشوف‮ ‬يتقدمه من الجهة الشمالية بيت للصلاة‮ ‬يغطيه سقف من المصندقات الخشبية المنفذ عليها بالألوان زخارف هندسة بديعة تعكس براعة الفنان الذي‮ ‬قام بتنفيذها‮ ‬ويحيط بالفناء المرافق اللازم توافرها في‮ ‬مدرسة كانت أحد مشاعل العلم في‮ ‬العصر الإسلامي‮ ‬فقد درس فيها الفقيه الفاضل أبو محمد الحسن بن علي‮ ‬بن‮ ‬يحيى بن فضل‮ (‬ت718‭/‬1318م‮)‬‮ ‬وكذالك المقرئ الأجل شمس الدين على بن عمر بن منصور الأصبحي‮ (‬790ه‮/‬1388م‮) ‬والذي‮ ‬كان مشهوراٍ‮ ‬بعلم القراءات السبع‭ ‬وغيرهم من العلماء على مر الزمن‮.‬

لقد كانت المدرسة مركز إشعاع للعلم والمعرفة في‮ ‬منطقة فاتنة مثلت مصدراٍ‮ ‬لإلهام الشعراء والكتاب والفنانين واستقطبت أعداداٍ‮ ‬كبيرة من السياح الوافدين إلى اليمن‮.‬ حين قررتْ‮ ‬زيارتها كانت الانطلاقة من مدينة إب الفاتنة باتجاه‮ ‬جبل بعدان الذي‮ ‬يحتضن مدينة إب من جهة الشرق بحنوُ‮ ‬متناه‮.. ‬كان الوقتْ‮ ‬بعد صلاة‮ ‬العصر‮ ‬من أول أيام شهر رمضان الكريم‮ ‬وكان المطر وغيث السماء‮ ‬قد أقلعِ‮ ‬للتو‮ ‬بعد أنú‮ ‬تركِ‮ ‬خلفِهْ‮ ‬مناظرِ‮ ‬بديعة اختلطِت فيها المشاهد الطبيعية بين بساطُ‮ ‬أخضر وثمارُ‮ ‬ناضجة وسنابل‮ ‬يانعة وبحيراتُ‮ ‬صفراء اللون مختلطة بالطينوشلالات سيولُ‮ ‬صافية تتدفق من صدور الجبال الشامخة التي‮ ‬تقابلنا في‮ ‬كل أرجاء المكان‮.‬ حين‮ ‬يممتْ‮ ‬وجهي‮ ‬نحو جبل بعدان كنتْ‮ ‬أْدركْ‮ ‬تماماٍ‮ ‬أني‮ ‬على موعدُ‮ ‬مع أحد أهم وأجمل أربطة العلم الدينية في‮ ‬بلادنا وأكثرها شْهرة‮.‬ مدرسة ومسجد النظاري‮ ‬الذي‮ ‬بني‮ ‬في‮ ‬القرون المتأخرة خلال فترة الحكم العثماني‮ ‬في‮ ‬اليمن حين كان‮ ‬يحكم آل النظاري‮ ‬من حصن حب التاريخي‮ ‬معظم المناطق المحيطة بحصن حب وفي‮ ‬تلك الفترة بنوا هذا المبنى التاريخي‮ ‬الذي‮ ‬يقع اسفل حصن حب باتجاه الشمال ويقع اليوم بالقرب من الخط الاسفلتي‮ ‬الذي‮ ‬يمر بوسط مديرية بعدان باتجاه مديرية الشعر وجبل المنار ومدرسة النظاري‮ ‬وجامعها لاتزال تحافظ على هيئتها القديمة الى أقصى حد ولاتزال جدرانها وأروقتها بحالة جيدة كونها ظلت عامرة طوال القرون التي‮ ‬مضت منذ بنائها وحتى اليوم بسبب وقوعها وسط تجمع سكاني‮ ‬كثيف من قرى مديرية بعدان التي‮ ‬تعج بالسكان فضلا عن وجود أموال وقف تم إيقافها لصالح هذه المدرسة التي‮ ‬كانت ومازالت محجة الكثير من طلاب العلم الذين‮ ‬يتقاطرون إليها من الكثير من المناطق المجاورة‮.‬

التواجد العثماني‮ ‬ ‮> ‬النظاري‮ ‬باني‮ ‬هذه المدرسة كان أحد اليمنيين الذين لعبوا دوراٍ‮ ‬مهما في‮ ‬التصدي‮ ‬للحملات العثمانية على اليمن واستطاع من موقعه الحصين في‮ ‬حصن حب أن‮ ‬يكبد الأتراك خسائر جسيمة اضطرهم في‮ ‬الأخير بقيادة الوالي‮ ‬العثماني‮ ‬محمود باشا إلى اللجوء للحيلة والخديعة من أجل الايقاع بالنظاري‮ ‬الذي‮ ‬انطلتú‮ ‬عليه وعود الوالي‮ ‬التركي‮ ‬محمود باشا والتقى به على سبيل المصالحة نزولاٍ‮ ‬عند رغبة البعض الذين ظنوا بالوالي‮ ‬التركي‮ ‬الخير ولم‮ ‬يكونوا‮ ‬يتصورون وهو مسلم أنهْ‮ ‬سيغدر بزعيمهم النظاري‮ ‬الذي‮ ‬تم قتله‮ ‬غيلة وخديعة من قبل محمود باشا العثماني‮.‬ وهذا ما‮ ‬يفسر لنا مكانة النضاري‮ ‬السامية ومدى القوة والمنعة التي‮ ‬كان‮ ‬يتمتع بها آنذاك‮ ‬وهو الأمر الذي‮ ‬مكنه من بناء هذه المدرسة الفذة في‮ ‬بنائها وطابعها المعماري‮.‬ مدرسة النظاري‮ ‬مع مسجدها لا‮ ‬يزالان عامرين ويقعان في‮ ‬مدينة أو بالأصح في‮ ‬مدخل مدينة طبيع التي‮ ‬تمثل قلب مديرية بعدان ومفترق طرق عديدة وإليها‮ ‬يتقاطر الناس من كل حدبُ‮ ‬وصوب لوجود السوق اليومي‮ ‬فيها‮ ‬فضلا عن الطبيعة الخلابة التي‮ ‬تتمتع بها هذه المنطقةوالتي‮ ‬توجت هذا الجمال الرباني‮ ‬الساحر بمبنى مدرسة النظاري‮ ‬البديع الذي‮ ‬يقف بشموخ وإباء وسط المروج الخضراء التي‮ ‬تحيط به من كل جانب‮.‬

ألوان زاهية ‮> ‬ما‮ ‬يسحر الزائر لمدرسة النظاري‮ ‬منذ رؤيتها‮ ‬حفاظها على طابعها المعماري‮ ‬الذي‮ ‬كانت عليه منذ نشأتها‮ ‬فضلاٍ‮ ‬عن الموقع البديع الذي‮ ‬تتوسطه وتطل عليهوفوق هذا وذاك طبيعة البناء وتشكيلاته تعد من أهم الميزات التي‮ ‬تتمتع بها مدرسة النظاري‮ ‬لأن الجامع‮ ‬يقع في‮ ‬جهتها الشمالية ومبني‮ ‬من الحجر الأحمر المطرز بالأحجار الخضراء فيما بقية الابنية والأسوار وأماكن الطلاب والحمامات وساحات الاستراحة والتدريس مطلية باللون الابيض ما‮ ‬يجعل البناء بشكل عام‮ ‬يشع بهاء وسحرا وجمالا‮ ‬يخطف الابصار ويأخذ الألباب‮…‬ ومن الجميل توسط ساحته من جهة الغرب بقبة صغيرة‮ ‬ينحدر منها الماء الذي‮ ‬يصل اليها من أعالي‮ ‬جبل حصن حب وهذه القبة تسمى السقايةوهناك العديد من هذه السقايات المنتشرة في‮ ‬المنطقة والتي‮ ‬كانت تبنى على طريق المسافرين للشرب ولا‮ ‬يزال البعض منها بحالة جيدة والبعض مازالت تستخدم للغرض نفسه وإنú‮ ‬بطريقة المواسير الحديثة بدلاٍ‮ ‬عن السواقي‮ ‬القديمة التي‮ ‬كانت توصل الماء إلى هذه السقايات من منابع العيون والغيول في‮ ‬أحضان الجبال وبطون الأودية‮…‬

معالم أثرية ‮> ‬ومما‮ ‬يحسب لهذه المدرسة أنها تمتلك أموالاٍ‮ ‬موقوفة لصالحها وتقع وسط تجمع سكاني‮ ‬يتعهدها بالرعاية والاهتمام‮ ‬فضلاٍ‮ ‬عن وجود لوحة تعريفية بجوارها‮ ‬يشاهدها المرء وهو‮ ‬يمر من الطريق الاسفلتي‮ ‬بكل وضوح‮ ‬وهذه اللوحة لها أهمية كبيرة رغم بساطتها وقلة تكلفتها لأنها تعرف كل من‮ ‬يمر من جوار هذه المدرسة بهذا المِعúلِم‮ ‬التاريخي‮ ‬الهام الذي‮ ‬قرأنا عنه في‮ ‬كْتْب التاريخ ولم نشاهده عيانا‮…‬ وكم من مناطق تاريخية ومعالم أثرية نمر من جوارها أو بالقرب منها ولا نعلم عنها شيئا لعدم وجود مثل تلك اللوحة التعريفية التي‮ ‬ترشد كل زائر لهذه المعالم التي‮ ‬نحن بحاجة ماسة للتعريف بها والترويج لها‮ ‬لأننا لو استغللنا مخزوننا الحضاري‮ ‬لأغنانا عن كثير من الموارد الناضبة ولجعل اليمن محجة وقبلة للكثير من سائحي‮ ‬العالم‮.‬