صادرات السعودية غير النفطية ترتفع 22.8 بالمائة في سبتمر 2024 العميد الأكحلي: شرطة تعز ماضية في تثبيت الأمن والاستقرار بالمحافظة اللواء الجبولي: الوحدة 16 طيران مسير تلعب دورًا محوريًا وحاسما في ميدان المعركة قائد لواء الريان بالمنطقة العسكرية الثانية يؤكد أهمية تعزيز الحس الأمني تدشين برنامج الطبيب الزائر الـ41 لجرحى القوات المسلحة في مأرب انطلاق البطولة الثانية لكرة اليد لأندية محافظة مأرب اليمن يترأس الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين الارياني: مليشيات الحوثي تواصل احتجاز المئات على خلفية نيتهم الاحتفال بذكرى ثورة سبتمبر الوزير الزنداني يصل العاصمة الإيطالية للمشاركة في منتدى حوارات روما المتوسطية "صحة مأرب" يوزع 53 ألف ناموسية مشبعة بالمبيد في مديريات الوادي وحريب ورغوان
د. يحيى بن يحيى المتوكل –
كنت قد وعدت في مقالة سابقة بالعودة والحديث عن ما سمي بالـ”الرؤية الاستراتيجية لليمن 2025م” وهي الوثيقة التي أعدت في مطلع الألفية الجديدة مع استحقاق إعداد الخطة الخمسية الثانية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (2001-2005م) وفق النص الدستوري في المادة التاسعة والتي تؤكد على أن:” تقوم السياسة الاقتصادية للدولة على أساس التخطيط العلمي بما يكفل الاستغلال الأمثل لكافة الموارد وتنمية وتطوير قدرات القطاعات في شتى المجالات لتحقيق غايات وأهداف المجتمع في إطار الخطة العامة للدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.”. وقد أشرت في مقالتي السابقة إلى أن ما دفعني للحديث عن هذا الموضوع هو نهجنا الخاطئ في إلغاء كل ما أتى من قبل أو ما هو مرتبط بالماضي حتى لو كان نافعاٍ إذ أن الرؤية الاقتصادية الجديدة التي تْعد حالياٍ من قبل الحكومة لم تطلع على الرؤية السابقة بغرض تقييمها وتحديد القضايا التي تحتاج إلى تعديل أو تطوير وإبراز ما ينبغي التركيز أو البناء عليه وكأن واقع حالنا ومنهج فريق العمل هو رفض كل ما هو موجود بغض النظر عن فائدته من عدمها بالإضافة إلى انزعاجي بأن تتم الإشادة بالرؤية الجديدة والانتقاص مما سبقها من حيث اعتبار أنها أول من اعتمد إشراك المحافظات في إعداد تصوراتها وخططها وأول من عرضها في حلقات نقاش على المستوى المحلي…. الخ. وهو أمرَ مجافُ للحقيقة بكل أبعادها حسبما وضحت سابقاٍ وسأذكره مجدداٍ أسفل هذا. وينبع مبرري أيضاٍ للحديث عن هذا الأمر اطلاعي الكامل على تلك التجربة بإيجابياتها وأخطائها. وكلما أبتغيه من هذه المقالة هو إتاحة الفرصة للقارئ العادي وكذلك للمتخصص أن يطلع على إطار وملامح تلك الرؤية وكذلك خلفياتها وهي متاحة لدى وزارة التخطيط والتعاون الدولي لمن أراد أن يعود إليها بالكامل وبالتالي أحث المعنيين بإعداد الرؤية الجديدة تحديداٍ أن يستلهموا منها ما يفيد منتجهم القادم. وكما أشرت سابقاٍ إلى أن الحاجة ظهرت في عام 2000م إلى إعداد تصور ورؤية طويلة الأجل للمسار السياسي لليمن ولمسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل إطار وطني محدد وواضح خاصة بعد إعادة تحقيق وحدة الوطن في 22 مايو 1990م بل إن البعض اعتبر أن ذلك الإعداد قد جاء متأخراٍ نتيجة الظروف التي لم تساعد على نضوج المبادرة قبل ذلك. ونتيجة ظروف تلك المرحلة ومجموعة من العوامل الأخرى منها عدم تمكن الخطط الخمسية من كسر الطوق وتحقيق نقلة حقيقية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك تأثير تجارب دول مختلفة اتجهت إلى خط مسار طويل الأجل لعمليات التنمية ومنها رؤية ماليزيا 2020م سارت حكومة عبدالقادر باجمال وبمبادرة من وزير التخطيط والتنمية في تلك الحكومة أحمد محمد صوفان إلى إعداد رؤية استراتيجية تنموية لليمن تعكس رغبة المجتمع كل المجتمع في استشراف مستقبله ومستقبل الأجيال المتعاقبة وتحقيق طموحاته في النمو والتقدم على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من خلال تعبئة موارده وإمكاناته نحو الغايات المنشودة وفق رؤية واضحة للأهداف والوسائل ولتمثل الرؤية توجهاٍ وبوصلة تلتزم بها الخطط الخمسية ابتداءٍ من الخطة الخمسية الثانية التي شكلت إطاراٍ مرجعياٍ للخطط الإنمائية الكلية والقطاعية والإقليمية على المدى الطويل ومعالجات مرحلية للتحديات التنموية القائمة والمتوقعة مستندة في ذلك إلى الرؤية الإستراتيجية وإلى تقويم شامل ودقيق لمسارات التنمية السابقة. وبطبيعة الحال تطلب إعداد تلك الرؤية ومنتجها الأول الخطة الخمسية الثانية الانطلاق من جملة الاعتبارات التي تعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي في البلاد ومجمل التحديات التي تعترض التنمية الشاملة بما في ذلك ضرورة الارتقاء بطاقات وقدرات المجتمع ومقومات نموه فضلاٍ عن أهمية استشراف طموحات المجتمع وتحديد غاياته بعيدة المدى والأهداف المرحلية والإستراتيجيات والسياسات المحققة لها. وقد أتى إعداد الرؤية على خلفية معاناة الاقتصاد الوطني من شحُ في موارده الاقتصادية المتاحة والمحتملة قياساٍ بمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية حاضراٍ ومستقبلاٍ وحين كان العالم يتجه إلى القرن الحادي والعشرين مسلماٍ بثورة المعلومات وتقنياتها ويعمل في ظل اقتصاد تهيمن عليه أنشطة تكنولوجيا المعلومات القائم على الخلق والإبداع والتطوير في علاقات اقتصادية تسودها المنافسة والكفاءة وخاصة مع توسع وانتشار العولمة وإزالة كافة الحواجز والقيود أمام انسياب حركة السلع والخدمات ورؤوس الأموال بين دول العالم. وبالتالي حتمت تلك المعطيات أن تبين الرؤية الاستراتيجية لليمن والتي تمتد لخمسة وعشرين عاماٍ الطموحات والغايات التي يتطلع إليها المجتمع اقتصادياٍ واجتماعياٍ وعلمياٍ وثقافياٍ وسياسياٍ ويختط بها مساره الإنمائي لتمكينه من المشاركة الفاعلة والمتكافئة في الاقتصاد الدولي وفق استراتيجيات وسياسات مناسبة ومتوائمة. وأصبحت الرؤية الاستراتيجية بذلك مسار التطور الاقتصادي والاجتماعي المفترض والتي يلتف حولها المجتمع بكافة فئاته وتنظيماته ودليل عمل للدولة مهما تبدلت وتعاقبت الحكومات وتفاوتت المهام والأدوار. وأبدأ هنا بعرض بعض ما ورد في مقدمات رؤية اليمن الاستراتيجية 2025م وهو كافُ لبيان قيمتها العلمية والتخطيطية مع أهمية الإشارة إلى أنه ينبغي النظر إلى الرؤية وتقييمها في ضوء مكانها وزمانها وفي ظل التحولات الوطنية والمتغيرات الإقليمية والدولية التي رافقتها وكانت على درجة عالية من التعقيد والترابط والحساسية المفرطة بل والخطورة المشمولة بالتحديات الأساسية المتصادمة في رؤاها السياسية والفكرية والاقتصادية والتراثية والعرقية. ورغم أن الرؤية لم تسع للتنبؤ بالنتائج ومترتبات تلك المعطيات إلا أنها رأت التأكيد على الوحدة الوطنية والسير نحو البناء الديمقراطي وتعزيز القدرات الاقتصادية وترسيخ البناء المؤسسي للدولة بسلطاتها ومؤسساتها المختلفة من أجل بناء اليمن وتقوية لحمة الوحدة الوطنية والتي تعتبر مسئولية كافة القوى السياسية في السلطة أو في المعارضة. ولا يعنينا في هذا المقام ما تحقق أو لم يتحقق وإنما بيان أطر وملامح تلك الرؤية. فقد استعرضت وثيقة الرؤية في فصلها الأول التحديات التنموية الرئيسية التي تواجه البلاد وفي مقدمتها ارتفاع النمو السكاني واستفحال آثاره في كافة جوانب الحياة وعلى رأسها انتشار الفقر والأمية وتدني معدل الالتحاق بالتعليم وعدم مواكبة نظام التعليم والتدريب لاحتياجات التنمية وضعف تغطية الخدمات الصحية وكذلك شح المياه الذي بلغ درجة الأزمة في معظم المناطق والمدن وكذلك التوسع الحاصل في زراعة القات على حساب المحاصيل الأخرى إلى جانب تأثيراته السلبية الصحية والاجتماعية. وأخيراٍ وليس آخراٍ ضعف الجهاز الإداري للدولة وتفشي ظاهرة الفساد على نحو يعيق عملية التطوير والتنمية. رئيس المرصد الاقتصادي للدراسات والاستشارات