الرئيسية - الدين والحياة - الانحراف .. المنزلق السريع إلى هاوية الجريمة !!
الانحراف .. المنزلق السريع إلى هاوية الجريمة !!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تحقيق / أسماء حيدر البزاز – مختصون : غياب التنشئة الصالحة والفقر والبطالة من أهم أسباب الانحراف والجريمة

الانحراف له طرقه ومسالكه وتفرعاته وهو أنواع استأصلت أسسها من القيم السامية والمبادئ الأصيلة لتنجر وراء طرق الرذائل وعالم الإجرام بأبشع صوره وأنواعه فللانحراف خطوات تجر بعضها بعضا وتفتك في منتهاها بالمجتمع ككل لتخلق جيلاٍ استهوته طرق العنف ومبادئ الانتقام ومربع الجريمة بصورة المنحرفة سلوكيا وأخلاقيا وفكريا في ظاهرة خطيرة سقط في منزلقها عدداٍ من الشباب ممن كان المفترض بهم أنهم آلة للإعمار لا آلة للهدم والدمار!!

طعنات متعددة م.م- 26 عاما شاب تربى على ثقافة الشوارع المنحرفة متمردا على أسرته متخذا منهج العنف دليلاٍ للبطولة والرجولة قام مؤخرا أمام أعيننا بالاعتداء على شاب مراهق في الخامسة عشرة من عمره نتيجة مزحة ثقيلة إن صح التعبير تحولت إلى جريمة قتل في إحدى شوارع العاصمة بكل برودة وهمجية أقدم م.م على فعلته النكراء أمام مرأى ومسمع الجميع بطعنات متعددة في خصر طفل لا حول له ولا قوة وغيرها من الجرائم التي أرتكبها جعلته خريج سجون بامتياز . وحال سؤالنا عن أهله وأسرته تبين أن م.م تربى في أسرة منحرفة خلقيا مبنية على العنف والتمرد والإهانة والعنجهية بأنواعها فسقت أبناؤها بأفضع ما تملك وكانت لهم عونا بطرق الانحراف الذي رويدا أوقعهم في مسالك الجريمة دمرت حياتي وأما الشاب محمد 19 عاما انخرط مع أصدقاء السوء في طرق الضلالة والتقطع والعصابات المنظمة في عمليات النهب والسرقة والتقطع وبعد أن أخذ جزاءه العادل رهيناٍ في قضبان إجرامه يقول بدموع وأحرف خطها الندم كانت بدايتي مجرد هواء وتسلية وممارسة حريتي الشخصية مع مجموعة من أصدقاء الحارة تغيبنا عن المدرسة ظللنا أوقاتنا مابين المنتزهات والمعاكسات والسهرات الليلية المتأخرة وحينا بعد آخر بدأنا بالإدمان على الخمور وحتى أوفر ثمنها اضطررت للسرقة ومن أجلها أعتديت وأفزعت حتى تجرأت على أبواي بالضرب إن لم يعطيا لي مالاٍ لشراء ذلك فبذلك دمرت حياتي ومستقبلي وصرت مجرما في نظر الجميع عاطل باطل !! لا وظيفة لا عمل لا حياة كريمة اضطررت للانحراف لنعيش !! بهذه الكلمات القاتلة استهل عبده الكريم – 30 عاما من يطلقون عليه زعيم الحارة حديثه موضحا : نظل طيلة أيامنا نبحث عن عمل من هنا وهناك ولكن لا مجيب غير الحظ المخيب فأين نذهب وما الذي بوسعنا عمله غير الانتظار على قارعة الطريق والتجوال في الشوارع لنقتل وقتنا وفراغنا قبل أن يقتلنا وأضاف قائلا: والله أنها تراودني أفكار عديدة من الانحراف كالسرقة والتقطع والنهب والاعتداء لأعيش وأثبت نفسي ولو بطرق الشر والجريمة ولا يطلقون علي إنسان عاطل باطل. ما قيمة الفتاة … وأما س.م 17 عاما شابة في مقتبل العمر تذرف دموع الضياع والندم من خلف القضبان بعد طريق الانحراف الخلقي الذي أفقدها أغلى ما تملك الا وهو شرفها لتقول بصوت أخفى مرارة الحال وهو ان الواقع : لو كنت أعرف نهايتي لما سلكت للانحراف بابا ولما جعلت للشيطان مدخلا فما قيمة الفتاة إن انزلقت قدماها في الانحراف بأول مسالكه ظنا منها أنها مجرد تسلية ولم تعلم أنه طريق يجر بعضه بعضا حتى يصل إلى مستنقعات الجريمة !! منذ الصغر وبهذا الصدد يقول المختص النفسي الدكتور محمد الجهني : إن الآثار النفسية التي تنعكس على شخصية الفرد – ضحية العنف الأسري الممارس عليه منذ صغره من قبل الأسرة الأب أو الأم أو أحد أفرادها يولد بثوراٍ غائرة وعميقة في نفس الطفل الذي تعرض للأذى يبقى ذلك الأثر واضحاٍ ومؤثراٍ حتى حينما يكبر الطفل ومهما كان نوع العنف لفظياٍ أو نفسيا أو جسدياٍ فإن آثاره تظل عميقة ” . ويضيف الجهني”هذه الممارسات العنيفة التي يذوق مرارتها الأطفال تخرج لنا أطفالاٍ يصبحون منحرفين ومجرمين حينما يكبرون وذلك جراء ضغط تلك المشاكل وأثرها على حياتهم وسلوكهم ” ويرى أن هؤلاء يصبحون صيداٍ سهلاٍ حينما يكبرون إذ بالإمكان تجنيدهم بسهولة للقيام بأعمال غير سوية – كالإرهاب وتجارة المخدرات مثلاٍ مما يكون له تأثير سلبي كبير على المجتمع بصفة شاملة فضلاٍ عن كون الطفل الذي يتعرض للأذى مبكراٍ يتحول حين يكبر إلى إنسان منحرف ويلجأ إلى تطبيق ما كان يتلقاه من عنف بحق المجتمع وكذلك بحق أبنائه. العوامل الوراثية : وفي دراسة مؤخرة أكد علماء الإجرام بأن عوامل الانحراف ترجع إلى عوامل الوراثة والاستعدادات التي ولد الشخص مزوداٍ بجذورها الأولى .. فهناك من تكون ظروفه الأسرية والاجتماعية والاقتصادية جيدة لكنه ينـزح إلى الانحراف والخروج عن المألوف .. غير أن هذه حالات قليلة ونادرة أما الأغلبية الساحقة فإنها محصلة للتفاعل بين هذه العوامل فالإنسان يولد باستعداد معين والظروف البيئية هي التي تشكل هذا الاستعداد. ومن الناحية الاجتماعية أوضح لنا المختص الدكتور مصطفى شريك أسباب الانحراف عند الإنسان وهي انحراف التربية عن مسارها ونهجها القويم وغياب الوازع الديني الذي نراه الآن مات عند البعض بل الأغلب الضمير وتبلد الحس كما إن الحصانة الدينية فقدت سيطرتها على الذات بسبب عدم تبني تلك المبادئ أو ربما عدم تقبلها متجسدة في أرض الواقع وغياب الرقابة الاجتماعية والبطالة وعلاقتها بالجريمة منابت الانحراف ومن الناحية الدينية أوضح العلامة مصطفى الريمي أن الانحراف له منابته المندرجة تحت : الفقر الذي يخيم على بعض البيوت – التفكك الأسري وما ينشأ عن ذلك من كثرة النزاعات والطلاق – الخلطة الفاسدة ورفقاء السوء – سوء معاملة الأبوين – مشاهدة أفلام الجريمة والجنس ومسلسلات الحب في الفيديو والتلفزيون والسينما – شيوع البطالة في المجتمع – غلاء المهور – وما يؤدي ذلك للوقوع في الجرائم الأخلاقية والإنسانية البشعة ومواطن اللهو والزنا والخمور والمخدرات والفشل في الحياة العملية والدراسية والإغاثة في الأرض فسادا . وهذا ما توسعت به د.إيمان عبد المؤمن مبينة : لقد أقام الإسلام نظاماٍ فريداٍ لتربية الأفراد على أساس أن تكوينهم يحفظ عليهم كيانهم ويحقق التوازن الكامل بين طاقاتهم بحيث لا تدمر فيهم طاقة من الطاقاتº بل تعمل كلها في انسجام تام ومن هنا جاء هذا المنهج شاملاٍ لكل الخصائص التي تتفق مع حاجات الإنسان في أطوار حياته ويمكن للباحث أن يهتدي إلى بعض ما ذكرته العناية الإلهية في القرآن الكريم والسنة المطهرة من أساليب مؤثرة ربت النفوس وارتقت بالهمم وفتحت قلوب البشر للهدى الإلهي والحضارة الإسلامية بعيدا عن مواطن الانحراف واللهو والجريمة بحيث تمثل الحل لهذه القضية الغاية في الأهمية وذلك بمعالجتها بالطرق التالية : أسلوب الحوار القرآني والنبوي – التربية بالقصص القرآني والنبوي – التربية بالقدوة – التربية بالممارسة والعمل – التربية بالعبرة وبالموعظة – التربية بالترغيب والترهيب بالإضافة إلى أسلوب الهزة الوجدانية الموجبة والقادرة على تغيير البناء العقدي والتصور عند الإنسان وتغيير البيئة المؤثرة سلبا على الفرد وتزيد من ضلاله وانحرافه على الدولة وأما العلامة جبري إبراهيم حسن فقد دعا الجهات المعنية إلى تبني قضايا الشباب ومحاربة البطالة والفقر التي هي أهم أسباب الانحراف والمساهمة في تزويجهم وخاصة المعسرين منهم وإعانتهم على متطلبات الحياة واحتياجاتها ولو بمشاريع تشجيعية لها دخلها المردود عليهم بما يكفل سبل المعيشة ومن ثم الاهتمام ببناء النوادي الثقافية والتوعوية والتي تسهب في رعاية شخصية متزنة محصنة من بؤر الانحراف ومسالك الجريمة