شرطة مأرب تعلن منع حركة الدراجات النارية داخل المدينة بصورة نهائية استكمال تجهيزات إصدار البطاقة الذكية في حيران غرب حجة طارق صالح يبحث مع سفير الإمارات مستجدات الأوضاع العرادة يناقش مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي المستجدات العسكرية والأمنية وتأثيرها على عملية السلام مجلس القيادة الرئاسي يناقش المستجدات الوطنية والاقليمية وفد عسكري يطلع على سير العمليات العسكرية في محور علب بصعدة الارياني يرحب بإعلان حكومة نيوزيلندا تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية نيوزيلندا تصنف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية الارياني: استمرار تجاهل التهديد الحوثي وعدم التعامل معه بحزم، سيؤدي لمزيد من زعزعة الامن والاستقرار المكتب التنفيذي لأمانة العاصمة يناقش انتهاكات الحوثي وتحديات النازحين
عرض/صالح البيضاني –
وقد تخيرت عرض هذا الموضوع تخصيصاٍ ليقارن القارئ الكريم بين هذا الموقف لرجل الدولة الزاهد بالحكم وبين مواقف كثيرة حصلت في عهد الرئيس السابق ومنها حادث الاعتداء على رئيس الوزراء الدكتور حسن مكي لأنه من المواقف التي لا تنسى مع مقولة الدكتور عبدالكريم الارياني (ذْبحت الدولة عندما ذْبح الثور الأسود).
المصالح وتقويض الحكم دأبت القوى التقليدية على الاستفادة من وضع البلد المتخلف لأنها تعد هذا التخلف البيئة الخصبة التي تحصد منها محاصيلها الفردية المتمثلة بنهب المال العام وغيرها من المصالح الضيقة حيث يرى صاحب الأحداث أن آراء بعض الأخوة من مشايخ الدين والقبيلة والانتهازيين من السياسيين كانت تصب في استخدام القوة مع الإخوة في الشطر الجنوبي من الوطن والعناصر الشمالية المتواجدة هناك بسب نشاطها العدائي في بعض مناطق الشمال واستهدافها لمشايخ وأعيان تحت شعار الصراع الطبقي. هذه القوة هي التي رفضها القاضي الارياني وكان القائد العام يشاركه قناعته ويتابع بقلق تذمر بعض القيادات المشاركة في الحكمº والتي كانت تتحمل مسؤولية كثير من الأخطاء والممارسات السلبية ومن ذلك معرضة مشروع الاصلاح المالي والاداري لمساسه بمصالحهم ومصالح المرتبطين بهم من المنتفعين.8كانت معارضتهم لتعيين الدكتور حسن مكي من هذا المنطلقº ومحاولة الاستيلاء على الحكم بطريقة انقلابية ولأن القاضي الارياني كان زاهداٍ في الحكمº تمنى أن يكون تركه للحكم اليوم قبل غدُ. رغم معرفته بتورط بعض القيادات بالإعداد للتمرد بتشجيع ودعم مادي من الحكومة العراقية والسعوديةº فإنه لم يوافق على مقترح القائد العام بتغيير بعض القيادات في القوات المسلحةº وقال للقائد العام: “أنه لن يسمح بأن تراق قطرة دمُ واحدة وهو على رأس السلطةº ومستعد لتقديم استقالته في أي وقت”. حيث كان القاضي الارياني قد قدم استقالته لمرات عديدة وكان يستحضر مقولة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “والله لو أن بغلة بأرض العراق عثرت لكنت مسؤولاٍ عنها”. من ناحية أخرى طرح الشيخ سنان أبو لحوم موضوع مرتبات لأبناء الجنوب من المعارضين الموجودين في الشمال من قبل السعودية ولمعرفتهم المسبقة بأن اللواء محمد عبدالله الارياني سيرفض استلام المبالغ والإشراف عليها فقد طرح سنان تسليمها له وقد رتب قبل أن تسلم المبالغ من السعودية لحسين المسوري وقد كانت تسلم لهم المبالغ بشكل سري.9 كانت اليمن عبر تاريخ علاقتها الدبلوماسية تسعى لإقناع السعودية أن يكون التعامل عبر القنوات الرسمية إلا أن السعودية ـ حتى الآن ـ تستمر في تعاملها مع عدد من المشايخ والشخصيات بمعزل عن القنوات الرسمية رغم أن بعض المشايخ والشخصيات أصبحت أغنى من الدولة نفسها وهذا ما يجعل الشعب اليمني ـ غير الفئة الضالة ـ ساخطاٍ على السعودية والبعض لا يعترف حتى بترسيم الحدود ويعيد ذلك إلى العمالة الفردية التي تعاملت معها السعودية مع الأفراد طوال فترة الجمهورية .
استقالة الرئيس الارياني وحركة 13يونيو واغتيال الحجري تعددت استقالات القاضي عبدالرحمن الارياني رئيس المجلس الجمهوريº وأعيد لمرات عديدة بضغط جماهيري ودافع وطني إلا أنه في يوم 13من يونيو 1974م كان قد أجمع أمره وشد رحاله وأكد على القائد العام للقوات المسلحة بعدم العودة من رحلته إلى فرنسا ومن ثم إلى براغ في نفس الوقت الذي رتب مع المقدم إبراهيم محمد الحمدي تسليم السلطة بسلاسة ويْسر وكان الدافع الرئيسي لاستقالة الارياني احتدام الخلاف مع بعض المشايخ لأنهم يريدون أن تْحكم البلاد وفقاٍ لمصالحهم ومصالح قوى خارجية. واتضح فيما بعد أن المملكة العربية السعودية قدمت دعماٍ مادياٍ سخياٍ لقيام حركة 13يونيو وْزع جزء منها مساعدة لأعضاء مجلس القيادة إذ حصل كل واحد منهم على عشرين ألف دولار كما وْزْعت مبالغ لعددُ من المشايخ والضباط واعتمدت لهم مرتبات شهرية. كما قدمت العراق مبالغ مالية كبيرة عن طريق بعض الضباط والمشايخ لدعم قيام الحركة.10 وهكذا يظل المشايخ هم من يعطل مسيرة تقدم اليمن عبر تاريخها المعاصر في سبيل مصالحهم الشخصية إذ يروي اللواء محمد الارياني أن حركة 13يونيو كانت موجهة ضده ولم تكن ضد الرئيس عبدالرحمن حيث روى المقدم عبدالكريم الجبوبي عن العقيد حسين المسوري رئيس الأركان آن ذاك “أن هناك تحركاٍ من قبل بعض القوات داخل القوات المسلحة وخارجها تستهدف العقيد محمد الارياني القائد العام لأنه ـ حسب قول المسوري ـ أصبح لا يحسب للمشايخ والضباط حسابا “.11 بعد حركة يونيو عْين العقيد الارياني سفيراٍ في بريطانيا وكان الرئيس الحمدي قد أرسل القاضي عبدالله الحجري ـ وقد كان رئيس وزراء سابق ـ إلى لندن للتفاوض مع القيادات السعودية المتواجدة في لندن وهم: الملك خالد بن عبدالعزيز والأمير فهد ولي العهد والأمير سلطان وزير الدفاع والطيران وطلب القاضي الحجري من السفير مرافقته في هذه المحادثات وكان الحديث بين الطرفين ودياٍ ويتسم بالصراحة والوضوح أشار فيه القاضي الحجري إلى أهمية تعامل القيادة السعودية مع الحكومة اليمنية فقط وإيقاف كل المرتبات والميزانيات التي تدفع للمشايخ وغيرهمº وحينئذُ نظر الأمير سلطان للسفير مبتسماٍº إذ انه كان يشاطر القاضي الارياني حين كان رئيساٍ ذلك الرأي وكان السفير قد طرح هذا الرأي سابقا في الرياض حين كان قائداٍ عاما للقوات المسلحة اليمنية. في ذلك الوقت كان الأستاذ أحمد محمد نعمان متواجداٍ في لندن وقد عزمه السفير مع القاضي الحجري إلا أنه اعتذر عن الغداء بسبب موعد مع أحد اصدقائه من الخليج بعد تلك العزومة بيومين وتحديداٍ يوم الأحد 10/4/1977م وهو عيد الفسح لدى المسيحيين وكنت في إحدى حدائق ضواحي لندن الساعة 12ظهراٍ سمعت من B.B.Cخبراٍ مفزعاٍ عن اغتيال ثلاثة عرب امام فندق رويال لنكستر حينها تركت أولادي يتدبرون أمر عودتهم وعدت إلى لندن وأثناء عودتي بالسيارة واصلت متابعة الأخبار حيث جاء الخبر الأكثر إيلاماٍ حين أفادت أنباء الإذاعة البريطانية أن الذين تم اغتيالهم هم رئيس وزراء يمني سابق وزوجته وسائقهما . حين وصلت مكان الحادث بلغتني الشرطة أن الجثامين نقلت إلى مشفى سانت ماري كان ينتابني شعور بعدم تصديق ما حدث غير أن الصدمة الحقيقية التي أصابتني هي حين نظرت إلى الجثامين المسجاة فوجدت القاضي عبدالله الحجري وزوجته واكتشفت أن الشهيد الثالث هو الوزير المفوض عبدالله الحمامي وقد كشفت المخابرات البريطانية عن واحد من الجناة وهو فلسطيني الأصل اسمه عكاشة وقد قتل في مطار مقديشو بالصومال بعد ذلك . والمحزن أن القضية غامضة حتى اليوم ولم تكشف المخابرات البريطانية عن بقية الجناة .
اغتيال الرئيس الحمدي والغشمي والحرب العراقية الإيرانية . بعد الانتهاء من مراسم دفن القاضي الحجري وهو السبب الذي جعل اللواء محمد الارياني سفير اليمن ببريطانيا يكون موجوداٍ في صنعاء لمدة أسبوعين حتم عليه عمله العودة إلى بريطانيا بعدها ببضعة أشهر وتحديداٍ في 11/ 10/ 1977م وصل النبأ المفجع باستشهاد الأخوين الرئيس إبراهيم محمد الحمدي وشقيقه الأخ المقدم / عبد الله الحمدي قائد قوات العمالقة في حادث مأساوي مؤسف ومفجع والأسوأ أن يتم كتابة فصل مسرحي هزلي يبرر ذلك العمل المشين يدل على غباء مخرج ذلك الفصل ويشوه صورة اليمن في العالم . ولعل المثل العربي القائل : ( بشر القاتلين بالقتل و …. ) لم يدم طويلاٍ في هذه الحادثة تحديداٍ فلم يمض سوى ثمانية أشهر حتى وصل نبأ اغتيال الرئيس أحمد الغشمي وتحديداٍ يوم 24/يونيو/ 1978م في حادث الحقيبة المفخخة يومها اتصلت بالأخ / علي عبد الله صالح أعزيه إذ كان حينئذُ نائباٍ للقائد العام ورئيساٍ لهيئة الأركان خلال المكالمة أخبرني بأن الرئيس القاضي عبد الكريم العرشي والقائد العام العقيد علي الشيبة دخلا عليه في المكتب ويبلغاني تحياتهما . وربما أراد بذلك إنهاء المكالمة فأدركت من حضورهما إلى مكتبه بأنه سيتولى الرئاسة . وقد تم ذلك في 17 يوليو 1978م. باستمرار عملي في السلك الدبلوماسي كونت علاقات جيدة وطيبة مع كثير من الهيئات والشخصيات الدبلوماسية مثل: السيد دغلاس هيرد وزير خارجية بريطانيا والفريق سعد الدين الشاذلي الذي عرفته منذ كان رئيساٍ لأركان القوات المصرية وكانت تربطني به علاقة جيدة حتى بعد تعيينه سفيراٍ لمصر في البرتغال كنا على اتصال دائم وحين عينت سفيراٍ غير مقيم لليمن هناك استقبلني في المطار بسيارته وأفرد لي جناحاٍ خاصاٍ في بيته ومازحني قائلاٍ “إن أردت أن نرفع علم اليمن فوق الجناح فعلنا”.وعندما ذهبت لتقديم اوراق اعتمادي رْفع العلم اليمني على سيارته وأقلني سائقه لتقديم أوراق اعتمادي.12 حين وقف بالحديث عند الحرب العراقية الإيرانية كان وسطياٍ وأشار إلى خطأ تلك الحرب وجدواها على الطرفين واضعاٍ في الاعتبار أن المتمصلح منها هو المعسكر الغربي الذي حصد الملايين مقابل قيمة أسلحة الحرب من الطرفين في ذات الوقت الذي قدِم خدمة جليلة للكيان الصهيونيº متسائلاٍ عن اعتوار العلاقة التي تشوب البلدان العربية وإيران رغم أنهما مسلمان وعدوهما واحدº إيران لم يصدر منها ما يسئ إلى العرب موجها اللوم لعلماء السنة والشيعة معاٍ على تأجيج هذا الصراع بين المسلمين من خلال النظرة المذهبية الضيقة وقال: إن الأصل هو الأخوة الإسلامية بعيداٍ عن تقوقع المذاهب. حين تقف على كتابات اللواء محمد عبدالله الارياني في مذكراته تجد أنه يدون أحداثها يوماٍ بيوم والمدهش فيها أن تتخللها أحداث الساعة دون أن تشعر عند قراءتها أن هناك اعوجاجاٍ في المتن السردي للأحداث مثل حديثه عن وفاة الفريق سعد الدين الشاذليº الذي أودع السجن بعد عودته من مهامه الدبلوماسية والإفراج عنه ووفاته أثنا الثورة المصرية في 25يناير 2011م. ولعل هناك من القراء من يعتقد أنه كتب المذكرات بعد تفرعه عن العمل الدبلوماسي لكن تواريخ الأحداث وتحديد أيامها تدل على أن الرجل كان مدوناٍ بارعاٍ ومثقفاٍ محترفاٍ وهنا تكتشف الفارق الجوهري بين أرباب الثقافة ومحبيهاº وبين من يريد أن يْذكر في كتاب لمجرد الذكر. في الأخير نسال الله أن نكون قد وفقنا في وضع القارئ الكريم على بعض العتبات التاريخية لأحداث في الذاكرة والله الموفق.