الرئيسية - محليات - اعتداءات الكهرباء تسرق أحلام البسطاء وتضاعف معاناتهم
اعتداءات الكهرباء تسرق أحلام البسطاء وتضاعف معاناتهم
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

المحويت/إبراهيم الوادعي – لم يمض على ارتزاق عبدالملك شرف الدين بمولودته البكر سوى شهرين فقط وهو اليوم يغالب فرحته. عناء العناية بها التي تحولت مع انقطاع التيار الكهربائي شبه التام عن مدينته المحويت حيث يعش مع عائلته كابوس ضاعف من حجم التكاليف التي يتحملها لمواجهة حاجيات أسرته ومتطلبات الوافد الجديد إلى حياة الأسرة.

يقول عبدالملك إنه يدفع بشكل يومي ما يقرب من (051) ريالا ثمنا لبطاريات يتم استخدامها في الإضاءة نظرا لحاجة زوجته الماسة إليها للعناية بالوليدة طوال الليل الذي غابت عنه الكهرباء بشكل تام خلال الأسابيع الماضية إذ لا يكاد يعود التيار لساعات معدودة حتى يعلن عن استهداف جديدة لمحطة الطاقة الكهربائية في مارب وبالتالي عودة الإطفاءات من جديد. ويقول: اشتري بشكل يومي ثلاثة لترات من البنزين للمولد الكهربائي الصغير الذي أملكه لكن لا يمكنني أن أجعله يعمل طوال الليل ذلك غير ممكن عمليا كما أنه سيكون مكلفا جداٍ ونحن بحاجة إلى الكهرباء والإضاءة طوال الليل لحاجة الطفلة إلى العناية في كل وقت وبالإضافة إلى ما يحدث لخطوط الطاقة الكهربائية في مارب فإننا نعاني هنا أيضاٍ من التهميش في حصص الطاقة الموزعة من قبل مؤسسة الكهرباء في الظروف العادية ولك ان تتخيل كيف سيكون الأمر عند الاعتداء على خطوط نقل الطاقة الكهربائية في مارب ونقص الإمداد من الطاقة على مستوى الجمهورية لاشك بأن حياتنا هنا تتحول إلى جحيم. ولايملك عبدالملك عملا ثابتا وهو يعمل مهندسا في مجال الصوتيات ويجهد لتوفير متطلبات اسرته ومنحها عيشا كريما كما ان أمله في عودة الكهرباء إلى سابق عهدها قد بدأ ينفذ وفي المقابل لايمكنه الاستمرار بتحمل تكاليف توفير الاضاءة التي يقول انها مرهقة له على المدى الطويل ومكلفة اذا استمر حال الكهرباء هكذا لمدة طويلة وهو ما يبدو أن الوضع يشير عليه مع استمرار الاعتداءات على الطاقة الكهربائية بشكل مستمر ومتقارب بحيث لا يفصل بين اعتداء وآخر سوى ساعات فلا يكاد التيار يعود ويعلن عن اصلاح الأضرار حتى ينقطع التيار ويعلن في وسائل الإعلام عن اعتداء جديد اشد وانكى من سابقه.

في مواجهة الظلام لا يخرق صمت الظلام هنا سوى أصوات المولدات الكهربائية الخاصة والتي إن طال بعضها في الضجيج فلن تعدو منتصف الليل قبل ان تخلد المدينة في صمت رهيب وليس ببعيد عن منزل عبدالملك يعمد احد جيرانه الذي لا يملك مولدا كهربائيا إلى إيقاف سيارته على منحنى ترابي كي يتمكن من تشغيلها في الصباح بعد أن يكون قد استنفذ شحن بطارية السيارة في كسر ظلام الليل ويؤكد يحيى والذي يعمل سائق باص انه يفعل ذلك منذ أن تيقن بأن أزمة الكهرباء لن تحل في وقت قريب. يحيى الكينعي يقوم بفك بطارية سيارته بشكل يومي قبيل الليل ومن ثم تركيبها بشبكة كهربائية صغيرة يمكنها إضاءة غرفة ومطبخ وحمام باستخدام محول صيني ابتاعه بأربعة آلاف ريال وعبر مصابيح اقتصادية صغيرة لتوفير شحن البطارية وهذا العناء يتجشمه كل ليلة في انتظار الفرج كما يقول لتوفير الإضاءة لعائلته المكونة من ثمانية أشخاص هم زوجته وأطفاله ووالدته التي تقيم معه منذ توفي والده. ويضيف باعتقادي هذا الحل أفضل من الجلوس في الظلام أو شراء الشمع المكلف والذي يذوب بسرعة حسب قوله كما أني لا استطيع شراء مولد وتوفير بنزين له بشكل دائم. ولا يرى يحيى بأن حلا قريبا وجذريا لمشكلة الكهرباء وقال إن الاجتماع الذي عقده رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وخصص لمناقشة القضية هو بشرى خير بأن القضية تلقى اهتمام على مستوى الرئاسة إلا أنه يعتقد بأن المشكلة أكبر وأن أيدي المخربين هي الأسرع وصولا وقدرة على تنغيص حياة الناس.

بدائل رائجة بدائل للطاقة الكهربائية هي الأكثر رواجا بين المعروضات في سوق هذه المدينة الصغيرة فإلى جانب فوانيس الغاز تجد في سوق مدينة المحويت بضاعة جديدة تدلف إلى سوقها وهي الألواح الشمسية والتي باتت في متناول اليد أو هكذا يمكن القول أنها أفضل من الخسارة والنزيف المستمر للمال في شراء البطاريات والوقود للموالدات مع الفارق بين كل منها بالطبع من حيث الكلفة والضجيج كما يقول أصحاب المحلات التي تبيع هذه الأدوات. علي الذي يمتلك محلا لبيع المواد الكهربائية تحولت واجهة محله إلى فاترينة جل معروضاتها ألواح الطاقة الشمسية المصنعة في الصين والتي تتدنى أسعارها إلى ما يقرب من ثلاثين ألف ريال ثمنا للوح شمسي وبطارية صغيرة ويصل أعلاها إلى مائة ألف ريال لمن يريد أن يستمتع بمشاهدة التلفاز أيضا. ويقول إنها تلقى رواجا مقبولا في هذه الأيام فالمنظومة الصغيرة يمكنها توفير إضاءة لمبتين اقتصاديتين طوال الليل إضافة إلى توفير إمكانية لشحن الهواتف شرط أن تكون الأجواء مشمسة وصافية. يقدم محل ” علي ” وبعض المحلات ميزة البيع بالتقسيط لمنظومات الطاقة الشمسية وخاصة للموظفين الحكوميين بضمان الراتب ويضيف: بدأت منظومات الطاقة الشمسية جيدة هنا لكنها تلقى قبولا لدى الناس وخاصة أولئك الذين لا يرغبون في دفع تكاليف بشكل يومي كما أنها مقارنة بالمنظمات المصنعة في غير الصين تعتبر جيدة جدا من ناحية كلفتها المالية مع أقراره بضعف أدائها مقارنة بتلك المصنعة أوروبيا. ويوفر علي كذلك أنواعا متعددة من المولدات الصينية المتعددة الإحجام لإتاحة الخيار كما يقول ويؤكد ان مبيعاتها تتزايد بسبب ارتفاع نسبة المبيعات لجهة مايبيعه من بدائل توفير الطاقة الكهربائية بسبب وضع التيار الكهربائي المضطرب نتيجة الاعتداءات المتكررة. وليس بعيدا عن محل وفي شارع قريب انتشرت العديد من المحلات المتخصصة بإصلاح المولدات الصينية كما يروج أصحابها وهنا تسمع قصصا مختلفة من المعاناة مع المولد الصيني رخيص الثمن.

أفكار من رحم المعاناة الكهرباء وعناء البحث عن المصادر البديلة لتعويض افتقاد الطاقة الكهربائية العمومية تحول إلى هاجس الناس اليومي وحديث مثاليهم فلا يكاد يخلو مقيل من الحديث عن هم الكهرباء أو تناول أخبار الاعتداء على خطوط الطاقة الكهربائية بالتحليل المقرون بالضجر من الحال الذي بلغته البلاد نتيجة هذه الأفعال التي تلحق بالناس الأبرياء أفدح الأضرار أو استعرض أفضل نماذج المولدات الصينية وبين هذا كله يعرض البعض لأفكار لاستخراج الكهرباء قام بها فهذا تمكن من الحصول على إضاءة عبر استخدام أسلاك الهاتف وذاك يعرض فكرة أخرى اخبره بها احدهم ومهما كانت نتائجها ضئيلة فهي تلقى اهتمام الحاضرين وتشد انتباههم وبعضهم يعد بتنفيذها وتجربتها مع إيمانهم جميعا بأنها بالكاد توفر لك بصيصا من الضوء لكنه خير من أن تلعن الظلام وأمل تعيش عليه عل وعسى تجد الكهرباء حلا جذريا ويصبح الحديث عن انقطاعها او الاعتداء على خطوطها امرأ من الماضي.