الرئيسية - كــتب - رواية “السجينة” لـ(مليكة أوفقير وميشيل فيتوسي) ترجمة من الفرنسية للعربية: غادة الحسيني
رواية “السجينة” لـ(مليكة أوفقير وميشيل فيتوسي) ترجمة من الفرنسية للعربية: غادة الحسيني
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

كتب/ محمد محمد إبراهيم –

اختزال فريد لأروع ابداعات الأدب السياسي الواقعي

كتب/ محمد محمد إبراهيم

في سبتمبر 2012م كنت في القاهرة في برنامج تدريبي في معهد الأهرام الاقليمي للصحافة وأثناء تطوافي لعناوين مكتبة الأرهام الرائدة لفت انتباهي عنوان رواية «السجينة» لمؤلفتيها مليكة أوفقير, وميشيل فيتوسي- وترجمتها من اللغة الفرنسية للعربية الأديبة غادة الحسيني.. وبطبعتها الفاخرة إنها الرواية التي سمعت بها وطالما بحثت عنها أخذتها بـ(63) جنيه مصري ومع نهاية 2012م كنت قد أنهيت قراءة «رواية السجينة» للمرة الثانية مكتشفاٍ في نهايتها إنها تستحق أكثر من تلك الجنيهات ليس بما تحمله من تجربة انسانية وواقعية بل إنها أفضل رواية قرأتها على صعيد الأدب السياسي وأدب السجون وفرادتها في كونها تتجاوز فن الرواية الأدبية وأدب السجون.. فقط يمكن وصفها إنها واحدة من أعظم روائع الأدب السياسي الواقعي.. فقد انبعثت تفاصيلها من ركام المعاناة الحقيقية.. لتبدو سيرة ذاتية ذات سرد روائي واقعي تتمحور حول كون الراوي فيها هو البطل وهو الضحية وهو المشارك في صياغة وتدوين الأحداث المسترجعة من ذاكرة السجن التي تكلست فيه تفاصيل (20) عاماٍ من العزلة والعذاب.. الرواية تحكي سجن عائلة محمد جلال أوفقير المكونة من – مليكة البنت الكبرى لأوفقير بطلة الرواية – وخمسة من أشقائها وشقيقاتها ووالدتهم طوال عقدين كعقاب على الانقلاب العسكري الذي نظمه والدهم. هكذا حكم عليها والدها مع كل أسرتها بالسجن عشرين عاماٍ في جرم أرتكبه هو بمحاولة انقلاب على من جعل مليكة بنته بالتبني وقرب الجنرال من شخصه حد العائلة.. حكم ظالم لا يقبله قانون إن أطفال ونساء يدفعوا حياتهم ثمن خطيئة والد متهور.. وفي المقابل تصورت وأنا أقرأ الرواية بأسف وألم كبير ماذا لو نجح أوفقير في الانقلاب على الملك كم كان عليه أن يسجن ويذبح ويصفي من الأسر التابعة لمناصري الملك ويزج بأطفالهم في السجون.. رواية شائكة الحزن والعذاب الإنساني تجسد لعنة الصراع السياسي والسلطوي بكل صوره القاتمة ونتائجه التي يتحملها عادة الأبرياء.. تدور أبرز أحداث هذه الرواية التي صدرت نسختها العربية عن دار الجديد في بيروت عام 2000م في أحد السجون السرية في الصحراء الكبرى في المملكة المغربية وفي سرد مؤلم لعذابات أطفال قضوا سني الطفولة والمراهقة في سجن مظلم على أعقاب محاولة انقلاب فاشلة قادها والد بطلة هذه الرواية.. «ففي السادس عشر من شهر آب/أغسطس من العام 1972 حاول الجنرال محمد أوفقير الرجل الثاني في النظام يومها اغتيال الملك الحسن الثاني. فشل انقلاب الجنرال أوفقير وأعدم الرجل فوراٍ بخمس رصاصات استقرت في جسده يومها قرر الملك إنزال أبشع العقوبات بعائلة الجنرال المتمرد. فذاقت العائلة أقسى ألوان العذاب في معسكرات الاحتجاز والسجون والمطامير. يومها كان عبد اللطيف الأخ الأصغر لا يكاد يبلغ الثالثة من العمر. هذا عن سنوات السجن أما طفولة مليكة فهي فعلاٍ متميزة إذ تبناها الملك محمد الخامس وهي في الخامسة من العمر وترعرعت مع ابنته الأميرة أمينة لتقارب عمريهما وحين توفي العاهل المغربي أخذ ابنه الحسن الثاني على عاتقه تربية البنتين وكأنهما بنتاه. أمضت مليكة أحد عشر عاماٍ في حياتها في القصر وراء أسوار قصر قلما خرجت منه أي أنها كانت منذ ذلك اليوم سجينة الترف الملكي وحين سمح لها بمغادرته أمضت عامين من مراهقتها في كنف أهل متنفذين ومتمكنين. حين وقع الانقلاب تيتمت مليكة مرتين الأولى أنها فقدت والدها الفعلي محمد جلال أوفقير والثانية أنهافقدت عطف الملك والدها بالتبني. هنا تكمن مأساة مليكة أوفقير وحدادها المزدوج وسؤالها الكبير عن الحب والبغض. فهل للحياة معنى حين يحاول أعز من عندها (والدها الحقيقي) قتل والدها بالتبني (الملك)¿ وكيف يتحول والدها بالتبني إلى جلاد بلا رحمة¿!! عظيمة كانت محنة مليكة هذه المأساة هي جوهر هذا الكتاب». إنه كتاب مميز حاز- إلى جانب فرادته الموضوعية والأدبية السردية- على صراع قراصنة النشر في نسختيه العربية والفرنسية يقول الناشر في نبذته عن كتاب السجينة : « لا السجينة ليلى ولا قراصنتها ذئاب ولا حديثها كحديث ليلى والذئب. فإن تكن سيرة السجينة مليكة أوفقير خارجة عن المألوف عصية على التكرار فقصة السجينة الكتاب في ترجمته العربية من «صميم» النشر العربي. كل ما في الأمر أن دار الجديد عزمت بعد اطلاعها على السجينة في نصه الفرنسي على نقله إلى العربية وإنفاذاٍ لخطتها بادرت إلى الاتصال بدار النشر الفرنسية صاحبة الحقوق للوقوف عنها على شغور حقوق الترجمة إلى العربية. وإذ تبين لدار الجديد أن لا ناشر عربياٍ سبقها إلى حيازة هذه الحقوق قامت بمفاوضة دار غراسيه عليها وكان أن تم الاتفاق بينهما ووقعا في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) عقداٍ يوثق ما اتفقا عليه وأوكلت إلى دار الجديد إلى السيدة غادة الحسيني القيام بالترجمة من الفرنسية إلى العربية على أن يكون فراغها من ذلك على مطالع آب 20000 فيصدر الكتاب أواسط أيلول. سار كل شيء على ما يرام أو ظنناه يسير كذلك إلى أن جاءنا بالأخبار مطلع أيار الماضي (2000) من لم نزود جعبته فوق الخبر نسخة «مغرضة» من السجينة صادرة عن الدار الوطنية (دمشق). وما هي إلا أن وردت علينا نسخة «مقرصنة» ثانية بألوان دار ورد (دمشق). عند هذا الحد وبين يدي النسختين «المقرصنتين» اللتين بدأتا بالتسرب إلى السوق اللبنانية وإلى سواها بالطبع لم نر بداٍ من شيء من قبيل «أضعف الإيمان» فكان بيان تحت عنوان «أعيدوا إلينا إبلنا» ورسالة إلى مجلس نقابة اتحاد الناشرين اللبنانيينº ووقعت الرسالة هذه التي نشرتها إحدى اليوميات البيروتية في أذن صاغية فكان رد عليها بتوقيع القيم على دار ورد فرد على الرد بتوقيع دار الجديد وطوي السجال إلى أن حسمه ولو متأخراٍ بعض الشيء رئيس لجنة حماية الملكية الفكرية والأدبية عضو اللجنة العربية في اتحاد الناشرين العربي جوزيف أديب صادر في بيان أذاعه أواخر آب/أغسطس 2000.