الرئيسية - كــتب - محمد عطية في دوامات الغياب
محمد عطية في دوامات الغياب
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

قرأنا الكاتب الاسكندراني محمد عطية محمود ناقدا◌ٍ ومحللا◌ٍ سرديا◌ٍ رائعا◌ٍ على صفحات الصحف والمجلات العربية..وكذلك قاصا◌ٍ مجيد◌ٍا في مجاميعه القصصية الثلاث :على حافة الحلم..وخز الأماني وفي انتظار القادم. واليوم نحن أمام عمل روائي (دوامات الغياب) صادر عن دار أدب الجماهير المصرية لعام 2012. تقع في145 صفحة. وزع الكاتب صفحات دواماته إلى ثلاثة أجزاء..وقد جاءت عناوينها لتلبي ما خطط له.. الجزء الأول (دوامة أولى) هيمنت عليه أحداث الشخصية الرئيسة (مستورة) وهروب ابنه أخيها بطة مع عشيقها خلف.. ثم عودة بطة بعد غياب مشبوه.. مستورة امرأة تعمل منذ صباها في منشأة (الشونة) بالإسكندرية حيث تجميع الخضار والفاكهة ..ثم تعبئتها وتصريفها. الجزء الثاني(دوامات أخرى) وهي مجموعة حكايات لعدة أشخاص يجمعهم المكان الذي هو الشونة.. إذا الشونة المكان في هذه الرواية جسده الكاتب أو حوله إلى شخصية فاعلة .. بل الشخصية الرئيسة للعمل.. فهو الفاعل والمؤثر الأول في تلك الشخصيات وصانع علاقاتها المتقاطعة والمتشابكة في آن. القارئ قد يظن أن حكاية الجزء الثاني لا تمت بصلة لحكاية مستورة وابنة أخيها بطة.. ليكتشف بعد حين أن حكايات الجزء الثاني من الرواية تصب في مجرى واحد ..وهو المجرى الأشمل لنهر الشونة.. ذلك المجتمع الفريد الذي تتصارع في إطاره المصالح وتتأجج المشاعر.. وتتشابك أحداث مجتمع عمل خيال الكاتب فيه ليقدمه لنا.. في قالب يمكن أن نرى حكاية مستورة جزء من حكاية مجمع الشونة. وفي هذا الجزء حلق بنا الكاتب في عدة حكايات منها: حكاية سنية البربرية ورشدي السائح وحكاية صقر.. وحكاية مندور الصافي.. وحكاية حلمي وحبه لأمل مع تشابك حكايات مصطفي وهاني..وحكاية خليل ولوزة وحكاية موفق …الخ ..شخصيات مجتمع الشونة. يعيدنا الكاتب في نهاية هذا الجزء إلى ماضي مستورة مع (كامل الديروطي) إلى أيام صباها حين وقعت في حبائل حبه …حيث يختفي بعد أن حملت منه لتلجأ للزواج من عبده العربجي سترا◌ٍ لما في بطنها.. تلد مستورة بصبري بكرها أمام الناس من زواجها بعبده العربجي. ومن هنا يبدأ الجز الثالث وهو الأخير من الرواية بعنوان (دوامات ليست الأخيرة).. وليسمح لي القارئ أن أعود به قبل الولوج إلى الجزء الأخير للجزء الأول :(دوامة أولى) وفيه يستمر الكاتب في وصف الأحداث بشكل منتظم.. بادئا بمن يأتي ليخبر مستورة بعودة بطة ابنة أخيها بعد هروبها مع عشيقها لعدة أيام.. تنهض مستورة من وسط أكوام الصناديق والكراتين مشيرة على(جلال) أن يسبقها وبطة إلى البيت.. في الطريق تتخيل مستورة وقد نشبت أصابعها في رأس بنت أخيها تعاقبها على فعلتها.. وقبل أن يصل بنا الكاتب إلى البيت.. يسرح بنا في عوالم أخرى بفنية عالية.. ما يجعل القارئ في شوق لمعرفة صراع المرأتين.. ليلتهم تلك الصفحات باحثا عن مشهد وصول مستورة بيتها ومواجهتها لبطة. لكن الكاتب يرجئ ذلك إلى صفحات أخرى.. وبعد عدة صفحات من الأحداث يعود الكاتب للمواجهة بين بطة وعمتها.. تهجم مستورة على بطة بعنف وهي تؤنبها على تفريطها بشرفها.. ثم تجثو أمامها في منظر حزين تبكيها وتبكي نفسها..وهي اليتيمة التي تركها أخوها طفلة صغيره بعد أن تركته أمها لتلحق بعشيق تهرب معه بعيدا◌ٍ.. ليتزوج من أخرى اشترطت عليه عدم قبول الطفلة .. لتربيها مستورة بين أولادها.. تكبر بطة لتظهر بجمال صارخ.. تتمرد تهرب مع من سيطر على مشاعرها.. تعفو عنها عمتها في النهاية وتصمم على ملاحقة ذلك المخادع.. تفكر في طريقة لإرغامه على الزواج منها وتبدأ رحلة البحث عنه. في الجزء الأخير ( دوامات ليست الأخيرة) تختفي كل الأسماء وتتماها الحكايات التي أثثت جزئي الرواية.. وتبقى قصة أمل وحلمي.. وقصة بطة حين تكتشف بأن حبيبها المخادع قد هرب وغادر إلى ليبيا تاركا ما صنعته بها للأقدار .. يختتم الروائي روايته بخبر عودة صبري مع من عاد من حرب تحرير الكويت.. لكنه يرقد المستشفي نتيجة إصابة بالغة أثناء الحرب بعيدا◌ٍ عن وطنه.