الرئيسية - اقتصاد - الأسر اليمنية تستقبل العيد ب(حراف) غير مسبوق
الأسر اليمنية تستقبل العيد ب(حراف) غير مسبوق
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يبدو أن فرص حصول الأسر اليمنية على سيولة نقدية لمواجهة نفقات عيد الأضحي المبارك ستكون في غاية التعقيد هذا العام خصوصاٍ وأن موعد العيد لا يتجاوز أسبوعاٍ من الآن فيما لا تبدو هناك أي نوايا لدى الحكومة أو غيرها لضخ معونات أو تقديم نصف راتب على الأقل للموظفين محدودي الدخل لمكافحة (الحراف) المستشري بقوة. ولم تقر الحكومة حتى الآن أي مشاريع لصرف إكراميات للموظفين أو حتى تقديمهم نصف راتب من مستحقات شهر أكتوبر الجاري وهو مايقود إلى إضعاف مستوي نفقات الأسر من ناحية وتفشي الركود في السوق من ناحية أخرى وبروز حالات واسعة من التعاسة والحزن في أيام الله الفضيلة من عيد الأضحى. المشكلة وتكمن المشكلة في أن الآلاف من الأسر اليمنية تعيش حالة مزرية من الحراف نتيجة لتفاقم الأعباء المعيشية عليها منذ شهر رمضان الماضي فعلى مدى الثلاثة أشهر الماضية شهدت موازناتها انحسارا لم يسبق له مثيل نتيجة لتتابع المناسبات عليها ولم تستطع توفير أي من دخلها الصغير. يقول محمد البدوي مدرس أنه مديون للبقالة بـ43 ألف ريال منذ رمضان و22 ألف ريال منذ شهر سبتمبر حيث لم يستطع الوفاء بأي التزامات منذ ذلك الشهر حيث جاء عيد الفطر واحتاج مصاريف تفوق 70 ألف ريال ثم بعدها جاء الموسم المدرسي ومصاريفه تزيد عن 25 ألف ريال وهو مستأجر ولديه ثلاثة أولاد وراتبه 65 ألف ريال وتقسيمه على المصروفات لم يعد يذكر. محمد البدوي كمثال لأرباب الآلاف من الأسر التي تعيش في العاصمة صنعاء والمدن الرئيسية حيث تجتمع عليه متاعب السكن بالإيجار وقلة الدخل وارتفاع الأسعار الأمر الذي يجعله في حالة ديون متواصلة لكن المناسبات العيدية تزيد من قصم ظهورهم تماماٍ. عيد الأضحي يحل عيد الأضحي هذا العام منتصف شهر أكتوبر ومن المعروف أن منتصف الشهر لدى الموظفين محدودي الدخل يعني أن جيوبهم فارغة فالمرتب يكون قد تم صرفه في أول يوم من الشهر ولم يعد للموظف أي حقوق تذكر ورب الأسرة ينفق راتبه خلال يومين على الإيجارات والفواتير والبقالات وهكذا ينتظر نهاية الشهر بفارغ الصبر وفي حالة عيد الأضحي الحالي فمن المؤكد أن الآلاف من الموظفين الحكوميين يحسون بالضجر والتعاسة جراء دخول العيد وهم لا يستطيعون شراء أضحية العيد من جهة ومستلزمات الأطفال من الملابس وجعالة العيد من جهة أخرى. يقول منير قطران موظف بوزارة الثقافة: إن راتبه لا يستمر معه سوى يومين ويتم انفاقه على مستلزمات الشهر الماضي التي تؤخذ بالدين وبالتالي فنفقات العيد طارئة وتحتاج لسيولة نقدية لشراء خروف وأيضا مستلزمات الأولاد وهذه تسبب مشكلة له يتمنى أن يتجاوزها من خلال الحصول على قرض من أقاربه. قلة الدخل أصبحت قلة الدخل لدى اليمنيين مشكلة مزمنة وهذا ما جعلهم إحصائياٍ في مستويات الفقر وتحت خط الفقر حيث يقع نحو 50% في خط الفقر وهو ما يعني أن تلك الأسر تعيش على دولارين في اليوم أي ما يعادل 440 ريالاٍ وهذا لا يمثل حتى قيمة رغيف الخبز في أدنى مستوياته. وتشكو الأسر اليمنية حصوصاٍ منها المعتمدة على دخل محدود من الوظيفة مع الدولة أو المزارعين الموسميين في الأرياف من قلة الدخل خلال الشهور الماضية مقارنة بمستوى النفقات الباهظ والذي التهم كل مداخليهم بسرعة. وتقول الأسر: إن مدخرات النصف الأول التهمها شهر رمضان ثم أعقبه العيد بنفقاته الباهظة على شراء الملابس والعيديات ليبدأ بعدها الموسم الدراسي وها هو عيد الأضحى بحاجة للملابس والأضحية ومستلزمات العيد من جعالة ونفقات التعويد باهظة التكاليف. اصحاب البقالات يئنون يؤكد أصحاب البقالات والسوبر ماركت أن الأسر اليمنية تعاني ضائقة مالية وللتدليل على ذلك بحسب ما يوضح قاسم الحيمي صاحب بقالة بالحصبة أن زبائنه والذين يصلون إلى أكثر من 30 أسرة يعانون من قلة السيولة النقدية وهو ما أثر عليه حيث لم يستطع الحصول على الديون التي له سوى بمعدل 60% فقط علماٍ بأنه يوفر لهم كافة المستلزمات اليومية من أول يوم في الشهر إلى نهايته ويضيف: هناك من الزبائن من صارحني بأنه لا يستطيع دفع أي من الديون نظراٍ للعيد والمستلزمات المطلوبة له وهذا شيء مخجل أن لا أتمكن من استرداد الديون من الزبائن. الموارد ويرى مختصون أن سبب الفقر في اليمن والحياة التعيسة للأسرة يعود في الأساس لقلة الدخل حيث يعيش رب الأسرة اليمنية بدخل شهري لا يزيد عن 40 ألف ريال في المتوسط وهذا يجعله يعيش حالة بائسة يتخبط يميناٍ وشمالاٍ ويصارع المعاناة يوماٍ بعد يوم ورغم هذا التحليل المنطقي إلا أن الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح المقطري يرى أن أسباب الفقر لا تعود لندرة الموارد الاقتصادية الطبيعية فاليمن تمتلك موارد اقتصادية كبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية الطبيعية المعدنية والنفطية والزراعية والسمكية إلى جانب موقعها الاستراتيجي الهام ووجود موارد بشرية كبيرة إنما الحاصل هو سوء استغلال الموارد من قبل الدولة وتفشي عدم الاستقرار والانفلات الأمني والذي أدى لعزوف الاستثمارات الأجنبية على الاستمرار في اليمن فضلاٍ عن هجرة المستثمرين المحليين وهذا أثر على مستوى توفير فرص عمل تدر دخلا للأسر. ويرى الدكتور المقطري أن الوضع السياسي الهش وعدم الاستقرار جلب مأساة للوضع الاقتصادي وبالذات على مستوى معيشة الناس فالحكومة لم تعد قادرة على زيادة الرواتب أو تحسين المعيشة نتيجة لتفاقم عجز موازنتها وأيضا تتعرض هي لقلة الدخل بسبب تخريب أنابيب النفط والاعتداء على الكهرباء والأعمال الإرهابية وهذه تكبدها الكثير من الدخل. ويرى أن على الحكومة توطين الاستقرار وبعد ذلك يمكنها استغلال ثرواتها وهذا سوف يسهم في تنمية المجتمع اليمني اقتصادياٍ وثقافياٍ والانتقال بالاقتصاد الوطني إلى مصاف الدول الغنية ولكن سوء استغلال تلك الموارد الاقتصادية في ظل إدارة اقتصادية تقليدية ومتخلفة والتوزيع غير العادل للثروة بين السكان والاستيلاء على عائداتها من قبل فئات صغيرة وحرمان الجزء الأكبر من خيرات البلد سبب في تخلف الاقتصاد اليمني وانتشار الفقر وقلة الدخل بين السكان.