الرئيسية - الأخبار - للطلاب دور رائد في النضال الوطني
للطلاب دور رائد في النضال الوطني
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

حينما كان يعيش اليمنيون عهدا مليئا بالتخلف والجهل كانت هناك رغبة كبيرة في أن يتغير الحال من واقع مظلم إلى النور الذي يعيشه الآخرون لقد كان لفئة طلاب اليمن في الداخل والخارج رؤيتهم للخلاص من نظام الحكم الإمامي المستبد ومن الاستعمار البريطاني المحتل.. لذلك كان لابد من النضال من أجل أن تتحقق الأهداف الكبيرة التي كانت حينها بمثابة المستحيل. ولأن النوايا الصادقة لا تعترف بالمستحيل واللاممكن فقد كان لمشاركة طلاب وتلاميذ اليمن داخل الوطن وخارجه دور بارز في نمو وتطور الحركة السياسية اليمنية وهنا سوف نستعرض النضال والأهداف الكبرى للشعب اليمني والتي كان أهمهما:

لقد كانت المدارس والعمل الطلابي وكذا المنظمات والجمعيات والاتحادات الطلابية مركزاٍ كبيراٍ لإعداد وتأهيل قادة الغد من سياسيين ورجال دولة. فمن هذه المراكز قدم معظم قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية في بداية نشوئها. ومنها أيضاٍ تخرج قادة الأحداث التاريخية الكبيرة في اليمن الحديث والمعاصر فبعض طلاب البعثات العسكرية والمدنية كانوا قادة ثورة 1948م وحركة 1959م ومن خريجي المدارس المدنية والعسكرية تكونت خلايا تنظيم الضباط الأحرار وقنوات اتصالها بالأحزاب السياسية وحتى إنجاز مهمة إسقاط حكم آل حميد الدين وقيام النظام الجمهوري في 26 سبتمبر 1962م. واستلم الكثير من الطلاب والتلاميذ مهام قيادية ونضالية في الكفاح العسكري والسياسي ضد الاستعمار البريطاني وشغل الكثير من الطلاب من خريجي مدارس ومعاهد وجامعات الداخل والخارج مناصب سياسية وإدارية كبيرة بعد انتصار ثورة 62سبتمبر 1962م وثورة 14 أكتوبر 1963م واستقلال جنوب الوطن في 30 نوفمبر 1967م وكذا في دولة الوحدة بعد 22مايو  1990م. وكما سبق لنا القول فإن للطلاب والتلاميذ دوراٍ في الأحداث اليومية لنضال الشعب اليمني من أجل الحرية والتنمية والوحدة منذ الأربعينيات وحتى نهاية القرن العشرين وما زال هذا الدور موجوداٍ ومستمراٍ في الوقت الراهن من تاريخ الوطن وشهد دور الطلاب في الأحداث اليومية لنضال الشعب اليمني نمواٍ تدريجياٍ وارتبط هذا النمو التدريجي وبشكل وثيق بنمو وتوسع حركة التعليم في البلاد ونمو وتطور أهداف الحركة الوطنية اليمنية وأساليب وأشكال النضال لتحقيق هذه الأهداف. وهنا نقدم صوراٍ حية لمساهمة الطلاب في الأحداث اليومية لنضال الشعب اليمني مع توضيح أبرز ملامح وأسباب تطور هذه المساهمة النضالية الميدانية منذ الأربعينيات وحتى نهاية عقد الستينيات من القرن الماضي: مرحلة الأربعينيات كان التعليم في هذا العقد محدوداٍ من ناحية عدد المدارس الأهلية أو الحكومية أو من ناحية المنهج والمستوى العلمي فهو لم يتعد حفظ الأشعار والنصوص والخطب القديمة وبعض الدروس الدينية واللغوية وخاصة في المدارس الأهلية مع بدايات جنينية للمدارس الحكومية الحديثة وخاصة في بعض مدن جنوب الوطن كعدن والحوطة والمكلا وسيئون وهذا الوضع كان له تأثيره على مستوى دور الطلاب والتلاميذ في نضال الشعب اليمني في عقد الأربعينيات. ومقابل ضعف التعليم العام في هذا العقد فقد شهد هذا العقد عودة بعض طلاب البعثات الدراسية المدنية والعسكرية التي أرسلها الإمام  يحيى حميد الدين إلى العراق ومصر ولبنان وكذا البعثات التي أرسلتها الجمعيات والاتحادات الاجتماعية والثقافية في الجنوب إلى الخارج وخاصة إلى دول مثل مصر والسودان والعراق وسوريا لقد ساهم الخريجون العائدون إلى وطنهم في نقل ونشر بذور أفكار التحرر والشورى والإصلاح والتحديث ويقول فقيد الوطن الرئيس عبدالله السلال وزملاؤه في كتاب “ثورة اليمن الدستورية” حول هذا الدور: لقد شكل الشباب العائدون معلماٍ من المعالم البارزة في مرحلة تأسيس الحركة الوطنية ولم ينحصر دورهم على نقل مشاهداتهم وانطباعاتهم المخالفة لما كان واقعاٍ في اليمن وحسب.. لكن أخذ هؤلاء يوجهون حملاتهم العنيفة إلى النظام الإمامي الفاسد ويصورونه أبشع تصوير. ومن مساهمات الطلاب والتلاميذ في النضال اليومي للشعب اليمني في عقد الأربعينيات: خروج الطلبة بمدينة عدن في مسيرات صاخبة قادها الطالب البارز عبدالله عبدالرزاق باذيب وذلك في عام 1948م احتفاء بميلاد جامعة الدول العربية وتضامناٍ مع نضال الشعب الفلسطيني لإيقاف عملية اغتصاب فلسطين من قبل الحركة الصهيونية وتشريد شعبها في أرجاء المعمورة. ودشن طلاب عدن بهذه المسيرات بداية دخولهم معترك النضال اليومي للشعب اليمني وخاصة في مدينة عدن. وفي تعز وصنعاء شارك الطلاب في أنشطة حركة المعارضة لحكم أسرة آل حميدالدين وكذا في الثورة الدستورية المعروفة بثورة 1948م التي بدأت في “18” فبراير وأجهضت في “21” مارس من نفس العام وسجل عبدالله البردوني في كتابه (اليمن الجمهوري) هذه المشاركة حيث قال: لقد كان شبابنا الطلابي في مطلع الأربعينيات مختلفاٍ عن شباب العشرينيات الذي كان من أهم صفاته عدم التدخل فيما لا يعنيه على حد تعبير الآباء والأساتذة لأنه أحس نفسه معنياٍ بالوطن وبتأثير بواكير الثقافة المعاصرة فبدأ بخوض عدة ميادين نضالية كان يوزع المنشورات الوافدة من عدن ويواصل الدراسة ويتلمس آثار دعوة الثورة الدستورية في مجاميع القات والأسواق وكان أشق عمل يمارسه هو حمل الرسائل الداعية إلى الحركة الدستورية من صنعاء إلى تعز إلى مراد إلى إب إلى بعدان إلى زبيد وكانت الحمير والأقدام هي وسائل المواصلات في ذلك الحين إلى جانب هذا فقد كان طلاب دار العلوم ينشرون التوعية الهامة في بيوتهم وفي عواصم الأقاليم حين تتاح لهم فرصة الخروج لامتحان المدارس في سائر المناطق وكان الذين يقومون بمهمة الامتحانات آخر كل عام هم طلاب “الشعب العليا” من دار العلوم من الشعبة السابعة إلى الشعبة الثانية عشرة وعندما وقع انقلاب شباط “فبراير” 1948م زاول هؤلاء الطلاب أدوارهم بكل استبسال فثوروا الجموع بالخطابات الحماسية والقصائد الإيقاظية ثم انتقلوا إلى ميدان العمل فحملوا البنادق وتعسكروا حول أسوار صنعاء فأصبح طلاب الثانوية وطلاب دار العلوم وطلاب الصحة وطلاب الإشارة أصبح كل هؤلاء معسكراٍ واحداٍ مختلف المواقع والقيادات لكي يكسروا الحصار عن العاصمة إلا أن خبرتهم في استعمال السلاح كانت غير كافية أمام قوة الحصار المدربة وأمام الخيانة من الداخل لهذا سقطت العاصمة في شهر مارس فدفع زعماء الطلاب ضريبة الحماس فمنهم من استشهد كعبدالله محمد الوزير ومنهم من كابد السجن كعبدالملك الطيب ومنهم من لاذ بالفرار كأحمد الخازن وحسين عثمان الوزير لقد كانت حركة 1948م قوية الاعتماد على الطلاب وبالأخص طلاب دار العلوم والثانوية والكلية الحربية.. وذلك منذ أن نشأت فكرة الحركة الدستورية من أول الأربعينيات إلى قيام الحركة في 18 شباط 1948م وإلى سقوطها في النصف الأول من مارس. مرحلة الخمسينيات شهد هذا العقد توسعاٍ نسبياٍ في مدارس التعليم العام في اليمن بشطريه في الشمال بتأثير علاقات الإمام مع الدول العربية وخاصة مع مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952م وكذا بغرض تسكين المزاج الشعبي الغاضب والرافض لسياسة التخلف والعزلة التي مارسها حكم آل حميدالدين وفي الجنوب بسبب تطور الدور العسكري والتجاري لمستعمرة عدن أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية واتسعت في هذه الفترة الزمنية دائرة انتشار الفكر القومي وبدأت في الوقت نفسه أعمال التأسيس الأولى لتنظيمات وأحزاب حركة التحرر الوطني اليمنية بمختلف ألوانها السياسية والفكرية. كفاح يومي لقد تركت كل تلك التطورات تأثيرها الإيجابي الواضح على حركة الطلاب في أكثر من جانب منها العدد ومستوى الوعي وأشكال مساهماتها في النضال اليومي للشعب اليمني. ونستعرض في هذه المرحلة أبرز مشاركات الطلاب في أحداث الكفاح اليومي للشعب اليمني في عقد الخمسينيات ففي عدن سار الطلاب في مظاهرات صاخبة في مطلع عام 1955م وتضامناٍ مع الكاتب والسياسي عبدالله باذيب الذي كان حينها يحاكم أمام محكمة التواهي بتهمة معاداة بريطانيا وإثارة الفتنة من خلال المقال الذي نشره تحت عنوان “المسيح الجديد الذي يتكلم الإنجليزية”. وفي الشطر الشمالي زاد عدد المدارس في عقد الخمسينيات وبذلك زاد عدد الطلاب أو القوة الثالثة كما يسميها السياسيون. فبعد أن كانت الأنشطة الوطنية للطلاب تنطلق من دار العلوم والثانوية بصنعاء أصبحت مدارس تعز والحديدة وحجة مواقع جديدة تضاف إلى المواقع القديمة وتطيل ألسنة اللهب. فبعد فشل حركة 1955م وتنفيذ الإمام أحمد الكثير من الإعدامات لزعماء الحركة فجر طلاب المدرسة الأحمدية في تعز أول مظاهرة وأول احتجاج شعبي على قطع الرؤوس الوطنية الذي كان من يوميات الإمام أحمد وهتف المتظاهرون من الطلاب “لا إعدام لا إعدام.. يحيا الشعب يحيا الشعب” ويصف عبدالله البردوني هذه المظاهرة بأنها: أنصع صفحة في التاريخ الطلابي لأنها انتقلت من الهمس والإنشاد إلى التفجر الشامل بين غمار الملايين وتحت وهج الشمس. لقد كانت هذه المظاهرة أول نقاط التحول في التاريخ الطلابي بل في التاريخ الشعبي في شمال الوطن إذ لم يعتد الشعب قبل هذه التظاهرة الطلابية ما يسمى بالمظاهرات الشعبية فكانت  تلك المظاهرة أول تنبيه إلى قيمة تحريك الشارع الشعبي. انتفاضة مارس وفي عدن شارك الطلاب في انتفاضة مارس 1965م التي ولد فيها “مؤتمر عدن للنقابات” وقدم طلاب عدن أول شهيد لهم في هذه الانتفاضة وهو التلميذ “قاسم هلال”. وتحول موكب تشييع جثمان التلميذ قاسم هلال إلى مسيرة جماهيرية وطلابية صاخبة ضد بريطانيا ووجودها في عدن والمناطق الجنوبية. التضامن مع الشعب الجزائري والمصري وفي 28 أكتوبر 1956م شارك الطلاب في مظاهرة عارمة تضامناٍ مع الشعب الجزائري وثورته المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي وتنديداٍ باختطاف زعماء جبهة التحرير الجزائرية وعاقبت إحدى محاكم عدن بعض الطلاب بسبب مشاركتهم في هذه المظاهرة ومن الأحكام التي أصدرتها هذه المحكمة حكماٍ بالغرامة المالية وضماناٍ بحسن السيرة والسلوك لمدة عامين ضد ثمانية من الطلاب. وبتأثير المشاعر القومية وكجزء من المواكبة العربية الكبيرة والحاشدة المتضامنة مع الشعب المصري في تصديه للعدوان الثلاثي بعد إعلان تأميم قناة السويس في يوليو 1956م شهدت صنعاء مسيرة طلابية حاشدة.. وأرسلت الإمامة قواتها إلى باب المدرسة الثانوية لاعتقال الطلاب الذين لعبوا دوراٍ قيادياٍ في تحريك المظاهرة وكان المطلوبون هم: علي عبدالمغني ـ محمد مهدي العلفي ـ عبدالله المؤيد- علي الشيبة وحمود بيدر واعتصم الطلاب خارج باب الروم إلى أن تم تهريب الطلاب الخمسة إلى منطقة سعوان ولأن الاختفاء لمدة طويلة كان شيئاٍ صعباٍ على الطلاب لذلك قرروا تسليم أنفسهم للسلطة التي قامت بدورها بإيداعهم بسجن الرادع لمدة واحد وعشرين يوماٍ. انتفاضة غيل باوزير وفي مارس 1958م شهدت المدينة التعليمية غيل باوزير في حضرموت انتفاضة طلابية كبيرة كرد فعل على الإجراءات التعسفية التي اتخذتها السلطات الاستعمارية والمحلية ضد المدير وبعض أساتذة وطلاب المدرسة المتوسطة في أعقاب الاحتفال السنوي للمدرسة والذي كان حفلاٍ وطنياٍ ومهرجاناٍ تضامنياٍ مع نضال الأمة العربية لقد شملت فقرات احتفالات المدرسة عدداٍ من الأعمال الوطنية والتضامنية ومنها مثلاٍ مشهد تمثيلي قصير عن نضال الشعب المصري في بورسعيد بعنوان” إنه سيعود” ومسرحية بعنوان “مصرع الخيانة” وكذا قراءة فقرات من المقالات الفائزة في مسابقة بهذا الخصوص وحملت هذه المقالات العناوين التالية: الوحدة العربية مناضل جزائري يتحدث نكبة دمشق ضحايا في كل مكان رسالة من جميلة بوحريد ومن أبرز فقرات الحفل والتي أثارت غضب المستشار البريطاني وجعلته يغادر ساحة الاحتفال كلمة ألقاها أحد الطلاب باللغة الإنجليزية تحدث فيها عن نضال الشباب العربي من أجل الحرية واستمرار هذا النضال حتى تحقيق النصر رغم برك الدم وظلمات السجون وأعمال القمع الوحشية الأخرى. لقد قوبلت وقائع الاحتفال بالثناء كما لقيت الانتفاضة الطلابية التي حدثت عقب الاحتفال حملة تضامن واسعة في داخل وخارج حضرموت. ووصف البيان التضامني للكتاب الأحرار في عدن الاحتفال بـ(العيد المجيد الذي يسجل دليلاٍ قاطعاٍ على تجاوب المدير وزملائه المعلمين وأبنائه الطلبة وتفاعلهم مع المشاعر العربية الأصيلة الأمر الذي يستحقون من أجله  كل تقدير وإكبار كيف لا وهو يبعث فينا الأمل والاطمئنان في تربية الناشئة الجديدة من أبنائنا ويدعم عندنا الثقة في جيلنا المقبل وتحمله مسئولياته وواجباته نحو وطنه وشعبه على النحو السليم). أكبر انتفاضة طلابية الانعطاف التاريخي في الحركة الوطنية اليمنية ففيها قامت وانتصرت ثورة 26سبتمبر 1962م التي أسقطت نظام آل حميد الدين وأسست بدلاٍ عنه النظام الجمهوري وكامتداد لثورة 26 سبتمبر وبتأثيرها انطلقت ثورة 14أكتوبر 1963م في جنوب اليمن التي انتصرت على الاحتلال البريطاني وحققت استقلال وتوحيد الجنوب  في كيان واحد في نوفمبر 1967م وأثرت هذه الأحداث الكبيرة  في مسار الحركة الوطنية اليمنية تأثيراٍ قوياٍ على الحركة الطلابية وشعاراتها وأنشطتها النضالية. ومن أبرز مساهمات الطلاب في أحداث النضال الوطني اليمني في مرحلة الستينيات هو الانتفاضة الطلابية الكبرى التي عاشتها عدن في فبراير 1962م وقد بدأت شرارة الانتفاضة في كلية البنات بخور مكسر ثم تحولت لتشمل كل مدارس ومعاهد عدن ورفعت الانتفاضة الطلابية شعارات منددة بالسياسة التعليمية للاستعمار البريطاني ودعت إلى وضع منهاج وطني وأن يكون التعليم باللغة العربية الأم بدلاٍ عن لغة المستعمر ولم تكن السلطات البريطانية وحكومة عدن بحاجة إلى وقت طويل لمعرفة ما سوف تخلقه الانتفاضة وهي تتطور بسرعة مذهلة وشمولها لكل المدارس الثانوية والمعاهد في مدينة عدن بل إنها أدركت حجم وخطورة هذه الانتفاضة منذ الساعات الأولى لاندلاعها واتبعت طرقاٍ مختلفة لاحتوائها بدأت باللقاءات التي عقدها وزير المعارف آنذاك عبدالله الصعيدي مع آباء وأمهات الطلاب ولكنه فشل في إقناعهم بتوجيه أبنائهم وبناتهم بالعدول عن مواصلة الإضرابات والمظاهرات بل زادوا في إصرارهم على تلبية مطالب أبنائهم. ومروراٍ بدعوة الصحافة وإذاعة عدن بالكف عن الإضرابات وانتهاءٍ بالقمع الجسدي والنفسي حيث قدم للمحاكمة عدد من الطلاب بتهمة الإخلال بالأمن العام وإثارة الشغب وصدرت بحقهم أحكام بالسجن والجلد والتوقيع على ضمان بعدم الإخلال بالأمن لمدة عام والطرد من الدراسة كما تم نفي 60 طالباٍ ممن يدرسون في كلية عدن وثانوية خور مكسر من أبناء المناطق الريفية والمسماة آنذاك بالمحميات وأغلقت كلية البنات لمدة عام دراسي كامل. تضامن عالمي لقد حظيت الانتفاضة الطلابية باهتمام الرأي العام المحلي والخارجي ولقيت حملة تضامن واسعة النطاق ومنها البيان الشهير الذي أصدره اتحاد الطلاب العالمي وأعلن فيه تضامنه مع نضال طلاب اليمن ودعمه لمطالبهم المشروعة وسجل الميثاق الوطني للجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل هذه الانتفاضة بقوله: إن الإضرابات الطلابية والتي دامت أكثر من شهر احتجاجاٍ على المناهج الاستعمارية كانت دليلاٍ على اليقظة الواعية والفهم الكامل من قبل الطلاب لمخططات الاستعمار الرامية إلى خلق جيل متفسخ جاهل يسير ضمن الحياة التي ترسم له من قبل السلطة الأجنبية المتحكمة. ومن خلال الوفد اليمني الموحد الذي شارك في المهرجان العالمي الثامن للشباب والطلاب الذي انعقد في هلسنكي عاصمة فنلندة في صيف عام 1962م تم إيصال صوت الشعب اليمني في الشطرين إلى شبيبة وطلاب العالم. لقد لعب المندوبون اليمنيون: محمد ناصر ويحيى عبدالرزاق وأحمد جبران دوراٍ كبيراٍ لا يستهان به من حيث إجراء الاتصالات واللقاءات مع مختلف المنظمات الشبابية والطلابية لشرح قضية نضال الشعب اليمني ضد الاستعمار في الجنوب والإمامة في الشمال وعادوا وهم يحملون رسائل من ممثلي المنظمات الشبابية والطلابية تتضمن تضامن منظماتهم مع شبيبة وطلاب وشعب اليمن والترحيب بإقامة علاقات كفاحية معهم. كما تمكن الوفد من الحصول على مقاعد دراسية لبعض الطلاب اليمنيين في معاهد وجامعات الاتحاد السوفيتي والمجر ورومانيا وألمانيا الديمقراطية. مسيرات صنعاء وفي يوليو وأغسطس 1962م شهدت صنعاء إضرابات ومسيرات طلابية صاخبة وكانت مطالبهم موجهة نحو تحديث المناهج وتحسين التعليم ورفع الطلبة صور الزعيم العربي الراحل جمال عبدالناصر ومروا بها في شوارع العاصمة كما حطم الطلاب زجاج مبنى وزارة المعارف وأنزلوا صورة الإمام من الحائط وقد استجابت لهذه المظاهرة المدارس الأخرى في البلاد وأخذت الحركة الطلابية عمقاٍ بعيداٍ في تعز حيث بقي الطلاب في ساحة المدرسة ولم يسمحوا للجنود المرسلين لقمع الانتفاضة بالدخول إلى المبنى وقد قمعت انتفاضات يوليو وأغسطس الطلابية بقسوة وزج بالكثير من الطلاب في السجون كما حْكم على بعضهم بالإعدام.  لقد مثلت انتفاضة التلاميذ والطلاب أحد الممهدات الرئيسية لثورة 26 سبتمبر 1962م.. وعندما تفجرت الثورة السبتمبرية المجيدة 1962م كان طلاب المدرسة الحربية والمدارس العسكرية الأخرى الأداة المنفذة لها ووقف طلاب المدارس المدنية إلى جانب الثورة وتدفقت جموعهم إلى المعسكرات للانصهار في الثورة والاندفاع في موجها العارم. فتشكل الحرس الوطني منهم ومنهم من انتشر في المناطق الريفية يقاتل الخوف والجهل بسلاح التوعية ومن جنوب الوطن تحركت أرتال من السيارات حاملة آلاف العمال والطلاب للإسهام في الدفاع عن ثورة وجمهورية سبتمبر. وعندما اندلعت الثورة المسلحة ضد الاستعمار في 14أكتوبر 1963م وقف الطلاب إلى جانبها قولاٍ وعملاٍ فمنهم من شارك في العمليات الفدائية ومنهم من ساهم في إدخال السلاح أو توزيع المنشورات في المساجد والساحات العامة والبعض تولى مراتب تنظيمية قيادية في الجبهة القومية وجبهة التحرير. نشاط الخارج وفي الخارج نظم طلاب اليمن عدداٍ من الأنشطة لدعم الثورة اليمنية في الشمال والجنوب وتوسيع دائرة المطلعين على قضاياها والمتضامنين معها ومن هذه الأنشطة على سبيل المثال لا الحصر: الإسهام في المسيرة السلمية في بغداد في أكتوبر عام 1962م لدعوة الحكومة العراقية للاعتراف بجمهورية سبتمبر والاجتماعات التضامنية في قاعات جامعة الصداقة في موسكو للتضامن مع ثورتي سبتمبر وأكتوبر والاعتصام في السفارة اليمنية في بيروت عام 1964م احتجاجاٍ على دعوات المصالحة مع الملكيين واجتماعات الطلاب اليمنيين في القاهرة عام 1968 لدعم أعمال الدفاع عن صنعاء في وجه الحصار الملكي لها والمطالبة بعودتهم إلى أرض الوطن للمشاركة في أعمال الدفاع عن العاصمة. اعتقالات خلال عامي 56/66م شهد النضال الطلابي في جنوب الوطن تطوراٍ نوعياٍ كانعكاس لازدياد شدة المواجهة بين حركة التحرر الوطني والاستعمار البريطاني وخلال هذه الفترة الزمنية تعطلت الدراسة مرات عديدة وأصبحت المدارس مواقع للاعتصام والإضراب ومراكز لانطلاق المسيرات الصاخبة ومن أبرز الانتفاضات الطلابية خلال هذين العامين: الانتفاضات الطلابية عام 1966م عقب اعتقال خمسة من قيادة الحركة الطلابية المسيرة السلمية للطلاب في سيئون والمكلا في 10 12 سبتمبر 1966م ضد رابطة أبناء الجنوب في سيئون وإلقاء قنبلة يدوية على مسيرة طلاب المكلا والمسيرات الطلابية في عدن ولحج وأبين في الذكرى الثالثة لانطلاقة الثورة المسلحة والتي نظمت في إطار الدعوة لعودة الجبهة القومية للعمل المستقل خارج إطار جبهة التحرير.. لقد قدمت الحركة الطلابية في نضالها خلال هذه الفترة كوكبة من الشهداء ومنهم على سبيل المثال لا الحصر نجيب سيف وخالد بن هامل وهشام زوقري وفاروق باشارب والعريقي وآخرون. وشارك الطلاب في نضال الشعب اليمني من أجل التنمية ومحاربة التخلف والجهل والمرض وكذا من أجل تحقيق الوحدة وذلك بعد تأسيس الجمهورية العربية اليمنية في صنعاء وجمهورية اليمن الجنوبية في عدن وعملوا بأشكال سلمية كالمظاهرات والإضرابات من أجل تحسين أوضاع التربية والتعليم كمناهج ومباني وتجهيزات مدرسية ومساكن داخلية وبعد إعادة تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م وقف الطلاب إلى جانب الوحدة وساهموا في حمايتها من الانتكاس كما شارك الطلاب في كل الأنشطة والفعاليات التي شهدها الوطن بعد الوحدة من أجل تعزيز الديمقراطية وتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي والإداري والمالي.