الرئيسية - الدين والحياة - »الاغتيالات« لا يقرها دين ولا شرع فأين تكمن المشكلة….¿
»الاغتيالات« لا يقرها دين ولا شرع فأين تكمن المشكلة….¿
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

عند احتدام الأوضاع وتنامي جبهات الصراع مخلفة الآهات والأوجاع جراء تواصل فجائع القتل والتدمير وما ظهر مؤخراٍ من عمليات الاغتيالات…ناهيك عن أحداث التخريب التي لاتهدأ ولا يندى جبين مرتكبيها من قبح أفعالهم المتكررة.. أمام هذه الأفعال الإجرامية يأتي هذا السؤال: أين تكمن المشكلة¿ وهل تحمل أبعاد دينية أو اقتصادية أو تربوية وأخلاقية …. أم أنها تكمن في سوء الإدارة وعدم الكفاءة أو لعل المشكلة في سوء التعامل للخروج من الأزمة وفي غياب العلاج المناسب للقضاء على أصل المشكلة من جذورها…. سؤال يفرض نفسه لتتفرع منه أسئلة أخرى تجعل الحيرة تبلغ ذروتها في انتظار الإجابة . ونحن في معرض البحث عن إجابة لهذا السؤال …فلا بد أن نتوقع خيارات متعددة للإجابات …هذه الإجابات إما أن تعكس حالة الفهم المغلوط لحقيقة الدين الذي نهانا وحذرنا غاية التحذير من قتل النفس ومجرد التفكير في الإقدام على ارتكاب مثل هذه الجريمة البشعة … فقطرةْ من دم امرئ مسلم قتل دون وجه حق أشد على الله من هدم الكعبة حجراٍ حجراٍ…. ومع ذلك يصر البعض من المسلمين وصايتهم على هذا الدين وتطبيقه من مفهومهم الضيق المغالط للحقيقة ….حتى وصلنا إلى هذه الحالة المزرية …حالة الاستحلال للدم بدعوى المخالفة في الرأي أو الانتساب لطائفة بعينها …وتعليلات لا أول لها ولا آخر في نظر هؤلاء وهنا تكمن المشكلة في زاوية أولى توضح اعتقاد الإنسان أنه المكلف بتطبيق الشريعة وما دونه سراب مخالف يجب أن يستأصل من الوجود …وهذا ما جاز أن يطلق عليه اتساع ظاهرة التكفير الذي يعاني منه المجتمع المسلم ومنه تنطلق معاول القتل في كل اتجاه نمر به في حياتنا وتنظيم القاعدة ينطلق في مخططاته من هذا المبدأ الشيطاني المقيت الذي يصادم بكل صلافة حقيقة الإسلام ومنهجه في قدسية الدماء المسلمة وغير المسلمة بالضوابط والمعايير الشرعية ولما كانت المشكلة تكمن في العقيدة المغلوطة تاهت الإجابة لكنها لن تضيع بقدر ما ضاع وغاب الصوت الصداح لإبرازها وأصقاع أذان من لايريد سماعها وهنا تعمقت مشكلة الإرهاب دون دراسة علمية لأسبابه وبالتالي عدم وجود معالجات ناجعة للقضاء على آفاته وبالتالي تفاقم العمليات الإرهابية التي سيظل معها الدم المعصوم يسفك إلى مالا نهاية . إن أبعاد المشكلة التي يعاني منها اليوم المجتمع اليمني … لاتتمحور فقط في مضمون الفكر التكفيري لتنظيم القاعدة على الرغم من خطورته … بل بدئت تظهر علينا مشكلة أخرى لاتقل خطراٍ عن الإرهاب وهي ( الفتنة الطائفية ) ولعل هذه المشكلة مجتمع مع بواعث الإرهاب في نقطة معينة وهي أن كلا المشكلتين ينزعان إلى اعتقاد ديني مغلوط …وفي اجتماع هاتين المشكلتين في مجتمع ما ينذر بالهلاك والدمار الذي لايستطيع أحدَ ما النجاة منه …ولسنا ببعيد عن الحالة التي يعيشها البلد الشقيق العراق بعد استفحال هاتين الظاهرتين لسنوات عديدة فقلما يسلم يوم كامل في هذا البلد المنكوب ما من عمليات التفجير المدمرة في حق العسكريين والمدنيين وحتى المساجد لم تسلم من ذلك خصوصاٍ عندما يتعلق الأمر بالفتنة الطائفية …وفي اليمن كانت حادثة الاغتيال في أبواب أحد المساجد مؤخراٍ لإحدى الشخصيات …كانت هذه الحادثة بمثابة المادة والوسيلة المتعفنة لبعض وسائل الإعلام التي تحاول إثارة هذه الحادثة من منطلق طائفي أو حزبي …مع أن الحادثة تتطلب البحث والدقة في دراسة الأسباب ومهما كان السبب فإن مثل هذا الفعل يعد مؤشراٍ خطراٍ على المجتمع ويهدد بزعزعة سلمه وكيانه الاجتماعي. إن ما يجب أن تتناوله وسائل الإعلام ومعها المؤسسات الدينية ذات الرسائل التوعوية والإرشادية ومع هذه القنوات المؤسسة التربوية أن تبحث عن أصل المشكلة وفي معرض استعراض المشكلة لابد أن تتبنى هذه القنوات في خطاباتها الحلول والمعالجات للمشكلة دون أن يطول الحديث عن الأشخاص والتنظيمات والمسميات بقدر ما يجب أن تبحث عن الحل والمخرج كل في نطاق اختصاصها فقد سئم الناس ونحن منهم عرض المشكلة بآلامها وحسراتها والجهات المنفذة لها …. دون أن نسمع بالإجراءات المناسبة لتفادي هذه المخاطر مستقبلاٍ …. وفقه الواقع الذي نعيشه اليوم يجعلنا أمام حقيقة واحدة حتى وإن كانت مرة وهي أن الدولة بوضعها الحالي تبدو غير قادرة على مجابهة الإرهاب وحدها أمنياٍ وعسكرياٍ نظراٍ لحالة الانقسام وشحه الإمكانيات … وهذا لايعني تجريد الجهات الأمنية عن مسئولياتها ولكن مساندة هذه الجهود من مختلف المؤسسات الرسمية وغيرها من خلال الأدوار والواجبات المناطة بمختلف هذه الجهات المتمثلة في البرامج التوعوية المتعلقة بالمعالجات الفكرية النظرية التربوية الأخلاقية …. الهادفة إلى اجتثاث ظاهرة الإرهاب من جذوره بالكلمة والرسالة الدينية المؤثرة الكفيلة بغرس ثقافة الوسطية والاعتدال وصولاٍ إلى الإقناع المباشر بحجة الدليل وفهم النص كما أراده وصاغه الشرع لا كما يريده المتشددون التكفيريون ومن يحذوا حذوهم … فهل يمكن لوسائل الإعلام ومعها القنوات الدينية أن تتناول مقاصد الشريعة من خلق الإنسان وإسناد الخلافة له على وجه الأرض أياٍ كان وضع هذا الإنسان في قمة هرم السلطة أم في ذيل القائمة … في أن تبرز هذه الوسائل الغاية الحقيقية لخلق الإنسان بصفته خليفة الله في الأرض من خلال الدعوة إلى المحافظة على الكليات الخمس وهي: (الدين – النفس – العقل – النسل – المال) التي من أجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتاب وشرع الشرائع وبالتالي فإن الإرهاب وحده هو من يهدد هذه القيم فالإرهاب يشوه الدين ويقضي على النفس ويحدث الإرباك واختلاط المفاهيم على العقل والفكر ويفتك بالنسل وتسبب في أحداث خسائر مالية كبيرة على الأفراد والجماعات والمؤسسات … أجزم هنا في معرض ما إذا أردنا محاربة الإرهاب وعزمنا على مواجهته من خلال تناول هذه المفاهيم فإننا سنخطو خطوة كبيرة في الحد من عملياته والقضاء عليه تدريجياٍ بأقل الإمكانيات ولاشك أن هذه الوسيلة ستجنبنا وتجنب وطننا ويلات اتساع المشكلة وتفاقمها والتفاف الكثيرين حول هذا التنظيم … وفي المقابل ينبغي أن لا نتجاهل مطلقاٍ أن سيناريو ملاحقة الإرهابيين بطيار أو بدون طيار تخلف نتائج مأساوية في النسيج الاجتماعي حتى وإن سلمنا دقة بعض هذه العمليات على بعض العناصر الإرهابية وتحقق الوصول إلى الهدف …. لكن يعلم الجميع أن هذه الضربات تصل وقد وصلت إلى الكثير من الأبرياء ممن لانا قه لهم ولا جمل الذين حملوا جريرة مجاورتهم لهذا الإرهابي دون حتى أن يعلموا ذلك وهذا ما جعل البعض ممن احترقوا بنار الضربات الجوية يتعاطفون وفي حالات قد يعتريهم الولاء ….فإذا كنا فعلياٍ يهمنا هذا الوطن وتهمنا مشاكله وقضاياه فالواجب على الجميع الالتفاف حول المساهمة في حل مشاكله وقطع الطريق على من يريد القضاء على مشاكلنا من منظوره البعيد … ونحن نعلم جميعاٍ أن مثل هذه الحلول وإن في ظاهرها النجاعة لكنها تتجاوز العديد من المعالجات والحلول التي بأيدينا والتي نملكها ولا نحتاج لغيرها لما نعرفه من نتائجها وإذا ماسلمنا لهذه الرؤية وأمنا بمقدراتنا واقتنعنا بوسيلتنا وقمنا بواجبنا أضمن حصولنا على الجواب المناسب للمشكلة وعملنا جميعاٍ على حلها والقضاء عليها بإذن الله.