الرئيسية - الدين والحياة - إنمـا الـمؤمنــون إخــوة
إنمـا الـمؤمنــون إخــوة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

جميل النويرة ليس من الفطرة أن‮ ‬يعيش الناس على هذا الكوكب في‮ ‬تشتت وتمزق‮ ‬ولا من العقل والمنطق أن‮ ‬يتنافر البشر ويتناطحوا‮ ‬وقد أوجدهم الله تعالى من مصدر واحد‮ ‬وأصل واحد‮ ‬خلقهم جميعا من آدم وحواء‮ ‬أبيضهم وأسودهم‮ ‬عربيهم وعجميهم‮ ‬سيدهم ومسودهم‮ ‬غنيهم وفقيرهم‮ ‬بل إن أشد ما‮ ‬يتنافى مع الفطرة‮ ‬ويتعارض مع العقل‮ ‬أن‮ ‬يوحد الله عباده في‮ ‬المنشأ والمصدر‮ ‬ثم‮ ‬يتفرقون في‮ ‬المرجع والمصير‮ .‬‮ ‬ولأجل هذا اتخذ الإسلام كل أساس وقاعدة تحمي‮ ‬هذا الكيان من الانشقاق والتصدع‮ ‬وتمكنه من أداء مهمته على الوجه الأمثل ومن بين تلك القواعد‮ : ((‬الإخاء‮)) ‬الذي‮ ‬امحى أمامه جميع فوارق أفراد هذا الكيان‮ ‬وامتيازاتهم من نسب عريق‮ ‬ومال‮ ‬غفير‮ ‬وجاه عريض‮ ‬وكل ما درج الناس على اعتباره مميزا بعضهم عن بعض قال تعالى‮ :(‬إنما المؤمنون إخوة‮) ‬فهذه آية من القرآن‮ ‬لا تكاد تجد مسلماٍ‮ ‬لا‮ ‬يحفظها‮ ‬ولا تكاد تجـد داعيـة إلى الإسلام‮ ‬يغفل ـ في‮ ‬الكلام أو الكتابة ـ عنها‮ ‬حتى لتظن أنها باتت من المسلمات التي‮ ‬لا تقبل عند المسلمين جدلاٍ‮.‬‮ ‬وتتلفت من حولك في‮ ‬مجتمعات المسلمين‮ ‬حيث كانوا‮ ‬وتشهد تقطع أواصرهم‮ ‬واختلاف وجوههم وتعدد خصوماتهم‮ ‬وانحلال ذات بينهم فلا تملك إلا‮ ‬أن تسأل نفسك‮: ‬أين هي‮ ‬أخوة الإسلام¿‮! ‬ إن الأساس الاول الذي‮ ‬شاد عليه الإسلام بناءه الاجتماعي‮ ‬هو الأخوة بين أفراده جميعا‮.. ‬فمن الطبيعي‮ ‬وهو مجتمع‮ ‬يقوم على عقيدة تجمع بين ابنائه أن‮ ‬يجعل منها رابطة قوية تشد‮ ‬كل المسلمين وتؤلف بين قلوبهم‮ ‬فالمسلم أخو المسلم‮ ‬يجب عليه احترامه وعدم احتقاره‮ ‬ويجب عليه إنصافه وإعطاؤه حقه من كل الوجوه التي‮ ‬شرعها الله عز وجل‮ ‬وقال صلى الله عليه وسلم‮: »‬المؤمن للمؤمن كالبنيان‮ ‬يشد بعضه بعضا‮« ‬وقال صلى الله عليه وسلم‮: »‬المؤمن مرآة أخيه المؤمن‮« ‬فأنت‮ ‬يا أخي‮ ‬مرآة أخيك‮ ‬وأنت لبنة من البناء الذي‮ ‬قام عليه بنيان الأخوة الإيمانية‮ ‬فاتق الله في‮ ‬حق أخيك‮ ‬واعرف حقه‮ ‬وعامله بالحق والنصح والصدق‮ ‬وعليك أن تأخذ الإسلام كله ولا تأخذ جانبا دون جانب‮ ‬لا تأخذ العقيدة وتدع الأحكام والأعمال‮ ‬ولا تأخذ الأعمال والأحكام وتدع العقيدة‮ ‬بل خذ الإسلام كله‮ ‬خذه عقيدة‮ ‬وعملا‮ ‬وعبادة‮ ‬وجهادا‮ ‬واجتماعا‮ ‬وسياسة‮ ‬واقتصادا وغير ذلك‮ ‬خذه من كل الوجوه‮ ‬كما قال سبحانه‮: “‬يِا أِيْهِا الِذينِ‮ ‬آمِنْوا ادúخْلْوا في‮ ‬السلúم‮ ‬كِافِةٍ‮ ‬وِلا تِتِبعْوا خْطْوِات‮ ‬الشِيúطِان‮ ‬إنِهْ‮ ‬لِكْمú‮ ‬عِدْوَ‮ ‬مْبينَ‮ “‬ قال جماعة من السلف‮: ‬معنى ذلك‮: ‬ادخلوا في‮ ‬السلم جميعه‮ ‬يعني‮: ‬في‮ ‬الإسلام‮ ‬يقال للإسلام‮: ‬سلمº لأنه طريق السلامة‮ ‬وطريق النجاة في‮ ‬الدنيا والآخرة‮ ‬فهو سلم وإسلام‮ ‬فالإسلام‮ ‬يدعو إلى السلم‮ ‬يدعو إلى حقن الدماء بما شرع من الحدود والقصاص‮ ‬‮ ‬فهو سلم وإسلام‮ ‬وأمن وإيمانº ولهذا قال جل وعلا‮: »‬ادúخْلْوا في‮ ‬السلúم‮ ‬كِافِةٍ‮« ‬أي‮: ‬ادخلوا في‮ ‬جميع شعب الإيمان‮ ‬لا تأخذوا بعضا وتدعوا بعضا‮ ‬عليكم أن تأخذوا بالإسلام كله‮ ‬وِلا تِتِبعْوا خْطْوِات‮ ‬الشِيúطِان‮ ‬يعني‮: ‬المعاصي‮ ‬التي‮ ‬حرمها الله عز وجل فإن الشيطان‮ ‬يدعو إلى المعاصي‮ ‬وإلى ترك دين الله كله‮ ‬فهو أعدى عدوº ولهذا‮ ‬يجب على المسلم أن‮ ‬يتمسك بالإسلام كله‮ ‬وأن‮ ‬يدين بالإسلام كله‮ ‬وأن‮ ‬يعتصم بحبل الله عز وجل‮ ‬وأن‮ ‬يحذر أسباب الفرقة والاختلاف في‮ ‬جميع الأحوال‮ ‬فعليك أن تحكم شرع الله في‮ ‬العبادات‮ ‬وفي‮ ‬المعاملات‮ ‬وفي‮ ‬النكاح والطلاق‮ ‬وفي‮ ‬النفقات‮ ‬وفي‮ ‬الرضاع‮ ‬وفي‮ ‬السلم والحرب‮ ‬ومع العدو والصديق‮ ‬وفي‮ ‬الجنايات‮ ‬وفي‮ ‬كل شيء والمؤمن‮ ‬يصبر محتسبا لما‮ ‬يجده من إخوانه من جفاء وغلظة‮ ‬ويتحمل كل ما‮ ‬يلقاه منهم من إساءة وأذى قولي‮ ‬أو فعلي‮ ‬حفاظا على الأخوة‮ ‬وحرصا على بقائها واستمرارها‮ ‬فلو ذهب‮ ‬ينتقم من كل من أساء إليه‮ ‬ويدفع سيئته بمثلها‮ ‬ربما لا‮ ‬ينتهي‮ ‬الدورخصوصا إذا كان المنتقم‮ ‬أضعف من المنتقم منه‮ ‬‮ ‬ولا أحد‮ ‬يعينه على قضاء وطره منه‮ ‬‮ ‬فيصبح الناس في‮ ‬دوامة العنف والبطش‮ ‬وهذا أشد خطورة من مصلحة الانتقام‮. ‬قال تعالى عن هذا‮ :”‬ولا تستوي‮ ‬الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي‮ ‬هي‮ ‬أحسن‮ ‬‮ ‬فإذا الذي‮ ‬بينك وبينه عداوة كأنه ولي‮ ‬حميم‮ ‬‮ ‬وما‮ ‬يلقاها إلا الذين صبروا وما‮ ‬يلقاها إلا ذو حظ عظيم‮”‬ لذا لابد من توطين نفوسنا على السعي‮ ‬في‮ ‬تقوية وتمتين إخوتنا الإيمانية وتماسكنا الاجتماعي‮ ‬بالحب والمودة حتى نصير كما أخبر النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم في‮ ‬استعارة جميلة شبه فيها المسلمين في‮ ‬تماسكهم وتعاونهم كالبنيان فقال‮: “‬المؤمن للمؤمن كالبنيان‮ ‬يشد بعضه بعضا‮” ‬فكل لبنة في‮ ‬البناء تنجذب نحو أختها لتلتصق بها‮ ‬وأختها تفعل نفس الشيء‮ ‬فإذا هو تجاذب متبادل بين جميع الأطراف المتجاورة‮ ‬وإذا نحن أمام قوة واحدة كبيرة تجمعت من امدادات قوى اللبنات‮ ‬هذا هو الوضع الطبيعي‮ ‬للمجتمع السليم‮ ‬كما هو في‮ ‬الإشارة النبوية‮. ‬ ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يحصل انجذاب‮ ‬أو تجاذب من كل الأطراف‮ ‬إلا بالمحبة والتسامح والمودة المذكورة في‮ ‬الحديث النبوي‮ ‬الشريف‮ “‬مثل المؤمنين في‮ ‬توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر‮”. ‬فسلاح الأمم في‮ ‬بناء مجدها‮ ‬وإثبات وجودها‮ ‬وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار بها‮ ‬وتحقيق أهدافها الحاضرة والمستقبلية‮ ‬هو سلاح الأخوة الإيمانية والائتلاف والاتحاد والتعاون والوفاق‮ ‬وترك النزاع والتمزق والانقسام والتناحر والتشرذم جانباٍ‮. ‬وقد أمر الله جل شأنه بالتمسك والاعتصام بحبله وبالتعاون على الخير وأوصى به وحذر من الفرقة والتمزق وأثنى على وحدة الأمة وندد باختلافها‮ ‬قال تعالى‮: “‬وِاعúتِصمْواú‮ ‬بحِبúل‮ ‬الله‮ ‬جِميعٍا وِلاِ‮ ‬تِفِرِقْواú‮” ‬وقال تعالى‮: “‬وِتِعِاوِنْواú‮ ‬عِلِى الúبر‮ ‬وِالتِقúوِى وِلاِ‮ ‬تِعِاوِنْواú‮ ‬عِلِى الإثúم‮ ‬وِالúعْدúوِان‮« ‬ووصيتي‮ ‬هي‮ ‬تقوى الله ولزوم الجماعة وصفاء القلوب‮ ‬والفكاك من العوالق البغيضة التي‮ ‬تورث المحن وتوقظ الفتن وتذهب بلْب‮ ‬المسلم‮ ‬وإياكم والاختلاف والفرقة فإنهما‮ ‬يهلكان الأمم ويأكلان الأخلاق كما تأكل النار الحطب‮: “‬وِمِا اخúتِلِفúتْمú‮ ‬فيه‮ ‬من شِيúءُ‮ ‬فِحْكúمْهْ‮ ‬إلِى اللِه‮ ‬ذِلكْمْ‮ ‬اللِهْ‮ ‬رِبي‮ ‬عِلِيúه‮ ‬تِوِكِلúتْ‮ ‬وِإلِيúه‮ ‬أْنيبْ‮” ‬ والله الموفق