الرئيسية - الدين والحياة - فقه الإرهاب المعاصر
فقه الإرهاب المعاصر
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

> فقه الإرهاب المعاصر يعتمد كلياٍ على حياة الانتحاري الفاقدة للمعنى ….حياة الانتحاري تكسبها الفتوى أسمى المعاني الدينية وهي ( الشهادة ) فتسهم فتوى الدم في تجفيف ضمير القاتل بتحريره من واجب احترام الحياة البشرية… بهلوسة ساذجة اعتقد الانتحاري أنها الوسيلة الفضلي للوصول الى ( الشهادة ) هذه الشهادة التي وجد فيها الانتحاري بغيته … فقلما عرف في حياته الشهوة فتعده بحوريات تعود لهن بكارتهن بعد كل مضاجعة … فتقدم له الفتوى شيكاٍ بدون رصيد بسبعين قصراٍ في الجنة ! وباختصار يسمي جريمته جهاداٍ وانتحاره شهادة بكل مزايا الجهاد والاستشهاد لأسرته في الحياة وله هو نفسه بعد الممات وهكذا يمكن القول إنه ما من جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية أو جريمة متعلقة بتحريف أصول الدين … إلا ووراء اقترافها فتوى…وأي فتوى إنها سلطة الفتاوى الدينية إنها صك تزين للانتحاريين المسلمين ارتكاب جرائمهم وكيف لا يقتل الانتحاري أي مسلم أو أي حاكم مسلم يقع في مرمى سلاحه عندما يقول له شيطان الفتوى ( الأمراء المتحدث عنهم في النصوص هم أمراؤنا ) أما الحكام المسلمون المعاصرون اليوم مع شعوبهم فإنهم مخالفون وبالتالي أصبحوا متمردين وخارجين على الشريعة فهم أذناب الشيطان لذلك وجب تحكيم السيوف في رقابهم …ولأن السيف لم يعد سلاح العصر . فالبديل هو الحزام الناسف والعبوة المتفجرة والسيارات المفخخة ووسيلة الاغتيالات أياٍ كان اسمها… المهم أن الاستفاده من كل وسائل القتل التي صنعها العدو متاحة في فصول فتوى الدم … فمن المفارقة العجيبة أن الانتحاري يمنع التعامل مع الأجنبي …لكنه لا يرى مانعاٍ أن يقتل بأداة صنعها هذا الأجنبي ليبيد بها وطنه وشعبه ….وكم لزمن المفارقات والازدواجيات التي تتعامل بها فتاوى إهدار الدم . من المهم جداٍ أن نعترف أن فتاوى القتل يقبع أصحابها في عمق المدن اليمنية وأن بعضاٍ من أصواتها تصدر من مساجد حيوية قد لا تبتعد كثيراٍ من مقرات أجهزة أمنية واستخباراتية في العاصمة وفي غيرها … فالأمر لا يقتصر على وجود فتاوى ومصادر وبواعث العمليات الانتحارية في القرى والأرياف والمناطق النائية فحسب …بل تجد من بعض المسئولين شكاٍ يتهم من سماع أحدهم لخطبة تكفيرية أو تحريضية تعتبر تارك الصلاة كافراٍ وتحرم التعامل مع المبتدع على أنه كافر حلال الدم دون أن نفهم من هو المبتدع كما أنها تعتبر الاحتكام إلى الدساتير شركاٍ ووضع الدساتير من الثمار الخبيثة للعلمانية التي هي الجاهلية المعاصرة والبرلمان ونوابه أوثان وصور تشجيع الاستثمار والسياحة في الجزيرة العربية خيانة وخروج عن الملة ومع ذلك لم نسمع عن وجود محرك ومؤشر إيجابي نحو الاتجاه إلى إسكات هذه الدعاية المباشرة إلى تبني القتل ألم تكن هذه المظاهر وغيرها مجالاٍ ومتسعاٍ للإرهابيين المهووسين بالقتل متسللين من المساجد التي تتناول بعض منابرها برنامج الجهاد السلفي بدلاٍ من اسم الله لتتجرد من وظيفتها الأصلية كأماكن للعبادة متحولة إلى وكر من أوكار الإرهاب. إن النواة الصلبة في فقه الإرهاب المعاصر الانطوائي هو استغلاله للواقع المعاش الذي تعيشه الأمة الإسلامية في كل المجالات وتركيزه على خطاب العاطفة والحمية لدى الجمهور مستفيداٍ من غياب الوعي وتفاقم المعاناة … ليصنع لنفسه دور المخلص والمنقذ الذي يمكن له أن يعيد للأمة عزها ومجدها من منطلق احياء الجهاد … لتنجرف خلفه حمية الشباب وحماسهم للجهاد دون أن يدركوا أن الزمان والمكان لا يسمحان بتاتاٍ بإحياء هذه الفريضة المرتبطة أصلاٍ بكل مقومات الأهلية والقدرة والاستطاعة في صف الحاكم والمحكوم على حد سواء…. فأفضل وصفة لفتوى الإرهاب المعاصر هو الانتحار الجماعي للمسلمين على قاعدة (جهادْ إلى قيام الساعة .. أو الفناء المتبادل) فحتى نقف على فقه الإرهاب المعاصر في أهم أهدافه …فإننا سنجد أن مفهوم (الولاء والبراء) الذي يتبناه الإرهاب يهدف إلى القضاء على كل من يراه هذا الفكر مخالفاٍ داخل المجتمع المسلم أياٍ كانت جهة الإنتماء لهذا المخالف دينياٍ أو سياسياٍ أو إعلامياٍ بذريعة أنه لا يمكن لهذا الفكر أن ينجح في تحقيق مبدأ الولاء والبراء لدولة الخلافة أو الإمارة إلا بالقضاء على المخالفين لهذا المفهوم بناءٍ على تصفية وإزالة العوائق من الداخل أولاٍ …وهذا يعني أن فكر الإرهاب لا يمكن له أن ينمو أو يعيش مع أنماط فكرية أخرى حتى وإن كانت تعلن الإسلام وتؤمن بالقرآن … وهذا ما يتعارف عليه عند أرباب فتوى الإرهاب أنه ( الهدف الأساسي ) أما الأهداف الأخرى فليست محل الاهتمام في منظور الفقه القاعدي مثل تحرير فلسطين فهي (أهداف ثانوية ) تبنتها القاعدة لا على حقيقتها والزحف نحوها وإنما استغلالها بالشعارات والبيانات المنددة بما يحصل للمسلمين معلنة الانتقام من الحكام والمتعاونين مع الأعداء على حد تعبيرها لتكون صورة الانتقام والثأر محصورة في الداخل ويبقي السؤال المر: إلى متى ستظل هذه الفتاوى التخريبية وبعض خطب الجمعة التحريضية تنخر في جسم الأمة قاضية عليها ¿ وهل يمكن لهذه الفتاوى أن تمضي قدماٍ في تجنيد الانتحاريين لتنفيذ مخططاتها بضمير مطمئن ¿ ثم كيف لها مواصلة المضي في توسيع أنشطتها واستقطاب أتباعها. إننا اليوم أمام فئة ضالة بكل المقاييس قامت بعسكرة الفقه واختزلت عدد ( 6232 ) آية قرآنية معنية بترسيخ مفهوم الحياة التكاملية من مختلف الجوانب المعيشية .. مختزلة هذا التكامل القرآني إلى عدد ( 448 ) آية هي آيات القصاص والسيف فقط والحال أن المصحف ليس مدونة جزائية ولا موسوعة للعلوم الحربية أو للفيزياء الفلكية أو للجغرافيا أو للتاريخ أو للطب بل هو منهج رباني أبسط ما يقال عنه ( كتاب روحي .. تعبدي .. تعاملي ..تذكيري .. تنويري .. ) يجعل من الإسلام ملائماٍ لاحتياجات الناس مواكباٍ لمتطلبات الحداثة والخلاصة أن الإرهاب سيظل متغلغلا ما دامت إجراءات العقوبة والردع غائبة… وسيظل قائماٍ عندما تتواصل عمليات غسل أدمغة الشباب بهذا الفقه الميت والمميت…. فما العمل لقلب هذا الاتجاه ¿ للإجابة … العمل ليس جارياٍ فحتى الآن مازال الرهان على أن تقرأ وتفهم النخب العربية والإسلامية مهامها المقروءة والمرئية على أرض الواقع… لأن هناك دلائل عدة تتضافر يوماٍ بعد يوم تشهد على عجزنا العميق عن حل أزماتنا المزمنة. والله الموفق والهادي وحده إلى الصواب. [email protected]