الرئيسية - الدين والحياة - بيــن المــؤيـديــن والمـــــــعـارضـين
بيــن المــؤيـديــن والمـــــــعـارضـين
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

> جبري: من يقول بالاقتداء برسول الله في هذا الجانب عليه أن يكون بمثل أخلاقه وحنانه

> الأحمدي: يجب نزع الولاية من الأب الذي يجبر ابنته على الزواج سواء كانت قاصراٍ أو غير ذلك

تمثل ظاهرة زواج الصغيرات واجهة لنوعية القضايا التي تستنزف قوى المجتمع من منطلق تأثيراتها السلبية على بناء المكون الأساسي لهذا المجتمع وهو الأسرة.. فضلاٍ عن ما تمثله من ظلم وضرر صحي ونفسي على الفتيات اللواتي تزهق طفولتهن وتمتهن حقوقهن على مرأى ومسمع من الجميع.. حول هذه الظاهرة وموقف الإسلام منها والأضرار النفسية والاجتماعية والصحية المترتبة عليها استطلعنا آراء عدد من العلماء والدعاة وذوي الاختصاص فكانت الحصيلة التالية:

– في البداية الشيخ جبري حسن إبراهيم أوضح أن زواج القاصرة لا يصح لا من قاصر ولا من كبير في السن فإذا ما تزوجت بكهل فإن في ذلك مزيد من الظلم في حقها وعليه تكون أعراض نفسية واجتماعية في حياتها بسبب فارق العمر وإذا قيس هذا على ما قيل عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إنه تزوج امرأة قاصرة وهي السيدة عائشة رضي الله عنها وهو كبير السن نقول هذا مختلف جداٍ فمن هذا الذي يشبه الرسول في أخلاقه ومعاملاته وحنانه ففي كل حياته عليه الصلاة والسلام يختلف فالفرق واضح بين النبي وبين من يقول إنه سيقتدي به والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقتصر على نوع من الزواج بل تزوج التي عمرها خمسين وثلاثين فإذا ما أتينا برجل عمره أربعين أو خمسين يريد أن يتزوج فقلنا له عندنا لك امرأة عمرها أربعين فسيقول لا أريدها نقول هي مازالت بكر سيقول لا أريدها فكيف برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي افتتح حياته بامرأة عمرها أربعين سنة. وأشار جبري إلى أن من يجبر ابنته على الزواج المبكر فهو ظالم لأنه يغصب ابنته بزواج هذا الشيخ الكبير الذي لا تستطيع الحياة معه ومن حقها أن ترفع للقاضي فيفسخ هذا النكاح ويزوجها بمن يمثلها عمراٍ لأن الأصل في النكاح الإيجاب والقبول. وأكد أنه لا يجوز تزويج الفتاة القاصر التي تكون دون سن الخامسة عشرة سنة وذلك لقول الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم «تستأذن البكر وتستأمر الثيب» وأنه لا بد أن تكون الفتاة بالغة راشدة وذلك لا ينطبق على من لم تبلغ الخامسة عشر فهل تستطيع طفلة في العاشرة أو الحادية عشرة أو حتى الثالثة عشرة أن تكون زوجة ومربية وربة بيت وتتحمل مسؤوليات إدارة أسرة وتنشئة جيل¿! إن واقع الحال يقول إنه حتى النساء الكبيرات لا يستطعن القيام بهذه المسؤوليات كما ينبغي فما بالك بطفلة صغيرة .. إن تجارب الفتيات بهذا العمر يقودهن لأمراض نفسية خطيرة وحتى لو انتهت حياتها الزوجية بالطلاق إلا أن التجربة كسرت لها قلبها إن لم تدخل في أمراض لا تحمد عقباها .. وأخيراٍ أقول للآباء والأمهات اتقوا الله في مصير البنات القاصرات وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. من جانبه دعا الشيخ عبدالله الأحمدي إلى نزع الولاية عن ولي الأمر الذي يجبر ابنته على الزواج مطالباٍ بالتفريق بين الزوجين وإيقاع العقوبة على من يغصب ويجبر القاصرة. وأشار الأحمدي إلى أن الطفلة البالغة 14عاماٍ إذا كانت بالغة وعاقلة وتستطيع التمييز وكانت موافقتها طوعاٍ من نفسها يجوز زواجها أما إذا أجبرت يفسخ العقد.

رأي مخالف أما الشيخ صدام بامسلي فيخالفهم الرأي ويقول: إن دين الإسلام لم يأتي بشيء عبثاٍ والرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعل شيئاٍ سدى وعلينا أن لا نحرم شيئاٍ فعله الرسول بل يجب الاقتداء به صلى الله عليه وآله وسلم في جميع أفعاله وأخلاقه وصفاته فهو الذي دخل على السيدة عائشة وعمرها تسع سنوات وهذا يدل على أن الرسول لم يحدد سناٍ معيناٍ للزواج ولم نسمع بحديث ولا آية في كتاب الله ولا في السنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ينهي أو يزجر الزواج المبكر فلماذا هذه الحملة الشديدة على ما أحله الله ولم يحرمه رسول الله¿ لماذا هذا التشديد والتشدد على الناس بغير علم أن الزواج المبكر يقلل من انتشار الفاحشة¿ وما نره اليوم في الشوارع والحدائق والمنتزهات من تحرشات ومعاكسات للنساء وللرجال من قبل النساء إنما جاء نتيجة المغالاة في المهور مما أدى إلى عدم القدرة على الزواج ناهيك عن الجرائم اللاأخلاقية. إن الزواج المبكر هو الحصن المنيع والوحيد في نظري الذي يقلل من انتشار الفاحشة ويحد من الجرائم اللاأخلاقية لماذا لا نسعى لتزويج الشباب بدلاٍ أن نحرم عليهم بحجة الزواج المبكر أما يكفيهم ما يعيشونه من اضطرابات نفسية وقلق وخوف من المستقبل اجعلونا نعد الإيجابيات بدلاٍ من السلبيات فمن إيجابيات الزواج المبكر أن يتقارب أعمار الآباء والأمهات من أبنائهم مما يسهل عليهم تربيتهم والانتفاع بخيرهم أكثر ممن يتزوج متأخراٍ ولا يعرف أولاده إلا الشيب الأبيض وأعراض الشيخوخة من انفعالات وتضجر من أبسط الأمور فعلى من يحرم الزواج المبكر بكلمات مرموقة وشعارات زائفة ويقول إنها جريمة واعتداء على حقوق الإنسان نقول إن الجريمة هي المغالاة في المهور والاعتداء هو أن نترك الشباب فريسة للجريمة وأداة للضياع.

علماء النفس أما من الجانب النفسي فيْشير أحمد مروان – طبيب بمستشفى الأمل – إلى أن من سيئات الزواج المبكر عدم قدرة الفتاة على التكيف مع الحياة الزوجية والتفاهم مع الزوج بسبب عدم نضوجها فكرياٍ فالزواج ليس شراكة وظيفية بل تفاهم وشراكة عاطفية. كذلك هناك المخاطر الصحية التي تتعرض لها الفتاة وتؤدي أحياناٍ إلى الوفاة ومن سلبيات الزواج المبكر أيضاٍ أن المراهقين الذين يقدمون عليه هم أكثر عرضةٍ لترك تحصيلهم العلمي أو عدم الحصول على فرص للعمل. ويلفت مروان إلى أن الزوجات والأمهات الصغيرات هن عادة أقل قوة ممن هن أكبر سناٍ مما يعني أنهن أقل قدرة على مواجهة الضغوط العائلية وأقل قدرةٍ أيضاٍ على التفاوض والنقاش على مستوى متواز مع الشريك ويعتبر أن هذا النوع من الزواج يشكل أحد أهم الأسباب في تدني نسبة نجاح الحياة الزوجية. لكن لا بد من ذكر بعض الحسنات للزواج المبكر منها أن فرق العمر بين الأطفال والأهل يكون ضئيلاٍ ويمكن أن يتفاهموا بطريقة أفضل وأن يستمتع الأهل بأحفادهم وهم لا يزالون شباباٍ بكامل صحتهم.

رؤية طبية عن قضية زواج القاصرات ورأي الطب في هذه الظاهرة المقيتة أوضح الدكتور محمد الجائفي – طبيب بمستشفى الثورة – بالقول: من الناحية الطبية لابد أن نفرق بين نوعين من الزواج: الأول وهو الزواج المبكر الذي لاحمل فيه والثاني الزواج المبكر الذي يكون فيه حمل و يمكن أن يقع الزواج المبكر في سن الـ12 13, 14 وليس فيه أي أضرار صحية على المرأة طالما وهي لا تحمل ناهيك عن الأضرار والآثار النفسية التي تحدث للفتاة نتيجة عدم التكافؤ الزوجي لأن زواج فتاة في ربيع العمر ورجل في خريفه جريمة وانتهاك لحقوق الإنسان وبكل صراحة يكون الخطر الصحي شديداٍ عندما يقع الحمل قبل سن ال18 وبالتالي نحن نقول إذا ارتبط الزواج بالحمل فيجب أن يتم بعد الـ18سنة والثاني الزواج دون حمل ليس فيه ضرر وهو الذي يحدث قبل سن النضوج والمرأة لم تستعد بعد وظيفياٍ ونفسياٍ لعملية الزواج. ويضيف الجائفي: إنه يجب أن نكون حذرين عند تعاملنا مع هذا النوع من الزواج حتى عند مطالبتنا بتأخير سن الزواج يجب أن يكون لدينا مبرر صحي واضح يتعلق بالحمل والولادة والآثار النفسية والاجتماعية على القاصرات. وقال الدكتور الجائفي: نحن لا نشجع على الزواج المبكر ولا ننصح به ونقول للآباء الذين قتلهم الفقر واشتدت عليهم احتياجات الحياة لاتكن فريسة لمعدومي الضمير ويؤكد الدكتور الجائفي أن ظهور كثير من الحالات النفسية والاجتماعية والصحية تؤكد وجود أضرار ناتجة عن الزواج المبكر وقال: هذا أمر يدعو إلى عقد مؤتمرات بحثية عاجلة يجتمع فيه علماء الدين والطب والنفس والاجتماع للخروج برؤية واضحة تتماشى مع نتائج هذه الحالات فإذا ثبت الضرر فلا يجوز تزويج القاصرة والقاعدة الشرعية العامة هي قول الرسول الكريم ((لا ضرر ولا ضرار)) ويجب أن نعلم أن التكافؤ من أهم مقومات الحياة الزوجية الناجحة. وتساءل الجائفي أين دور التوعية من قبل المنظمات المعنية. ودعا الجائفي: وسائل الإعلام إلى إطلاق حملة توعية بأضرار ومخاطر الزواج المبكر وطالب الجائفي العاملين في المجال الإعلامي وخاصة الصحفيين التعامل مع قضايا الزواج المبكر بجدية أكبر وعدم اعتبارها مناسبات للانفعال والتعاطف دون القيام بواجبهم تجاه الظواهر السلبية ومنها الزواج المبكر.