الرئيسية - الدين والحياة - حب النبي وحقوقه علينا
حب النبي وحقوقه علينا
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينا وأنزل علينا في كتابه نوراٍ مبينا أحمده على جزيل نعمه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلوهيته وأسمائه وصفاته. وأشهد أن محمداٍ عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق فهدى به من الضلالة وبصر به من العمى وأتم به النعمة. وبعد بعث الله تعالى محمداٍ صلى الله عليه وآله وسلم بالدين القويم وأرسله رحمة للعالمين وإماما للمتقين وحجة على الخلائق أجمعين أرسله على حين فترة من الرسل فشرح صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره وافترض على العباد محبته وتعزيزه وتوقيره والقيام بحقوقه. أيها السادة إن من حقوق نبينا محمد صلى الله عليه وآله سلم علينا جميعا محبته صلى الله عليه وسلم. ومعناها: إيثار محبته صلى الله عليه وآله وآلة وسلم على ما يحبه العبد ومحبته صلى الله عليه وآله وسلم ثابتة بالكتاب والسنة. أولا: من القرآن الكريم قال تعالى” قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال أقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين” سورة التوبة. ففي هذه الآية الكريمة دليل واضح على وجوب محبته صلى الله وآله وسلم كما فيها من التهديد الشديد لمن إثر حب الأهل والولد والمال على حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ثانيا: من السنة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم: ” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين” رواه البخاري. ولما سمع عمر رضي الله عنه هذا الحديث قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنت أحب إلى الله كل شيء إلا من نفسي فقال له النبي صلى لله وعليه وسلم ” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه فقال له عمر والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إلي من نفسي التي بين جنبي فأجابه الحبيب المصطفى” الآن يا عمر”. أي بلغت حقيقة الإيمان. ومحبة النبي صلى الله وعليه وآله وسلم سبب لحصول حلاوة الإيمان فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد فيهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه من سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار.” رواه مسلم. ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم محبة صادقة سبب لمرافقته في دار النعيم. فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال” جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم¿ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” المرء مع من أحب”. رواه البخاري. وعن أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة يارسول الله¿ فقال صلى الله عليه وسلم وماذا أعددت لها¿.

قال ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله فقال صلى الله عليه وآله وسلم “أنت مع من أحببت” رواه البخاري. وكل مسلم يزعم أنه يحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنه أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ولكن هل هذا الزعم حقيقة¿ أم أنه صورة لا وجود لها في الواقع¿ فقد ذكر العلماء علامات تعرف بها محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قلب العبد من عدمها. ومن أشهر تلك العلامات لمعرفة حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قلب كل عبد ما يلي: العلامة الأولى أن يكون فقد رؤيته عليه الصلاة والسلام أشد من فقد أي شيء في الدنيا. فعن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت عند رسول الله صلى الله عليها وآله وسلم فأتي بوضوئه وحاجته فقال لي: سل فقلت: يا رسول الله: أسألك مرافقتك في الجنة فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أو غير ذلك¿ قلت: هو ذاك قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود. رواه مسلم. ثم إن المحب الصادق يحزنه حتى مجرد تصور الحرمان من رؤيته صلى الله عليه وآله وسلم فقد ذكر ابن جريد عن سعيد بن جبير: قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محزون فقال له: يا نبي الله شيء فكرت فيه فقال: وما هو¿ قال: نحن نغدو ونروح وننظر إلى وجهك ونجالسك وغداٍ ترفع مع النبيين فلا نصل إليك فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاٍ فأتاه جبريل بهذه الآية “ومن يطع الله والرسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاٍ” }النساء الآيه 69{. والمتتبع لسيرة الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجد منهم محبة له منقطعة النظير والفداء له بالنفس والمال. فهذا أبو بكر رضي الله عنه الذي بذل ماله كله في سبيل الله يضرب أروع الأمثلة في حب النبي صلى الله وآله وسلم وفدائه له بنفسه مما لم يعلم له مثيل في التاريخ. فقد ضحى بنفسه وعرضه للموت ليلة الهجرة إلى المدينة ليفدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكان رضي الله عنه يفعل ذلك ويقول: أنا إن قتلت فأنا فرد واحد, وإن قتلت أنت هلكت أمة. وفي الطريق إلى الغار كان يمشي أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ساعة ويمشي خلفه ساعة فسأله رسول الله عن السبب¿ فقال: أذكر الرصد فأمش أمامك وأذكر الطلب فأمشي خلفك فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم لوى شيء أحببت تقتل دونى فقال: أي والذي وبعثك بالحق فلما انتهيا إلى الغار قال: مكانك يا رسول الله حتى استبرئ لك الغار فاستبرأه. شرح الزرقاني على المواهب العدنية. وهذا زيد بن الدثنة رضي الله عنه يخرجه أهل مكة من الحرم كي يقتلوه فيجتمعون حوله فيقول له أبو سفيان: أنشدك الله يا زيد أتحسب أن محمداٍ عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنت في أهلكقال: والله لا أحب أن محمداٍ الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة وأنا جالس. هذه هي المحبة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. صلى الله عليه وآله وسلم في قلوب أصحابه حتى قال أبو سفيان ـ وكان كافراٍ آنذاك ـ قولته الشهيرة: ما رأيت أحداٍ يحب أحداٍ كحب أصحاب محمد محمداٍ. العلامة الثانية لمعرفة محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امتثال ما أمر به وترك ما نهى عنه كما قيل إن المحب لمن يحب مطيع العلامة الثالثة: نصر سنته والذب عن شريعته فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم بذل جميع طاقاته ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ولينقذهم من نار جهنم بإذن ربهم. والمحبون الصادقون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضاٍ كانوا دائماٍ على أتم الاستعداد والتضحية بكل شيء لنفس الغرض الذي من أجله ضحى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكل شيء. فهذا أنس بن النضر – رضي الله عنه ـ وجد عدداٍ من المسلمين جالسين في معركة أحد فقال ما يجلسكم¿ قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما تصنعون بالحياة بعده¿ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل. هذا وقد رأينا في زماننا بعض الناس هداهم الله قد تجرأوا على مخالفة أمر الله وأمر رسوله فارتكبوا المعاصي وجهروا بها فلو وجد حب الله وحب رسوله حقيقة في قلب كل مسلم ما وجدت هذه المعاصي والإصرار عليها. اللهم أرزقنا حب نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأحشرنا تحت لوائه ولا تحرمنا من شفاعته اللهم أجزه عنا خير الجزاء وبلغه منا السلام وصلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.