الرئيسية - عربي ودولي - العنف يضع المنطقة على مفترق طرق
العنف يضع المنطقة على مفترق طرق
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

عشرات الأبرياء يسقطون كل يوم أشلاء ودماء تتناثر على الطرقات والأرصفة بفعل هجمات إرهابية مفخخة وسلاح لايعرف سوى حصد أرواح بريئة تنذر بانفجار شامل يضع مستقبل المنطقة أمام مفترق طرق هذا هو المشهد الراهن للأحداث الدامية الذي تشهده المنطقة العربية سببتها انقسامات سياسية وخلافات متصاعدة بين مختلف القوى المتصارعة على كعكة السلطة من جهة وارتفاع وتيرة المواجهات مع تنظيم القاعدة (مجهول الهوية) من جهة أخرى الأمر الذي قد يفضي مزيدا من الخراب والدمار في هذه الدول خاصة دول مايسمى بالربيع العربي .. والبداية من العراق حيث يقف المشهد السياسي بأكثر من اتجاه امني وسياسي واقتصادي مما يثير هواجس المجتمع الدولي من دخول بلاد الرافدين في أتون حرب جديدة مع تنظيم القاعدة الذي يقف وراء احتدام العنف في البلاد فيما لايزال الشعب العراقي يعاني من ويلات الصراعات والهجمات الإرهابية التي تعصف بأمنه واستقراره جعلته مهدداٍ بدخول نفق العنف الطائفي بامتياز .. وتأتي مواجهات الأنبار المتواصلة بين القوات العراقية الذي يسعى إلى إعادتها من قبل عناصر تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام ” آخر هذا الصراع كونه يعد فصلا جديدا بدخول العام الجديد مما يشكل بحد ذاته تهديدا وتحديا كبيراٍ لحكومة نور المالكي ولم تكن بداية العام 2014 افضل على الصعيد الأمني اذ خسرت القوات الأمنية للمرة الأولى منذ سنوات طويلة السيطرة على مدينة بكاملها لصالح تنظيم القاعدة حيث باتت الفلوجة في قبضة تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام” داعش “حيث يحاول الجيش استعادتها بالتعاون مع مسلحي العشائر . ويرى المحللون بأن العراق الذي يعاني من شبه شلل على صعيد عمل الحكومة التي تقودها تيارات متصارعة بلغ مرحلة مصيرية يقف فيها عند مفترق طرق تضعه أمام خيارين إما المصالحة والعودة إلى الحياة الديمقراطية ومواجهة العنف والإرهاب أو استمرار الانقسام السياسي والاجتماعي فالفوضى الشاملة والحرب الأهلية ثم التقسيم والتدخلات الإقليمية والدولية التي لاتزال تطل على المشهد بطرق مباشرة أو غير مباشرة والضحية العراق والخاسر الشعب العراقي وفي هذه الحالة يجب الابتعاد خطوة إلى الخلف لمراجعة المشهد كله والنظر ملياٍ في أحوال بلد مزقته الحروب ولم يبق منه سوى اسمه.. وفي سوريا تواصل اعمال العنف والإرهاب حصد أرواح الأبرياء وتشريد اكثر من خمسة ملايين شخص بينهم اطفال ونساء وشيوخ سبب ذلك كله الصراع المستمر بين الجيش السوري والجيش الحر والمليشيات المسلحة وتنظيم القاعدة في عدد من الأرياف والمناطق التي دمرتها آلة الحرب وحولتها إلى مدن مخيفة ومرعبة يسكنها اشباح وفي الوقت الذي تواصل فيه دول عربية و غربية الضغط على النظام ورموز المعارضة بضرورة المشاركة في مؤتمر” جنيف 2 ” الذي يعول عليه في حل الأزمة السياسية واخراج سوريا إلى بر الامان تظل آمال الشعب السوري في تحقيق الأمن والاستقرار مرهونة بتوافق أطراف الصراع لتجاوز كافة الخلافات والانقسامات و سحب البساط من تحت أقدام من يريدون بسوريا شرا .. أما مصر التي شهدت تفجيرات إرهابية وأعمال عنف استهدفت قوات الأمن والجيش في سيناء و عدد من المحافظات المصرية لايزال مستقبلها مرهوناٍ بنجاح تنفيذ خارطة الطريق ومن ضمنها مرحلة الاستفتاء التي جرت يومي الـ 14 و15 من الشهر الجاري وتجاوز حالة الاحتقان الداخلي الذي نتج عقب مظاهرات 30يونيو العام الماضي وعزل الرئيس محمد مرسي وحظر جماعة الاخوان وتحويلها إلى جماعة إرهابية فيما تتواصل المظاهرات والمواجهات والاشتباكات ودخلت على الخط الجماعات المتطرفة في سيناء والتي تسمي نفسها جماعة بيت المقدس الأمر الذي لاشك سيؤثر على الاستقرار الدائم في مصر التي خرجت يوم 25يناير في ثورة سلمية أسقطت نظام محمد حسني مبارك .. وفي لبنان فقد أحيت الانفجارات الأخيرة مخاوف الشعب اللبناني من امكانية دخول بلادهم في دوامة عنف في ظل الصراع الدولي والاقليمي التي تشهده منطقة الشرق الأوسط وبالأخص سوريا.. وهي جريمة أجمع اللبنانيون على ادانتها ووجدت فيها قوى سياسية فرصة لإعادة بعث الحياة في مشروع بدأ يترنح في أكثر من منطقة بينها لبنان.  ويرى خبراء أنه يجب على كافة القوى اللبنانية التضامن ووعي المخاطر المحدقة ببلاد الأرز والحوار بين القيادات من أجل تحصين الساحة الداخلية في وجه المؤامرات التي تحاك لضرب الاستقرار في الداخل ولمواجهة تداعيات الاضطرابات الحاصلة في المنطقة..والمفيد في الاحداث الأخيرة التي شهدتها لبنان انها وحدت اللبنانيين وقلصت من التجاذبات السياسية والمذهبية بل واحيت إمكانية تشكيل حكومة تمام سلام التي ظلت معطلة منذ استقالة حكومة نجيب ميقاتي التي تقوم بتصريف الأعمال .. وكذلك اليمن لم تغب عن هذا المشهد الدموي فقد كانت حاضرة حيث شهدت انفجارات إرهابية دموية و اغتيالات مدبرة طالت أهم المؤسسات هي المؤسسة العسكرية والأمنية كان آخر هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية انفجار مستشفى مجمع الدفاع العرضي الذي راح ضحيته أكثر من 50 شخصاٍ عسكريين ومدنيين واطباء وهي جريمة هزت قلوب كافة أبناء اليمن وأدانها العالم بأسره واعتبروها جريمة بشعة .. اضافة إلى ما يشهده من أعمال إرهابية متواصلة من خلال تدمير منظومة الكهرباء وتفجير انابيب النفط والتي تكبد البلاد خسائر فادحة جراء هذه الأعمال الشنيعة من قبل مليشيات مسلحة ومتطرفة حيث بلغت خسائر الاعتداءات على الكهرباء 52 مليار ريال إضافة إلى أكثر من 4 مليارات دولار نتيجة لعمليات التخريب التي لحقت بأنابيب نقل النفط والغازخلال السنوات الثلاث الماضية..  فيما يتطلع كافة ابناء اليمن إلى تكاتف كافة الجهود لإخراج البلاد إلى بر الأمان من خلال الالتفاف حول مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي يتوقع أن يتحقق له الأمن والاستقرار في مختلف مناحي الحياة.. أما ليبيا وتونس وجنوب السودان والصومال هي الأخرى تعيش وضعاٍ مأساوياٍ جراء استمرار الصراع السياسي والعنف الدامي حيث يشكل الانفلات الأمني والميليشيات  المسلحة واغتيال بعض السياسيين و العسكريين أهم الأحداث الدرامية التي لاتزال تعاني منها هذه البلدان حتى اليوم ما يجعل حاضرها ومستقبلها في كف عفريت .. وبلغت ضحايا الانفجارات وأعمال العنف المتواصلة في المنطقة العربية ثلاثمائة واثنين وخمسين ألفاٍ ومائتي شخص قتيل وأكثر من 100 ألف جريح معظمهم في العراق وسوريا وليبيا وتونس الأقل .. حسب ما تتناقله وسائل الإعلام من تقارير وإحصائيات غير رسمية. من هنا يبدو أن الجهد المطلوب للحد من مخاطر العنف بأشكاله المختلفة التي تبرز في الصدارة المنظمات الإرهابية ( القاعدة ) وانهيار السلم في المنطقة والعالم لا يمكن أن يتم من خلال محاولات فردية أو إقليمية أو سياسات ارتجالية تخلو من التخطيط والاتفاق الجمعي على مستوى دول المنطقة و العالم كافة بل يجب فضح الجهات والمخططات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة والسلم العالمي وكذا العمل على ترصين روح السلام الذي لا يمكن ان يتحقق من دون العمل الدولي الجماعي لمكافحة الإرهاب وأسباب الانهيار التي قد تطيح باستقرار العالم اجمع. وهذا لن يتم إلا بالتصدي لكل الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع كما يتطلب الوقوف أمام كل المشكلات بجدية وحيادية وجعل الشعوب العربية تلمس اي جهد تغييري يتحول إلى دساتير تضمن كل الحقوق والحريات وتقوم على مبادئ الديمقراطية والعدل والمساواة ونزاهة وحرية الانتخابات ومشاركة جميع المواطنين في صناعة القرار دون إقصاء أو استحواذ قوى سياسية تسعى إلى إفشال تطلعات وأمل الشعوب في تحقيق الأمن والاستقرار وتنمية شاملة للمنطقة بأسرها..