الرئيسية - محليات - “عائشة” القادمة من الريف تخفي حزنها وترنو بلطف لطفلها الوحيد
“عائشة” القادمة من الريف تخفي حزنها وترنو بلطف لطفلها الوحيد
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

جمال أحمد – حاولت عائشة القادمة من الريف أن تخفي دمعة تسللت من عينها وهي ترنو بحنو لأبنها الوحيد خليل البالغ من العمر أحد عشر شهراٍ الذي اكتسى وجهه بالشحوب وقالت بصوت مبحوح: إنه الآن أحسن حالاٍ مما كان عليه من قبل..! وأوضحت أن ابنها قد تم إدخاله وحدة المعالجة بسوء التغذية الحاد الوخيم قبل أسبوعين وهو يتلقى الرعاية والعلاج الغذائي المناسبين تحت إشراف طبي.

وبنبرة هادئة واثقة وابتسامة خفيفة ترتسم على فمها تقول الطبيبة المعالجة رادة العريقي: قد بدأ الطفل يستجيب للعلاج الغذائي لكنه مازال أمامه وقت حتى يكون بصحة جيدة قد يكون وعيه أفضل إلا أنه في المرحلة الثانية من العلاج. ثم أردفت بجدية وقد بدأت تتوارى ابتسماتها: إنه يعاني من سوء تغذية حاد وخيم مع مضاعفات تتمثل في التهابات رئوية مع قروح في منطقة الأرداف وضعف شهية وفقر دم حاد لذا فهو محتاج للبقاء هنا لمدة أسبوعين. الطريق إلى المستشفى المسافة بين قريتها (الصعيد) في بيت الفقيه وهيئة مستشفى الثورة العام بمدينة الحديدة تستغرق ما يقارب الساعتين من الزمن لتقطعها السيارة التي تنقل الركاب من منطقة بيت الفقيه إلى مدينة الحديدة والعكس إلا أن عائشة تقول: أحسست يوم نقلنا ابني إلى هنا (مستشفى الثورة بالحديدة) أن الطريق أطول بكثير مما أعرفه. وتذكر قائلة: (اعتقدت أنه بحالة جيدة وكنت أطعمه البسكويت بالزبدة) وتأخذ نفساٍ عميقاٍ وتصمت برهة ثم بحسرة تستطرد: كلما أردت إرضاعه يستفرغ كل ما في معدته.. لقد كان مريضاٍ دون أن أعلم. تتذكر كيف وقف الدكتور صالح الدبيزل في مستشفى السلخانة للأمومة والطفولة وقال: (ابنك يزن أربعة كيلو جرامات وهو يعاني من ضعف شهية وفقر دم حاد مما يعني أنه يعاني من سوء تغذية وخيم). كانت هذه الكلمات بمثابة الصاعقة التي شجت رأسها نصفين وأحست برغبة بالبكاء. ثم أضافت: طلب الطبيب مني الإسراع به إلى وحدة المعالجة لسوء التغذية الحاد الوخيم في هيئة مستشفى الثورة العام بالحديدة وقدم لابني محلولاٍ سكرياٍ ثم نقلناه أنا ووالده إلى المستشفى. وبجانب خليل نحو ثمان حالات أخرى تعاني مما يعانيه. وتوضح الطبيبة العريقي قائلة: يأتي يومياٍ إلى الوحدة ما يقارب اثنتين إلى ثلاث حالات وعلى الرغم من ذلك فطاقتنا الاستيعابية لا تتجاوز ثمانية أسر وشهرياٍ يتجاوز العدد طاقتنا السريرية. ومازال الفقر وعدم كفاية الغذاء المأخوذ وقصور المعرفة باختيار الأطعمة المتوازنة والممارسات والعادات الغذائية الخاطئة والإصحاح البيئي المتدني هي السائدة كأسباب لسوء التغذية في محافظة الحديدة. العلاج الغذائي تقوم المراكز الصحية بمحافظة الحديدة بتقديم الأغذية العلاجية والمدعومة والمقدمة كمساعدة لليمن من منظمة اليونيسف وهي خليط القمح والصويا والأغذية التكميلية الجاهزة والخليط الجاهز ويتم استقبال الحالات في المراكز الصحية حيث تقوم المسؤولة عن البرنامج بإجراء التقييم للحالة الغذائية للأطفال. وبعد ذلك تسجل الحالة وتصنف سوء تغذية حاد متوسط سوء تغذية حاد وخيم بدون مضاعفات.. سوء تغذية حاد مع مضاعفات. وتعتبر نسبة الإصابة بسوء التغذية في محافظة الحديدة من أعلى النسب إصابة في سوء التغذية على مستوى محافظات الجمهورية ولذا تهدف إدارة التغذية بمكتب الصحة العامة والسكان بالحديدة- كما يقول منصور القدسي مدير الإدارة- إلى خفض نسبة سوء التغذية بالمحافظة وأن عدد المصابين بسوء التغذية بالمحافظة يصل إلى نحو 32% وهي نسبة عالية “ونحن نحاول جاهدين الوصول إلى الفئات المستهدفة التي تقدر بـ 48ألف طفل ما دون الخمس سنوات” وبأسى يضيف: إن ما يزعجني هو عدم الوعي بأهمية الاستمرار بأخذ العلاج الغذائي مما يؤدي إلى تخلف البعض عن أخذ الأغذية العلاجية مما يشكل خطورة على حياة الطفل ولذلك نرجو من الآباء الحرص على الاستمرار بأخذ هذه الأغذية وفق ما هو مقرر من قبل مقدمة الخدمة. وتحاول المنظمات الدولية العاملة في الحديدة اكتشاف حالات سوء التغذية في الوقت المناسب ولهذا تقوم بتدريب عدد من المتطوعات المجتمعيات يعملن على اكتشاف حالات سوء التغذية. وعلى الرغم من أن حالة خليل قد وصلت إلى المرحلة الثانية من العلاج إلا أن أمه ما زالت تشعر بالقلق فهي لن يغمض لها جفن قبل أن ترى طفلها معافى ليكبر ويصبح كما تتمنى طبيبا- كما تقول- وإلى اليوم وما زالت عائشة التي تحاول أن تخفي حزنها تربت على يد طفلها وهي تتمنى أن يصبح طبيبا في المستقبل وتختتم الطبيبة المعالجة للحالة والابتسامة تصاحبها قائلة: إن ما يشجع على شفاء خليل هو استجابة الأم للتوعية حول الرضاعة الطبيعية والعناية بالطفل خاصة وأنه في شهوره الأخيرة من ربيعه الأول. * اختصاصي صحة مجتمع- الحديدة