الرئيسية - الدين والحياة - نبي الإنسانية والرحمة المهداة
نبي الإنسانية والرحمة المهداة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

عند ظهور خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت العرب غارقة في غفلتها وجاهليتها التي أوصلتها إلى أن تتقبل عبادة الأصنام وهي لم تكن من ثقافتها وإنما أدخلت على المجتمع العربي عبر أحد أفراده تقليدا للمجتمعات المسيطرة والمهيمنة والمتسلطة آنذاك وكتب التاريخ تذكر ذلك تفصيلا مع ملاحظة أن المجتمع العربي لم يكن ينكر وجود الله كما حكى لنا القرآن ذلك. في هذه الغفلة الجاهلية رغم وجود شخصيات عربية لديها معرفة بالكتب السماوية المنزلة على الأنبياء والمرسلين المبشرة برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان اليهود قد سكنوا المدينة المنورة بعد معرفتهم أن صفات هذه الأرض هي المذكورة في كتبهم بأن نبي آخر الزمن سيظهر فيها وظل اليهود يراقبون ظهور نجم الرسالة الخات مة آملين أن يكون منهم وعندما اصطفاه الله من العرب كفروا به وناصبوه العداء حتى يومنا هذا. وعندما سطع نجم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبدد بنوره الظلمات وأحيا برسالته العرب من غفلتهم وجهالتهم فكانت رسالة العلم إحياء لميتة الغفلة ورسالة الإنسانية إحياء لميتة الجاهلية. فلو تأملنا ما جاء في سيرة الرسول (ص) من أقوال وأفعال تشدد على طلب العلم والمعرفة باعتبارهما من أقرب القربات إلى الله تعالى بعد أداء الفرائض من صلاة وزكاة…الخ. فقد ورد أن الرسول (ص) دخل إلى المسجد وبه حلقة يتدارس فيها ناس العلم وأخرى تقيم النوافل من العبادات فأشار إلى حلقة العلم أنها أبلغ أجرا عند الله تعالى. فهذه الرسالة المحمدية التى أحيت المجتمع العربي وأعادته إلى الاهتمام بالعلم ورغبت في طلبه وشرف حمله والاشتغال به. فلما استجابت العرب لذلك استطاعت أن تحقق ذاتها بين الأمم وأقامت الدولة الإسلامية التي وصلت إلى الصين شرقا وبلاد الأندلس غربا. فعلينا اليوم أن نذكر بهذه الرسالة من خلال حث أبنائنا على طلب العلم في جميع مجالاته بما يحقق للأمة الإسلامية تطلعاتها إلى ما كلفت به من استخلاف في الأرض لعمارتها وكيف يكون ذلك إن لم يأخذ العلم حقه بين أبناء الأمة الإسلامية من شرف تناوله والاهتمام به وفقا لاحتياجات المشروع الإسلامي الرسالي القائم على التخطيط والمنهجية والأسلوب الذي يضاهي به المشاريع المنافسة الوضعية سواء كانت شرقية أو غربية. فما أحوجنا اليوم إلى المتخصصين في شتى العلوم المعرفية والتقنية والسياسية والاقتصادية والعسكرية حتى نعيد لأمتنا الإسلامية مجدها وسيادتها وثقة أبنائها بتراثها أيا كان نستلهم من إيجابياته ونستفيد من سلبياته كعبرة لا يمكن أن تكررها. أما في ما يخص الرسالة الإنسانية المحمدية فقد جسدها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في سلوكياته وتعاملاته مع من حوله فالرسول (صلى الله عليه وسلم) في مكة عرف بالصادق الأمين لذلك ارتضته القبائل العربية حكما عندما تنازعت شرف إعادة الحجر الأسود إلى موضعه فحكم بينهم بما حقق مبدأ المساواة في نيل ذلك الشرف رغم أن قبيلته أحد أطراف النزاع لكنه لم يتعصب لها لكي تنال وحدها ذلك الشرف فبهذا السلوك المحمدي دعانا إلى نبذ العصبية أيا كانت . كما أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جسد الإنسانية في أسمى معانيها عندما آذاه أهل الطائف فنزل جبرائيل مع الملك الموكل بالجبال (عليهم السلام) وقال مواسيا الرسول (صلى الله عليه وسلم) يا رسول الله هل تريد أن أطبق عليهم الأخشبين فقال صلى الله عليه وآله وسلم: “لا عسى أن يخرج الله من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله”. وعندما اشتد إيذاء قريش لرسول الله (صلى الله عليه وآله سلم) حتى وصل الأمر بهم إلى التآمر على قتله فألجوه إلى أن يهاجر إلى المدينة رغم ذلك أعاد أموالهم التي كانت مودعة لديه وعندما فتح مكة ومكنه الله ممن آذاه وأخرجه من مكة لكنه لم ينتقم من أحد بل عفى عنهم قائلا: “اذهبوا فانتم طلاقاء” ردا عليهم عندما سألوه ماذا أنت فاعل بنا. وفي المدينة المنورة بعد أن أسس الدولة الإسلامية وضع القواعد الأساسية في التعامل في ما بين المسلمين وكذلك فيما بينهم ومن حولهم في حال السلم والحرب.