الرئيسية - الدين والحياة - د.الكبودي: ماأحوجنا إلى استحضار هدي القرآن في مواجهة مانعيشه من محن
د.الكبودي: ماأحوجنا إلى استحضار هدي القرآن في مواجهة مانعيشه من محن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

ما من كلمة ترددت في كتاب الله عز وجل بأكثر من التي ترددت فيها كلمة الصبر وأصبح من البديهي عند المسلمين بل وعند الناس جميعاٍ أنه مقياس وأساس لكل نجاح وعن رسول الله عليه الصلاة والسلام انه قال :(الصبر معول المؤمن) , وهو كذالك شعبة من شعب الإيمان , بل كما قيل : الإيمان نصفان º نصف صبر ونصف شكر.. حول أهمية الصبر وكيف نسقطه على الواقع المعاصر حول هذا وأكثر كان اللقاء مع أستاذ الحديث بجامعه الأيمان الدكتور فارس الكبودي في السطور التالية:

● في البداية ما تعريف الصبر وكم هي أنواعه ولماذا أمرنا الإسلام به¿ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الصابرين محمد وآله وصحبه وبعد: – الصبر لغة : الحبس ومنه قوله تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) الكهف:28 أي احبس نفسك معهم. واصطلاحا: قوة نفسية بها مقاومة الأهوال والآلام الحسية والعقلية مع الثبات على أحكام الكتاب والسنة. وأنواعه ثلاثة كما ذكرها ابن القيم: صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها وصبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها. وأما عن سؤلك لماذا أمر الإسلام بالصبر لأن الإنسان معرض في كل لحظة للابتلاء وحتى لا يفشل أمام الابتلاء جاء الأمر بالصبر ثم يؤكد الله على أهمية الصبر لما له من الثمار العظيمة¿ * ما هي ثمار الصبر¿ – لاشك أن الصبر من المراتب العليا التي رتب الله عليه الأجر الجزيل, والثواب العظيم كما قال سبحانه: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) فأجر الصبر- لعظمه- أخفاه الله وهو خارج عن حد الإحصاء والعد. ولأن العبودية شرفَ عظيم لا بد من برهان على صدقه والصبر ابتلاء لاختبار صدق العبد في توكله واعتماده وتفويض أمره إلى خالقه قال سبحانه: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم) محمد:31. وبالصبر يتغلب العبد على كيد الأعداء مع الإيمان كما قال سبحانه: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) الأنفال:65 وبالصبر يكون التمكين بعد الاستضعاف كما حصل لبني إسرائيل قال سبحانه: ( وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا), بالصبر تنال معية الله للعبد كما قال سبحانه:( والله مع الصابرين) البقرة:249. وبالصبر يكون العبد ممن يحبهم الله قال سبحانه: (والله يحب الصابرين) آل عمران: 146. وبالصبر مع العمل الصالح ينال العبد المغفرة والأجر الكبير كما قال سبحانه: (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير) هود: 11. إلى غير ذلك من الحكم العظيمة. * كيف نحقق مفهوم الصبر على واقعنا المعاصر¿ – سبق أن ذكرت أن الصبر على ثلاثة أنواع: صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى البلاء وإذا جئنا ننزل هذا الأمر على واقعنا اليوم وجدنا أننا بحاجة إلى الصبر بهذه الأنواع الثلاثة: – لاشك أن العبد -اليوم- يعيش في زمن الغربة والقابض على دينه في هذا الزمن كالقابض على الجمر وقد أخبر عليه الصلاة والسلام عن أيام في آخر الزمان سماها أيام الصبر ولا نظن إلا أننا نعيشها اليوم حينما انقلبت الموازين واختلطت الأمور وظهرت الفواحش والفتن. ومن أجل التزام العبد بدين الله سبحانه وضوابط الأخلاق والمعاملة الحسنة يحتاج إلى صبر عظيم جدا قد يفوق الصبر على المصائب والنكبات وربما هزئ به القريب قبل البعيد ولكن ليعلم أن ثباته على تمسكه بالعروة الوثقى يحتاج إلى صبر عظيم. الناس- اليوم- صاروا مفتونين بوسائل الإعلام المختلفة التي غزت الإنسان إلى بيته وأخذت تبث روح الكراهية والفتنة وقلما تجد شخصا يحسن توجيه هذه الوسائل الإعلامية والاستفادة منها كالتلفاز والإنترنت وغيره ويأخذ خيره ويتحاشى شره وكل هذا تحتاج إلى صبر ولابد من معاناة وغربة. وهكذا أطل الشر علينا برأسه في كل المجالات التي انفتح عليها المسلم وقل ما تجد من يراعي فيها ضوابط الشرع والتوقف فيها عند أوامر الشرع ونواهيه يحتاج إلى صبر. إنها الغربة بما تعنيه الكلمة من معنى قال عليه الصلاة, والسلام من حديث أبي هريرة عند مسلم: ( ظهر الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ). وما أكثر المصائب التي يمحص بها الناس اليوم من ابتلاءات في دينهم وأنفسهم وأولادهم وأعراضهم وأموالهم. قتل وسفك واعتداء واغتصاب وظلم وتشويه.. إلى غير ذلك من الصور التي لا نهاية لها اليوم. فلابد أمام هذه الموجة العاتية من الفتن في كل مجال أن نتشبث بهدي القرآن ونعتصم بالله تعالى حتى ينجينا من السقوط أمام هذه المحن المتنوعة. * هل من مفاهيم الصبر الرضا¿ – الرضا درجة أعلى من الصبر ولو كان معها ألم فالمريض الشارب للدواء الكريه متألم به راض به فقد ذكر ابن القيم أن مراتب الناس في المقدور ثلاثة: الرضا وهو أعلاها والسخط وهو أسفلها والصبر عليه بدون الرضا به وهو أوسطها فالأولى للمقربين السابقين والثالثة للمقتصدين والثانية للظالمين وكثير من الناس يصبر على المقدور فلا يسخط وهو غير راض به فالرضا أمر آخر.