الرئيسية - الدين والحياة - الإضرار بالناس جريمة كبرى لا تغتفر
الإضرار بالناس جريمة كبرى لا تغتفر
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

عبد الله علي سعد الخظمي [email protected]

* في ديننا الإسلامي العظيم أذية المؤمنين جريمة منكرة لا تغتفر والإساءة إلى الناس كبيرة لا تترك عند رب العالمين , فلا يجوز أذية المؤمنين ولا الإساءة إلى الناس بأي حال من الأحوال إلا بحق ظاهر قام عليه الدليل من الكتاب والسنة فلا بد أن يكون الحق ظاهرا بينا واضحا لا لبس فيه ولا غموض ليكون برهاناٍ قاطعاٍ وحجة دافعة حين الاختصام عند رب العالمين فتؤدى الحقوق إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء وتؤخذ المظالم من الظالمين فترد إلى أهلها في يوم لا درهم فيه ولا دينار بل إن كان للظالم عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه, فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار, في يوم مهول قال الله تعالى عنه: (يِوúمِ يِفرْ الúمِرúء منú أِخيه وِأْمه وِأِبيه وِصِاحبِتهْ وِبِنيه لكْل امúرىء منúهْمú يِوúمِئذُ شِأúنَ يْغúنيه)[عبس:34-37] وقال سبحانه: (يِوِدْ الúمْجúرمْ لِوú يِفúتِدي منú عِذِاب يِوúمئذُ ببِنيه وِصِاحبِته وِأِخيه وِفِصيلِته الِتى تْويه وِمِن فى الأِرúض جِميعاٍ ثْمِ يْنجيه) [المعارج:11-14]. إن أذية المؤمنين والناس أجمعين بغير حق من أشد المظالم وأعظم المآثم , وأخطر المفاسد التي توعد الله أهلها بالوعيد الأكيد وتهددهم بالعذاب الشديد في مثل قوله سبحانه :(الِذينِ يْؤúذْونِ الúمْؤúمنينِ وِالúمْؤúمنِات بغِيúر مِا اكúتِسِبْواú فِقِد احúتِمِلْواú بْهúتِاناٍ وِإثúماٍ مْبيناٍ [الأحزاب:58].وقوله سبحانه في الحديث القدسي الصحيح: (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)-أي أعلمته أني محارب له- وما ثبت في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :(من صلى الصبح فهو في ذمة الله ـ أي في أمانه وضمانه ـ فلا تسيئوا إليه بغير حق فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يكبه على وجهه في نار جهنم). فالذي يؤذي المؤمنين خاصة والناس عامة بغير حق على خطر عظيم من غضب الله تعالى وانتقامه وسخطه وما توعد به الظالمين في الدنيا ويوم القيامة حتى ولو كان المؤذي من أفاضل الناس وخيارهمº فقد ثبت في صحيح مسلم أن أبا سفيان مر في حال كفره على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها , فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم¿ فأتى النبي فأخبره فقال :(يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك). فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه! أغضبتكم¿ قالوا: لا, يغفر الله لك يا أخي, وثبت في الصحيحين أن النبي قال لمعاذ وقد بعثه إلى اليمن: (واتق دعوة المظلومº فإنه ليس بينها وبين الله حجاب). ولقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من عدة وجوه أن النبي قال للناس في يوم عرفة في أشرف زمان ومكان وأعظم جمع حضره وبعد أن قرر الناس على حرمة البلد والشهر واليوم: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم -وفي رواية قال: وأبشاركم -عليكم حرامº كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا فلا ترجعوا بعدي كفاراٍ يضرب بعضكم رقاب بعض ألا ليبلغ الشاهد الغائب). وينظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الكعبة المشرفة التي يتوجه إليها المسلمون من كل أقطار الدنيا خمس مرات في اليوم ينظر إليها الرسول عليه الصلاة والسلام ويقول:(ما أعظمك! وما أشد حرمتك! والذي نفسي بيده للمؤمن أشد حرمة عند الله تعالى منك). ومن أخطر وأعظم أذية المؤمنين والناس قتلهم بغير حق قال تعالى:(مِن قِتِلِ نِفúساٍ بغِيúر نِفúسُ أِوú فِسِادُ فى الأرúض فِكِأِنِمِا قِتِلِ النِاسِ جِميعاٍ [المائدة:32], وقال تعالى: (وِمِن يِقúتْلú مْؤúمناٍ مْتِعِمداٍ فِجِزِاؤْهْ جِهِنِمْ خِالداٍ فيهِا وِغِضبِ اللِهْ عِلِيúه وِلِعِنِهْ وِأِعِدِ لِهْ عِذِاباٍ عِظيماٍ)[النساء:93]. وقال تعالى: (وِلاِ تِقúتْلْواú أِنفْسِكْمú إنِ اللِهِ كِانِ بكْمú رِحيماٍ وِمِن يِفúعِلú ذالكِ عْدúواناٍ وِظْلúماٍ فِسِوúفِ نْصúليه نِاراٍ وِكِانِ ذالكِ عِلِى اللِه يِسيراٍ)[ النساء:29-30],وجاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صحيح البخاري وغيره أنه قال: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماٍ حراماٍ) وقال أيضاٍ (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم). وإذا كانت هذه حرمة دم المسلم فإن لعنه وهجره وتفسيقه ورميه بالكفر بغير حق كقتله فقد ثبت في الصحيحين عن النبي قال: (ولعن المؤمن كقتله) وجاء في سنن أبي داود عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(إن العبد إذا لعن شيئاٍ صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبوابها دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يميناٍ وشمالاٍ فإذا لم يجد مساغا رجعت إلى الذي لْعن فإن كان أهلاٍ وإلا رجعت إلى قائلها) وصح عن النبي أنه قال:(سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) متفق عليه. وفي البخاري عن أبي ذر أنه سمع رسول الله يقول: (لا يرمي رجل رجلاٍ بالفسق والكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك) في صحيح مسلم عنه :(المتسابان ما قالا فعلى البادي منهما حتى يعتدي المظلوم) وفي سنن أبي داود عن أبي خراش السلمي أنه سمع النبي يقول:(من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) وفيه أيضاٍ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :(لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار). أما أذية المسلمين بأخذ أموالهم فهي من أعظم الظلم وأكبر موجبات الإثم قال عليه الصلاة والسلام :(كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) وقال أيضاٍ:(من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة) فقال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله¿ فقال :(وإن كان قضيباٍ من أراك), وثبت في صحيح البخاري عن النبي قال:(إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة) وقال أيضا:(إنكم تختصمون ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته -يعني أوضح وأبين- من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه فإني أقطع له قطعة من النار)[متفق عليه]. وأخبر عليه الصلاة والسلام أن الدِيúنِ الذي هو حق من حقوق الناس إذا لم يؤد لا يكفره شيء حتى الشهادة في سبيل الله وذلك لأنه من حقوق الناس , فمن أخذ للناس شيئاٍ بغير حق فهو ظلم جزاؤه النار سواء أخذه عن طريق القوة والقهر أو عن طريق الخديعة والحيلة أو عن طريق الرشوة أو بواسطة اليمين الفاجرة أو بحكم القاضي إذا أخطأ اجتهاده والمدعي يعلم أنه مبطل أو كان عن طريق ظلم الناس في الاعتداء على أبدانهم وانتهاك حرماتهم فكل ذلك ظلم يكون الظالم به عرضة لعقوبة ظلمه في الدنيا والآخرة , فالحذر الحذر من الظلم º فإنه حسرة وندامة وظلمات يوم القيامة. ومن أذية المؤمنين والناس الاستطالة في أعراضهم بالغيبة والبهت والنميمة والتعدي عليهم بالضرب والشتم وأنواع انتهاك الحرمات فكل هذه من الظلم التي لا تكفرها الصلاة ولا الصدقة ولا الصوم بل لا يغفر للظالم حتى يغفر له المظلوم فإن ديوان الظلم من الدواوين التي لا يترك الله منها شيئاٍ بل يؤاخذ بها إلا إذا تنازل عنها أصحابها فكم من شخص يظن أنه كثير الحسنات ثم يأتي يوم القيامة مفلساٍ من بين البريات بسبب ما تحمل من الظلامات جاء في الحديث عن النبي أنه قال:(لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء). فأين نحن من هذه الأحاديث¿!! وأين نحن من هذه التوجيهات¿!! إلى الله نشكو الحال التي وصلنا إليها أصبح كثير من الناس ذئاباٍ في ثياب بشر أصبح كثير من الناس لا يستقر لهم حال, لا يهدأ لهم بال, ولا تنام لهم عين إلا إذا باتوا على أذى العباد ليس لهم دِيúدِنَ إلا تتبع العورات , وتصيد الزلات والعثرات وتلفيق المنكرات, وخلق الفريات , وقلب الحقائق البينات فأين الصلاة¿ وأين الزكاة¿ وأين الصوم¿ أين الإسلام¿ وأين الإيمان¿ وأين الخوف من الله الواحد الديان¿ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) . وروي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاضياٍ على المدينة فمكث عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان لم يعقد جلسة قضاء واحدة وعندها طلب من أبي بكر الصديق إعفاءه من القضاء فقال أبو بكر لعمر: أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر¿ قال عمر: لا يا خليفة رسول الله ولكن لا حاجة لي عند قوم مؤمنين عرف كل منهم ما له من حق فلم يطلب أكثر منه وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه إذا غاب أحدهم تفقدوه وإذا مرض عادوه وإذا افتقر أعانوه وإذا احتاج ساعدوه وإذا أصيب عزوه وواسوه دينهم النصيحة وخلتهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ففيم يختصمون¿ اللهم أصلح فساد قلوبنا وانزع الغل والحسد والحقد من صدورنا, اللهم أصلح ذات بيننا اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.

مدير أوقاف وإرشاد مديرية معين