الرئيسية - كــتب - سيرة امرأة لن تكتمل
سيرة امرأة لن تكتمل
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

محاولة ناعمة: تبدو الصورة الشعرية في الديوان الشعري الثاني والذي صدر للشاعر والقاص عبدالرحمن غيلان تحت عنوان (سيرة امرأة لن تكتمل) عن دار البنفسج باعثا على التوقف المتكرر..فصائد الديوان تستحث القارئ لتكرار قراءة القصائد التي تستظل بروح وفكر الصوفية في محاولة ناعمة للبحث عن سر تلك اللذة القرائية الغامضة. 21 قصيدة: احتوى الديوان على (21) قصيدة شعرية هي (تميمة الله محبة قبيلة اناة امرأة لن تكتمل بعد فقدان من دفترها كافر كوكب البحر لن تضع الحرب أوزارها خائنة شمس لا تضيء من مذكرات ضحية تناهيد شيء تأثيث لحظة شوارع قافية المقل أزمنة البكاء أحايين) وهي قصائد انقسمت بين حب الإله وحب الحبيبة في إشارات خطيرة سنأتي على ذكرها! الله محبة: يفتتح غيلان ديوانه بقصيدة (الله محبة) والتي تدور في فلك أهل الصوفية الكرام في إعلان بارز بالنقطة التي يبغي إيصال القارئ إليها.. الله محبة / الله سلام/ الله سحاب امان/يتماهى في روح الروح/ وفي ذاكرة الخوف / وفي دهليز النسيان/منذ عرفت الآه/عرفت الله /تجلى في أشياء القلب /تناهى في سمع اللاوعد/ (وقد خان الوعد) /ويرحل في ما لم يأتö/ويأتي فيما يسبق /من أحلام تسرقنا/من وجد وحنان. أنها إشارة واضحة لنعمة التفكر في الله ..نعمة التماهي في روح الروح أو بمعنى أوضح نعمة التماهي في روح الله..أن الإنسانية لن تهناء إلا بالتماهي مع الذات الإلهية ولعل هذه رسالة غيلان التي هدف إيصالها من خلال قصيدته الأولى. قبيلة لا حياة من دون مدنية حقة تحقق للإنسان حلمه في قليل من الأمل والحرية والسعادة ..هذه إذا هي رسالة غيلان التي بثها من خلال قصيدته (قبيلة) والتي أدان فيها ما يتعرض له الفكر السوي من قمع القبيلة ومطارداتها …طاردتني القبيلة /حين أودعت /قبلة هذا الصباح /على خدها المخملي/ وغضت عيون الأفاعي/عن امرأة سافحت شيخها /وامرأة راقصت شيبه/ذات ليل أوت فيه ö/من بعلها /الحارس المستنير. انها إدانة شديدة رصعها بلغة تحمل الكثير من الألم والحزن لما يجرى بحق المرأة من تنكيل وقمع على يد القبيلة والتي خرج منها الفقيه. لقد لعب الفقيه في سبيل دفن المرأة نهائيا دورا حيويا فمثلا ألف عام من الاقتتال لم تنجب سوى فقها متعصبا لمذهبه ومجموعة متعصبين من فقهاء وأئمة تفننوا في تجويع محكوميهم ماديا ومعنويا في ضربات فقهية موجعة ضد صدر مواطن عارى ..لم يكن بالطبع صدر المرأة بمنأى عن تلقيه إذ نالت حصتها قمعا وشرشفا مع يكفي حسابيا أن يرحمها الله برحمته ويدخلها الجنة! إن تلك الحشرجة المحزنة التي صدرت من قصيدة غيلان استمرت لتعبر عن أن موقف القبيلة والفقيه الذي خرج من جلبابه والرافض لتلك الحياة بادر في موقف غريب وقام بخصامه ..خاصمتني القبيلة/ومازلت أهفو/ وما فتئت تنهش العرض /كل نهار/ومازلت أبصق صبحا/ بوجه البقية/وليلا أغادر هم /صدرها المستجير/ أقصودة من المعلوم بأن الأقصوصة هي فن حكائي قصير كالومضة لا يزيد في العادة عن ثلاثة اسطر وهو فن حديث العهد في اليمن فيما الاقصودة وهي فن أكثر حداثة فهي الومضة التي تجمع بين الأقصوصة والقصيدة .. وغيلان لم يكتف بكتابة القصيدة الحرة بل قدم في الديوان قصائد تكشف عن مبدع متعدد المواهب ..ففي اقصودته ( فقــدان) يستحث الحبيبة : جاءني انتظاري إليك /يحملني تباريحا /وانكسار /فمتى أجيئك لوعه¿!!. تناقضات الجمال التناقض البلاغي..فعل إبداعي آخر يكشفه في اقصودته (أ) اذا يقول : جليدك نار /تطفئها رعشة الصباح /وتجمدي على قيعانك/موت أحمق هنا تكمن سر لذة قراءة هذا الديوان ..التناقض الجارف بين جليدها الناري ورعشة الصباح! وتجمد القيعان ..أي لغة هذه التي تسير بنا في الكلمة الأولى إلى الفضاء وفي الكلمة التالية إلى الحفرة! النهاية أولا لا غش في قصائد غيلان ..لا فبركات ..لا تحايل لفظي ..ليس سوى كلمات تصدر من القلب ..تلقائية..بسيطة ..قصيدة في محبة الله والتماهي في الذات الإلهية وأخرى في تلك الحبيبة الغامضة …التي إن ذكرتها بحذف الـ(هـ) لاكتشف أنها أصلا الذات الإلهية!