الرئيسية - محليات - التعليم الجامعي في المحويت.. خيار وحيد منذ عدة عقود
التعليم الجامعي في المحويت.. خيار وحيد منذ عدة عقود
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة ببضع سنوات افتتحت أول كلية جامعية في محافظة المحويت .. فاستبشر الناس بافتتاحها خيرا, واعتبرت في حينه نقلة نوعية في تطور التعليم بشكل عام في المحافظة التي ظل أبناؤها لعقود من الزمن يضطرون للاغتراب في العاصمة صنعاء أو في محافظات أخرى طلبا لمواصلة تعليمهم الجامعي , مع ما في ذلك من مشقة وجهد وكلفة مالية تضاف على كاهلهم. كلية التربية بمدينة المحويت والتي ألحقت أخيرا بجامعة عمران بعد أن ظلت منذ إنشائها تتبع جامعة صنعاء هو التغير الوحيد في إطار التعليم الجامعي في المحافظة رغم توفر الأرض الفسيحة والتي جرى حجزها منذ عقود لكنها حتى اليوم فارغة باستثناء مبنى كلية التربية وقاعة جديدة جرى إنشاؤها.

معاناة أبناء المحافظة لاتزال مستمرة فكلية التربية المتوفرة حاليا تعجز عن استقبال كافة مخرجات التعليم الثانوي من أبناء المحافظة, والذين أيضا تتنوع ميولهم وتتعدد رغباتهم في نهل صنوف العلوم الجامعية, ما يضطرهم إلى الاغتراب في العاصمة صنعاء أو يتجهون إلى مدينة الحديدة بعد إنشاء جامعة الحديدة. وإذا كان العائق أمام الشباب يتمثل في الجانب المادي فقط, فإن مخرجات التعليم من الإناث هي الأكثر هضما ومعاناة حيث لا تكفي القدرة المالية لرحيل الفتاة إلى العاصمة مثلا لمواصلة تعليمها الجامعي, وتجد الفتاة نفسها مجبرة على سلوك طريق وحيد وإجباري لمواصلة تعليمها الجامعي أو البقاء في المنزل وانتظار النصيب كما يقولون. صعوبات بالغة تؤكد أمة السلام الشريف –مدرسة فيزياء- بأنها لم تفكر بمهنة التدريس ولم تحلم بها يوما رغم قداسة المهنة كما تقول . وتضيف: بعد أن تخرجت من الثانوية لم أجد أمامي سوى كلية التربية للانخراط فيها, فاغتراب البنت ليس مقبولا اجتماعيا حتى لو تيسر المال للأهل . تشير أمة السلام إلى أن أهلها ما كانوا ليمانعون في دراستها مجالا آخر كالطب مثلا لكن العائق الوحيد هو الاغتراب بعيدا عن الأهل بما يتطلبه ذلك من الاضطرار لوجود محرم وهو الصعوبة البالغة الأخرى. خيار محدود الخيار محدود ولا فرصة أمامك للمفاضلة بهذا تستهل هدى مؤنس مدرسة لغة إنجليزية حديثها وتقول: اخترت أقرب تخصص لما حلمت به وأنا أتلقى تعليمي المدرسي , كنت أرجو أن أصبح مترجمة لغات ماهرة وأن أجيد عدة لغات , لكن لا توجد سوى كلية واحدة هي كلية التربية وأهلي لم يكونوا ليسمحوا لي بالاغتراب بسبب الأعراف المجتمعية في منطقتنا, ولذا فقد اخترت تخصص لغة إنجليزية وهو الأقرب والمتوفر لما حلمت به. وتضيف: اللغة الإنجليزية التي يجري تدريسها في إطار مناهج كلية التربية تركز بشكل كبير على ما يتصل بالتعلم والقواعد في جانب اللغة, ولكنني أحاول أن طور نفسي بشكل ذاتي في اللغة. ترى هدى أنه من غير الإنصاف والعدل أن تظل محافظتها محرومة من صنوف التعليم الجامعي ومحصورة بكلية واحدة , وتقول: لا نطالب بوجود جميع الكليات أو إنشاء جامعة مثلا , لكن توفر عدد من الكليات الجامعية تغطي عدة مجالات من العلوم هو أقل العدل والإنصاف. حالات ستثنائية حالة تكاد تكون استثنائية فعبدالمؤمن عبدالله تحمل مشقة التعب والسفر إلى صنعاء بشكل أسبوعي لتمكين ابنتهم من الحصول على دبلوم أسنان في إحدى الجامعات الخاصة بالعاصمة صنعاء , وبهذا تكون ابنته من القلائل من فتيات المحافظة اللواتي تمكن من كسر خيار الفرصة الوحيدة والانضمام إلى كشوفات المدرسات من خريجات كلية التربية واللواتي أصبحن ينتظرن اليوم لسنوات حتى تتوفر فرصة وظيفية. ويقول عبدالمؤمن – تاجر- لمست من الظلم أن أوفر لأبنائي الفرص التي يرغبون بها بالنسبة للتعليم الجامعي فيما أحرم ابنتي من حقها في ذلك, ولذا فقد استأجرت شقة في العاصمة صنعاء واضطررت إلى مرافقتها لعامين حتى أكملت دراستها . ويضيف: تفتقر المحافظة إلى الطبيبة والمهندسة وتوفر المرأة المؤهلة والعاملة في مختلف المجالات وخاصة تلك التي نفضل فيها وجود المرأة كالطبيبة في المستشفى وغيره , ومن غير المعقول أن تكون جميع المتخرجات من بنات المحافظة جميعهن مدرسات !. تغير جذري من جانبها تشير نجوى المؤيد- ناشطة اجتماعية بالمحافظة- إلى أن متغيرات جذرية شهدتها محافظة المحويت تجاه تعليم الفتيات والسماح لهن بمواصلة تعليمهن الجامعي. وتقول: نشهد اليوم إقبالا لافتا وملحوظا على كلية التربية وهي الوحيدة في مدينة المحويت كماهو معلوم , من قبل الفتيات في الريف وأصبحت كلية التربية تحتضن طالبات من مختلف مديريات المحافظة باستثناء مديرية شبام ربما نظراٍ لقربها من العاصمة صنعاء. وتضيف: تواجد الفتاة بكثافة في كلية التربية هنا بمدينة المحويت وازدحام مدارس المدينة بالفتيات في مختلف مراحل التعليم يؤكد بجلاء تغير النظرة المجتمعية تجاه تعليم الفتاة, وهو ما يجب أن تستثمره الدولة بفتح مجال التعليم الجامعي واسعا في المحافظة أمام المرأة لإثبات جدارتها في ميدان العمل, فمن الواضح أن ما يعيق الفتاة هو العامل المادي فقط حيث تعاني المحافظة من ارتفاع مؤشرات الفقر وتدني مستوى دخل الأسر بشكل عام. وتؤكد المؤيد أن المسئولية الرئيسية تقع حاليا على عاتق السلطة المحلية بالمحافظة ووزارة التعليم العالي لحل هذه المعضلة التي تهضم العشرات سنويا من أبناء المحافظة شبانا وشابات من حقهم في التعليم الجامعي وفتح أبوابه على مصارعها أمامهم بدل إجبارهم بسبب ظروف مادية من الانخراط في سلك المخرجات التربوية التي أصبحت تغص بها كشوفات مكتب الخدمة المدنية بالمحافظة. ازدحام شديد ومن داخل الحرم الجامعي يؤكد الطالب عبد الحميد الهيج – سنة ثانية رياضيات- إنه كان يرغب في الالتحاق بكلية التجارة بجامعة صنعاء لكن ظروف عائلته الاقتصادية حالت دون اغترابه في العاصمة ومواصلة دراسته بسبب وفاة والده واعتماد أسرته على المرتب التقاعدي وما يتوفر من عائدات الزراعة, ويؤكد أنه لن يتوانى في تغير تخصصه الحالي والالتحاق بقسم المحاسبة إذا ما تم افتتاح كلية التجارة في المحافظة. ويضيف: لست أنا وحدي من يتمنى تغيير تخصصه ويجد نفسه مجبرا على دراسة تخصصات كلية التربية بمدينة المحويت لأنه لا يوجد البديل ولا يمكنه الاغتراب في الحديدة أو في صنعاء بسبب ظروف اقتصادية في معظم الحالات هنا. يشعر الطلاب في حرم كلية التربية بنوع من الإحباط الداخلي فمن سبقوهم بدفعات عدة لازالوا ينتظرون دورهم في كشوفات الانتظار للتوظيف في سلك التربية والتعليم, وهؤلاء يعتبرون أن تراجع مستوى التعليم بالمحافظة وعدم كفاءة المدرسين مرده في أحد أسبابه إلى عدم قناعة عدد ممن يلتحقون بكلية التربية هنا بمهنة التدريس ويجدونها فقط سبيلا وحيدا وغير مكلف لنيل الوظيفة بعد إكمال التعليم الجامعي. من جانبهم يؤكد مسئولو كلية التربية أن الكلية باتت تعاني من الازدحام نتيجة الإقبال الكثيف على أقسامها من قبل أبناء المحافظة, وحاجة المحافظة الماسة لافتتاح كليات أخرى لإشباع رغبات الخريجين في الالتحاق بما يريدونه من كليات وتخصصات. مطالبات محلية قيادة السلطة المحلية بالمحافظة نبهت وزارة التعليم العالي إلى أهمية وضرورة فتح كليات جامعية أخرى إلى جانب كلية التربية المتوفرة حاليا , وأكد أحمد الخياطي أن المجلس المحلي بالمحافظة طالب وزارة التعليم باعتماد إنشاء كليات جديدة في المحافظة , خاصة وأن الأرض الجامعية المحجوزة تكفي لبناء عدة كليات . معتبرا بأن من شأن بناء عدد من الكليات تخفيف العبء الاقتصادي عن كاهل أولياء الأمور في المحافظة , وانتعاش مدينة المحويت اقتصاديا وتعليميا لكونها ستستقطب طلابا من المحافظات المجاورة , كما ستخفف في الوقت ذاته الازدحام الذي تعاني منه جامعة صنعاء المقصد الأول لأبناء المحافظة وعدد من المحافظات التي لا يتوفر بها تعليم جامعي. وأضاف: نعاني فقرا حقيقيا في المرأة الجامعية المؤهلة في مجالات عدة باستثناء التدريس ونلجأ لتوظيف أول قادمة من المحافظات الأخرى واللواتي غالبا ما يطلبن الانتقال بعد عام أو عامين يمضينها في المحافظة وبخاصة في المجال الطبي. وتمنى الخياطي على الحكومة أن تنظر إلى هذا الجانب باهتمام اكبر وان تلتفت كذلك إلى الإيجابيات العديدة لتوسيع نطاق التعليم الجامعي في محافظة المحويت , وعلى رأسها إنشاء كلية للفندقة والسياحة كون المحويت تعد المحافظة الأولى سياحيا ومن شأن ذلك تطوير قطاع السياحة في المحافظة وعلى مستوى الجمهورية .