الجمعة 29 مارس 2024 م
الرئيسية - كــتب - فنان النهايات ناصر الحنش في “منكم من… أنا¿”
فنان النهايات ناصر الحنش في “منكم من… أنا¿”
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

في نادي القصة يحظر الأستاذ الحنش كل أربعاء .. يدخل قاعة الفعاليات.. تحيته خلع القبعة مع إنحنائة خفيفة.. يبتسم دوما. يجزم كل أديب من رواد النادي بأنه صديقه.. بل ويعرفه منذ سنوات طويلة. مع انه تردد على النادي من سنوات قليلة. يلفت انتباه الحضور بنظرته للأمور من زوايا لا يراها إلا القلة. يوما تحدث عن تجربته الحياتية ليكتشف الجميع من تدفق ذلك السرد وأسلوبه الساخر والجريء بأنه يحمل روحا خلاقة. وتمنينا أن نسمعه دوما يحكي. ولم يطل الوقت فقد فاجأ الجميع بإصدار باكورة قصص بعنوان (منكم من…أنا¿) مجموعة في (135)صفحة.. ضمت (11) قصة. وهنا سنستعرض أهم ملامح هذه المجموعة القصصية الجديدة. أن نحتفي بكاتب ينهل من واقع الحياة.. أبطاله شخصيات نصادفها في كل لحظة.. من نساء ورجال: سائق التاكسي.. الطالب.. بائعة الخبز.. مجنون.. متسول.. عامل..متقاعد.. إلخ تلك الشخصيات العادية التي احتفى بها ناصر في مجموعته القصصية. وذلك كان أول ملمح من عدة ملامح للمجوعة. ثاني ملمح كل شخصيات قصصه تمجد العمل والإنتاج والتحصيل..طلبة..عمال.. فنيي إصلاح آلات. حراس.. سائقي عربات أجرة..موظفين. وأصحاب مهن مختلفة بائعات هوى.. وقد تناول ثلاث حالات من بائعات الهوى في مجموعته هذه.. اثنتان واضحة وأخرى مستترة. لكن القارئ سيجد أن الحنش يقدم تلك الكائنات بشكل إنساني .. أي مجني عليهن.. ما يدفع القارئ إلى التعاطف معهن ككائنات جار عليهن الزمن.. والمجتمع والأهل. الملمح الثالث لقصص المجموعة أن تلك القصص تتناول وتعالج قضايا معاشه .. مواضيع أعيشها أنا وأنت. من شخصية المتقاعد وما يعانيه بعد الاستغناء عنه.. إلى ذلك الأب والأخ الذي نذر نفسه في سبيل تربية وإعالة وتعليم أبنائه وأخوته ليجني الجحود في نهاية المطاف. إلى استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وخاصة جشع الرجل حين ينقاد وراء شهواته من خلال التعدد والطلاق المتكرر.. أو أولئك الذين يوظفون قوادات للبحث عن فتيات جار عليهن الزمن ليشبعوا دناءات أرواحهم المتفسخة. أو ذلك الأب الذي لايهمه مشاعر ابنته أو مستقبلها فيزوجها لمن يدفع أكثر.. هي مواضيع مجتمعية عديدة يشعر القارئ والقارئة بأنهما أبطل بعض القصص. الملمح الرابع واقعية القصص.. حين يقدمها ناصر في قوالب لاينقصها التشويق والإمتاع.. بل أن القارئ يشعر بصدق الكاتب وكأنه يخاطبه عن تلك المآسي التي يعيشها أفراد المجتمع مأطرة بعادات ليست من الدين ولا العقل. الملمح الخامس: الكاتب يهتم في قصصه بالكليات ولا يفضل الجزئيات.. فمثلا قصص تصل إلا العشرين صفحة مثل (منكم من … أنا¿) و(العدل المفقود..) وغيرهن من قصص المجموعة التي تعالج قضايا اجتماعية تمتد إلى عقود من من السنوات. وتلك المواضيع أو الأفكار أفكار سردية تصلح لروايات. وقد نجد أن القصص القصيرة في المجموعة أي تلك التي لا تتجاوز الست صفحات كانت أكثر إتقانا وأكثر نضجا.. وتأتي على رأس تلك النصوص القصيرة(عيش وملح)و(سائق التاكسي)و(أحبك) تلك القصص التي تناول الكاتب مواضيع إنسانية مؤثرة .. وأجاد من حيث الصياغة .. الحوار .. تعدد الرواة .. العودة بالذكرى إلى ماضي الأيام وبدايات الحكايات.. أن يجعل الضحية تحكي لتظهر لنا بأنها ليست من صنعت أقدارها. في النصوص الطويلة يشعر القارئ بأن الكاتب يمتلك القدرة على السرد المطول..وأن تلك الأفكار أفكار روائية. لكنه بقدرته أستطاع أن يقدمها في قالب قصصي. لكن الحنش برز في ملمح فني آخر أكثر من أي ملمح.. حين أجاد صياغة الجمل الأخيرة في كل نص.. أي أنك تدهش لاختياره تلك النهايات المعبرة والتي يمكنها أن تختزل الكثير والكثير ليختتم بها كل نص بفنية عالية. ولا أبالغ إذا قلت أن الحنش فنان الجمل الختامية باقتدار. الملفت أن الكاتب قدم لنا في معظم قصص المجموعة شخصية(الطالب).. طالب الثانوية ..الجامعة.. المهني والفني. وكأنه يبشر من خلال تلك الشخصيات بالمستقبل.. ويقول لنا إن التحصيل والتعليم والتأهيل هو سر التطور والنماء. نتعلم من الكاتب الجميل ناصر الحنش الكثير.. خاصة في التقاط الفكرة وصياغتها ..تلك الأفكار البسيطة التي حولها إلى نصوص جميلة لأفكار ومواضيع نعيشها. تحية لكاتب رائع.. وكم أتمنى أن يقرأ مجموعته الجميع ليكتشفوا أنفسهم في نصوصها.