الرئيسية - الدين والحياة - د.العولي: استهداف الجنود خيانة لله والدين والوطن
د.العولي: استهداف الجنود خيانة لله والدين والوطن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الإرهـــاب.. داء عضـــــال اســـــــتشرى في جســــــد الأمــة

يتفق كل العقلاء باختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم على إدانة الإرهاب بكل صوره وأشكاله واعتباره عملاٍ مقيتا ينافي الكرامة الإنسانية فضلاٍ عن مخالفته الدين والعقل والمنطق. كيف لا وهو الذي أحرم الشباب شبابهم والأطفال آباءهم والآباء أبناءهم باسم الدين الإسلامي الذي لا علاقة له بما يدعون إليه من العنف والتقتيل وتمزيق أوصال المجتمع. حول أثر الإرهاب المقيت وما حكمه من منظور الشرع وما أسبابه وكيف نتصدى يحدثنا الشيخ الدكتور محمد العولي مدير عام مركز السلام للعلوم الشرعية وخطيب وإمام جامع السلام في الحصيلة التالية :

بداية قال الدكتور العولي: إن الإسلام دين السلام لا يبدأ بعدوان ويؤثر السلامة قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} وهو دخول في السلم بين المسلمين بعضهم مع بعض وبينهم وبين غيرهم وذلك إيثار للسلم والأمن الذي هو نعمة أساسية في حياة الإنسان كما في الحديث الذي رواه الترمذي “من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها”. والله شرف السلام فكان اسما من أسمائه وسمى به الجنة وجعله تحية المسلمين فيما بينهم وتحية الملائكة لهم في الجنة وكان نزول القرآن في ليلة السلام . ومن أجل الحفاظ على الأمن والسلام حرم الاعتداء والإرهاب و ترويع الآمنين من العسكريين والمواطنين بل اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالمحافظة على أمن الناس حين قال: “من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي وإن كان أخاه لأبيه وأمه ” رواه مسلم. وقال: “من أخاف مؤمنا كان حقا على الله ألا يؤمنه من فزع يوم القيامة” وكذالك حتى النظرة المخيفة نهى عنها الحديث الذي رواه الطبراني “من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه بها بغير حق أخافه الله يوم القيامة. وأردف العولي قائلاٍ: فكيف بمن يقتل الآمنين الجنود المكلفين بالحفاظ على أمن المواطنين غدراٍ وظلماٍ فيكون بذالك قد خان الله و الوطن . وأضاف العولي: إن قتل النفس بغير حق من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله ولا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماٍ حراماٍ وهو ذنب عظيم موجب للعقاب في الدنيا والآخرة قال الله تعالى: (وِمِنú يِقúتْلú مْؤúمناٍ مْتِعِمداٍ فِجِزِاؤْهْ جِهِنِمْ خِالداٍ فيهِا وِغِضبِ اللِهْ عِلِيúه وِلِعِنِهْ وِأِعِدِ لِهْ عِذِاباٍ عِظيماٍ). وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أكبر الكبائر: الإشراك بالله وقتل النفس وعْقوق الوالدين وقول الزور أو قال: وشهادة الزور). متفق عليه. عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسْول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة). متفق عليه. المؤمنون تتكافأ دماؤهم فهم متساوون في الدية والقصاص فليس أحد أفضل من أحد لا في النسب ولا في اللون ولا في الجنس قال الله تعالى: (يِا أِيْهِا النِاسْ إنِا خِلِقúنِاكْمú منú ذِكِرُ وِأْنثِى وِجِعِلúنِاكْمú شْعْوباٍ وِقِبِائلِ لتِعِارِفْوا إنِ أِكúرِمِكْمú عنúدِ اللِه أِتúقِاكْمú إنِ اللِهِ عِليمَ خِبيرَ) من الضرورات الخمس التي أجمعت عليه أمم الأرض من يوم خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة حفظ الأنفس وعدم الاعتداء عليها ولهذا شدد في عقاب في عقاب من قتل نفسا بغير حق في الدنيا والآخرة فعقابه في الدنيا إزهاق نفسه كما أزهق نفس غيره قال تعالى ((وِكِتِبúنِا عِلِيúهمú فيهِا أِنِ النِفúسِ بالنِفúس وِالúعِيúنِ بالúعِيúن وِالأِنفِ بالأِنف وِالأْذْنِ بالأْذْن وِالسنِ بالسن وِالúجْرْوحِ قصِاصَ فِمِنú تِصِدِقِ به فِهْوِ كِفِارِةَ لِهْ وِمِنú لِمú يِحúكْمú بمِا أِنزِلِ اللِهْ فِأْوúلِئكِ هْمú الظِالمْونِ)) وأشار العولي إن أن هناك مخاطر كارثية للإرهاب يجب توضيحها: أولها مخالفته لروح الدين فكل عمل يخالف ما جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة ليس من الإسلام في شي ومخالف له ومن وقع في مثل ذلك فهو المخالف حقاٍ. كذلك مخالفة ولي الأمر وشق عصا الطاعة: فالنصوص الشرعية دلت على وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف والصبر على غير ذلك وإن من شق عصا الطاعة فقد أوقع نفسه في معصية الله ورسوله لمخالفته أوامرهما قال صلى الله عليه وسلم: (من رأى من أميره شيئاٍ يكرهه فليصبر عليه فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراٍ فيموت إلا مات ميتة جاهلية). كما إن ذلك من مصلحة أعداء الإسلام: فالقيام بالأعمال الإرهابية داخل بلاد المسلمين أو خارجها باسم الدين يفرح الأعداء ويحقق مصالح كبرى لهم بحيث تسوغ لهم هذه الأعمال التدخل في شؤون المسلمين وكسر شوكتهم والتسلط عليهم واستنفاد قوتهم عن طريق جني الأموال الطائلة والتعويضات الهائلة وتشويه صورة الإسلام والمسلمين في نظر العالم كله. ومن السلبيات عرقلة مسيرة الدعوة: فقد كانت الجمعيات الخيرية والهيئات الإغاثية تملأ أركان الأرض لتنشر الخير وتوصل يد العون للمسلمين ثم وقفت هذه الأعمال في مسيرتها فكم من جمعية أغلقت¿ وكم من هيئة إغاثية اتهمت¿ وكم من باب خير أوصد¿ فما أكبر الفرق بين من يبني ومن يهدم ومن ينفع ومن يضر ومن يشيد ومن يدمر وبمن يعمر ومن يفجر ومن يبشر ومن ينفر ومن يصلح ومن يفسد ومن يجمع ومن يفرق ومن يرحم ومن يظلم فشتان بين هذا وذاك. وكذلك قتل المسلمين والمعاهدين: فمن وقع في ذلك فقد خالف قول الله تعالى: “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما”. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من قتل معاهداٍ لم يرح رائحة الجنة”. ومن السلبيات كذلك الخيانة والغدر والجناية على الأبرياء وتخويف الآمنين: فالذي يقوم بهذه الأعمال يكون خائناٍ لأمته غادراٍ لإخوانه يجني على الأنفس المعصومة بغير وجه حق ويدخل الرعب على المسلمين وكل ذلك مناف لما أمر به الشرع الحنيف. وكذلك تشويه صورة العلماء والصالحين: فالذي يقوم بهذه الأعمال ربما يكون متلبساٍ بزي أهل العلم والصلاح وعندما يظهر للناس يكون تأثيره على إخوانه كبيراٍ وخطيراٍ فالصمت الظاهر يورد الشكوك والشبه حول كل من تلبس به فيعود أثر ذلك على العلماء والصالحين فلا تقبل منهم نصيحة ولا يؤخذ منهم علم ولا يرفع لهم شأن. وكذلك صرف الناس عن طاعة ربهم وتخويفهم بسلوك سبيل المؤمنين: فالناظر حوله الآن يجد أن بعض الناس ترك الالتزام بآداب الصالحين لما يسمع ويرى ما يقوم به بعض المنتسبين إليهم فدب الخوف في النفوس وتسبب ذلك في إضعاف وازع الإيمان في القلوب ففرط الكثير في التزامهم بالسنة النبوية المطهرة, وأيضا فتح الباب للمتربصين ليلجوا إلى بلاد الإسلام: ومعلوم أن الخطط التي تحاك ضد كل ما هو إسلامي أصبحت تظهر علناٍ بعد أن كانت تعمل في الخفاء وذلك أن بعضاٍ من أبناء المسلمين قد أظهروا العداء بصورة خاطئة بالتعامل بالقتل والتخريب والتفجير ففتحوا الباب الموصد بأيديهم ليلج أعداء الملة إلى بلاد المسلمين وحصول الفرقة والتنازع: وذلك ببث الأعمال المخالفة لشريعة الإسلام فيكون ذلك عاملاٍ هاماٍ في بث الفرقة بين أفراد المجتمع المسلم. وضياع الأمن والأمان. إن التفريط في جانب الأمن جريمة كبرى ومن ضاع منه الأمن عاش في خوف وقلق واضطراب فبدون الأمن لا يمكن أن يعيش الناس حياتهم والمعلوم أن انفلات زمام الأمن هو فتح لبوابة الفتن والرعب والهلاك والأهواء والعصبيات والتناحر والتشاجر وهي من أعظم أسباب الشر والفساد وكل ذلك من مسببات هلاك الأمة وضياعها. وأكد العولي أن على الجميع وفي مقدمتهم الإعلام و العلماء توضيح خطر الإرهاب ومخالفته للشريعة المطهرة كما دعا العولي أصحاب الضمائر الميتة الذين يستغلون جهل الناس وفراغ الشباب وحاجتهم فينشرون الفكر المتطرف بل ويجعلون المسلمين المقصرين وكلنا مقصرين كفاراٍ اتقوا الله وارجعوا إلى القرآن الذي قال تعالى فيه : (وِلا تِقْولْوا لمِنú أِلúقِى إلِيúكْمú السِلامِ لِسúتِ مْؤúمناٍ تِبúتِغْونِ عِرِضِ الúحِيِاة الدْنúيِا).