الرئيسية - محليات - الفقر وارتفاع تكاليف الزواج ينميان ظاهرة زواج »البدل« في المحويت
الفقر وارتفاع تكاليف الزواج ينميان ظاهرة زواج »البدل« في المحويت
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تنتشر في الكثير من المناطق اليمنية ثقافة زواج الشغار (البدل) لأسباب عدة منها انعدم القدرة المالية لتوفير تكاليف الزواج على الشباب والأسرتين اللتين ترتبطان بعلاقة مصاهرة من هذا النوع لكن هذا النوع من الزيجات يجر في كثير من الأحيان مشاكل كانت الأسر في غنى عنها .

• زواج الشغار (البدل) إلى قبل نحو عقدين من الزمن كانت نسبته قليلة جداٍ لكن تدني الدخول لدى الكثير من الأسر اليمنية وارتفاع تكاليف الزواج بشكل لا يطاق خلال العشرين السنة الماضية تقريباٍ أعاد هذه الظاهرة إلى الواجهة بشكل كبير وبما في ذلك هضم لحقوق الفتاة التي تجد نفسها مجرد سلعة يجري تبادلها مع أخرى تأتي لتحل محلها . ومن هذا المنطلق أطلقت عدد من منظمات المجتمع المدني حملة توعية بأخطار زواج البدل في عدد من مناطق ومديريات محافظة المحويت التي تنتشر بها هذه الظاهرة بشكل ملحوظ. الحملة التي تشمل مديريات حفاش وملحان والخبت ومناطق في مديرية المحويت يؤكد حلف منظمات المجتمع المدني الذي ينفذ الحملة أنها تشهد تنامياٍ لهذه الظاهرة المقيتة عاماٍ بعد آخر, وقال محمد السمان رئيس منظمة تنمية الشباب بالمحافظة: إن الحملة التي تشارك بها عدد من منظمات المجتمع المدني والجمعيات تشمل نزولا توعويا إلى المناطق والمديريات المستهدفة بالحملة خلال شهر أبريل الحالي وإلقاء العديد من المحاضرات من قبل معنيين بحقوق الإنسان ومشايخ دين في عدد من المدارس بتلك المناطق إضافة إلى إلقاء خطب توعوية تنبه إلى كراهية هذا النوع من الزواج في الإسلام . وأشار إلى أن الحملة ستشهد كذلك توزيع بروشورات ومطويات توعوية بخطر هذا النوع من الزواج في المناطق المستهدفة , وتنفيذ أنشطة توعوية ومسابقاتية في إطار الحملة بما يكفل تفاعل المجتمع المحلي ونجاح الحملة التوعوية بمخاطر زواج الشغار (البدل).

تنامي الظاهرة من جانبه كشف عادل الغيلي منسق جمعية المحويت للتنمية الاجتماعية أن استطلاعاٍ سبق الحملة التي يجري تنفيذها حالياٍ جرى تنفيذه في عدد من مديريات محافظة المحويت أظهر تنامي زواج الشغار بسبب عدة عوامل يأتي في مقدمتها الفقر وارتفاع تكاليف الزواج , إضافة إلى جهل أولياء الأمور بمخاطر هذا النوع من الزواج وبخاصة إذا ما جرى في داخل الأقرباء. وأشار إلى أن العديد من تلك الحالات التي جرى رصدها انتهى بعضها بمشاكل بين الأسرتين نتيجة عودة إحدى الزوجين إلى منزل أهلها بسبب خلاف مع زوجها مثلاٍ أو أي شيء آخر , فتجبر الأخرى على ترك زوجها والعودة بالمثل إلى منزل أهلها ولو لم تكن هناك مشاكل بينها وبين زوجها أو أسرة زوجها لكنها التقاليد العمياء التي أضحت تحكم تقاليد هذا النوع من الزواج , وغالباٍ ما تتطور المشاكل بين الأسرتين وتصير المسألة أعقد وأكبر من أن تحل. ولفت الغيلي إلى أن الحملة التي تنفذها عدد من منظمات المجتمع المدني المحلية بالمحافظة وبدعم محدود جداٍ تراعي ظروف المجتمعات المستهدفة بالحملة من حيث نسبة التعليم والوعي والثقافة الدينية وغيرها ولذا فالحملة ضمت جوانب متعددة من التوعية بحيث تتناسب وخصوصية كل مديرية وقرية ومجتمع محلي.

متطوعون مدنيون أكثر من خمسة عشر متطوعاٍ سيطوفون خلال شهر ابريل المديريات والمناطق المستهدف بشكل متتابع حيث سينفذ الفريق الذي يضم مهتمين بحقوق الإنسان ووعاظ ومرشدين دينيين أنشطة توعوية متعددة في كل منطقة مستهدفة قبل الانتقال إلى منطقة أخرى بعد تقييم الأثر للعمل الذي نفذ في المنطقة السابقة ومراجعة مكامن الخلل وتحسين الأداء , وفي هذا الشق يوضح خالد الخيبري أحد متطوعي الحملة أن من شأن تقييم العمل والمجودات التي تبذل عقب كل عملية نزول إلى إحدى المناطق المستهدفة من شأنه تحقيق أفضل النتائج وتحسين جودة المخرج المتوقع في ضوء الدعم المحدود للحملة. وأشار إلى أنه سيجري تقييم نهائي للحملة في ختامها وإصدار توصيات بما حققته وما توصلت إليه , وتقديم هذه التوصيات إلى المنظمات الدولية المهتمة ووزارة حقوق الإنسان , إضافة إلى السلطة المحلية بالمحافظة لتطوير الخطط وتوحيد الجهود إزاء هذه الظاهرة المقيتة التي تنتقص من كرامة المرأة وحريتها وتورث الكثير من المشاكل وتكون المرأة التي أصبحت زوجة وأما والأطفال أولى ضحايا هذا النوع من الزواج.

زواج منهي عنه يجمع علماء الدين الإسلامي على اختلاف المذاهب بأن زواج الشغار منهي عنه شرعاٍ إلا أن بعضهم يحللونه في حال تسمية المهر , هذا ما يؤكده المرشد الديني أحمد الشرفي أحد المشاركين في الحملة ويضيف : لكن واقع الحال يحكي أن كثيراٍ من هذه الزيجات لا يدفع فيها للمرأة مهر وبالتالي تظلم المرأة هنا على قاعدة زوجني شقيقتك أزوجك شقيقتي , كما أن ظلما آخر يقع على المرأة هنا وهو عدم أخذ رضاها وقبولها في هذا الزواج وفي هذا ظلم عظيم لا يقره الشرع الذي جاء لإعطاء كل ذي حق حقه والمرأة هنا هي صاحبة الحق في القبول أو الرفض. ويوضح الشرفي أن بعضا من حالات زواج الشغار يلجأ إليها للحفاظ على التركة وعدم خروجها من إطار العائلة وفي هذا الأمر أيضاٍ إجحاف وتعدُ لحدود الله إذ تظلم المرأة ويصبح هدف الزواج هو الحفاظ على مال العائلة وما إلى ذلك , كما أن ربط بقاء هذه لدى زوجها ببقاء تلك فيه تعد لحدود الله وظلم كبير , إذ نشهد أنه إذا عادت إحداهما ممن زوجت بدلاٍ وجب عودة الأخرى إلى منزل أهلها وإلا تعاد بالقوة وهذا ما لا يقره الشرع ويحصل فيه ظلم كبير. ويختم بقوله: توعية الناس هي مهمة المتنورين في المجتمع فالجهل يقف خلف انتشار هذا النوع من الزيجات في المجتمع الذين يجهلون مخاطره , ويجهلون تعاليم الدين الإسلامي ورؤيته لعلاقات المصاهرة والتقارب بين الناس والمجتمع وكذا سن المهور ورضا المرأة بما في ذلك من عدل إلهي ينبغي التوقف عنده وعدم التهاون به فلا نقع في المحذور , ونحن نأمل من هذه الحملة وغيرها الخير إن شاء الله في سبيل تنوير المجتمع والابتعاد عن الظواهر السلبية التي تشوه مجتمعنا وثقافتنا الإسلامية.

دوافع اقتصادية تقوم فكرة زواج الشغار على عدم دفع أي شيء بل أخذ زوجة مقابل أخرى كما أنه صار من المتعارف إذا لم تتفق زوجة مع زوجها ينعكس ذلك على وضع الزواج الآخر مما يتسبب في حدوث مشاكل كبيرة بسبب تمسك أحد الأزواج بزوجته مقابل تخلي الآخر عن زوجته . وتؤكد نجود السنحاني أخصائية اجتماعية في جمعية “كرامتي” المهتمة بقضايا المرأة في محافظة المحويت أن نسبة نجاح هذا النوع من الزيجات متدنية, والقاعدة هي تراضي الزوجين لكن زواج البدل يقوم على قاعدة أخرى وهي بقاء الزوجة لدى زوجها مرهون ببقاء الأخرى . وتقول : للأسف أن هذه الظاهرة مازالت تنتشر في زمن أصبح التوافق فيه بين الزوجين صعباٍ أكثر من ذي قبل , وبالتالي نحن نشهد بين الحين والآخر ورود مشاكل من نوع انفصال أحد الزوجين عن زوجته فيطالب الطرف الآخر بعودة ابنته أو شقيقته في زواج البدل ويتطور الأمر بسرعة إلى مسألة كرامة ويجري الإطاحة بزواج آخر تحت هذه العناوين . وتضيف: انتشار الأمية ونقص التعليم في الكثير من مناطق الريف في محافظة المحويت إضافة إلى الفقر جميعها عوامل تقف وراء بقاء هذا النوع من الزيجات التي وإن استمر بعضها فالكثير منها كانت خاتمته الفشل وولادة مشاكل بين الأقارب لأن زواج البدل عادة ما يكون في إطار الأقارب للحفاظ على التركة وعدم خروجها إلى أيد أخرى أو وجود عائلات تفضل تزويج بناتها للأقارب . وحول أنجع الحلول للحد من ظاهرة زواج البدل اعتبرت نجود السنحاني أن معالجة قضايا غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج من شأنه القضاء على 70% من ظاهرة زواج البدل والمشاكل الناجمة عنها تالياٍ , لافتة إلى أن التوعية بمخاطر زواج البدل يمكنه الحد من هذا النوع من الزواج في المجتمع لكنه لا يصل إلى مرحلة يمكن معها الحديث عن تلاشي المشكلة كونها في الأساس اقتصادية بالدرجة الأولى .

صعوبة في التفاهم من جانبه يسرد الشيخ أحمد العياني أحد أعيان مديرية الخبت قصة عائلتين قامتا بتزويج ابنيهما بطريقة زواج البدل, وتم الزواج وبعد مرور أعوام لم تتفق إحداهن مع زوجها وكانا على خلاف دائم , فتطورت الخلافات بعدها بين العائلتين وأصيب أحد الزوجين بحالة نفسية جراء الضغوط التي تعرض لها ليطلق زوجته كحل توصل إليه الوسطاء بين العائلتين لإنهاء الخلافات التي وصلت إلى المحاكم . ويضيف الشيخ العياني: نحن نواجه صعوبة دائمة في إقناع أحد الأطراف بترك ابنته مثلاٍ مع زوجها إذا كانا متفاهمين على أن يدفع الزوج الشرط والمهر لكن البعض يعتبرون في هذه الحالة بقاء ابنتهم لدى الطرف الآخر بمثابة إهانة ويرفضون ذلك بشدة وتعصب أعمى وهو ما يؤدي إلى تطور المشاكل دوماٍ. قد يكون لزواج الشغار حسنات لكن مساوئه أكبر بكثير من حسناته وفي أحيان عدة يتحول إلى مصدر لجلب الكوارث بين العائلتين اللتين تتصاهرا بهذا النوع من الزواج, الذي قد يصل بهما إلى المحاكم وفي بعض الأحيان إلى الاقتتال والقطيعة الدائمة.